كتبت: رنا خالد
حتى نطفئ الشموع!
"الصراخ او الضجيج، مهما اشتد وعلا، فانه لا يطفئ شموع قالب الكيك، فقط قرب فمك من تلك الشموع، وانفخ بهدوء تنتهي الحكاية" هذه الكلمات قراتها فأعجبتني، فعلا.. كم من فعل صغير يدوم ويكبر ويثمر وكم منها على العكس من ذلك فيكون زوبعة في فنجان كما يقال. وهنا يمكن ان نفسر ذلك بتغذية الشر وفعله حول مشكلة ما والتي يمكن حلها بكلمة جميلة تدخل القلوب فتنعشها بالبهجة والرضى والطمأنينة، كالخلافات بين الاقرباء والأصدقاء او بين أي زوجين والتي ربما تحل بفعل بسيط وكلمة صادقة تخرج بنية طيبة.
ان الخلافات الاجتماعية نجدها بيننا او نسمع بها من حولنا بين الحين والحين، منها المشاكل الزوجية التي تعكر حتما صفو التعايش بين شخصين متحابين في بيت يجمعهم بفرح وامان وذلك غالبا ما يكون بسبب فتح مناقشات بينهما او بين اهليهم ومنها ما يعود الى الماضي فيكبر الخلاف وربما يصل الى الانفصال (لا سامح الله). لذلك على الزوجين في هذه الحالة الانتباه لكل ما يتكلمون به والحل يمكن ان يكمل بكلمة (آسف)او غيرها من الكلمات او العبارات التي تساعد الى عودة الأجواء الى طبيعتها، والتركيز على فهم مشاعر بعضهما البعض بودٍ واحترام حتى يتمكنا من حل خلافهما بدلا من مواصلة اللوم. وهنا اعود من حيث بدأت كلامي فالضجيج لا يطفئ الشمعة بل ان الخلاف يكبر بكثرة الصراخ وتذكر الاخطاء واختلاف الآراء الذي لا نجد له قبول في مجتمعاتنا.
هذا جانب، وهناك جوانب أخرى من الخلافات منها التي تحدث بين الأصدقاء بسبب الغيرة او التخلي عن بعضهم أوقات الازمات او الاشخاص غير صادقين ممن يوصلون الكلام غير الصحيح، والصداقة كما يعرفها الجميع من أسمى العلاقات بين الناس اوسعها انتشارا كبيرة في معناها ومضمونها. ولا يمكن الشعور بمعنى الحياة دون هذا النوع من العلاقات كونها تمثل الحب، الوفاء، الثقة والولاء حيث يشارك الاصدقاء لحظات الحزن الفرح والمواقف الصعبة لحين تخطيها. وعدا ذلك لا يمكن ان تسمى صداقة. وينسحب الامر على وجود صديق حقيقي في حياتنا نعتز بصحبته، وفجأة يظهر من لا تعجبه تلك الصحبة فيبعث بإشارات سلبية (كلمات، تصرفات) قد تؤدي الى الخصام مالم نحافظ على شمعة الصداقة.
وجانب اخر من العلاقات يكون مسرحها موقع العمل، وشخوصها الشركاء في ذلك الموقع، فيجتمع اختلاف طبائعهم كبشر مع اتفاقهم كفريق عمل واحد لإنجاز مهامهم الوظيفية. تختلف طبائع البشر من حولنا، وأحيانا كثير تفرض علينا متطلبات العمل اشخاصا لا يمكن ان نتقبلهم في حياتنا لا كصديق ولا كزميل، ولكن لا يعني هذا ان نكون معهم في خلاف فبيئة العمل لها قواعد واصول والتزامات معينة، وربما نجد فيهم صديق العمر وليس زميل المكان داخل العمل فحسب. علينا كبشر ان نتحلى في بعض الأمور منها عدم نسيان دور الزميل في العمل والاعتذار عند الخطأ لأننا معرضون ان نكون نحن المخطئون وان لا نسخر من زملائنا وننقل الكلام عنهم او بينهم لغرض التقليل من دورهم او غير ذلك. أي باختصار نقول (إذا كان بيننا اختلاف فلا داعي للخلاف). واذكر قول قراته في مقال للمؤلف البريطاني بول جونسون يقول: " اياكم والصراخ، انه غير ضروري، لكنه حتما يقلل من قيمة الانسان".
وصلنا للختام نحن والقارئ الكريم ممسكون بالشمعة المضيئة لنلخص القول بوجوب التسامح بين البشر بكل علاقاتهم الإنسانية في كل زمان ومكان.
916 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع