عائشة سلطان
البقاء.. موهبة الإنسان الكبرى
بالرغم من كل ما يحيط بنا، برغم الجائحة وخسائرها، وتطوراتها وارتداداتها علينا وعلى مجتمعاتنا وعلى العالم، برغم الضحايا الذين دفعوا حياتهم ثمن الوباء، برغم الأوجاع والأخبار التي لا نهاية لتدفقها حول أوضاع الوباء وإحصاءات المرضى وأعداد الوفيات، إلا أن الناس صامدون متفائلون ينتظرون الغد.
فما زال الجميع يعملون، ينهضون صباحاً كما اعتادوا كل يوم، يرتدون ثيابهم، يتأنقون جداً، يحتسون قهوتهم في فناجين مبهجة، يقودون سيارات فارهة ويخرجون من منازلهم للعمل، أو للسوق، ولشراء بقالة المنزل، أو أثاث جديد لغرف المعيشة أو المكتبة، أو يجلسون أمام الشاشات منهمكين في أعمال حقيقية ومعقدة عبر منصات إلكترونية ينجزون عبرها أعمالاً شديدة التعقيد والأهمية.
هذه الفكرة المحورية للمقاومة والبقاء عند الإنسان، تستحق المناقشة طويلاً، مقاومة الظروف القاهرة، الارتفاع فوق الكارثة والوباء والمأساة والموت، عدم الاستسلام بل المواجهة بكل قوة، وكأن الإنسان ولد ليقاوم ووجد ليستمر، وأنه كلما خطا خطوة للأمام أمطره الغيب بالمزيد من العوائق ليختبر مدى صلابة إرادته أولاً، ومدى استحقاقه للبقاء ثانياً.
والأمر دائماً ما يكون في صالح الإنسان، دائماً ما يسجل نقطة الفوز لصالحه في وجه تلك الجبال التي تعترضه أو تريد تهشيم رأسه، لكنه مبتسماً يحاول في كل مرة أن يفوت الفرصة على ذلك الحجر الذي يطير في الفضاء قاصداً قصف حياته فيتحاشاه بذكاء ومعاناة، لكنه ينجو في النهاية!
لذلك فإن مرور البشرية أسفل بوابة العدم الذي يهددنا به «كورونا» ستكون حتمية تاريخية وإنسانية، فقد عبر الإنسان تحت بوابات أشد خطورة وسار على جسور معلقة بين حافتي نهايات وتعلق بحبال مشدودة بين مخاطر لا نجاة منها، لكنه وصل وابتسم ومضى مستمراً في طريق أبدي كتب بهذه الحتمية التراجيدية التي جعلت لوجودنا معنى أعمق وأشد مفارقة مما يمكن تصوره أو احتماله.
696 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع