بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - عندما يتقاعد الشرطي
رن المنبه فاستيقظت بتي من نومها ونظرت الى الجهة اليسرى من السرير لتجد زوجها قد نهظ قبلها وتوجه الى الحمام للاغتسال. ذهبت الى الحمام ورائه فوجدته واقفاً بسروال بجامته يحلق ذقنه سألته،
بتي : لماذا استيقظت مبكراً؟
جون : يجب ان لا نتأخر على اجتماع التكريم.
بتي : لكن الساعة الآن هي السابعة وحفل التكريم سيبدأ الساعة العاشرة اليس كذلك؟
جون : انت محقة يا بتي. لكنني تعودت ان اكون بمكتبي الساعة الثامنة من كل يوم.
بتي : حبيبي انت الآن متقاعدٌ وليس من الضروري ان تكون على رأس عملك تمام الساعة الثامنة كما جرت العادة في السابق. انه حفل تكريم وحسب وليس ايجاز جريمة ولا يتطلب منك الانطلاق قبل الساعة التاسعة والنصف.
جون : دعينا ننطلق الساعة التاسعة لو سمحت!
بتي : لماذا يا حبيبي؟ مركز الشرطة يبعد 10 دقائق عن بيتنا. اليس كذلك؟
جون : ماذا لو وقع امر ما كالزحام بالطريق او ثقب بعجلة السيارة؟
بتي : استرخي يا جون. انت لا تعمل من الآن فصاعداً. وعليك ان تتعود على نظام حياتك الجديد المبني على الاسترخاء والتريث.
جون : حسناً دعينا نتناول الافطار إذاً.
نزل الزوجان الى الطابق السفلي. ذهب جون الى باب الدار كي يحضر جريدة اليوم بينما دخلت بتي المطبخ لتعد وجبة الافطار. رجع زوجها الى المطبخ حاملاً جريدته المفضلة وجلس على احدى الكراسي وراح يقلب صفحات الجريدة بحثاً عن صفحة الجريمة. وعندما انتهت بتي من وضع الطعام على المنضدة قالت،
بتي : الطعام جاهز يا جون، تفضل.
جون : تصوري يا بتي، بالامس حصلت جريمة، رجل قتل زوجته وامها التي تسكن معهم بالبيت ثم القت عليه الشرطة القبض وكان يصرخ انه بريء.
بتي : دع عنك الجريمة والمجرمين. الم تأخذ كفايتك منها خلال السنين الـ 30 التي قضيتها بسلك الشرطة. انت الآن متقاعد ولديك مهمة جديدة.
جون : حقاً؟ وما هي؟
بتي : الاستمتاع والاستمتاع ولا غير الا الاستمتاع فليساعدك الرب. انت تستحقها بعد كل ذلك العناء والرصاصة التي ماتزال بكتفك. اترك الجريمة والتحقيق لغيرك من المحققين الشبان، فهم يستحقون ان يتعلموا ما تعلمته انت قبلهم. الحياة لن تتوقف إن خرجت انت على التقاعد.
جون : حسناً. لماذ لم تحضري الزبدة؟
بتي : الم يطلب منك الطبيب الابتعاد عنها لانك تعاني من الكولسترول؟
جون : دعينا من هذا الهراء. وماذا يفهم الاطباء؟
بتي : يا سلام انت تفهم اكثر من الاطباء الآن؟
جون : اوووووه بتي، ناولين الزبدة من الثلاجة لو سمحتِ.
بتي : حسناً ولكن لا تكثر منها ارجوك.
بعد ان اكملا افطارهما صعد جون الى غرفة النوم ثانيةً وصار يرتدي البزة الرسمية بينما غسلت زوجته الصحون والتحقت به بغرفة النوم وصارت تغير ملابسها وترتدي فستاناً مخططاً باللون الاصفر. نظر اليها زوجها وقال،
جون : بالرغم من انك تجاوزت الـ 53 سنة لكنك مازلت جذابة وتبعثين بي الرغبة الجنسية الجامحة.
بتي : دعك من هذا الكلام حبيبي. وانتبه على ضغط دمك واكمل ارتداء ملابسك لاننا سنتأخر.
بعد ان انتهوا من ارتداء ملابسهما وخرجا من الدار، ركبا سيارتهما البويك القديمة موديل 2007 وانطلقا بها. دخلا مركز الشرطة فرحب بهما العريف ابي وقال،
ابي : اسرع يا جون الجميع بانتظارك. لماذا تأخرت؟
جون : لكن الاحتفال يبدأ الساعة العاشرة. والساعة الآن تشير الى العاشرة الى عشر دقائق.
ابي : كانوا يتوقعون حضورك قبل ذلك. على العموم ادخلا الآن لو سمحتما.
دخل جون وزوجته القاعة فوجدا جميع عناصر مركز شرطة CPD الكائن بشارع لارابي بانتظارهم وصاروا يصفقون له ويحيوه فسمعوا الكابتن لينورد كوهين يقول،
الكابتن : حضرات الزملاء الكرام. نجتمع اليوم لنودع زميلنا وصديقنا العزيز اللوتاننت جون رايدرالذي قدم الكثير خلال مسيرته المهنية. لقد كان مثال الشرطي النزيه المحب لعمله والمخلص في كل خطوة يخطوها من اجل تأمين مدينتنا شيكاغو.
دعوني لا اطيل عليكم واقول لجون، "انت يا جون كنت الصديق المثالي والعون والسند لي ولجميع زملائك خلال فترة خدمتك الطويلة الـ 30 سنة. باسمي وباسم جميع زملائي هنا نحييك ونتمنى لك تقاعداً رغداً وحياة ملؤها الاسترخاء والمتعة والتلذذ بالاطعمة الشهية. فليس هناك بعد اليوم ما يستدعي التحلي باللياقة البدنية كي تطارد اللصوص والركض وراء القتلة لتقيدهم باصفادك. وبهذه المناسبة اود ان اقدم لك هذه الهدية المتواضعة بهذا المظروف والتي قام جميع زملائك بالمساهمة فيها عرفاناً منهم بجميلك ووقفتك الشجاعة معهم خلال فترة خدمتك. واعلم ان المحاسب قد بدأ فعلاً في احصاء مكافأة انهاء الخدمة وسيعلمك فيها خلال يوم او يومان.
صعد جون على المنبر وصافح رئيسه الكابتن لينورد كوهين. فسمع الجميع يصرخ، "خطاب - خطاب - خطاب"، رفع راحتيه كي يعلمهم بموافقته ففسح له الكابتن المجال، تقدم نحو المكرفون وقال،
جون : زملائي الاعزاء، انه لمن الصعب علي ان اخذ المكرفون من صديقي الكابتن لانه يفتخر باسمه الذي يشبه اسم المغني المشهور (لينورد كوهين) ويعتقد انه سيصبح مشهوراً مثله في يوم من الايام.
ضحك الجميع على تلك الطرفة اللطيفة ثم اردف قائلاً، لقد كنتم لي اكثر من اصدقاء بل كنتم عائلتي واخواني الحقيقيين. لم اشعر يوماً انني كنت غريباً عنكم لاننا عملنا بشكل منسق وكنا نحمي ظهور بعضنا البعض ولا نترك احداً مكشوفاً الا ودعمناه وساندناه بحرفية عالية. وبهذه المناسبة اود ان اشكركم على هذه الهدية الثمينة.
صار الجميع يصرخ، "افتحها - افتحها - افتحها" فقال، "حسناً سافتحها". قام بفتحها وقرأ ما بداخلها ثم قال، "رحلة لشخصين لمدة اسبوع الى مدينة بنيدورم الساحلية باسبانيا. الرحلة تشمل بطاقتي طائرة مرجعة مع كوخ على شاطئ بونينتي. لا اعلم ماذا اقول. لقد غمرتموني بحبكم وكرمكم هذا. سوف اقضي انا وبتي اجمل اسبوع وسوف نبعث لكم بالصور من هناك"
صرخ احد زملائه قائلاً، "ابعثوا صوركم وانتم عراة". فضحك الجميع. قال آخر، "نرجو ان لا تقرروا الاستمتاع كثيراً بحيث تعدلون عن الرجوع لامريكا". - شكراً لكم يا زملائي والآن دعنا نرفع كأسنا ونحيي مركز شرطة شيكاغو وعلى رأسه الكابتن لينورد كوهين.
رفع الجميع كؤوسهم وشربوا نخب الكابتن ونخب جون رايدر المحقق المتقاعد.
بعد اسبوع من ذلك الحدث جلست بتي بجانب زوجها على متن طائرة من طراز بوينغ 777 متجهة الى مدريد. كانت الطائرة تحلق على ارتفاع 33000 قدم والطعام صارت توزعه المضيفات على الركاب. ولما وصلت الى جون وزوجته سألتهم،
المضيفة : الستيك البقري ام الدجاج؟
جون : كلانا نفضل البقري لو سمحتِ.
وضعت لهما صينية الطعام فبدأوا يتناولانه واثناء ذلك سألته زوجته قائلةً،
بتي : هل ستكون رحلتنا مباشرة؟
جون : كلا، سنقوم بتبديل الطائرة بمدريد ونغيرها الى طائرة اخرى لتأخذنا الى اليكانتي. ومن هناك نركب الحافلة لتقلنا الى مركز مدينة بنيدورم.
بتي : ومن هناك؟
جون : ومن هناك سنستأجر سيارة لنذهب بها الى شاطئ بونينتي حيث الكوخ.
بتي : يبدو ان الطريق طويل.
جون : اجل لكننا سنستمتع هناك. قرأت عنه بالانترنيت على انه هادئ ولا يرتاده الكثير من السواح.
بتي : وهذا هو المطلوب، سنرتاح من صخب شيكاغو ونتمتع بالهدوء.
وعندما هبطا من الحافلة بمدينة بنيدورم سأل جون سائق الحافلة عن مكتب لاستئجار السيارات فقال له انه يبعد 50 متراً عن المحطة. فسارا الى هناك بحقائبهما واستأجرا سيارة صغيرة من نوع سيات وقام جون باستخدام هاتفه النقال كي يوصلهم نظام تحديد المواقع GPS الى الكوخ.
اوقفا السيارة فشاهدا مندوب شركة العقار يقف امامه وبيده الاوراق والمفاتيح. نظرا الى الكوخ باعجاب كبير وقالت بتي،
بتي : يا الهي، ما هذا يا جون. انه كما نراه بالافلام الرومانسية. هو حقاً مكان لم نكن نحلم به ابداً. انظر انه يبعد بضعة امتار عن ساحل البحر. ما اجمل تلك الطاولة الصغيرة خارج الكوخ بامكاننا ان نتناول طعامنا عليها كل يوم. اقرب كوخ الى كوخنا يبعد 50 متراً. يا الهي انا جداً سعيدة يا جون.
ذهب جون الى مندوب شركة العقار ووقع على الاوراق ثم تسلم المفاتيح وودعه. دخل الكوخ وقال،
جون : انا ممتن لزملائي لانهم وفروا لنا هذه الفرصة. ولولا ذلك لكنا سنتعرض للتعذيب ونزور والدتك بفرجينيا.
ضحكت زوجته بينما كانت تخرج الحقائب من صندوق السيارة. دخلا الى الكوخ وهما يشعران بعطش شديد بسبب حرارة الجو المفرطة. وجدا سريراً مزدوجاً وطباخاً غازياً صغيراً بداخل المطبخ وثلاجة كهربائية صغيرة. فتحاها ليجدا فيها علبتي كولا فاخرجاها وشرباها.
بتي : يجب علينا ان نتسوق يا جون.
جون : ليس الآن يا بتي. انا متعب جداً واريد ان انام قليلاً. دعنا نخرج بعد الظهر ما رأيك؟
بتي : اذهب انت واستلقي على السرير. انا ساخرج على شرفة الكوخ واجلس على الطاولة الخارجية.
رمى جون نفسه واستلقى على وجهه فغرق بنوم عميق وصار شخيره يصل عند بتي خارج الكوخ. مر بعض الوقت واستيقظ جون من قيلولته. نظر حوله فلم يجد بتي. قال، "ربما هي ما زالت بالخارج تجلس على الطاولة. دعني اخرج اليها كي نتناول شيئاً فانا احس بجوع قاتل". خرج ليجدها جالسة وحدها تتأمل منظر البحر. حالما رأته ابتسمت وقالت،
بتي : هل ارتحت يا حبيبي؟
جون : اجل. كنت حقاً استحق تلك القيلولة بالرغم من قصرها.
بتي : اي قصر هذا؟ لقد نمت اكثر من 4 ساعات. وكان شخيرك يصل الى السفن التي تمر بالبحر. حتى الاسماك هربت من الشاطئ.
جون : احقاً ما تقولين؟ ولماذا لم توقظيني؟
بتي : اردتك ان ترتاح قبل ان تخرجني الى مكان نتناول فيه وجبة دسمة.
جون : دعيني اغير ملابسي وساكون جاهزاً خلال دقائق.
بتي : وانا كذلك. لا اريدهم ان يقولوا ان الامريكان يرتدون ملابس كالمتشردين الهيبي.
لبست بتي فستاناً طويلاً وانيقاً وبقدمها ارتدت حذائاً عالياً بينما لبس جون بدلة زرقاء ووضع ربطة عنق سوداء فاصبح انيقاً جداً. خرجا من الكوخ فصدما بحرارة الجو لكنهما فتحا مكيف السيارة فشعرا بتحسن فوري. قادهما الـ GPS على الهاتف الى وسط المدينة فاستغربا لكثرة الزحام الخانق.
بتي : ما هذا يا جون؟ ما كل هذا الاكتظاظ؟ قالوا انه مكان هادئ. الزحام هنا اسوأ من شيكاغو.
جون : حبيبتي الاكتظاظ بالمدينة شيء اعتيادي. اما الكوخ الذي نسكنه فهو هادئ جداً. نحن فقط نستطدم بالزحمة عنما نأتي لشراء حاجياتنا من المدينة.
سارا بالشوارع بحثاً عن متاجر للاغذية فوجدا متجراً كبيراً يدعى (ميركادونا). اوقفا سيارتهما بالموقف الخاص للمتجر ودخلا فيه فشعرا بانتعاشة كبيرة عندما صادفهما الجو المبرد بداخل المتجر. الكل كان ينظر الى ملابسهما ويضحك لان الجميع كان يرتدي ملابس صيفية فضفاضة والكل ينتعل الصندل وبعض الشابات كنّ حفاة القدمين.
بتي : الناس ينظرون الينا يا جون. لماذا برأيك؟
جون : ربما لان حرارة الجو عالية جداً ونحن نرتدي ملابس كالاسكيمو. يجب علينا مستقبلاً ان نضع ملابس خفيفة على اجسادنا مثلهم. وكما يقول المثل عندما تكون بروما يجب عليك تفعل مثلما يفعله الرومان.
بتي : دعنا نشتري ما يلزمنا ونعود بسرعة فانا اكاد اموت من الخجل.
تجولا بداخل المتجر ووضعاً الكثير من الاطعمة والمشروبات والمواد المنزلية بالعربة حتى امتلأت واصبحت كالجبل. دفعا ثمنها وعادا الى الكوخ فقاما بترتيب المواد في اماكنها بالمطبخ. اخرج جون علبة جعة وجلس خارج الكوخ ليستمتع بمنظر الغروب وامواج البحر التي تصدر اصواتاً ساحرة حينما ترتطم برمال الساحل. خرجت بتي وبيدها فنجان من القهوة وجلست الى جانبه قالت،
بتي : انظر هناك يا جون هل ترى تلك الجزيرة البعيدة؟
جون : اجل، عندما كنت بالطائرة قرأت عنها. انها تدعى جزيرة بنيدورم. هي غير مأهولة لكن فيها مطعم واحد فقط. يقصدها السواح بالقوارب.
بتي : إذاً دعنا نذهب يوماً ونراها، ما رأيك؟
جون : فكرة صائبة.
بقي الزوجان يتسامران خارج كوخهما الى ساعة متأخرة من الليل حتى بدأ النعاس يداهمهما فدخلا الكوخ وتوجها فوراً الى الفراش فناما حتى صباح اليوم التالي. فتح جون عينه وسمع صوت الموج فشعر شعوراً اخّاذاً. نظر الى زوجته النائمة وصار يدقق بتقاطيع وجهها ويقول، "بالرغم من كل شيء وكل السنين فهي تبدو كملكة جمال. كم انا احبك يا بتي". نزل من السرير وصار يعد وجبة الافطار ويضعها على الطاولة الخارجية. وعندما انتهى من اعدادها رجع الى زوجته ودخل الفراش معها وصار يقبلها من رقبتها ووجنتها حتى استفاقت فنظرت اليه وقالت،
بتي : اهلاً وسهلاً حبيبي.
جون : ماذا تقصدين؟ هل اصبتِ بالخرف؟ لماذا تقولين اهلاً وسهلاً؟
بتي : لانك لم تقبلني بالسرير منذ سنين طويلة. والآن رجعت اليّ وبدأت اشعر برومانسيتك التي اشتقت اليها كثيراً. شكراً حبيبي.
جون : لقد كنت غبياً لاني انهمكت بعملي واهملتك يا عمري. الافطار جاهز بالخارج يا مولاتي.
بتي : واعددت لي الافطار كذلك؟ لا، لا هذا كثير جداً. انت حقاً رجل جديد. قبلني كي اصدق.
قبلها قبلة ساخنة فاحتضنته وصارت تمسح على رأسه وشعره ثم قالت، "هيا دعنا نفطر"
خرج الزوجان وجلسا على المائدة وصارا يتناولان افطارهما. لاحظت بتي ان زوجها ينظر الى ساعته اكثر من مرة فسألته،
بتي : هل لديك موعد مهم؟
جون : لا ابداً انها العادة. لقد اعتدت ان اتابع الوقت في عملي خلال تلك سنين ولم اتمكن من التخلص من تلك العادة بعد.
بتي : ستتعود حبيبي اعدك بذلك. ما عليك سوى الاستمتاع بالمكان.
وبينما هم يقضون اوقاتاً جميلة سمعا صوت امرأة تتحدث معهم بالسبانية وتقول،
المرأة : Buenos días, ¿son nuevos inquilinos?
جون : نحن لا نتكلم الاسبانية هل تتكلمين الانكليزية؟
المرأة : اجل بالتأكيد انا اسمي ماري من امريكا. انا اسكن بالكوخ المجاور اليكما.
بتي : ونحن امريكان ايضاً. انا اسمي اليزابيث بامكانك ان تناديني بتي وهذا زوجي اسمه جون جئنا الى هنا باجازة.
جون : من اي ولاية انت؟
كانت ستقول لهم الحقيقة لكنها تراجعت وقالت،
ماري : انا من نيويورك.
بتي : هل انت في اجازة مع عائلتك هنا؟
ماري : كلا، انا هنا وحدي. جئت الى اسبانيا بعد ان تطلقت من زوجي.
بتي : نحن من شيكاغو. اتينا الى هنا بعد ان احيل زوجي الى التقاعد.
جون : اين اخلاقك يا بتي؟ ادعيها كي تجلس معنا.
بتي : تفضلي يا ماري واجلسي معنا. دعني اسكب لك فنجان قهوة.
ماري : شكراً لكِ سيدتي. بالواقع اردت ان اشرب القهوة لكنني لم اجد بناً في الكوخ فخرجت ثانية لاشتري البن.
بتي : لا عليكِ حبيبتي. سوف لن تجدين بناً في المتجر لاننا اشتريناه كله بالامس. تعالي واشربي قهوتك معنا متى ما شئت.
جلست ماري على الطاولة وصارت تتناول القهوة وهي بغاية السعادة لانها التقت باناس من بلدها. سألتها بتي،
بتي : هل تمانعين ان اخذ معك صورة.
ماري : لا ليس لدي اي مانع.
اخرج جون هاتفه النقال والتقط صورتان لماري وهي تجلس بجانب زوجته بتي. بعد ذلك سألها جون،
جون : هل لك فترة طويلة هنا؟
ماري : انا هنا منذ اكثر من شهر.
بتي : يا الهي، انت محظوظة لان عندك الامكانية كي تبقي فترة طويلة. فانا وقعت في غرام اسبانيا. انه الحب من اول نظرة. نحن هنا لمدة اسبوع فقط. زملاء زوجي قاموا بمنحنا هذه الرحلة كنوع من العرفان بزمالتهم لزوجي خلال سنين طويلة.
جون : ماذا كان يعمل طليقك؟
ارتبكت ماري من هذا السؤال. وقفت وقالت،
ماري : اشكركما على القهوة، علي ان اذهب الى المتجر كي اشتري بعض المواد.
وقفت ومشت باتجاه كوخها.
بتي : هل تريدين ان نوصلك الى المتجر بسيارتنا؟
لكن ماري لم تجبها ودخلت الكوخ. نظرت بتي الى زوجها وقالت،
بتي : يا لها من انسانة غريبة. دعك منها. والآن يا عزيزي، ما هو برنامجنا اليوم؟
جون : ما رأيك ان نذهب الى جزيرة بنيدورم؟
بتي : عظيم، امنحني نصف ساعة لاغسل الصحون واستعد.
جون : يجب علينا ان نرتدي ملابس خفيفة وفظفاظة هذه المرة، لا نريد المزيد من الفضائح.
ركبا سيارتهما وانطلقا الى مركز المدينة حيث اشترا تذاكر الرحلة البحرية وذهبا حيث ارشدوهما. جلسا في القارب مع الكثير من السواح الذين كانوا من مختلف الجنسيات لكن الغالبية العظمى منهم كانوا من الالمان. الرحلة لم تدم سوى ربع ساعة ثم نزل الجميع من القارب وصاروا يسيرون بمسارات محددة كي يستكشفون الجزيرة التي كانت مرتعاً للطيور المهاجرة وبالاخص الطواويس الجميلة ذات الالوان البراقة. بقوا يسيرون مع مجموعة السواح يستمعون الى الدليل السياحي الذي كان يشرح عن مواطن وفترات تزاوجها وانواع غذائها. اخبرهم كذلك ان هناك مطعم في الجزيرة بامكانهم تناول وجبة الغداء فيه. تشاور جون وبتي وقررا ان يتناولا وجبة الغداء هناك. جلس الزوجان وطلبا طبق اسماك بحرية يدعى ݘوپيتوز وصارا يستمتعان بمنظر مدينة بنيدورم من الجزيرة إذ كان المنظر ساحراً خلاباً. بعد الانتهاء من الطعام رجعا الى المرسى اخبرهم احد المسؤولين بانهم سيأخذوهم بغواصة تمكنهم من مشاهدة الحياة البحرية تحت الماء.
الغواصة
ركب الزوجان فيها لكنهم تفاجؤوا عندما علموا ان الغواصة لا تغوص بالماء الا ان مقاعدها كانت تحت سطح الماء وتطل من نوافذ زجاجية تحت الغواصة المزعومة تمكنهم من النظر الى الاحياء البحرية الجميلة. قام الزوجان باخذ الكثير من الصور اسوة بباقي السواح.
بعد تلك الرحلة المثيرة رجعوا بالقارب الكبير الذي اقلهم الى مدينة بنيدورم. بقوا بالمدينة ومشوا بشارعها الرئيسي للتسوق والذي يدعى رصافا (Avenida de Ruzafa). ثم عادا وركبا سيارتهما كي يرجعا الى الكوخ. سألت بتي زوجها وقالت،
بتي : ساذهب لازور جارتنا ماري. لقد قلقت عليها.
جون : كلا اريد ان اتباحث معك بامر طارئ.
علمت بتي انه عندما يقول هذه الجملة فانه يريد ان يمارس الجنس معها فابتسمت وتبعته حتى دخلا السرير. بعد ان انتهوا من مهمتهما سألته،
بتي : هل تريد ان تنام للصباح؟ فالساعة مازالت تشير الى التاسعة ليلاً.
جون : هل جننت يا حبيبتي؟ علينا ان نخرج النبيذ من الثلاجة ونجلس على الشرفة كي نستمتع بهواء البحر النقي خارج الكوخ لاننا سوف نفتقده عندما نعود لجو شيكاغو الملوث.
بتي : إذاً دعني اقطّع بعض الجبنة لانني اعرف انك جائع الآن.
جون : لا احد يعرفني اكثر منك يا عمري. اعدي الجبنة بينما ادخل الحمام لاخذ دوشاً سريعاً.
جلس الزوجان على الشرفة يتسامران ويتناولان الجبنة والنبيذ وبقيا حتى ساعة متأخرة من الليل. ولما بدأ النعاس يأخذ منهما مأخذه دخلا الكوخ. توجه جون الى السرير كي ينام تبعته بتي ولكن عندما همت بالاستلقاء سمعت اصوات امرأة تصرخ. نظرت الى زوجها وقالت،
بتي : هل سمعت ذلك؟
جون : اجل سمعته. انه صوت امرأة تستغيث. ربما هي جارتنا بالكوخ المجاور ماذا كان اسمها؟
بتي : لقد قالت ان اسمها ماري.
جون : اجل ماري. اليس الاجدر بنا ان نتحقق في الامر؟ ربما تحتاج الى مساعدة.
بتي : اجل انا اايدك تماماً. دعنا نذهب اليها ونستقصي الامر.
وقف الزوجان امام باب كوخهم ينويان الخروج لكنهما سمعا صوتها ثانية وهي تصرخ. لكن هذه المرة كان الصوت واضحاً. فقال جون،
جون : يبدو لي ان الاصوات التي تصدرها ماري ليست اصوات استغاثة بقدر ما هي اصوات استمتاع بالنشوة الجنسية.
بتي : لكنها قالت انها جائت الى هنا لوحدها فكيف تمارس الجنس؟
جون : ربما تعرفت على شاب من هنا فهي مازالت شابة ولا يزيد عمرها عن 25 سنة.
بتي : اجل هذا صحيح. اسمع، اسمع، انها حقاً تستمتع. دعنا نبقى قليلاً لنستمع لاصواتهم.
جون : هذا شيء مخجل. لا يجوز ان نتلصص على المرأة. السيدة حرة بما تفعله. دعينا نعود الى فراشنا. فبامكاننا ان نفعل كما يفعلون.
بتي : سر انت امامي فانا جاهزة يا روميو شيكاغو.
جون : هل جننت يا امرأة، لقد كنت امازحك. فعمري الآن يشارف على 61 عاماً. وقد مارسنا الجنس قبل ساعتين. اتريديني ان اصاب بالسكتة القلبية؟
بتي : كلا حبيبي لا اريد ذلك. دعنا نخلد للنوم.
نام الزوجان نومة هانئة وسط صرخات جارتهم وصرخات الرجل الذي كان معها. باليوم التالي استيقضت بتي قبل زوجها جون ودخلت المطبخ لتعد له (الافطار الملكي). هكذا كان يسمي الافطار الدسم الذي يتبع الليالي الحمراء. اعدت السفرة وحضرت القهوة ثم ذهبت لتوقظ زوجها فقالت له،
بتي : جون، جون استيقض يا حبيبي.
لكن جون لم يستيقظ. "ما هذا؟ لماذا لم يستيقظ؟ هل هو بخير يا ترى؟ ربما الجنس الذي مارسناه بالامس اثر عليه. يا الهي دعني احاول ثانية"
بتي : استيقظ حبيبي، هل اصابك مكروه. ارجوك استيقظ. يا الهي. هل اطلب الاسعاف؟ ماذا جرى لك حبيبي استيقظ.
فجأة فتح عينيه وسحبها اليه فسقطت فوقه على السرير وصار يقبلها فصرخت بوجهه،
بتي : تباً لك يا جون. كيف تفعل بي هكذا؟ ظننت انك اصبت بجلطة قلبية. لماذا تمازحني بهذه الطريقة؟
جون : بالحقيقة كنت اريد ان استعيد ايام شهر العسل. هل تتذكرين؟
بتي : اجل اذكر حبيبي. اسمع مني، الافطار جاهز في الشرفة وسوف تبرد القهوة إن لم نخرج ونتناولها فوراً. هيا كفاك تصرفات صبيانية.
جون : حسناً، حسناً يا معلمتي. امنحيني دقيقتين حتى اغسل وجهي واسناني وسالتحق بك في الشرفة.
خرجت بتي وصبت لنفسها فنجاناً ساخناً من القهوة وبقيت بضع دقائق حتى جائها جون ونظر الى المائدة ثم قال،
جون : الافطار الملكي! انت حقاً الزوجة المثالية. وانا احبك كثيراً.
جلس الزوجان يفطران ويضحكان وكأنهما مراهقان. كان الهواء النقي يغلفهما ويزيدهما بهجة وانتعاشاً. تمنيا ان يستمر هذا الحال الى آخر يوم من حياتهما فهما يتذوقان السعادة بكل لحظة يعيشانها هنا. وفجأة سألت بتي،
بتي : هل تعتقد ان من اللائق ان اذهب واستدعي ماري كي تتناول فنجان قهوة معنا. او ربما لا تزال تمارس الجنس مع شريكها؟
جون : لا، لا اعتقد ذلك. اذهبي ونادها يا بتي.
ذهبت بتي وسارت نحو كوخ ماري وطرقت الباب لكنها لم تفتح الباب. عادت وطرقت ثانية وفي المرة الثانية ايضاً لم تفتح الباب. رجعت الى جون وقالت،
بتي : انها ليست بالكوخ. انه امر عجيب، هل يعقل انها خرجت مبكرةً الى المدينة؟ فالمدينة لا تستفتح قبل الساعة الحادية عشر صباحاً والجميع لا يستيقظون مبكراً لانهم يسهرون ويرقصون ويشربون. لا يخرج الناس الى الشوارع حتى وقت متأخر من النهار. اين تكون قد ذهبت؟
جون : دعيني اتحقق من الامر.
ذهب جون الى كوخ جارتهم وطرق الباب وصار يستمع لكن احداً لم يستجيب. ذهب الى الجانب الايمن من الكوخ ونظر من الشباك فلم يجد احداً بالكوخ. قال لزوجته،
جون : انها ليست بالدار مع اننا سمعنا صوتها بالامس وهي تمارس الجنس مع شخص ما. ربما خرجت معه دعنا نتركها ولا نتطفل على خصوصياتها. انا اريد ان نذهب الى مدينة اليكانتي القريب كي نستكشفها. ما رأيك؟
بتي : فكرة صائبة. انتظرني حتى انتهي من غسل الصحون وسوف نذهب بعدها.
جون : اتركي الصحون وشأنها. اريد ان انطلق بالسيارة. فالدودة بدأت تتحرك واريد ان اخرج.
بتي : كما تشاء حبيبي. هيا بنا.
ركب الزوجان سيارتهما فاخرج جون هاتفه النقال وصار يتتبع الطريق من خلاله كي يصل الى الخط السريع الذي سيقلهما الى مدينة اليكانتي. وبينما هم يسيرون بسرعة 110 كم بالساعة سألته بتي،
بتي : اسم المدينة التي نقصدها غريب اليس كذلك؟ من اين اتت كلمة اليكانتي يا ترى؟
جون : لقد تسائلتُ عن ذلك عندما كنا جالسين بالطائرة وكنتِ انت نائمة وقتها. تفحصت هاتفي النقال وكتبت (اليكانتي) فجائني الجواب على شكل قصة. تقول القصة ان في زمن الدولة الاندلسية عندما كان المسلمون يحكمون اسبانيا. دخل رجل اسباني الى مدينة كبيرة ليس لها اسم وتجول بشوارعها وحاراتها. وبينما هو يسير سمع الاذان يرفع (وهو النداء للصلاة كما هي الاجراس بالكنائس عندنا) سمع الأذان من بعيد فتخيله غناء. اعجبه صوت المؤذن كثيراً لذلك قرر ان يسأل عن المغني. رأى رجلاً آخر يسير في الطريق فسأله من الذي يغني؟ قال له انه علي. عاد الرجل الى بلدته واخبر اهله عن ذلك الرجل الذي سمعه يغني بصوت شجي واسمه علي. اراد اهله ان يسمعوا هذا المغني بانفسهم فقاموا بزيارة المدينة واستمعوا لصوته الجميل. رجعوا وابلغوا الجميع عن تلك المدينة. وصار الجميع يسمي تلك المدينة اليكانتي وبالاسبانية Alicante. لان كلمة (كانتي) هي الفعل وتعني يغني والتي تأتي من الكلمة كانثيون canción بمعنى اغنية. فيكون اسم المدينة يعني (علي يغني)
بتي : إذا نحن ذاهبون الى تلك المدينة. هذا شيء جميل.
وصل الزوجان مدينة اليكانتي وبقيا فيها طوال اليوم ولم يرجعا الى بنيدورم الا في وقت متأخر من ذلك الليل. اوقف جون السيارة امام الكوخ ونزلا منها. قالت بتي،
بتي : حبيبي اريد ان اتفقد جارتنا ماري قبل ان ندخل كوخنا فانا مازلت قلقة عليها. تعال معي.
مشي الزوجان الى كوخ جارتهما ماري وطرقا الباب لكن احداً لم يفتح الباب. نظرت بتي الى زوجها وقالت،
بتي : بالتأكيد هناك امر غير اعتيادي. ماذا نعمل يا حضرة المحقق؟
جون : ليس هناك احد حبيبتي. يجب ان نبلغ الشرطة في الغد.
باليوم التالي تناول الزوجان وجبة الافطار ثم ركبا سيارتهما وذهبا الى مركز المدينة حيث دخلا مركز شرطة بشارع رصافا حاولا شرح القضية للشرطي الذي جلس بالاستعلامات الا انه لم يكن يفهم الانكليزية فاشار اليهما بيده بالانتظار ثم ادخلهما الى الضابط. وقف الضابط ورحب بهما بانكليزية مكسرة وطلب منهما الجلوس فجلسا. بدأ جون الحديث وقال،
جون : نريد ان نخبرك بقضية اختفاء احدى السائحات الامريكيات.
صار جون وبتي يشرحان للضابط كل ما يتعلق بجارتهما ماري من اللحظة التي التقوا فيها وحتى اكتشافهما غيابها الغريب المفاجئ. ارادا ان يتركا للضابط ان يتصرف هو بالطرق القانونية. لكنهما اصيبا بالذهول عندما سمعاه يقول،
الضابط : شكراً لكما لانكما اتيتما لاخبارنا بغياب جارتكما. دعوني اضعكما بالصورة. قوانينا تقول ان الشخص الذي يبلغ عنه مفقوداً. علينا ان ننتظر 48 ساعة قبل ان نبدأ البحث لاننا نترك المجال لاحتمالية عودة ذلك الشخص وظهوره الى السطح.
جون : اسمع مني حضرة الضابط. نحن افتقدناها منذ يومين لذلك عليك التحرك الآن.
بتي : زوجي يعرف ذلك لانه شرطي بشيكاغو.
نظر الضابط لجون وسأله،
الضابط : هل هذا صحيح؟
جون : اجل... اقصد... كنت محققاً بالشرطة لمدة 30 سنة. احلت الى التقاعد قبل اسبوعين.
الضابط : إذاً، انت انسان اعتيادي الآن. حتى وإن كنت ما تزال شرطياً، فذلك في بلدك امريكا. انت الآن باسبانيا كسائح وتخضع لقوانيننا بهذا البلد.
بتي : اجل انت محق يا سيادة الضابط. والآن، متى ستتحققون من الامر إذاً.
الضابط : بعد يومين من الآن.
جون : من الممكن ان تموت خلال هذه الفترة يا سيادة الضابط.
الضابط : ومن الممكن ان يسقط علينا نيزك فنموت جميعاً. دعني اوضح لكما شيئاً: تبلغ نسمة مدينة بنيدورم التي نحن فيها في الشتاء 350 الف نسمة. وفي الصيف قرابة مليوني نسمة. وهذا كله بسبب كثافة السواح القادمين اليها. كما تعلمون فمدينتنا صغيرة الحجم لكن هذا الكم الهائل من البشر يجعل مهمة الشرطة فيها مهمة في غاية الصعوبة. علينا تأمينهم وحمايتهم من اللصوص والاعتدائات الجسدي وفك النزاعات الشخصية. تخيلو يا سيدي ويا سيدتي اننا نلقي القبض على ما يقرب من 20 الى 30 شخصاً كل يوم منتشيا ونائماً على الساحل فنعيده الى المركز ثم نطلق سراحه ليعود الى الفندق الذي يقيم فيه. كذلك نقوم بالاستجابة لما يزيد عن 40 حالة شجار بالايدي بين السواح واغلبهم بسن ال18 وال 19 سنة خصوصاً بين السواح الانكليز. كل يوم نقوم بسحب ما يقارب 500 سيارة الى مواقف الحجز بسبب ايقاف السواح سياراتهم بمواقف غير مرخصة. نعمل هنا اكثر من طاقتنا فعدد افراد الشرطة بهذه المدينة الصغير يفوق عدد الشرطة الموجودين بمدينة اليكانتي الكبيرة. الكثير من زملائنا يعملون ساعات طويلة بعد انتهاء الدوام الرسمي. بالامس عملت انا شخصياً لاكثر من 16 ساعة متواصلة. هل تصدقون اننا نستلم عشرات التقارير باختفاء افراد من السواح كل يوم. لكنهم يظهرون بمكان آخر من المدينة بعد يوم او يومين. لذلك ارجو ان تعذروني وان تدعوا الشرطة تتبع البروتوكول الموضوع لها والذي يتطلب الانتظار 48 ساعة من لحظة تقديم البلاغ.
جون : كلامك سليم يا حضرة الضابط. نحن آسفون لاننا قمنا بازعاجك.
الضابط : ليس هناك ازعاج ابداً. ارجوكما دونا تقريركما الذي ستحصلون عليه من شرطي الاستعلامات وفيه عنوانكما وعنوان المفقودة جارتكما وسوف نتخذ الاجرائات اللازمة خلال يومين.
خرج جون وبتي من مركز الشرطة بعد ان دونا تقريراً كاملاً وكتبا كل البيانات اللازمة عن جارتهما ماري. اقترح جون على زوجته ان يتناولا وجبة الغداء باحدى المطاعم على ساحل ليفانتي. تناولا وجبة الغداء هناك وعادا الى الكوخ. اوقف جون السيارة فهبطت بتي منها وراحت تجري الى كوخ ماري. طرقت الباب لكنها لم ترد عليها فنادت زوجها. جاء جون اليها وسأل،
جون : هل لا زالت غائبة؟
بتي : اجل. اسمع مني يا جون. انت كمحقق ماذا كنت ستفعل لو كنت مقيداً بالقوانين والبروتوكولات؟
جون : بهذه الحالة اقوم بتتبع حدسي. فإذا اخبرني حدسي ان هناك شيء مريب فاقوم بخرق القانون.
بتي : وهل تحتاج الى ادلة اكثر من هذه؟ ماري لها يومين وهي خارج الكوخ لم نسمع منها اي شيء ولم نراها. فلماذا لا نتصرف؟
جون : انا لست مخولاً بهذا البلد ان اتصرف. ماذا اعمل؟
بتي : دعنا نفتح الكوخ على الاقل ونرى بانفسنا.
جون : لحظة واحدة يا حبيبتي اريدك ان ترجعي الى الوراء وتدعيني اتحقق بطريقتي.
تقرب جون من الباب وطرقه للمرة الاخيرة لكنه لم يسمع الرد فبحث حوله ليجد سلكاً معدنياً مرمي على الارض اخذه ولواه ثم ادخله بقفل الباب وصار يلويه ويعالجه حتى انفتح. جائت بتي تجري ودخلت معه الكوخ. لاحظا ان سرير ماري مبعثر مما يدل على ان احد قد نام عليه ولم يقم بترتيبه فيما بعد. تجول جون بداخل الكوخ ودخل المطبخ فلم يجد اي شيء يثير الريبة سوى ان ماري غير موجودة.
جون : ان ما فعلناه للتو غير قانوني لاننا دخلنا كوخها عنوة ومن دون استئذان. لذا انا اقترح عليك التالي: اتركي الامر لي تماماً وانا ساتولى كل شيء. انت سترجعين الى كوخنا. هل فهمتِ؟
بتي : هذا الامر تراه في احلامك فقط. انت الآن المحقق وانا شريكتك المحققة بتي.
جون : انا لا اريدك ان تصابي باذى.
بتي : وانا لا اريد ان اتركك تقوم بالتحقيق لوحدك. انا معك رضيت ام ابيت.
جون : حسناً تعالي.
بتي : ماذا تريدني ان افعل؟
جون : ابحثي عن اي شيء خارج عن المألوف.
صارت بتي تفتح الخزانة وتتفحص ملابس ماري فلاحظت فستاناً طويلاً مفصلاً بشكل غريب يثير الريبة قالت انه ربما من العصور الوسطى. لقد رأيته في الافلام فقط. نادت زوجها من الصالة وسألته،
بتي : انظر الى هذا الفستان يا جون واخبرني برأيك.
تفحصه جيداً وصار يتحقق من ملمسه ثم قال،
جون : حقاً فستانٌ غريبٌ وقماشٌ اغرب. دعنا نواصل البحث.
تابعت بتي البحث بالخزانة بينما كان زوجها يبحث بزاوية اخرى من الكوخ. جاء الى جانب السرير فرأى طفاية سجائر وبها اعقاب من نوعين من السجائر. نوع عليه احمر شفاه والثاني من غير احمر الشفاه. وهناك ايضاً دفتر ثقاب فارغ. تفحصه وقلبه ليجد عليه اسم (البار السعيد) قلبه فوجد على ظهره العنوان بشارع جاين بالقرب من جادة يوروپا. وضع دفتر الثقاب الفارغ بجيبه.
بتي : ماذا هناك؟ هل وجدت شيئاً؟
جون : اجل وجدت دفتر ثقاب فارغ وهذا قد يدلنا على شيء.
بتي : عن ماذا سيدلنا برأيك؟
جون : لا اعلم ولكن يجب ان نذهب للبار ونحقق بالامر. الامور صارت اوضح الآن يا بتي. سنذهب غداً صباحاً ونرى.
باليوم التالي خرج الزوجان بعد ان تناولا وجبة الافطار وتوجها الى (البار السعيد) كما خططا. دخلا من الباب فلم يجدا احداً من رواد البار. كان الساقي وحده واقفٌ ينظف البار فاستأذنوه وابرز جون هاتفه ليعرض عليه صورة ماري وهي تجلس بالقرب من زوجته قال،
جون : سامحني يا سيدي، هل رأيت هذه السيدة الجالسة الى يمين زوجتي؟
اخذ الساقي هاتف جون وتفحص الصورة جيداً ثم قال،
الساقي : اجل لقد كانت هنا قبل يوم او يومين.
جون : هل رأيتها تتحدث مع احد؟
الساقي : كانت تحتسي النبيذ وتتحدث مع خيسوس طوال الليل ثم خرجا سوية.
جون : ومن هو خيسوس؟
الساقي : انه شاب غجري وسيم يأتي للبار كي يتصيد السائحات الغنيات. يغازلهن ويغريهن ويذهب معهن ثم لا نعلم ما يحدث بعد ذلك حتى يأتي باليوم التالي ويعيد الكرة مع سائحة جديدة.
جون : ما هي اوصافه؟
الساقي : شاب وسيم قصير القامة اسمر البشرة مجعد الشعر.
جون : هل تعرف اين يسكن؟
الساقي : اعرف انه يسكن بمجمع اسمه ليدرسول ولكن لا اعرف باي طابق او اي شقة بالتحديد.
جون : هل تعرف اين يقع مجمع ليدرسول؟
الساقي : انه بالقرب من جادة رينكون دي لوي.
جون : شكراً لك سيدي.
الساقي : هل تريدان تناول المشروب؟
بتي : ربما بالمرة القادمة، شكراً.
خرج الزوجان وركبا سيارتهما فاخرج جون هاتفه وصار يبحث بخرائط كوكل عن جادة رينكون دي لوي حتى صاح،
جون : وجدته، انه لا يبعد كثيراً عن مركز المدينة.
بتي : اليس من الافضل ان نخبر الشرطة عنه يا جون؟
جون : شرطتهم غير متفرغة ولا هي مهتمة بهذه الامور. يجب علينا ان نتابع الموضوع بانفسنا.
بتي : إذاً دعنا نذهب الآن.
ذهب الزوجان الى الجادة فعثرا على مجمع ليدر سول. دخلا من مدخل المجمع وراح جون يتفحص صناديق البريد فسألته زوجته،
بتي : ماذا تفعل يا جون؟
جون : احاول ان اجد اسم خيسوس على الصناديق.
بتي : هل وجدته؟
جون : لو توقفت عن اسئلتك لتمكنت من ايجاده.
بتي : انا آسفة.
جون : اجل، اجل وجدته، انه يسكن بالطابق العاشر شقة رقم 105. ابقي انت هنا وساذهب انا للتحدث معه.
بتي : قلت لك هذا مستحيل. انا آتية معك.
ركب الزوجان المصعد الكهربائي وصعد بهما بسرعة عالية الى الطابق العاشر. خرجا من المصعد وصارا يبحثان عن الشقة رقم 105. ولما عثرا عليها ضغط جون على الجرس فسمعا صوت الجرس وهو يرن من داخل الشقة. لكن احداً لم يفتح الباب. انتظرا قليلاً ثم عاودا الكرة لكن الباب لم يفتح فسألت،
بتي : هل ستفتح الباب باسلاكك؟
جون : كلا يا بتي، لا نفعل ذلك بكل البيبان. دعنا ننتظر قليلاً.
وقفا امام باب الشقة لاكثر من ربع ساعة لكن الباب لم ينفتح فقال،
جون : دعنا نرحل الآن ونعود ثانية فيما بعد.
بتي : هيا حبيبي.
سار الزوجان الى المصعد وضغط جون على الزر وانتظرا قليل من الوقت حتى انفتح باب المصعد وخرج منه رجل وسيم قصير القامة اسمر البشرة مجعد الشعر. نظر اليه جون وقال، "خيسوس؟". لما سمع الرجل اسمه نظر الى جون وركض الى شقته فركض جون وبتي خلفه. دخل شقته واغلق الباب. بدأ جون يطرق الباب ويقول، "افتح الباب يا خيسوس، لا تخف، انا لا يهمني ما تبتزه من النساء. اريد فقط ان اعرف ما فعلته بماري ولماذا اختطفتها؟. ارجوك افتح الباب". انفتح الباب ببطئ شديد وقال،
خيسوس : من انتم؟ هل انتم من الشرطة؟
جون : كلا، نحن فقط جيران ماري ونريد ان نعرف لماذا هي عندك؟
خيسوس : ماري ليست عندي.
بتي : متى شاهدتها آخر مرة؟
خيسوس : كنت معها بكوخها وبقيت معها حتى الصباح. اعطتني مبلغاً من المال ثم تركتها ولم ارها منذ ذلك الوقت.
بتي : وكيف نعرف انك تقول الحقيقة؟
خيسوس : بامكانكما تفتيش شقتي إن اردتم.
بتي : بالتأكيد نريد ذلك. اذهب انت يا جون وفتش بغرفة النوم وانا سافتش بالمطبخ.
جون : الشقة صغيرة يا بتي ولا تتطلب كل ذلك المجهود كي نفتشها.
دخل جون الغرفة وصار يتجول بداخلها ويتفحص خزانة الملابس وتحت السرير فلم يجد احد. خرج من الغرفة فالتقى ببتي فهزت له برأسها دلالة على عدم عثورها على شيء هناك.
خيسوس : الم اقل لكما انها ليست معي بالشقة؟
بتي : أين ذهبت إذاً؟
خيسوس : لا اعلم صدقوني. انا فقط اغوي النساء واحصل منهن على مبالغ قليلة يعطوها لي بحسن نية مقابل الاوقات السعيدة التي يقضونها معي. انا لست قاتلاً ولا اختطف احد.
عوجت فمها بتي وهمست باذن زوجها قائلةً بصوت منخفض،
بتي : اعتقد انه يقول الحق.
جون : وانا كذلك.
نظر جون الى خيسوس وقال،
جون : حسناً صدقناك ولكن، اريد ان اعطيك رقم هاتفي كي تتصل بنا إذا لمحتها باي وقت حتى لو كان ذلك بعد منتصف الليل.
خيسوس : بالتأكيد. اكتب لي رقم هاتفك على هاتفي مباشرة.
اعطى خيسوس هاتفه الى جون فكتب جون رقمه ثم اعاداه له وقال،
جون : ارجوك لا تحاف مني فانا لا اعمل مع الشرطة هدفي الوحيد هو العثور على جارتي ماري.
خيسوس : حسناً سيدي.
بتي : دعنا نخرج يا جون.
خرج الزوجان فقالت بتي،
بتي : هل تعتقد انه سيتصل بك إن عثر عليها؟
جون : بالتأكيد، هدفه فقط جمع المال ولا يريد ان يتورط بعملية خطف او قتل.
بتي : لم اكن اعلم ان العمل البوليسي يسبب الجوع بهذا الشكل. اين ستغديني؟
جون : دعنا نذهب لاحدى المطاعم هنا بشارع مديتيرانيو.
سارا بالشارع الكبير حتى دخلت انوفهما رائحة الدجاج المشوي الذي يدور ويتحمص امام النار فنظر اليها جون وغمز فابتسمت ورفعت حاجبها للاعلى تسطحبها بابتسامة بمعنا موافقة.
بعد ان اكملا وجبة الغداء عادا الى كوخهما واستلقيا في سريرهما. بالمساء جلسا يتابعان الغروب وهما جالسين على الطاولة الخارجية دون ان يتكلما. وفجأة قال جون،
جون : اريد ان ابحث عن المزيد من الادلة يا بتي. اريد ان ادخل كوخ ماري مرة ثانية.
بتي : هيا دعنا نذهب الآن.
فتح جون الباب بنفس طريقة المرة الماضية ودخلا الكوخ ليواصلا البحث. نظر جون الى صفيحة القمامة بالصالة فوجدها ملئى بالفضلات. قام بقلبها على الارض وصار يبحث فيها حتى عثر على بطاقتي صعود للطائرة فصاح، "بنگو، لقد وصلت". جائت بتي من المطبخ تجري وسألت،
بتي : هل وجدت شيئاً؟
جون : بالطبع وجدت بطاقتي صعود الطائرة لماري وعليها الكثير من المعلومات. اولاً التاريخ يشير الى وصولها قبل شهراً كاملاً وهذا ما قالته لنا. طائرتها جائت من مطار اركنسو الدولي وحطت بمطار ميامي ثم من هناك اقلعت الى مطار اليكانتي.
بتي : لماذا كذبت علينا وقالت انها من نيويورك إذاً؟
جون : لا اعلم ولكن انظري الى اسمها الكامل وهو ماري جاكوب ملر.
بتي : ما هذا الاسم الصعب يا جون؟ هل هي المانية الاصل؟
جون : لا اعلم. سنتحقق من ذلك بالتأكيد.
اخرج هاتفه واتصل بصديقه الكابتن لينورد كوهين في شيكاغو فرفع السماعة وقال،
لينورد : ما ورائك يا جون؟ اتمنى ان يكون لديك سبب مقنع وراء مكالمتك هذه فالساعة الآن هي الثالثة بعد منتصف الليل.
جون : آسف لانني ايقظتك من نومك ولكن هناك مشكلة اريدك ان تساعدني فيها.
لينورد : هل انتم مازلتم باسبانيا؟
جون : اجل لكننا تعرفنا على جارتنا وهي سيدة امريكية تسكن بالكوخ الذي بجانبنا. وقد اختفت لعدة ايام. ابلغنا الشرطة المحلية لكنهم من الواضح انهم يعانون من ضغوط العمل وليسوا متفرغين كي يبحثوا عنها. كل ما اريده منك هو ان تبحث بقاعدة بيانات الشرطة عنها وتخبرني اي شيء تستطيع ان تعرفه عنها.
لينورد : إذا لم تكن بولايتنا فسوف استعين باخو زوجتي ڨكتور الذي يعمل بـمكتب التحقيقات الفدرالية (اف بي اي) وسوف اخبرك فور حصولي على اي شيء.
جون : شكراً لك عزيزي لينو. بتي تحييك من هنا.
لينورد : ابلغها سلامي واخبرها بان تراقبك جيداً لان الاسبانيات جميلات جداً وقد يخطفوك منها.
اغلق الخط مع صاحبه وقال،
جون : دعنا نعود الى الكوخ حتى تصلنا معلومات من لينو.
رجع الزوجان الى كوخهما وبقيا هناك حتى بلغت الساعة الثامنة ليلاً إذ سمعا هاتف جون يرن. نظر اليه وقال انه لينورد،
جون : تفضل يا لينو، ماذا وجدت؟
لينورد : سوف تصدمك المعلومات التي عثرت عليها. اسمع يا جون، ان ماري جاكوب ملر هي سيدة من طائفة الأميش وتسكن بمزرعة خاصة لطائفة الأميش بالقرب من مدينة (ايوا سيتي). هي ما زالت متزوجة من رجل من الأميش يدعى صوموئيل ملر. بطاقة ركوب الطائرة التي عثرت عليها تشير الى انها غادرت من مطار اركنسو الدولي لانه اقرب مطار دولي الى مدينتها. لقد سافرت من امريكا وحدها دون ان يأتي بصحبتها احد. عمرها 28 سنة وليس لها اطفال.
جون : هكذا اتضحت الصورة يا لينو. شكراً جزيلاً على مجهودك بالحصول على المعلومات.
لينورد : انه دين عليك يا جون. سترده لي بوليمة دسمة ببيتك عندما تعود الى شكاغو. وداعاً.
جون : اكلمك لاحقاً.
اغلق الهاتف مع الكابتن لينورد وصار يخبر زوجته عما سمعه. إذ قال،
جون : الآن علمنا مصدر ذلك الفستان الغريب الذي وجدتيه بخزانتها. انها من ملابس الأميش التقليدية، هم لا يلبسون ملابسنا .
بتي : اليس الأميش هم من يلبسون العقال ويختطفون الناس ويقتلون الابرياء ويرتدون الاحزمة الناسفة ويودون تدمير الاسرائيليون المسالمون؟
جون : كلا حبيبتي هوؤلاء هم المسلمون الارهابيون، فكل مسلم هو ارهابي بالفطرة.
بتي : ومن هم إذاً؟
جون : الأميش هم مجموعة من اتباع الكنيسة المسيحية التقليدية. يُعرف الأميش بالحياة البسيطة، واللباس العادي ، والسلمية المسيحية البطيئة في تبني العديد من وسائل الراحة للتكنولوجيا الحديثة، بهدف عدم مقاطعة وقت الأسرة، وعدم استبدال المحادثات وجهاً لوجه كلما أمكن ذلك. بدأ تاريخ كنيسة الأميش بالانشقاق في سويسرا داخل مجموعة يؤمنون بتجديد عماد الكنيسة الألزاسية والسويسرية تقريباً في عام 1700 بقيادة جاكوب أمان. أولئك الذين تبعوا (أمان) أصبحوا معروفين باسم الأميش. من اهم مميزات الأميش هي السماح بتعدد الزوجات. فرجال الأميش بامكانهم ان يتزوجوا من العديد من النساء. انه حقاً دين رائع يستحق التأمل.
بتي : كفاك ثرثرة يا مشاغب. والآن قل لي ماذا سنفعل بهذه المعلومة؟
جون : اعتقد اننا وصلنا الى معلومة مهمة ومفصلية جداً. لذا يجب علينا ان نذهب للشرطة ونخبرهم بكل شيء فالامر خرج من ايدينا وعليهم ان يؤدوا دورهم في ايجاد ماري. سنذهب غداً صباحاً الى مركز الشرطة ونسلمهم جميع الادلة والمعلومات. والآن تعالي الى المتقاعد المسكين وطيبي خاطره بقبلة وبعض من الحب.
بصباح اليوم التالي استيقظ الزوجان على رنين هاتف جون فاجاب جون وقال،
جون : ماذا هناك يا خيسوس؟ هل شاهدت ماري؟
خيسوس : اجل يا جون اجل. انها بصحبة رجل ملتحي غريب الاطوار يرتدي قبعة كبيرة ويمسك بذراع ماري يسحبها ويعنفها.
جون : واين هم الآن؟
خيسوس : قبل قليل شاهدتهم يصعدون بحافلة بمحطة الحافلات متجهين الى مدينة اليكانتي. عليك ان تسرع.
جون : حسنا يا خيسوس. شكراً لمكالمتك.
اغلق الهاتف مع خيسوس فسألته،
بتي : ما الامر يا جون؟
جون : لقد عثر خيسوس على ماري وهي تركب الحافلة مع رجل غريب يقودها بالقوة متجهين الى مدينة اليكانتي. علينا ان نسرع.
بتي : ساكون جاهزة خلال خمس دقائق.
خرج الزوجان مسرعان بسيارتهما وتوجها الى مركز المدينة. وفي الطريق سألت بتي،
بتي : مسكينة يا ماري، لماذا يأخذها زوجها الى اليكانتي؟
جون : انه يريد ان يأخذها الى المطار كي يخطفها ويرجعها معه الى امريكا بالقوة.
بتي : لكنها زوجته. يريدها ان تعود الى بيتها.
جون : ماذا لو لم تكن تريد العودة؟ ماذا لو عرضها للعنف؟
بتي : فهمت قصدك. اسرع إذاً ودعنا نلحق بهما. لماذا لا تذهب الى الخط السريع؟
جون : اريد ان اشتري شيئاً مهما قبل ذلك. لا تسأليني.
اوقف جون سيارته امام متجر لبيع التحفيات وبقت بتي بالسيارة. بعد قليل رجع حاملاً بيده علبة مستطيلة.
بتي : ماذا اشتريت يا جون؟
لم يجبها بل وضع العلبة بحجرها ففتحت العلبة لتجد مسدساً حقيقياً من نوع سميث اند ويستن فصرخت،
بتي : ماهذا؟ هل جننت؟ انه مسدس. نحن لسنا بشيكاغو. سوف يعتقلونك بالمطار.
جون : لا تقلقي انه (رپليكا) اي انه ليس حقيقياً. يجب ان نتجه الى الخط السريع الآن ارجو ان نلحقهما قبل ان يغادرا الى امريكا.
قاد جون السيارة بسرعة كبيرة على الخط السريع E15 لمدة 50 دقيقة حتى بدأت مباني المطار تبدو واضحة للعيان. نزل جون من السيارة امام المدخل الرئيسي للمطار وقال لزوجته،
جون : قودي السيارة الى المراب ثم الحقي بي بقاعة المغادرة.
خرجت بتي من مكانها واستدارت حول السيارة لتركب من الطرف الايسر وصارت تبحث عن الاشارات التي تقودها الى مراب السيارات. وجدت موقفاً شاغراً بصعوبة كبيرة ثم هبطت واقفلت السيارة وسارت نحو بوابة مبنى المغادرة. دخلت القاعة المغادرة فشاهدت كمية كبيرة جداً من المسافرين يسيرون بكل الاتجاهات. بدأت تبحث عن تلفزات المعلومات حتى وجدتها وتفحصتها لتجد ان هناك رحلة على الخطوط الاسبانية الى نيو يورك والتي ستقلع من البوابة C4 بعد نصف ساعة. كانت متأكدة من ان زوجها قد علم بذلك وسوف يتوجه الى نفس بوابة المغادرة. تتبعت الاشارات التي كتب عليه salida بمعنى المغادرة. ولما وصلت الى البوابة سمعت صوت جون يصرخ ويقول توقف والا اطلقت عليك النار. تقربت من مصدر الصوت فوجدت منظراً مريعاً. رأت زوجها ممسكاً بالمسدس الكاذب الذي اشتراه للتو يصوبه باتجاه الرجل الذي اختطف ماري وهو ممسكاً بذراعها وقد تجمد قبل الدخول الى البوابة. وهناك ثلاثة من رجال الشرطة يحيطون بجون ويصوبون مسدساتهم نحو رأس جون ويطلبون منه انزال سلاحه. قال جون،
جون : اترك ماري يا صوموئيل. ماري لا تريد الذهاب معك.
صرخ احد رجال الشرطة وقال،
الشرطي : ارمي سلاحك على الارض والا اطلقنا عليك النار.
علم جون ان خدعته لن تجدي ويتحتم عليه الآن ان يرمي الدمية التي بيده على الارض فانزلها ورفع يده الى الاعلى.
التفت صوموئيل وادار ماري كي يهم بالذهاب الى صالة المغادرة الا ان الشرطي ناداه بالانكليزية وقال،
الشرطي : تجمد. ولا تواصل السير.
توقف صوموئيل فذهب اليه الشرطي الثاني واقتاده مع ماري وجون الى مكتب شرطة المطار. ارادت بتي ان تلتحق بزوجها الى ان احد افراد الشرطة منعها من الدخول. بقيت قلقة تروح وتجيء امام باب مكتب الشرطة، لا تعلم ماذا تفعل. وبعد ان مرت ساعتان قررت ان تفعل شيئاً ولكن ماذا؟ "عرفت، ساتصل بالقنصل الامريكي. هو الوحيد الذي يستطيع ان ينقذ الموقف. بحثت عن هاتف ارضي فوجدت واحداً بالممر. رفعت الهاتف وضغطت على الرقم 911 الا ان شيئاً لم يحصل. يا الهي هؤلاء الاوروبيون الاغبياء قاموا بتغيير رقم الطوارئ. فجأة سمعت رجل من خلفها يقول،
رجل : الطوارئ ببلدنا هي 112.
بتي : شكراً.
ضغطت على الرقم 112 فاجابها صوت نسوي يتحدث بالاسبانية ثم بالانكليزية يقول،
السيدة : الطوارئ، اي خدمة تريدين؟
بتي : اريد سفارة الولايات المتحدة الامريكية.
السيدة : عليك الاتصال بدليل الهاتف وليس بالطوارئ.
بتي : اعلم ذلك ولكن الحالة معقدة جداً انظري، هناك رجل يريد ان يختطف ماري. اما زوجي فهو محقق شرطة متقاعد في شيكاغو. اراد زوج ماري ان يختطفها...
وفجأة رأت زوجها يخرج من مكتب الشرطة ومعه ماري فقالت للسيدة على الهاتف،
بتي : لا عليكِ سيدتي. لقد حل زوجي المشكلة.
اغلقت الخط وركضت نحو زوجها احتضنته وصارت تقبله بحرارة ثم احتضنت ماري وقالت،
بتي : حمداً لله انكما بخير. ماذا حصل بالداخل، اخبراني؟
جون : سنخبرك بكل شيء في السيارة دعنا نذهب قودينا لمراب السيارات اولاً.
ركبوا السيارة وانطلقوا بها الى الخط السريع ليعودوا الى مدينة بنيدورم. في الطريق سألت بتي،
بتي : الفضول يكاد يدمرني، هيا رجائاً تحدثا، ماذا حصل بداخل مركز الشرطة؟
جون : ادخلونا... اقصد انا وماري وزوجها صوموئيل الى المركز وقام مفتش الشرطة باستجوابنا كلٌ على حدة. انا شرحت للمفتش انني ايضاً محقق متقاعد من شيكاغو وكيف توصلت الى ان ماري مختطفة من قبل زوجها وكل الامور التي مررنا بها بعد ان تخلت شرطة بنيدورم عن مساعدتنا لشدة الضغوظ التي يعانوها. بعدها قام المفتش باستجواب ماري ثم استجوب زوجها صوموئيل وتفحص المسدس الدمية الذي هددت به زوجها وتوصل الى حل نهائي وهو ان يسأل ماري إن كان زوجها صوموئيل يرغمها على العودة معه الى امريكا. فإن كان جوابها بلا فانه سوف يدخلني انا الى السجن. لكن ماري ايدتني وقالت ان زوجها كان يريد اخذها الى امريكا عنوة. وعندها قال لصوموئيل بانه مخير امام المغادرة لامريكا وحده بسلام اليوم او ان يدخله السجن بتهمة الاختطاف. لكن صوموئيل اعترض وقال ان الحق معه لانها زوجته وانه يستطيع ان يأخذها لاي مكان يشاء لانه جاء الى هنا لاسترجاعها. اجابه المفتش ان قوانينهم باسبانيا تقتضي ان كل انسان حر باختيار ما يريد وليس للزوج حق السيطرة على زوجته واخذها الى اي مكان عنوة لا ترغب الذهاب اليه. ولا يهم إن كان الرجل من طائفة الأميش او الكاثوليك او البروتستانت او المسلم. هنا قرر صوموئيل ان يختار الخيار الاصح وهو الذهاب لامريكا وحده. اخذ المفتش عليّ عهداً ان لا اتصرف كشرطي باسبانيا وان لا اوجه الاسلحة المقلدة على البشر لاخافتهم. ثم اخلى سبيلنا فخرجنا ونحن سعداء.
بتي : ولكن كان عليه ان يعاقبك على قيامك بتهديد الناس وارباك المسافرين يا جون.
جون : هذا صحيح ولكن اعتقد انه خاف من ان يُفتح ملف تخاذل شرطة بنيدورم وعدم استجابتهم لبلاغنا. لذا قرر ان ينهي الامر باللتي هي احسن.
بتي : إذاً اليوم علينا ان نحتفل احتفالاً كبيراً. ما رأيك يا جون؟
جون : انا اعتقد انها فكرة صائبة تنسينا كل الدراما التي مررنا بها اليوم. اقترح ان نذهب الى نادي ليلي كي نستمتع باوقات جميلة. ساحجز لدى مسرح (بنيدورم بالاس). يحكى ان لديهم استعراض جميل جداً هناك.
ماري : وانا موافقة كذلك ولكن لدي سؤال لو سمحتم، هل بامكاني ان استدعي خيسوس كي يأتي معنا؟
بتي : هذا إن لم يكن لديه زبائن آخرين.
جون : لا يا بتي، انا اعتقد ان خيسوس انسان طيب. لولاه لما استطعنا ان ننقذ ماري من مخالب ذلك الوحش صوموئيل.
بتي : حسناً اتصل به واخبره بكل شيء.
بالمساء ارتدت بتي افضل ما لديها من فساتين ومن حلى ومكياج فاصبحت تشبه الاميرات. اما ماري فقد ارتدت فستاناً ابيضاً قصيراً عارياً من الاعلى وبالكاد يغطي ملابسها الداخلية من الاسفل. لبس جون بدلته الزرقاء مع ربطة عنقق من تكساس التي يتدلى منها خيطان. وخرجوا بسيارتهم وذهبوا لمسرح (بنيدورم بالاس). انتظروا خيسوس قليلاً خارج المسرح حتى وقفت سيارة اجرة وخرج منها خيسوس وقد ارتدى زي الرقص الغجري (الفلامنگو) الضيق مما جعله اكثر وسامة. شاهدت ماري منظره فلم تتمكن من السيطرة على مشاعرها بابداء اعجابها لتصدر تنهداً بصوت مسموع. لاحظت بتي ذلك وهمست باذن زوجها،
بتي : سوف لن نتمكن من النوم هذه الليلة ايضاً من ضجيجهم.
جون : ولتكن. جئنا هنا لنستمتع وليس لننام. دعي ماري تستمتع بوقتها هي الاخرى وتعمل ما تشاء. فلم يبقى هناك خطر زوجها صوموئيل.
دخلوا المسرح فقابلتهم سيدات عاريات فنظرت بتي الى زوجها وقالت،
بتي : الآن علمت لماذا جئت بنا الى هنا.
3652 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع