نجيد فتحي صفوت
في ذكرى فقيـد الأدب والدبلوماسـية نجـدت فتحي صفوت
في مثل هـذا اليوم الموافق 18/12/2013 حلّت الذكرى التي لا ننساها لفقيـد العائلة بل لفقيـد الأدب والدبلوماسـية العراقية المرحوم نجـدت فتحي صفوت، الذي كان كـيّسـاً في محيطه وألمعيّاً محنّكاً في عمله بالسلك الدبلوماسي خلال ممارسـته لها في أهم العواصم العربية والأوربية والولايات المتحدة الأمريكية لفترة ناهزت ربع القرن، وانتهت بقراره الاعتزال والتفرغ للبحث والتأليف والبدأ بسـيرة جديدة كانت وافرة العطاء بما خرجت به من أسـفارٍ قيّمة في التاريخ المعاصر للعراق والبلاد العربية الأخرى كما حقق مذكرات شخصيات مهمّة، لعبت دورها في الحياة بحكم المناصب التي تبوئتها. وفي نفس الفترة دأب على الاهتمام بالأدب العربي من خلال كتابته للعديد من المقالات والبحوث، بقلمه السيّال وأسـلوبه الرائع.
وفي خضم انشغاله بالتقصّي والتأليف لم يهمل تتبع العلاقات السياسية بين العراق وبريطانيا خلال القرن الماضي، إذ يُعـدُّ من أوائل الباحثين الذين سـبروا غور سجلات دار الوثائق البريطانية التي تحدّثت عن العراق، فدقّقها ونشرها بعد أن ترجمها إلى العربية، وبذلك كشـف الكثير من الأسـرار السـياسية والاجتماعية التي كانت خافية، وأعان المؤرّخين في الوصول الى الحقائق المنشودة.
وإذا كان نجدت، قـد أنتقل الى رحمة الله، إلا أنه ترك لنا فيضاَ من الكتب ومئات من المقالات، التي توحي للمطّلعين بأن ذكراه لازالت باقية بيننا، وكتبه لازالت متداولة في المكتبات ينهل منها الباحثون وطلّاب التاريخ ومحبّي المطالعة، ومن أهمها هي:
• العراق في الوثائق البريطانية.
• العراق في مذكرات الدبلوماسيين الأجانب.
• حكايات دبلوماسـية.
• من نافذة السـفارة/ العرب في ضوء الوثائق البريطانية.
• التجربة السوفيتية لأنشاء وطن قومي يهودي.
• العرب في الاتحاد السوفيتي.
• جهاز الدبلوماسية الإسرائيلية وكيف يعمل.
• اليهود والصهيونية في علاقات الدول الكبرى.
• الماسونية في الوطن العربي.
• الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، (12 جزء صدر منه 7 أجزاء).
• خواطر وأحاديث في التاريخ.
• معروف الرصافي/ خواطر وأفكار.
• مذاهب الأدب الغربي.
• الحركة الأدبية في المهجر.
• وكان أخر إصدار له هي موسوعة (هـذا اليوم في التاريخ) التي هي بالأصل عمود يومي كان يكتبه في جريدة الشرق الأوسط اللندنية وأستمر بها سـبع سنوات متتالية، تناولته فيما بعد دار الساقي للنشر والتوزيع، ونشـرتها متسلسلة بإخراج أنيق، ضمّت اثني عشرَ جزءاً متكاملاً، يروي في كل صفحة من صفحاته حدثاً مهماً صادف حصوله في ذلك اليوم أو شخصية تاريخية مرموقة رحلت في اليوم نفسـه فكتب عـن دورها في الحياة وما قدمته من أعمال جليلة.
ولو كان هذا الكتاب-الذي أحتوى على 2520 حلقة-قـد كُـتبَ من قبل شـخص غير نجـدت فتحي صفوت، لتوقعت أن يكون أســمه بين مَنْ جاء ذكرهم في الكتاب بعـد أن عاش مثابراً على إثراء الثقافة بمؤلفاته التاريخية والأدبية.
لقـد عاش نجـدت، يوم كانت الدبلوماسية تعني تمثيل البلد بالمواقف والسلوك والثقافة الواسعة، ويوم كانت شخصية الأديب والباحث العلمي تنال تقدير محيطه الحضاري، وبرحيله نكون قـد ودّعنا أخر مثال لمن مارسوا ذلك المسلك بمستواه الراقي خلال القرن الماضي، كما فقدنا أحد المهتمين بالأدب الرفيع غير الأسلوب المحلي السائد الآن.
وهكـذا انتهت حياته الحافلة بالعطاء بعد عمرٍ ناهز الحادية والتسعين، بينما كان حبيس مكتبته الأثيرة بعمان يطالع ويتأمل مُجريات الحياة.
رحمه الله وأكرم مثواه وعطّر بالطيب ثراه.
1099 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع