عمار محمد طيب العراقي
عن الذين صادروا الدولة وحولوها الى سندويجة..!
الذين رفعوا شعار (الدولة واللا دولة)، كان لهم هدف واضح إبتداءا، وهو قتل الدولة وإنهائها، والأتيان بـ (دولة ) أخرى على مقاسهم هم، لا على مقاس العراق، لأن الدولة التي على مقاس العراق والعراقيين، موجودة وهي قيد التشغيل، ولو بالحد الأدنى، لأن الحد الأدنى الذي افترض أن يكون ناشطا، عمل حملة هذا الشعار الخبيث، على عرقلة الوصول اليه؛ عبر نخرهم للدولة طيلة الثمانية عشر عاما المنصرمة..
الشواهد كثيرة، وأولها سعيهم اللا محدود لأن يتغلغلوا في مفاصل الدولة ويحتلون مناصب عليا ورفيعة فيها، كي يستثمرون وجودهم للإنتفاع من الدولة إقتصاديا؛ بأعلى درجات الإنتفاع، بل بأبشع الوسائل والصور، تعيينات لمحازبيهم ومناصريهم بالآلاف، ولقاء عمولات ورشى كبيرة، عقود ومقاولات لشركات تتبع لهم إن كانت محلية، وخارجية متواطئين معها لقاء كوميشنات متفق عليها، ولا يمكن إنكارها أبدا..
موقف العبادي من الحشد الشعبي، الذي منع سقوط الدولة وحماها، شاهد آخر على النوايا السيئة تجاه الدولة، فالرجل وطيلة وجوده على رأس هرم السلطة، كان عامل عرقلة لأي تطوير أو وضع يقوي الحشد الشعبي، بل عمل وبلا هوادة، على الحد من قدرات الحشد الشعبي وتقييد حركته، ووصل الأمر الى منع الحشد من المشاركة بالعديد من معارك التحرير، خدمة لأهداف إطالة امد المعركة، بناءا على توجيهات خارجية معروفة وواضحة، وكانت النتيجة مزيد من الدماء والتضحيات، كان العبادي سببا في إراقتها، ويتحمل مسؤوليتها أمام الله والشعب، وسيأتي الوقت الذي يقف فيه موقف المسؤولية أمام رب قوي عزيز، إن لم تتوفر الفرصة لمحاسبته في دنيانا الفارطة.
اصحاب شعار(الدولة واللا دولة) هم الذين أوصلوها الى حافة الموت، وهم من يتحملون وصولوها الى حافة الإفلاس، بفتحهم ابواب مؤسسات الدولة أمام تعيينات ليست ذات جدوى، بوظائف للذين يتوفرون على مستوى تعليمي متدني، فيما حجبوها عن الكفاءات الحقيقية، لسبب واحد فقط، هو أنهم أنفسهم محدودي الثقافة والتعليم، ولا يريدون أن ينافسهم أشخاص كفوئين يمتلكون مستويات عالية من التعليم، وهكذا كانت المفارقة، خريجين عاطلين، وأميين يديرون الدولة، ونصف الدولة أجراء وموظفو عقود، في سابقة لم تشهدها دولة أخرى على الإطلاق، وكل التعيينات من هذا النوع، كانت لأغراض أنتخابية تخدم، رافعي شعار(الدولة واللا دولة) ..علينه مو ملينا حتى ثلج قلينا..!..ههه..!
هكذا فإن الذين وصلوا إلى السلطة أو البرلمان منذ تأسيس دولة ما بعد صدام كانوا صنّاع وأسرى هذه السياسة التوظيفية، وطبعا في مقدمة هؤلاء، رافعي شعار (الدولة واللا دولة) على طريقة (رمتني بدائها وأنسلت).
على يدهم وليس على أيادي غيرهم، شهدنا موتا بطيئا للدولة العراقية، وأضعنا الأمل لولا ظهور الحشد الشعبي، كقوة شعبية عقائدية، أعادت للدولة قيمتها وقوتها، وحمتها من الموت والزوال، وخلال ذلك، كان الذين يرفعون شعار(الدولة واللا دولة) يتفرجون بلا حد أدنى من المسؤولية الأخلاقية تجاه الوطن، أقصى ما فعلوه انهم زاروا خلفيات الجبهات، ببدلات عسكرية مكوية للتو، يستعرضون ترفهم ونعومة أياديهم، وصورني وآني ما أدري..!
الدولة ذاتها، رغم أنها يجب أن تكون الكيان العملياتي لخدمة الشعب والوطن، شهدت على أيديهم تحلّلاً بنيوياً، بما جعلها مجرد إطار سلطوي متخشّب، يفرض سيطرته وهيمنته وقوته وسطوته، على الذي امامه فقط، على المساكين والفقراء واصحاب بسطيات بيع الخظار، وعلى الذين لا يمتلكون سقفا يأويهم، حيث يتم اختزال الدولة بكامل حمولتها، في مجرد آلية قهرية لتداول السلطة بين فئة محدودة.
على يد أصحاب شعار (الدولة واللا دولة) تسرّبت عدوى (العائلة المالكة/الحاكمة) إلى جسد الدولة العراقية، وجرى "تتبيل" مبدأ (التوريث) على قاعدة: ليس بالإمكان أحسن مما كان وسيكون إلى يوم الدين، وهكذا اصبح ابنائهم ونسبائهم وأصهارهم، وابناء أخواتهم وخالاتهم وعماتهم واعمامهم، رجال سلطة وسفراء ومدراء عامين، ورؤوساء مؤسسات ووزراء ايضا، لتتحول الدولة الى سندويجة في افواههم..!
646 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع