شمس تبريز و مَوْلانا و الحُبّ ....

                                                   

                             جابر الخيراللّه

شمس تبريز و مَوْلانا و الحُبّ ....

عند المتصوفة ألقاب لا تتعدى أشخاص بعينهم، فشمس هو ذلك الشيعي الزاهد الصوفي المنتسب لتبريز، الذي عَلّمَ من لاتنصرف عنه الأذهان، لا في الشرق ولا في الغرب على حد سواء، حينما يرد لفظ مَوْلانا، إلا إلى مَوْلانا جلال الدين الرومي، فقيه السنة في عصره وأبن وتلميذ سلطان العلماء بهاء الدين والده وأستاذه.

سأله ذات يوم شمس، يا جلال، لماذا تأخذ نفسك بدراسة الفقه؟
فأجابه: لأعرف الشرع، قال شمس: أليس الأجدى أن تعرف صاحب الشرع!
وبعد سؤال وجواب، توافقوا على جواب خلاصته: ”ما لم نتعلّم كيف نحبّ خلق الله، فلن نستطيع أن نحبّ حقاً ولن نعرف الله حقاً”.
وتوافقوا على شيء أخر (إن جهنم تقبع هنا والآن، وكذلك الجنة؛ ففي كل مرة نحبّ، نصعد إلى السماء؛ وفي كل مرة نكره أو نحسد أو نحارب أحداً، فإننا نسقط مباشرة في نار جهنم".

بربكم تأملوا قولاً لرسول الله صلوات الله عليه حينما يُعلّمنا أن الايمان مشروط بالحبّ وأن الجنة مفاتيح أبوابها الحبّ ((لا تدخُلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أوَلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتم، أفشوا السلامَ بينكم)).
السلامُ هنا ليس لقلقة لسان، السلامُ هنا عطاء قلوب لا تعرف غير الحُبّ.
وفي كتب الفقهاء لا حُبّ مطلقاً، يطردون من رحمة الله من لا يطيعهم، وكّلوا أنفسهم بلا وكالة منه، تكفير وتهجير وعبودية وقطع رقاب.
يقول الله في محكم كتابه الكريم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . ( الحج ١٧).
ما احوجنا الى شمس تبريز ومَوْلانا ليعزفوا نغمات الحبّ في قلوبنا التي تشتاق وصالاً مع الله الحبيب القريب.
الرحلة مع شمس تبريز ومَوْلانا ليس بها غير الله، وليس هناك خوف من عقابه ولا رجاء بجنته.
"الخوف والرجاء" مبدأ تقول به معظم الأديان، ولا يرى مَوْلانا ذلك إلا سمّا، وعلاجه لا يكون إلا بالمذهب القائم على الحبّ، فليس هناك خوف ولا نار إلا نار فراق الحبيب.
كان مَوْلانا مرة يخاطب الله فيقول ( كل الناس تسمع صوتي إلا أنت تسمع قلبي) ويعود ليقول لنا ( لا تكن بلا حُبّّ، كي لاتشعر بأنك ميت، مُت في الحب وابق حيًا للابد).
المتصوفة يُنشدون ويرّقصون حينما يزورون قبور إوليائهم عملاً بوصية مَوْلانا جلال الدين:
"عندما تأتي لقبري
سيظهر لك قبري المسقوف راقصا
لا تأت من دون دف الى قبري
لأن من استبد به الحزن لا يليق بمائدة الحق"

جابر الخيراللّه
الدانمارك ٢٠٢٠/١٢/١٢

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

855 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع