محمود الوندي
ما من شك أن المدرسة لها دور أساسي وإيجابي في تربية وتنمية الطالب في بداية عمره من خلال قيامها ببرامج تربوية صحيحة ، فضلاً عن تنفيذها مناهج تعليمية تستهدف إعداد وتأهيل كوادر مستقبلية تقود قطار التنمية في مجتمعها بجميع مجالاتها . لذلك تعتبر المدرسة أهم المؤسسات التربوية بالحفاظ على الطفل وضبط سلوكياته وتأمين استقراره ؛ وتطوير عقلية الطالب ، وتجعله عنصر بناء في المجتمع .
إن الطفل بحاجة ماسة إلى تربية وتعليم صحيحة من والده ووالدته وثم من خلال المدرسة ، ويجب أن ينشط الطفل ويوجه في عمله وتفكيره عن طريق حياته في هذا المجتمع لمواكبة ومسايرة عصر التقدم والتكنولوجيا ؛ لان المدرسة هي التي تكشف عقبرية الطالب (الطفل) وتعده بصورة صحيحة حتى يتبّوأ مكانته المناسبة في المجتمع . فإن إصلاح الطفل يتوقف إذاً على إصلاح المعلم والمدرسة والى جانب أسرته ، فإن تهيئة الطفل يكون إنتاجاُ وافراً وهذا ما يزيد من تطور البلاد وازدهارها ونموها إلى الرقي ومسايرة موكب الحضارة المتطورة .
التعلم الراقي للأطفال على أساسيات العلم والتربية سوف يلعب دوراً مهماً في نجاح الأطفال بما يتيح لهم فرصاً لإمكانية التواصل مع قنوات المعرفة العلمية ومع مجالات الثقافة ، وتساعد على توفير الرفاهية لهم ، ويحفزهم على المضي قدماً في دراستهم وتحقيق أهدافهم التعليمية . كلما يكتسب الطفل من المهارات والقدرات سيقضي على أي تميز طبقي في مجالات وميادين ومستويات العلم المختلفة .
الكثير من الأسرْ عاجزة عن القيام بوظيفة تكوين أطفالها والإعداد لوحده ليس كافياً لوحده بالاخص إذا كانت الآباء لم يحصلوا على تعليم كافِ ، لذلك على المدرسة ان تكمل ما عجزت الأسرْ على تكوين أطفالها ( وخاصة من ناحية التعليم ) باعتبارها هي العامل الأساسي في هذا المجال ؛ لان الآباء سيواجهون صعوبات كبيرة في القراءة والكتابة في تعليم أطفالهم (مستوى تعليم الآباء غير كافي سوف يؤثر في أطفالهم من دون شك ) . إن هذه الدراسة هي ربطها المشترك بين التحصيل التعليمي المتدني للآباء وضعف المستوى الدراسي لأطفالهم وبين دور المدرسة في تكوين وتنمية شخصية الاطفال وتنمية قواهم ومواهبهم ، لكي تتيح لهم الفرص لنموهم الكامل والتحسن الجيد . ان رسم الاستراتيجيات للتعليم ما هو إلا جزء من حلقة من حلقات التنموية في اي بلد ، فالتعليم والتربية يجب ان تبدأ من الطفولة المبكرة بين شتى مراحل الدراسة : الحضانة ، الابتدائية ، الثانوية ، الدراسة الأولية والدراسات العليا .
أن للتربية المدرسية تأثيراً بالغ الأهمية في تغيير عادات الأطفال وأنماط سلوكهم وطرائق تفكيرهم وتنّشيط عقولهم وتطوير قدراتهم الذهنية وتحسين مستوياتهم العلمية لان المدرسة تعتبر كيانا اجتماعيا وتربوياً ، بمعنى أن التربية المدرسية تُكسبهم القيم الإنسانية والأخلاقية وتقوّم سلوكهم بشكل إيجابي صحيح وتجعلهم أكثر توازناً ، وتُعِدُّهم لمواجهة الصعاب في حياتهم العملية والتغلب عليها من خلال وجود المعلمين الكفؤين لقيادة التعليم والعلوم . تنهض المدرسة على ثلاثة مكونات رئيسية هي : الطالب الذي بدونه لن تكن هناك مؤسسة تعليمية ، والمعلم الذي بدونه لن تستكمل العملية التعليمية أصلاً ، والإمكانات المادية التي بدونها لن تنهض المؤسسة التعليمية ولم تحقق أهدافها .
إن الفشل الكبير في تربية الطفل اليوم خارج الأسرة يرجع إلى إهمال مبدأ أساسي لإدارة المدرسة لانها لا يمكن فصلها عن الاسرة من ناحية تربية وتعليم الاطفال ، والمدرسة تتلقى أبناء هذه الأسر وتهيئهم لأن يحتلوا مكانتهم في المجتمع كمواطنين صالحين ، ولهذا تنظر التربية الحديثة إلى المدرسة باعتبارها مكمّلة ما بدأها الاسرة الى جانب التعليم . عند وجود المعلمين الكفؤين في المدرسة سوف تلعب دوراً مهماً في نجاح الأطفال في مستوى التعليمي واكتساب المزيد من العلم . كما يجب على المسؤولين في الحكومة او التربويين في وزارة التربية أن تراعي التطورات التي صاحبت تطور التكنولوجيا الحديثة بظهور وسائل تعليمية متطورة تتطلب منا المزيد من التقدم في العلم والتطور في الفكر . الى انه من غير الممكن لأي معلم مدرسة او تدريسي جامعي ان يؤدي
وظيفته بشكل جيد وفعال أذا كان أميا رقمياً ، ولا يمكن بعد الآن تجاهل ما تقدمه شبكة الانترنت من كنوز معرفية مذهلة في جميع ميادين المعرفة .
في الكثير من الدول المتطورة وبالاخص حديثة العهد قد أحدث طفرة كبيرة في المستوى التعليمي فيها عندما اتركزت على التعليم المبكر لانه من أهم المؤشرات على تطور المستوى المعرفي في اي بلد ، إن مستوى التعليمي يلعب دوراً مهماً في نجاح التعليم في المدرسة هذا يعني أنه قد يكون من الضروري لأي تعليمي لاكتساب المزيد من العلم . وقد تبين لنا أنه كلما ارتفع مستوى تعليم المعلمين (بكل اصنافها) كلما كان تأثيرهم إيجابياً على الأطفال في المدرسة وفي مساعدتهم على تحقيق أهدافهم التعليمية .
من الضروري ان نشخص الواقع التعليمي في العراق ( تمثل واحدة من أكبر الأزمات المهملة في العراق ) وعن أسباب تخلفه ونشخص الأسباب الرئيسية لأساليب في تربية الأطفال ، وتراجع المستوى التعليمي للأطفال العراقيين ؛ ان أساليب في تربية الأطفال في المدارس هي احد الأسباب الرئيسية في تكريس إدارات المدارس فغالبا ما تكون بالأسلوب القهري القمعي دون مراعاة لقواعد التربية الحديثة ، ولا شك أن سلطة المدرسة ستجعل من المعلم مستبداً وتمارس أسوأ انواع التسلط وفي النتيجة سيختفي الحوار الديمقراطي والتفاعل الحي بين الطلبة والمعلم ، ويلقى فيه المعلم مواعظه ويملئ إملآءاته على طلابه ويجعل منهم مستمعين ومتلقين فقط ؛ وهذا أسلوب تربوي فاشل سوف يؤثر في نفسية الأطفال من دون شك وتراجع مستواهم التعليمي ويخلق لهم نفسيات مهزوزة مطوّعة خاضعة ، وأخيراً يتركون المدارس ويلتجأون الى الاعمال في الطرق والساحات ، يتم استغلالهم من قبل اإرهابيين في تنفيذ هجمات انتحارية .
وإزاء ذلك من الضروري أن تعيد المؤسسة التعليمية نظرها في تغيير المناهج الدراسية لتتوافق مع تربية الطفل وتحسين المهارات التعليمية لديه لاكتساب المزيد من العلم ، على المستويات كافة ، بحيث ان تكون تأثيرها إيجابياً على الأطفال في المدرسة ، ويحفزهم على المضي قدماً في دراستهم وتحقيق أهدافهم التعليمية ؛ وتنهض المؤسسة في الأساس على تنمية قدرات المعلمين ، وشحذ مهاراتهم وإبداعاتهم ؛ وأن تعمل على كسب الطالب إمكانات مضاعفة القدرة على تحقيق طموحاته الذاتية والمجتمعية ، وحثه على الانطلاق تجاه التقدم المنشود . وأخيراً تكون المؤسسة التعليمية مساعداً على نجاح الطالب في دراسته .
وعلى المسؤولين في وزارة التربية بتوفير المدارس النموذجية للأطفال ومنها " رياض الأطفال " و" حضانة الاطفال " وتوفير كافة مستلزمات التعليم للتدريس الجيد وغيرها من عوامل التعليم الحديث ، والحرص على التربية الجيدة وتوفير كل مستلزمات الحياة السعيدة بإبعادهم عن العمل وجميع أساليب العنف والاضطهاد ، وعلى السلطة التشريعية بإصدار القوانين الخاصة بحماية الطفولة ، وعناية خاصة بهم اكثر من اية شريحة اخرى ، وإيقاف كل العوامل التي تؤدي إلى حرمان الأطفال من التعليم والتربية المدرسية ، وتوفيرلهم كل مستلزمات الحياة من الغذاء والصحة والتعليم .
987 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع