بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - لعبة الموت / الجزء الثاني
من لم يتسنى له الاطلاع على الجزء الاول فبامكانه مراجعته من خلال هذا الرابط
https://algardenia.com/maqalat/48013-2021-02-24-13-12-32.html
27 ديسمبر
اتصل طبيب الشرطة الجنائية جون دوكلاس بالمحقق مالكولم وابلغه ان التقرير الجنائي قد اصبح جاهزاً فرد عليه بانه وشريكه سوف يزوراه فوراً. دخل المحققان المشرحة فوجدا الطبيب واقفاً امام منضدة فولاذية وضعت عليها جثة السيدة تريسي ويتناول شريحة اللحم بالخردل وقد قام بفتح صدر القتيلة كاملاً. ابتسم بوجهيهما وقال،
الطبيب : اهلاً يا اولاد كيف حالكما؟
مالكولم : نحن بخير، هل تبين معك شيء يا جون؟
الطبيب : اجل بالتأكيد، الجثة لسيدة تبلغ من العمر 80 عاماً او اكثر بقليل، الطول 165 سم الوزن 80 كغم بفمها اسنان اسطناعية تعاني من مرض السكر والضغط وضيق بالشرايين، لقد سبق وان كسر ساقها الايسر قبل ما يقرب من 40 سنة. الوفاة وقعت يوم 20 ديسمبر ما بين التاسعة والعاشرة ليلاً.
مالكولم : وما هو سبب الوفاة؟
الطبيب : الوفاة كانت بسبب ضربات شديدة متتالية على الرأس من خلف الجمجمة بجسم ثقيل صلب. هذا الجسم له وتد حاد كالفأس او ما شابه ولكنه ليس بفأس. لانه ليس حاداً.
كلايد : إذاً لقد تأكدنا انها جريمة قتل بدون شك.
الطبيب : هذا صحيح.
مالكولم : شكراً لك يا دكتور.
الطبيب : انتظرا قليلاً، هناك المزيد.
كلايد : هل أطلق عليها الرصاص كذلك؟
الطبيب : كلا ولكن المتوفاة كانت تعاني من ورم سرطاني كبير بالرحم وقد كان متفشياً بمراحل متأخرة. ربما كانت ستموت بعد شهر او شهرين على اقصى تقدير.
مالكولم : هل هناك المزيد؟
الطبيب : اجل، لقد تناولت الكعك بالكراميل مع الشاي قبل ان تتوفى بدقائق لان الطعام لم يتسنى له ان يهضم.
مالكولم : هل هناك المزيد؟
الطبيب : كلا. لقد دونت كل شيء بتقريري مفصلاً.
اخذ كلايد نسخة من التقرير تفحصه ونظر الى زميله ثم قال،
كلايد : هيا يا مالكولم لدينا عملاً كثيراً ومهمة صعبة، يجب علينا ان نذهب الى مسرح الجريمة من جديد وننظر اليه من زاوية التقرير هذا. شكراً لك يا جون.
ركب المحققان السيارة وذهبا بها الى موقع الجريمة. خارج منزل القتيلة كان هناك شرطياً واقفاً يحرسه. حيوه ودخلا الى المنزل. لبسا قفازاتهم المطاطية وبدأ كلٌ يتجه الى جهة يبحث ويتفحص محاولين ايجاد اي دليل يشير الى القاتل او طريقة القتل.
مالكولم : فتش انت بالاسفل وساصعد انا للطابق العلوي.
صعد مالكولم الى طابق العلوي وصار يتفحص ويدقق بغرف النوم وفي احداها وجد سريراً مغطى بغطاء وردي وعليه دب كبير من القماش مما يدل على انه لفتاة بمقتبل العمر. على الجدران ملصقات كبيرة للممثلة انجلينا جولي وكيرا نايتلي وجنيفر لوبيز وكاثرين زيتا جونز. على المنضدة وقفت صورة ملونة بداخل اطار معدني لفتاة شقراء جميلة لا يزيد عمرها عن الـ 20 سنة تبتسم وتتأبطها فتاة شابة من سنها ذات شعر كستنائي. اخرج الصورة من الاطار وقرأ بظهرها عبارة "انا وناتاشا 1/4/2015 يوم التخرج". بجانب الصورة كان هناك مرآة وفرشاة وادوات للمكياج واناء صغير وضعت فيه الكثير من المجوهرات والحلي الكاذبة ومشابك للشعر. دون مالكولم ملاحظاته وصور الغرفة بشكل دائري ثم غادرها. دخل الغرفة المجاورة فوجد سريراً طبياً موصولاً بسلك كهربائي والى جانبه جهاز تحكم عن بعد. بقرب السرير وجد طاولة صغيرة وضع عليها كأساً فارغاً وسلة ملئى بالعقاقير الطبية، مما يشير الى ان تلك الغرفة للقتيلة. كذلك بالغرفة هناك جوارير اربعة فتح اولها فوجد فيه ملابس داخلية فعاد واغلقه ثم فتح الثاني ليجد فيه البوماً للصور. تفحص الالبوم من الخارج ثم تصفحه فوجد فيه صوراً قديمة وحديثة وبينها صورة ملونة للقتيلة وهي جالسة فوق بعير وتجلس ورائها جارتها السيدة برندا وخلفهما هرم من اهرام مصر. دوّن بعض ملاحظاته وصور الغرفة بشكل دائري واخرج تلك الصورة من الالبوم فوضعها بكيس الادلة ثم غادر الغرفة.
بنفس الوقت كان زميله كلايد يفتش الطابق السفلي بحذر كبير. وعندما وصل الى مخطط الجريمة المرسوم على الارض بوسط الصالة اين عُثِرَ على الجثة صار يمسح المكان ينظر الى التفاصيل ببطئ شديد وبدقة احترافية كبيرة. ولما وصل الى شجرة عيد الميلاد بزاوية الغرفة عثر بجانبها على قطعة صفراء بلاستيكية متوارية تحت جذع الشجرة. رفع الشجرة قليلاً واخرج القطعة فتعرف عليها فوراً على انها حجارة للعبة السكرابل كانت ملطخة بالدماء والى جانبها الكثير من فتات البسكويت. وضع القطعة بكيس للادلة ثم واصل بحثه. وبينما هما يدورون بالمنزل ويبحثان بادق التفاصيل، دخل الى البيت شرطي قال لكلايد،
الشرطي : انا العريف الكس انديرسون كنت احد الشرطيين الذين استجابوا لنداء الاستغاثة ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر.
كلايد : هل كنت تعرف المجني عليها؟
الكس : اجل بالطبع انها سيدة طيبة جداً والكل يحبها بالقرية. ليس لديها اعداء ابداً.
كلايد : هل كانت تسكن وحدها؟
الكس : كلا، لقد كانت تسكن مع حفيدتها لكن حفيدتها غادرت قبل فترة.
كلايد : ما اسم حفيدتها واين ذهبت؟ وكم يبلغ عمرها؟ وما هي اوصافها؟
الكس : حفيدتها تدعى كلوي ابنة المرحوم فريدي. شابة بسن 18 او 19 قصيرة القامة يبلغ طولها 155 سم شقراء رشيقة جداً وبغاية الجمال. كانت تسكن مع جدتها بهذا المنزل ثم غادرت قرية فورتر لتكمل تعليمها الجامعي. اعتقد ان كلوي تدرس الطب البيطري.
كلايد : أتعرف باي جامعة تدرس؟
الكس : لا، لا اعلم بالتحديد ولكن اغلب الظن انها تدرس بجامعة گلاسكو.
كلايد : شكراً لك على هذه المعلومات يا عريف الكس.
واصل كلايد البحث حتى نزل مالكولم من الطابق العلوي وقال،
مالكولم : هل انتهيت يا كلايد ؟
كلايد : اجل، وانت؟
مالكولم : اجل، انا كذلك. لقد جمعت بعض الادلة من غرف النوم العلوية. وانت؟
كلايد : لم اجد الكثير يا مالكولم، فقط حجر من لعبة السكرابل ملطخة بالدماء. دعنا نرجع للمركز.
مالكولم : كلا سوف نذهب الى جامعة گلاسكو لكي نقابل الحفيدة كلوي.
كلايد : انا متعب جداً اليوم يا مالكولم سامحني، علاوة على ذلك فالجامعة مغلقة الآن بمناسبة اعياد الميلاد. دعنا نزورها بعد رأس السنة ما رأيك؟
مالكولم : حسناً. دعنا نرجع الى المركز الآن إذاً.
في مكان آخر من مدينة دندي، استيقض الدكتور ستيفن على صوت الجرس وهو يقرع بالحاح. نهظ من سريره ونظر الى ساعته ليجدها تشير الى الثامنة مساءاً من يوم 27 ديسمبر. قال لنفسه، "يا الهي نمت اكثر من 36 ساعة. يبدو ان كلير رجعت لتأخذ المزيد من ملابسها. دعني اعطيها كل شيء كي اتخلص من شرها بشكل نهائي. لعنك الله ايتها الخائنة"
فتح الباب لكنه تفاجأ بوقوف الممرضة نانسي بلاك امامه مرتديةً معطفاً اسوداً ثخيناً وطويلاً يعلوه الفرو الابيض الذي يغطي اذنيها. خصلات من شعرها الاشقر تدلت من الفرو الاسود وكأنها زهرة تفتحت للتو وخصلة اخرى نزلت من فوق جبينها وهبطت امام عينها اليسرى.
ستيفن : نانسي؟ ما الذي جاء بك الى هنا؟ هل وقع شيء للمريضة برندا؟
نانسي : كلا، المريضة برندا بخير لا تقلق. انا جئتك لغرض ثانٍ.
قالتها وهي تخطو بداخل المنزل وتغلق الباب ورائها. اصبحا وجهاً لوجه وعلى مسافة بضع سنتمترات فقط بحيث صار ستيفن يشعر بزفيرها وهو يرتطم بوجهه.
ستيفن : احقاً ما تقولين؟ وما هو الشيئ الذي جئت من اجله؟
شعرت نانسي ان تنفس ستيفن صار ثقيلاً وبات الجفاف واضحاً بحلقه.
نانسي : اردت ان اعرض عليك ملابسي الجديدة التي اشتريتها لمناسبة رأس السنة، فانا البسها تحت المعطف الآن، هل تريد ان تراها؟
ستيفن : طبعاً يا نانسي طبعاً. ارني، ارني، اقصد ارني ملابسك؟
فتحت نانسي معطفها واذا بها عارية من كل الملابس ما عدى حمالة صدر سوداء اندلق منها نهديها الكبيرين وكأنهما تفاحتان ناضجتان يريدان التحرر والخروج دون قيود. وسروال خيطي اسود من نوع (جي سترنغ) مزركش من الاطراف مطابق لحمالة الصدر وبغاية الاناقة.
نانسي : هل اعجَبْتُكَ، اقصد هل اعجبتك ملابسي؟
قالتها ورمت معطفها على الارض ثم سارت نحو الصالة بخطى متمايلة متغطرسة وكأنها عارضة ازياء تسير بكعبها الذهبي العالي.
ستيفن : ارجوك لا تدخلي، اياك ان تذهبي هناك.
ادارت رأسها نحوه وقالت باستغراب،
نانسي : لماذا؟ ما الامر يا ستيفن؟ الم تعجب بي بعد؟ الم تعجبك ملابسي؟
ستيفن : بل اريدكِ ان تتوجهي مباشرة الى غرفة النوم في الطابق العلوي.
استدارت بجسمها نحوه وابتسمت وغمزت له بعينها اليمنى ثم امسكت بياقته وسحبته اليها مقبلةً اياه قبلة ساخنة طويلة جعلت مشاعره تتحرك وتنتصب. امسكَ بكتفها وابعد شفتيه منها وقال،
ستيفن : هيا اتبعيني فالامر لم يعد يتحمل الانتظار.
دخلا غرفة النوم وبدأا يتبادلان القبل الساخنة على السرير ثم صارا يمارسان حباً ساخناً استمر حتى ساعات مبكرة من اليوم التالي ثم ناما بعدها نوماً عميقاً.
28 ديسمبر
استيقظت نانسي باليوم التالي قبل حبيبها ودنت منه فقبلته بحنان وقالت،
نانسي : هل استمتعت بما عملناه ليلة امس؟
ستيفن : استمتعت؟ كيف تقولين استمتعت. لقد كانت معجزة لا تحصل في الحياة سوى مرة واحدة.
نانسي : هل انت نادم؟
ستيفن : اجل نادم، ونادمٌ جداً. لقد ندمت لانني لم اقابلكِ واتعرف عليكِ قبل زواجي بكلير الخائنة.
نانسي : على العموم انا عندك الآن اساندك وامنحك الحب والسعادة متى ما شئت حبيبي.
ستيفن : يبدو انني انسان صالح جداً كي يكافؤني الله بملاك مثلك. هل انت جائعة؟
نانسي : اريد شيئاً مما اطعمتني اياه بالامس.
ستيفن : إذاً تعالي عندي ودعينا نستمتع بلحظات جميلة، فالمطعم لم يغلق ابوابه بعد والطباخ مازال واقفاً بكل استعداد ليقدم اشهى الاطباق.
بعد مرور اسبوع.
4 يناير
دخل مالكولم مركز الشرطة فوجد شريكه كلايد بانتظاره. خرجا ثانية وتوجها بالسيارة في طريقهما الى جامعة گلاسكو. اثناء الرحلة دار الحديث بينهما،
كلايد : هل تعلم ان هذه الجامعة التي نحن نقصدها تعتبر من اقدم الجامعات البريطانية؟
مالكولم : لا، لم اكن اعرف ذلك. احقاً ما تقول؟
كلايد : اجل، انهم يطلقون عليها اسم گلاس للاختصار.
مالكولم : شيء جميل ولكن هل تعرف موقعها جيداً؟
كلايد : اجل، لان عمتي كانت تسكن في گلاسكو بالقرب من مبنى الجامعة الرئيسي وكنت ازورها بين الحين والآخر لذلك اعرف مكان الجامعة جيداً.
مالكولم : وكيف ذلك؟
كلايد : لانني كنت مراهقاً وقتها وكانت جميع الطالبات الجميلات يمررن من امام منزل عمتي سيراً على الاقدام ويدخلن الجامعة.
مالكولم : وكنت تتحرش بهن اليس كذلك ايها المنحرف؟
كلايد : كلا، ابداً، كنت انظر اليهن فقط واتمنى ان اصاحب احداهن بيوم من الايام.
مالكولم : وهل حالفك الحظ؟
كلايد : كلا، كانت عائلتي تسكن بمدينة دندي فربيت هناك ودخلت جامعة دندي لادرس القانون ثم تزوجت باحدى زميلاتي من هناك.
مالكولم : لكنك الآن سعيد مع زوجتك، اليس كذلك؟
كلايد : انا اسعد انسان بهذه الدنيا يا مالكولم. انظر، ها قد وصلنا الآن، دعنا ننهي عملنا.
اوقف كلايد السيارة بموقف الزوار وسار المحققان على الاقدام حتى وصلا مدخل البناية. دخلا الباحة الرئيسية ثم الى المكتب فوجدا سيدة مسنة منهمكة بعملها قال لها كلايد،
كلايد : صباح الخير سيدتي، سنة سعيدة.
الموظفة : وسنة سعيدة لكما. انا اسمي نَسي خلاندنو بماذا استطيع ان اخدمكما؟
ابرز الشرطيان شارتيهما كي تطلع عليها وقال،
كلايد : نحن من مركز شرطة دندي، جئنا نبحث عن الطالبة كلوي بورتر التي تدرس هنا بالجامعة.
الموظفة : حسناً، دعني افتش عنها بالحاسوب.
انهمكت تبحث بشاشة حاسوبها ثم رجعت وسألت،
الموظفة : هل انت متأكد من الاسم؟
كلايد : اجل دعيني اتهجاه لك سيدتي، انه C h l o e P o r t e r.
ادخلت الاسم هذه المرة كما املاها عليها المحقق كلايد لكنها هزت برأسها ونظرت اليه ثم قالت،
الموظفة : هذه الطالبة لا تدرس هنا. هل انت متأكد من انها طالبة بهذه الجامعة؟
كلايد : كلا، بالحقيقة انا لست متأكداً، الشخص الذي اخبرنا، لم يكن متيقناً.
الموظفة : إذاً دعني اقدم لكما يد المساعدة. حاسوب وزارة التعليم معطل منذ الصباح الباكر لغرض الصيانة والدعم لذا ساهاتف جامعات سكوتلاندا الواحدة تلو الاخرى واسألهم عنها.
كلايد : هذا لطف منك سيدتي.
الموظفة : بامكانكما الجلوس على تلك الاريكة لان البحث قد يستغرق بعض الوقت.
جلس المحققان بكل هدوء وصارا يتابعان باعينهم الطلاب وهم يدخلون الى المكتب يسألون الموظفة عن شؤونهم الخاصة ثم يخرجون ثانيةً. همس مالكولم باذن شريكه كلايد،
مالكولم : هل انتبهت الى اسم السيدة؟
كلايد : اجل اسمها نَسي. ربما هي وحش بحيرة لوخ نيس.
مالكولم : اخفض من صوتك فقد تسمعنا وتتوقف عن مساعدتنا يا كلايد.
وبعد مرور ساعة كاملة عادت اليهم وقالت،
الموظفة : لقد وجدت طالبة باسم كلوي ف. بورتر تدرس بجامعة سانت اندروز بقسم الطب البيطري. هل هي الشخص الذي تبحثون عنه؟
مالكولم : اجل، اجل قالوا انها تدرس بقسم الطب البيطري شكراً لك سيدتي.
خرج المحققان سعداء لانهما عثرا على خيطٍ جديدٍ من خيوط القضية. ركبا سيارتهما وتوجها بها نحو الخط السريع M8. دامت الرحلة ساعتان الا ربع. ولما وصلا مبنى جامعة سنت اندروز شاهدا صرحاً كبيراً ببناء فكتوري قديم يوحي الى العراقة. كان الطلاب يتجولون بالباحة الامامية للمبنى الرئيسي. سأل مالكولم احدهم عن الاستعلامات فادله اليه. دخلا المبنى فرأوا رجلاً مسناً واقفاً خلف منضدة. حيوه بادب وقال مالكولم،
مالكولم : لقد جئنا للتو من گلاس بعد ان سألنا هناك عن طالبة معينة فادلونا الى هنا لانهم اتصلوا بكم قبل حوالي ساعتين فاخبرتموهم بانها تدرس عندكم هنا.
الموظف : اجل هذا صحيح. انا الذي تحدثت على الهاتف مع السيدة نسي خلاندنو من جامعة گلاس. هل لديكما الهويات الرسمية؟
اخرج المحققان شارتيهما واعطوها للرجل فتفحصها واومأ برأسه ثم قال،
الموظف : اجل، تفحصت حاسوبي ووجدت ان الطالبة كلوي بورتر تدرس الطب البيطري سنة اولى. ستجدونها الآن بالقاعة رقم 7 بالبناية (وليام والس) من هناك.
اشار بيده نحو البناية فشكراه وخرجا قاصدين القاعة. بحثا بداخل بناية وليام والس طويلاً حتى عثرا على القاعة رقم 7 نظرا من زجاج الباب فوجدا الاستاذ واقفٌ امام جثة خنزير يشرحها ويلقي المحاضرة على طلابه الجالسين على المدرّجات بالقاعة. وقفا خارج القاعة ينتظران انتهاء المحاضرة. ولما خلصت وبدأ الطلاب يخرجون منها. دخل الشرطيان وسارا نحو الاستاذ ليتحدثوا معه. سألوه عن كلوي بعد ان ابرزا شارتيهما. اومأ برأسه ونادى اسمها بالمذياع فهبطت من على المدرّجات وكانها مهرة عربية رشيقة يتمايل شعرها الذهبي الرقراق ورائها يمين شمال وهي تنزل الى الاسفل. كانت ترتدي سروال جينز ازرق مقطع من عدة اماكن من سيقانها وقميصاً ابيضاً لاصقاً لبست فوقه معطفاً عسكرياً اخضر. وصلت الى عندهم فتفحصاها جيداً ليجداها فتاة عشرينية جميلة، بالضبط كما وصفها لهم العريف الكس انديرسون. قالت بصوت رقيق هادئ،
كلوي : نعم يا دكتور ما الامر؟
الدكتور : يا آنسة بورتر، جاء محققان من شرطة دندي يبغيان التحدث اليك ويسألونك بعض الاسئلة.
كلوي : تفضلا، انا كلوي بورتر، ما الامر؟
كلايد : هل نستطيع التحدث اليك على انفراد؟
كلوي : اجل، اجل بالتأكيد.
هنا عرض عليهم استاذها،
الدكتور : بامكانكم الذهاب جميعاً الى مكتبي والتحدث هناك دون ازعاج فهو خالِ.
مالكولم : شكراً لك يا دكتور. هيا يا كلوي قودينا الى هناك.
اخذتهم كلوي بالممرات الطويلة ثم فتحت احدى الابواب وقالت،
كلوي : هذا هو مكتب الدكتور مكريكر تفضلا.
دخل المحققان وجلسا على اريكة جلدية حمراء بينما جلست كلوي على احدى الكراسي الخشبية امامهما وانحنت بجسمها الى الامام واضعة كوعيها على ركبتيها فتدلى شعرها الى الامام.
كلايد : بداية، اريد ان اقول سنة سعيدة يا انسة بورتر.
كلوي : سنة سعيدة يا محقق، ما الامر لقد اخفتماني؟
كلايد : متى تحدثت مع جدتك آخر مرة؟
كلوي : تحدثت معها بالبيت قبل ان اغادر فورتر؟ لماذا؟
مالكولم : هل تعرفين التاريخ يا كلوي؟
كلوي : اعتقد انه كان...كان يوم 20 من ديسمبر.
كلايد : وماذا دار بينكما؟
كلوي : كان وداعاً عادياً. تمنت لي عيداً سعيداً وهنئتني بالسنة جديدة.
مالكولم : كيف كانت علاقتك معها؟
كلوي : كانت عادية، لماذا تسأل؟
كلايد : يؤسفني ان اخبرك بان جدتك قد توفت؟
سقط رأسها الى الاسفل وصارت تبكي بكاءاً مراً. تركها المحققان تبكي وتذرف الدموع قليلاً حتى تهدأ ثم قال لها،
مالكولم : جدتك ماتت مقتولة.
صرخت كلوي باعلى صوتها،
كلوي : مــــــــــــــاذا؟ مقتــــــــــولة؟ لا اصدق. من الذي يريد قتلها؟ هل دخل عليها لص؟ متى حدث ذلك؟
مالكولم : عُثِرَ عليها مقتولة بغرفة الصالة ببيتها يوم 20 ديسمبر اي بنفس اليوم الذي غادرتِ فيه المنزل.هل بامكانك ان تأتي معنا للتعرف على جثتها؟
مسحت دموعها بيديها وتمالكت نفسها ثم قالت بصوت متهدج،
كلوي : اجل، بالتأكيد. دعوني اضع كتبي بغرفتي ثم اغير ملابسي لاتي معكما.
كلايد : لا تستعجلي يا كلوي، خذي وقتك، نحن هنا بانتظارك.
كلوي : بامكانكما انتظاري بالردهة الرئيسية للمبنى. سالتحق بكما خلال دقائق.
خرجوا من مكتب الدكتور مكريكر وافترقوا من هناك، إذ مشت كلوي بممر طويل بينما عاد المحققان الى الردهة الرئيسية للجامعة. وبعد ربع ساعة رأى المحققان كلوي وهي تأتي من بعيد وقد غيرت ملابسها وصارت ترتدي فستاناً اسوداً قصيراً عاري الصدر بالكاد يغطي ملابسها الداخلية. فتح كلايد الباب لكلوي فجلست بالمقعد الخلفي واغلق الباب ورائها ثم تموضع خلف المقود وجلس شريكه مالكولم الى جانبه. سارت السيارة بشوارع سانت اندروز فسألته،
كلوي : هل نحن ذاهبون الى دندي؟
كلايد : اجل.
كلوي : إذاً انت تسير بالطريق الخطأ. عليك الرجوع الى الاتجاه المعاكس وخذ الطريق A91 باتجاه جسر تاي.
كلايد : اجل، اجل انت على حق. لقد اخطأت طريقي.
ادار كلايد السيارة وتوجه بها الى الشمال كي يسير على الطريق الصحيح. استغرقت رحلتهم نصف ساحة حين شاهدوا الجسر فعبروا من فوقه ودخلوا مدينة دندي فمركز الشرطة. دخل الشرطيان المركز ومعهما كلوي وتوجها بها الى المصعد فضغط مالكولم على الزر رقم 4 ليصعد بهم الى الطابق الرابع. ساروا بالممر ثم دخلوا صالة كتب على بابها (الثلاجة). وقف رجل يرتدي صدرية بيضاء ملطخة بالدماء فحيوه وطلبوا منه ان يعرض عليهم جثة السيدة تريسي بورتر. فتح جراراً علوياً من الثلاجة وسحب جثة مغطاة بغطاء بلاستيكي ابيض وتراجع الى الخلف. امسك مالكولم بالغطاء ثم نظر الى كلوي وقال،
مالكولم : هل انت مستعدة؟
كلوي : اومأت برأسها واغلقت عينيها معلنة موافقتها.
رفع الغطاء فكشف عن وجه القتيلة. تجمدت كلوي قليلاً وهي تنظر الى الجثة تفحصت وجه جدتها وتقاطيعها. كانت تتأمل ان تجد ولو حركة واحدة منها كي تعلن لهم ان جدتها ما زالت حية. لكن ذلك لم يحصل بقيت على حالتها فاقتربت من جدتها وقبلتها من جبينها ومسحت على رأسها ثم اومأت برأسها وابتعدت خطوتين الى الوراء.
ارجع مالكولم الغطاء ثم اومأ برأسه مرة واحدة مغلقاً عينيه نحو الرجل ذو الصدرية البيضاء معبراً عن شكره ثم اقتاد كلوي من ذراعها وتركا الغرفة فتبعهما كلايد. ساروا بالممر قليلاً حتى وصلوا اريكة خشبية اقترح كلايد،
كلايد : الا جلست قليلاً هنا كي تستجمعي نفسك.
كلوي : كلا، هذا ليس ضرورياً. ماذا بعد ذلك؟
مالكولم : هل تستطيعين ان تجيبي عن بعض الاسئلة؟
كلوي : اجل انا بخير، دعنا نفعل ذلك.
مالكولم : إذاً تعالي معنا.
اخذها المحققان وتوجها بها الى المصعد وقاداها الى الطابق الاول حيث يكمن مكتبهما المشترك واجلساها على اريكة فسألها كلايد،
كلايد : كيف تحبين قهوتك؟
كلوي : لا اريد قهوة شكراً. ارجوك واصل عملك واسأل ما تريد.
مالكولم : انسة كلوي، كيف كانت علاقتك بجدتك المرحومة تريسي بورتر؟
كلوي : لقد سبق وان سألتموني نفس السؤال من قبل، كانت الجدة تريسي تحبني كثيراً. اما انا فاعتبرها كل حياتي لانها فرد العائلة الوحيد عندي بعد موت ابي وامي بحادث السير.
مالكولم : منذ متى وانتما تسكنان سوياً؟
كلوي : مباشرة بعد الحادث. جائت جدتي الي بيتنا وطلبت مني الانتقال الى منزلها والعيش معها. كان عمري وقتها 12 عاماً.
مالكولم : وكيف كانت علاقتكما بعد انتقالك؟
كلوي : كانت علاقة صداقة حميمة. ليست كالجدة والحفيدة بل كصديقتان او زميلتان تعيشان مع بعضهما بمنزل واحد. فقد كنا نتحدث كثيراً ونطبخ ونلعب سوياً ونخرج ونتسوق ونزور الاصدقاء والجيران ونتمشى بالهواء الطلق.
مالكولم : ذكرتِ انكما كنتما تلعبان. ما نوع الالعاب التي كنتما تلعبانها؟
كلوي : جدتي كانت بارعة بلعبة السكرابل، لذلك كنا نلعبها كلما مللنا من برامج التلفزة. كانت جدتي تغلبني معظم الاحيان لان خزينها من مفردات اللغة الانكليزية كان وافراً.
مالكولم : هل تعرفين السيدة برندا رامزي؟
كلوي : الخالة برندا؟ هل تمزح؟ اجل بالطبع انها جارتنا. كانت تزورنا باستمرار وتلعب معنا. كانت جدتي والخالة برندا صديقتان حميمتان لكن عندما يلعبا السكرابل، يصبحان غريمتان شرستان لانهما كانتا يتنافسان على الصدارة باللعب. وكنت انا الخاسرة بينهم اغلب الاحيان. لم افز عليهما سوى مرتان او ثلاثة بحياتي.
كلايد : آنسة كلوي، من هم الورثة لجدتك؟
كلوي : لا اعلم. ربما انا حسب اعتقداي. ولكن لماذا تسأل؟ هل كان لجدتي ثروة كبيرة؟
مالكولم : الا تعلمين ان جدتك كان لديها حساب بالبنك فيه اكثر من مليوني جنيه استرليني.
كلوي : هل هذا يعني ان ذلك المبلغ سيصبح ملكاً لي الآن؟
مالكولم : ليس ذلك وحسب. فالمنزل الذي تركته لك والذي توفت فيه تصل قيمته الآن الى حوالي المليون وربع. الم تكوني تعلمين بذلك؟
كلوي : كلا، بالنسبة لي كان المنزل هو فقط منزلنا لانني لم انظر اليه ككيس معبأ بالنقود.
مالكولم : الم تتسائلي يوماً عن مصدر رزق جدتك وكيف كانت تنفق عليك؟
كلوي : كنت اعلم ان لديها بعض المال من جدي المرحوم فريزر لكنني لم اكن اتخيل ان يكون بهذا الحجم.
مالكولم : إذا لم يكن هدف القاتل ان يسرق شيئاً من المنزل، فماذا برأيك سبب قتل المرحومة جدتك تريسي؟
كلوي : لا اعلم، لماذا تسأل كل هذه الاسئلة؟
مالكولم : هل تعلمين ان الباب لم يكسر من الخارج عندما وقعت جريمة القتل. مما يشير الى ان القتيلة كانت تعرف القاتل.
كلوي : لا اعلم ما اقول. ماذا يعني ذلك؟
مالكولم : انت الآن تجلسين على ارث يصل الى ثلاث ملايين وربع جنيه استرليني يا كلوي. هل تريدين ان تقنعينا انك لم تكوني تعلمين بذلك؟
كلوي : هذا هراء يا حضرة المحقق. هل تنوه الى انني انا التي قتلتها كي ارث مالها؟
مالكولم : نحن ندقق بجميع الاحتمالات والبراهين يا انسة كلوي.
كلايد : للعلم فقط يا آنسة، هناك الكثير من الجرائم وقعت من قبل الاقارب لمبالغ اقل من هذا بكثير يا كلوي.
كلوي : انتم بالتأكيد مجانين. كيف اقتل جدتي وهي فرد العائلة الوحيد لدي؟ هل بامكانكما ان تفكرا بهذا المنطق؟ انا لا اريد ان ابقى هنا بعد الآن. هل انتما توجهان لي تهمة القتل؟
مالكولم : كلا يا كلوي استرخي نحن فقط نسأل اسئلة روتينية لنتبين الامر.
كلوي : إذا لن توجهوا لي التهمة فانا خارجة من هنا.
كلايد : لدي سؤال اخير ومهم للغاية، ارجوك اجيبينا عليه قبل ان تخرجي: هل كنت تعرفين ان جدتك كانت تعاني من السرطان وانه كان بمراحله الاخيرة؟
انصدمت كلوي بذلك الخبر وصارت تمسح دموعها ثم قالت،
كلوي : لا، لم اكن اعرف ذلك. جدتي لم تخبرني بمرضها.
وقفت كلوي وسارت نحو الباب. لم يتمكن المحققان من ايقافها فاغلقت الباب ورائها.
بمكان آخر من مدينة دندي دخل الدكتور ستيفن المشفى وتوجه فوراً الى غرفة الممرضات فشاهد واحدة من اصول افريقية منهمكة بالكتابة على الحاسوب قال لها،
ستيفن : صباح الخير، انا الدكتور ستيفن ادامز من كلينيك بيرث. جئت اليوم لزيارة المريضة السيدة برندا رامزي.
الممرضة : انها بغرقة رقم 102 بآخر الممر الى الشمال.
طرق الدكتور ستيفن باب الغرفة رقم 102 فسمعها تأذن له فدخل وقال،
ستيفن : مرحبا يا سيدة رامزي، كيف تشعرين اليوم؟
برندا : انا بخير يا دكتور، نادني برندا ارجوك. عزيزي الدكتور ستيفن انا مدينة لك بحياتي. فقد جئت الى بيتي بتلك الليلة المشؤومة وقمت باسعافي ثم نقلتني معك بالطائرة الى هنا والآن تتابع حالتي الصحية. كم انت عظيم وكم انا مدينة لك بكل شيء.
ستيفن : انا لم اعمل سوى واجبي يا برندا. كيف تشعرين الآن؟
برندا : كل شيء اصبح على ما يرام. فلم يبقى اي الم في صدري ولا بذراعي وحالة الغثيان تلاشت.
ستيفن : الا زلتِ تعانين من الايديما؟
برندا : وما هي الايديما هذه؟
ستيفن : تجمع الماء باقدامك.
برندا : الطبيب المناوب بالمشفى اعطاني حبوب لازالة الماء من جسدي مما يجبرني على الذهاب للمرحاض كل 10 دقائق وكذلك اعطوني جوارب ضاغطة على قدمي.
ستيفن : هذا جيد جداً، هل تأذنين لي بفحصك؟
برندا : طبعاً يا دكتور تفضل.
وضع ستيفن سماعته على صدرها ثم وضعها على ظهرها ثم امسك بمعصمها فابتسم وقال،
ستيفن : يبدو لي ان قلبك اصبح افضل من قلبي. انا جداً سعيد بالتقدم الذي مرت به صحتك يا برندا.
وفجأة سمعا طرقاً على الباب ودخل المحققان مالكولم وكلايد فحيوها وسألا الدكتور ستيفن إن كانت السيدة برندا بحالة صحية تسمح لها التحدث اليهما فقال انها بخير وتستطيع ان تتحدث اليهما ولكن ليس طويلاً.
مالكولم : يؤسفني ان اخبرك يا برندا ان جارتك تريسي بورتر قد توفت.
برندا : هذا لا يصدق. كيف حصل ذلك؟ هل مرضت فجأة ام ماذا؟ ما الذي حصل؟ ارجوك اخبرني فانا جارتها وصديقتها المقربة. يا حبيبتي يا تريس، متى توفت؟
مالكولم : توفت بليلة الـ 20 من ديسمبر. وبعد اربعة ايام عندما جاء اليك فريق الاسعاف مع الدكتور ستيفن اي في يوم 24 ديسمبر عثروا عليها متوفاة بمنزلها. لكنهم آثروا عدم اخبارك بموتها خوفاً عليك من الانفعال لانك لم تكوني بحالة صحية تسمح لك ان تتأثري بمثل هذه الصدمة. لذلك ارجو ان تتقبلي منا التعازي على وفاتها.
برندا : يا الهي، ماذا سافعل وحدي بهذه الدنيا؟ لقد كانت صديقتي الوحيدة وقد كنا نلتقي كثيراً ونقضي اوقاتاً ممتعة سوية لان اعمارنا كانت متقاربة ورغباتنا متشابهة ومنازلنا متجاورة. هل تعلم اننا كنا نقضي اجازاتنا سوية كذلك؟
مالكولم : اجل اعرف ذلك، لقد شاهدت صوركما بمصر بالقرب من الاهرام.
برندا : ليس مصر وحسب، فقد سبق وان ذهبنا الى تركيا واليونان واسبانيا والفاتيكان وجزر المالديف. رحمك الله يا عزيزتي تريس. ساضع لك الورد الذي تحبينه على قبرك عندما اخرج من المشفى.
كلايد : هل كان للسيدة تريسي اعداء؟
برندا : من؟ تريس؟ هل انت مجنون؟ لا طبعاً. كان الجميع يحبها ما عدى... ما عدى...
كلايد : ما عدى من؟ قولي.
برندا : ما عدى حفيدتها. انت تعلم انه طيش الشباب. كانت حفيدتها كلوي كثيرة التذمر وكانت طلباتها لا تنتهي. لذلك كانتا تتشاجران كثيراً وكنت انا التي احاول اصلاح ذات البين لكي اهدئ الامور. لكنها ارتاحت كثيراً عندما رحلت عنها وصارت تدرس بالجامعة بسانت اندروز.
مالكولم : لدي سؤال بغاية الاهمية اريدك ان تجيبي عليه فوراً.
هنا تدخل الدكتور ستيفن وقال،
ستيفن : هذا يكفي لهذا اليوم ارجوكما. لا يصح ان نرهق السيدة برندا، فقد تعافت للتو من ازمة قلبية حادة. يجب عليكما المغادرة الآن لو سمحتما.
مالكولم : حسناً كما تأمر يا دكتور. سنقوم بزيارتها بالبيت بعد ان تخرج من المشفى وتتعافى تماماً.
برندا : وستتذوقون البسكويت الذي اعمله عندي بالمنزل.
مالكولم : سنتطلع لتذوقه يا سيدة برندا.
خرج المحققان مالكولم وكلايد من غرفة برندا وقد اصيبا بخيبة الامل لانهما لم يتمكنا من التحدث بالتفصيل معها بخصوص وفاة جارتها تريسي بورتر. وقفا خارج غرفتها يتباحثان عندما شاهدا الدكتور ستيفن يهم بالخروج من غرفتها فحيوه بايمائة من رأسهم ثم قام مالكولم بايقافه ومناداته،
مالكولم : يا دكتور ستيفن، توقف لحظة لو سمحت. اريد ان اعرف، متى ستخرجون السيدة برندا؟
ستيفن : ربما خلال يوم او يومين.
مالكولم : طيب، شكراً لك يا دكتور.
بنفس الليلة رجع ستيفن الى منزله فرأى من بعيد خيال شخص واقفاً امام باب منزله. ولما دنى منه عرف انها صديقته وحبيبته الجديدة الممرضة نانسي ليس الا.
ستيفن : هل انتظرتيني كثيراً؟
نانسي : ليس كثيراً، نصف ساعة فقط.
ستيفن : نصف ساعة بهذا البرد يا عزيزتي؟ انها 9 درجات تحت الصفر، كيف تحملت؟
نانسي : انه الحب يا دكتور، الحب يجعلك تتحمل ما لم يكن بالحسبان. هل تذكر اغنية "قوة الحب" للمغنية جنيفر روش التي تقول فيها، "انا امرأتك وانت رجلي ومتى ما تقربت مني فسافعل كل ما بوسعي لانها قوة الحب"
ستيفن : انت اكثر مما يطلبه اي انسان بهذه الدنيا. تعالي معي الى الداخل كي امتص منك هذه الطاقة وهذا العزم الذي لا ينضب.
نانسي : هيا حبيبي امتص ما تشاء مني فانا كلي لك.
دخل الحبيبان البيت وتوجها فوراً الى غرفة النوم كي يفرغا الشحنة الكبيرة التي كانت بداخلهما. وبعد ساعة من العمل الدؤوب الممتع وقف ستيفن وهو يهيئ نفسه للدخول الى الحمام وقال،
ستيفن : اليوم كنت عندكم بالمشفى. ذهبت كي اطمئن على مريضتي برندا.
نانسي : لم يخبرني احد بقدومك. ولو كنت اعرف ذلك لكنت اعددت لك شيئاً يليق بزيارتك حبيبي.
ستيفن : شيئاً مثل ماذا؟
نانسي : مثل ادخالك الى غرفة الغسيل لانها دائماً فارغة.
ستيفن : لدي غرفة غسيل هنا بداري. هيا ندخلها إن اردت. هاهاها
نانسي : بالمناسبة، جائت زوجتك كلير الى المشفى اليوم وادت استعراضاً رائعاً جلبت انتباه الكثير من المشاهدين.
ستيفن : احقاً ما تقولين؟ ماذا كانت تريد؟
نانسي : كانت تتهمني باعلى صوتها وتقول انني قمت بخطف زوجها منها.
ستيفن : هذه الزانية الحقيرة. انها هي التي خانتني مع ذلك الصعلوك المدعو بيتر فريزر. سوف اتحدث معها غداً وساضع حداً لتجاوزاتها فانا لا ارضى بما تفعله بك يا حياتي. انت الكنز الذي عثرت عليه مؤخراً وسوف لن افرط بك مهما حصل. تعالي عندي وزيديني من حبك وحنانك. بامكان الحمّام ان ينتظر.
5 يناير
جلس المحققان مالكولم وكلايد بمكتبيهما يتباحثان ويحللا القضية التي بين ايديهما فسأل شريكه،
مالكولم : ماذا يقول لك حدسك في سياق قضية مقتل تريسي بورتر؟
كلايد : انا اعتقد انها حقاً قضية معقدة. فالدافع للقتل واضح جداً وهو المال وذلك يشير طبعاً نحو الحفيدة كلوي. كذلك الباب لم يقتحم من الخارج مما يدل على ان القاتل معروف من قبل الضحية أي انه ليس دخيلاً. وبما ان كلوي غادرت المنزل كما ذكرت بافادتها يوم 20 من ديسمبر والطبيب الشرعي حدد وقوع الوفاة يوم 20 من ديسمبر ايضاً. لذا فانا انظر الى احتمالية قتل كلوي لجدتها ثم مغادرتها المنزل واقفال الباب ورائها والذهاب لجامعتها.
مالكولم : اسمع يا شريكي، كل هذا صحيح ولدينا الآن الدافع لكننا لحد الآن لم نعثر على اداة الجريمة. فبدونها سوف لن يتمكن الادعاء العام ان يلصق التهمة عليها لان الادلة سيعتبرونها ادلة ظرفية.
كلايد : من اين سنحصل على اداة الجريمة؟ لقد فتشنا البيت برمته ولم نعثر على اي شيء يشير الى انه استعمل كاداة للقتل. انت تذكر ما قاله الطبيب الشرعي على انه اداة الجريمة كانت (الفأس او ما شابه ولكنه ليس بفأس) فاين سنجد فأساً وليس بفأس؟
السؤال الاهم هو، هل كانت كلوي تعلم بمرض جدتها ام لم تكن تعلم؟
مالكولم : برأيك، كيف يكون ذلك مهماً؟
كلايد : انه مهم للغاية يا عزيزي مالكولم لانه مفتاح القضية. فلو كانت كلوي تعلم ان جدتها مريضة بالسرطان وسوف تموت بعد فترة قصيرة فلماذا تخاطر بعقوبة السجن وتقوم بقتلها لكي تستحوذ على المال. ما عليها سوى الانتظار بضعة اشهر وستحصل على الثروة بكل الاحوال وبشكل افتراضي.
مالكولم : الا إذا... الا إذا غيرت القتيلة من وصيتها وحرمت حفيدتها من الميراث. فيكون دافع القتل هو الانتقام من الجدة بلا شك. لاحظ اننا لا نعرف السبب الحقيقي للخلاف الذي دار بين كلوي وجدتها مما دفعها لمغادرة الدار 5 ايام قبل عيد الميلاد. لذلك يجب علينا ان نحصل على المزيد من الآراء حول الخلاف بين الجدة والحفيدة. وهذا يعني اننا سنحتاج لان نزور جارتها السيدة برندا غداً ببيتها ونسألها بعض الاسئلة علها تستطيع ان تلقي الضوء عن علاقة كلير بجدتها تريسي.
مالكولم : سأتصل بها الآن كي اخبرها بقدومنا.
اتصل مالكولم بالسيدة برندا بالمشفى فاخبرته انها ستعود الى منزلها بصباح الغد. قال لها انهم سيقومان بزيارتا باليوم التالي مساءاً فرحبت بهم.
6 يناير
في الساعة السادسة مساءاً اتصل الدكتور ستيفن هاتفياً بالممرضة نانسي وسألها،
ستيفن : هل انت مستعدة لزيارة السيدة برندا ببيتها لمتابعة حالتها الصحية؟
نانسي : اليوم؟
ستيفن : اجل.
نانسي : طالما ستكون الرحلة معك يا حبيبي فانا دائماً جاهزة.
ستيفن : إذاً انتظريني امام المشفى، سامر بسيارتي الآن واخذك من هناك.
نانسي : ساكون بانتظارك امام الباب الرئيسي للمشفى.
وقفت نانسي امام المشفى تترقب قدوم حبيبها الدكتور ستيفن. من بعيد لاح لها منظر السيارة وهي تستدير وتدخل من بوابة المشفى الرئيسية. ركبت الى جانبه وقبلته ثم ربطت الحزام وعطست فقال لها،
ستيفن : يرحمك الله. ما المشكلة؟ هل انت مريضة؟
نانسي : كلا، انه رشح بسيط يا ستيفن، ليس الا.
ستيفن : ارجو ان لا تنقلي العدوى لمريضتنا السيدة برندا.
نانسي : لا تقلق، سابقى بعيدةً عنها. اردت فقط ان اكون الى جانبك وحسب بهذه الرحلة الليلية فقد اشتقت اليك كثيراً منذ ان فارقتك هذا الصباح وتمنيت لو انني قضيت معك اليوم كله. ولكن قل لي، متى اصلحت سيارتك؟
ستيفن : لدي صديق قديم كان يعمل بالجيش كميكانيكي، ثم عندما تسرح من الجيش فتح ورشة لتصليح السيارات. قمت بالاتصال به هذا الصباح بعد ان وصلت للكلينيك. فجائني وغير بطارية السيارة وشمعاتها فاصبحت الآن على احسن ما يرام.
نانسي : افتح سخان السيارة لاقصى درجة ممكنة لانني اشعر بالبرد الشديد.
انطلقت بهما السيارة قاصدة قرية فورتر. وبعد ساعة وربع وقفت امام منزل السيدة برندا فنزلت منها نانسي وستيفن ثم قرعا الجرس. فتحت لهما الباب السيدة برندا ورحبت بهما بحفاوة كبيرة. دخلا غرفة الصالة فلاحظا ان التدفئة بالمنزل عاليةٌ اكثر من المعتاد.
ستيفن : بيتك ساخن جداً يا برندا يشبه حمام الساونا.
برندا : اجل لانني اعاني من الروماتيزم وكلما برد الجو اكثر كلما ازدادت آلام ساقي. وبما اني استعمل حبوب المميع للدم فقد حرمني الاطباء من تناول حبوب الايبوبرفين التي تخفف الآلام. ماذا نعمل انها ضريبة العمر يا دكتور.
نانسي : لا عليك يا سيدتي. المهم الآن ان نتأكد من ان قلبك يعمل بشكل سليم.
برندا : تفضلا بالجلوس. ساعد لكما الشاي.
ستيفن : لا داعي للشاي يا سيدة برندا، جئنا فقط للكشف عليك ثم الرجوع ادراجنا لان لدينا الكثير من الاشغال بدندي.
برندا : هذا لا يجوز. انا اريد ان اتناول الشاي معكما ايضاً.
هنا عرضت نانسي عمل الشاي وقالت،
نانسي : إذاً دعي الدكتور ستيفن يكشف عليك بينما اقوم انا باعداد الشاي للجميع.
برندا : حسناً عزيزتي، المطبخ من هناك. ستجدين كل مستلزمات الشاي بجانبك على الطاولة.
دخلت نانسي المطبخ بينما سُمِعَ الجرس الباب يقرع بنفس اللحظة،
برندا : عن اذنك يا دكتور، سافتح الباب ثم بامكانك ان تبدأ بفحوصاتك، انتظرني قليلاً.
فتحت برندا الباب واذا بالمحققين مالكولم وكلايد واقفان على عتبة بابها.
مالكولم : كيف حالكِ يا سيدة رامزي. جئنا لنسألك بعض الاسئلة.
برندا : اجل، اجل تفضلا. جئتما بوقتكما فالدكتور ستيفن والممرضة نانسي هنا ايضاً. نانسي ذهبت لتعد الشاي. ساخبرها كي تعمل قدحين اضافيين لكما.
مالكولم : شكراً لك سيدتي. هذا كرم منك.
برندا : لا عليك. لقد جاء الدكتور ستيفن كي يكشف عليّ، ارجو ان لا يكون لديكما مانع؟
كلايد : كلا، ابدأ، نحن الذين تطفلنا على بيتك اليوم. سنجلس هنا بكل هدوء بينما يقوم الدكتور بفحصك ثم سنسألك بعض الاسئلة عندما يفرغ من عمله إن لم يكن لديه مانعاً.
جلس المحققان على اريكة امام السيدة برندا بكل هدوء. بينما وقف الدكتور ستيفن وصار يخرج سماعته من حقيبته ويفحصها. اما نانسي فبقيت بالمطبخ تعد الشاي للجميع. التفت الدكتور وقال للمحققين،
ستيفن : بامكانكما التحدث مع السيدة برندا بينما اقوم انا بفحصها، لا مانع لدي. عليها ان تصمت فقط عندما اقيس ضغطها.
مالكولم : شكراً لك يا دكتور. بالحقيقة يا برندا نحن نريد ان نعرف سبب مغادرة كلوي للدار 5 ايام قبل حلول عيد الميلاد. خصوصاً وان جارتك السيدة تريسي بورتر تعد فرد العائلة الوحيد لكلوي. فلماذا لم تشأ ان تقضي اجازة العيد معها؟
برندا : تريس لم تكن راضية على علاقة كلوي مع حبيبتها.
كلايد : هل تقصدين حبيبها؟
برندا : كلا بل اقصد حبيبتها. فكلوي كانت مثلية وواقعة بغرام صديقتها ناتاشا. لكن جدتها تريس لم تكن راضية عن تلك العلاقة لانها سيدة كاثوليكية متدينة وتؤمن ان العلاقات المثلية لا تجوز وانها محرمة. لذلك نشب شجاراً كبيراً بين الفتاة وجدتها مما دفعها كي تغادر المنزل مبكراً دون ان تودع جدتها. اعتقد انها ذهبت وقضت العيد مع عشيقتها ناتاشا. وعملا اشياءاً مشينة.
كلايد : يا سلام، إذاً الامر كذلك. هناك خلاف جذري بينهما.
مالكولم : وهل تعتقدين ان ذلك الخلاف قد يصل الى القتل؟
برندا : لا اعلم، فكلوي فتاة شديدة الغضب وعندما تغضب يتغير وجهها وتعابيرها ثم تتحول الى افعى شريرة جداً.
وبينما كانت نانسي تعد الشاي بالمطبخ عطست فبدأ انفها يسيل بغزارة. اخرجت منديلاً ورقياً من جيبها وجففت به انفها ثم سحبت باب الدولاب كي ترمي المنديل الورقي بصفيحة القمامة. الا ان الباب ابى ان ينفتح وكأن شيئاً كان يعيقه.
حاولت سحبه ثانية لكن الاعاقة كانت كبيرة للغاية. لم تشأ ان يبقى منديلها الورقي بيدها اثناء تقديم الشاي لان ذلك سيسبب امتعاض الجميع لذا قررت ان تعطي الباب سحبة قوية. قامت بالامساك بالباب بكلتا يديها وفسحبته بكل قوتها فانفتح اخيراً. كان الفضول يستحوذها كي تعرف سبب الاعاقة لتجد تمثالاً مصنوعاً من الفخار قد رمي بصفيحة القمامة وكان هو السبب في اعاقة الباب. تلبسها الفضول فاخرجته من القمامة وتفحصته وإذا به تقليداً لتمثال نڨرتيتي وكان ملطخاً بالدم الجاف. قلبته وتفحصته جيداً فهالها ما رأت. اخذته ودخلت به الصالة اين جلس الجميع. رفعته بيدها اليمنى فوق رأسها امام الجميع وقالت،
نانسي : انظروا ماذا وجدت بصفيحة القمامة.
كانت السيدة برندا تبتسم وهي تنظر الى عداد فحص ضغط الدم بينما كان الدكتور ستيفن يقيس ضغطها. بقيت الابتسامة على وجهها وادارت رأسها لتشاهد ما بيد الممرضة نانسي فتجهمت وتغيرت تعابيرها. هب المحققان وانتفضا من الاريكة ونظرا بدهشة كبيرة الى التمثال الملطخ بالدم ثم نظرا الى بعضهما وقالا بصوت واحد، "جسم صلب له وتد كالفأس او ما شابه ولكنه ليس بفأس". صارت السيدة برندا تضحك بهدوء وتهز برأسها ثم قالت،
برندا : لا تقلقوا يا اعزائي دعوني اخبركم عن هذا التمثال. آن الاوان ان اقول الحقيقة فانا لست بالسن الذي يسمح لي ان استمر بالكذب والتظليل، لقد انتهت اللعبة بالنسبة لي. قبل بضع سنين قمت بزيارة مصر مع صديقتي المقربة وجارتي العزيزة تريس. بقينا هناك 9 ايام وتنقلنا بسائر البلاد من شمالها الى جنوبها. وبينما كنا نتجول بالقاهرة باحدى الاسواق التي يطلقون عليه اسم "كان كليلي"، شاهدت هذا التمثال واعجبت به كثيراً، وبنفس الوقت اعجِبَتْ به تريس. كلانا كان يريد شراءه لكن البائع اخبرنا بانه آخر قطعة لديه. لذا قررنا ان نتشارك ونشتريه سوياً. وبما ان بيتانا محاذيان لبعضهما البعض، قلنا بان التمثال بامكانه ان يزين منزل كل واحدة منا عندما يكون لديها ضيوف او عندما نريد الاستمتاع بمنظره سوياً. لذا تشاركنا بثمنه واشتريناه ورجعنا به الى سكوتلندا. بتلك الليلة المشؤومة يوم 20 من ديسمبر كنت انا ببيت تريس، كان التمثال ببيتها بذلك اليوم. ودعت تريس حفيدتها كلوي الساعة السابعة مساءاً وذهبت للجامعة بسانت اندروز. اخبرتني انها تشعر بتأنيب الضمير لانها تشاجرت مع حفيدتها وان عليها ان تعتذر منها لاحقاً لانها حرة في اختيار شريك حياتها مهما كان جنسه. اقترحت عليها ان تعد لنا بعض الكعك بالكراميل مع الشاي وان نلعب لعبة السكرابل، فرحبت بالفكرة وبدأنا باللعب بشكل جدي كبير وقضينا وقتاً ممتعاً. دامت اللعبة الكثر من ساعتين ونصف وعندما شارفت اللعبة على الخلاص اكتشفت ان تريسي كانت تغش باللعب لانها خبأت حرف الاكس X حتى نهاية اللعبة وكما تعلمون فذلك الحرف يحمل قيمة عالية جداً. بقيت تريس محتفضةً به الى ان قاربت اللعبة من الانتهاء وكنت انا المتقدمة والنتيجة كانت (380 - 375) لصالحي. اخرَجَتْهُ وَوَضَعَتهُ على اللوحة بجانب الحرف O دون خجل فحصلت على 27 نقطة اضافية لتصبح النتيجة (380 - 402) لصالحها فانتصرت عليّ باللعبة. لكنني كشفتها وواجهتها بانها كانت تغش الا انها انكرت ذلك بكل وقاحة وقالت بانها غير ملزمة كي تضع اي قطعة باي وقت محدد. احتد النقاش بيننا حتى تحول الى جدال ثم تطور الجدال الى شجار وتراشق بالكلمات النابية والسباب فاتهمتني بانني لا اعرف ان العب لكنني لم اتحمل ما قالته لانني كنت احمل البطولة بمنطقتنا بهذه اللعبة. طردتني من بيتها وادارت لي ظهرها. قررت ان آخذ التمثال هذا معي واعود به الى بيتي، لكنها قالت لي من خلف ظهرها باني نتنة وساقطة وغيورة وانانية. كانت تلك الكلمات قد اثارتني كثيراً كالاعصار واخرجتني عن طوري. تذكرت وقتها انها كانت تريد ان تنهي حياتها قبل ان يتفشى بها المرض وتصبح ضحية للآلام فحللت سبب تهجمها علي بالكلام البذيء. لذلك كنت في وضع نفسي يسمح لي ان انفذ ما كانت تصبو اليه. رفعت التمثال ثم مشيت نحو تريسي وضربتها به على رأسها عدة مرات كي يبرد قلبي فخرت ووقعت على الارض. بعد ان فعلت ما فعلت جلست الى جانب جثتها وناديتها عدة مرات واعتذرت منها لكنها لم تجبني فقلت لها ان الموت بهذه الطريقة افضل لك من الموت البطيء بسبب السرطان يا عزيزتي. بكيت قليلاً ثم مسحت دموعي. وقررت ان اغادر بيتها. لم اشأ ان يكتشف احد اداة الجريمة لذا اخذت التمثال عندي واخفيته بصفيحة القمامة بمطبخي حتى اقوم بدفنه مستقبلاً بحديقة منزلي عندما يسخن الجو قليلاً وينجلي الجليد. لكنني من شدة توتري من الشجار اصبت بعد اربعة ايام بازمة قلبية، طلبت الاسعاف بالهاتف على اثرها فجائني مشكوراً بطلي الدكتور ستيفن بطائرة سمتية كي ينقذني وانتم تعرفون الباقي.
كلايد : لا اصدق، لا اصدق، لا اصدق، كل ذلك كان بسبب لعبة؟ قتلتيها بسبب لعبة السكرابل؟
مالكولم : لقد عثرنا على الحرف المتنازع عليه الـ X تحت شجرة عيد الميلاد وكان ملطخاً بالدماء.
برندا : لقد بحثت عن تلك القطعة كثيراً بعد ان قتلتها ولم اجده. فكما تعلمون ان اللعبة سوف لن تصلح للعب بالمستقبل ولن تكتمل لولا ذلك الحرف المهم.
كلايد : عندك الحق يا سيدتي. اللعبة لن تكتمل بدونه. والآن يا سيدة برندا رامزي، انا القي القبض عليك بتهمة قتل جارتك السيدة تريسي بورتر. اي شيء تتفوهين به بامكانه ان يستخدم ضدك بالمحكمة. هل لديك ما تقولينه؟
برندا : اريد ان اعتذر من حبيبتي كلوي عندما اراها لاني قتلت جدتها لكني اعتبر نفسي قد اسديت لها معروفاً لانني خلصتها من آلام السرطان.
وضع كلايد الاصفاد على معصميها وخرج الجميع من الدار، اغلقوا الباب ورائهم ثم ادخلوا برندا بسيارتهم وتواروا بجنح الظلام. بينما ركبت الممرضة نانسي بجانب حبيبها الدكتور ستيفن. ادار محرك السيارة وانطلقا قاصدين مدينة دندي واثناء الرحلة قالت،
نانسي : يا الهي، من الصعب التصديق. لقد ماتت المسكينة بسبب لعبة. كل هذه الاثارة حفزت مشاعري وجعلتني اشعر ان الذهاب الى بيتك اصبحت له حاجة ملحة الآن. اريدك ان تغمرني بحنانك وتمارس الحب معي بشدة لانني احبك كثيراً.
ستيفن : وانا احبك اكثر ولكن اريد ان اسألك سؤالاً قد حيرني كل هذه المدة. كيف عرفت بكل التفاصيل عن الحالة المتردية بيني وبين زوجتي وكذلك اسم عشيق زوجتي المدعو بيتر فريزر ومكان عمله. فانا لم اقتنع بانك كنت تقرأين كل تلك المعلومات الدقيقة بكفي.
نانسي : اسمع مني يا ستيفن، الآن بامكاني ان اخبرك بالحقيقة. فانا كنت معجبة بك بل متيمة بك بجنون كلما رأيتك تأتي الى مشفانا. لكنني لم اتجرأ ان اتحدث معك لعلمي بانك رجل متزوج. وكلما تقربت منك كنت تتجاهلني وتبتعد عني وكأنني غير موجودة بهذا العالم لانك لم تكُنْ تكنّ لي اي مشاعر. وبما ان ممرضتك سارة التي تعمل معك بالكلينيك هي اقرب واعز واصدق صديقة عندي فقد تمكنت من خلالها ان اعرف الكثير عنك وعن زوجتك وامراضها النفسية وعن حالتكما المتردية وزواجكما الآيل للسقوط. بدأت اتقصى الحقائق من اخي الاكبر ستيفن الذي يعمل كمحاسب لدى نفس الشركة التي تعمل بها زوجتك. قام اخي مشكوراً باخباري عن العلاقة الغرامية بين زوجتك كلير وبين المهندس بيتر فريزر. لذلك احتفضت بالمعلومة لنفسي حتى تأتي المناسبة كي ابوح لك بها. وعندما جئت الينا بتلك الليلة بالطائرة مع المريضة برندا وبقيت طوال الليل تشرف على حالتها الصحية قررت ان اخبرك بكل ما اعرفه عن زوجتك الخائنة فاخترعت لك مسألة قرائة الكف، هذا كل ما هنالك. ارجو ان لا يغضبك ذلك مني.
ستيفن : يغضبني؟ بالعكس، فانت فتحت عيني على عملية خيانة وطلاق كنت سالوم نفسي عليها لولا تدخلك وقرائتك للكف. والآن اقرأي كفي واخبريني متى سنتزوج فانا متيم بك؟
لم تصدق ما قاله حبيبها. انتابتها فرحة كبيرة وعارمة عندما قال كلمة (نتزوج) فقفزت عليه من مكانها وارتمت بحضنه لتقبله فضحك وقال،
ستيفن : تمهلي، تمهلي يا مجنونة انا اقود السيارة. لا اريد ان نموت بحادث سير قبل ان نستمتع بحياتنا سوية بالرغم من انني متشوق اليك كثيراً. الطريق ما زال طويلاً وامامنا اكثر من ساعة للوصول الى البيت. اتمنى لو اتمكن من ممارسة الحب معك الآن فوراً.
نانسي : انا لدي الحل لمشكلتك، ساقوم الآن باللازم كي اريحك تماماً من كل انواع التوتر، واصل انت السياقة حبيبي وركز على الطريق اما انا، فساتولى الباقي.
صفوا النية يا قراء. لقد قامت بتدليك رقبته
4802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع