فارس حامد عبد الكريم*
الفَقْر في العراق
الفَقْر في العراق ظاهرة تاريخية قديمة ومتجددة تساير الإمكانيات الإبداعية التي تمتلكها العقول العراقية والثروات الضخمة التي تزخر بها الأرض العراقية كماً ونوعاً.
ومابرحت المنظمات ومراكز البحوث التي تعنى بإقتصاديات الفُقر تدرج العراق من بين الدول التي يعد الفقر فيها ظاهرة ملحوظة.
وتضاعف معدل الفقر في العراق في العام 2020، حيث بات 40 في المئة من السكان البالغ عددهم 40 مليونا، يعتبرون فقراء وفقاً الى البنك الدولي.
رجح تقرير صادر عن الأمم المتحدة، الأربعاء، ارتفاع نسبة الفقر في العراق اضافة الى ماتقدم (40%) بين سبعة و14 في المئة، بعد قرار الحكومة العراقية خفض قيمة الدينار وما رافقه من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.
ويقول التقرير، الذي اشتركت في إعداده منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، إن قرار خفض قيمة العملة المحلية سيؤدي على المدى القصير إلى زيادة أعداد الفقراء في البلاد بين 2.7 مليون و5.5 مليون عراقي.
حالة غير منطقية:
وقد تبدو هذه المسايرة بين الامكانيات والثروات من جهة والفقر العراقي من جهة أخرى حالة غير منطقية وغريبة نوعا ما، ولكننا اذا نظرنا الى مفهوم الفقر وفقاً للمعايير الحديثة، فان الفقر وفقاً لها لايعني عدم توفر الغذاء الكافي فقط، وانما يدخل في مفهومه عناصر مادية ومعنوية متنوعة، فالحاجة الى العمل (البطالة) وعدم توفر الرعاية الصحية الكافية (التأمين الصحي) وضعف المؤسسات التعليمية الرسمية، وانعدام الأمن والاستقرار الإجتماعي، كلها تعداً فقراً يصيب من يعاني منها.
وقد عرف البنك الدولي (الفقر) في تقریر التنمیة العالمية في العالم من منظور الاحتیاجات الأساسیة على أنه: الحرمان من المتطلبات المادیة اللازمة للوفاء بالحد الأدنى المقبول من الاحتیاجات الإنسانیة كالغذاء، والحاجة إلى توفیر فرص العمل، والخدمات الأساسیة الصحیة والتعلیمیة وفرص العمل بجانب الدخل، فمن یفتقر إلى هذه المفردات یعد فقيراً.
ويعتمد الباحثين في العلوم الإجتماعية معيارين لتحديد مستوى الفقر، هما؛
هما مستوى المعیشة، والحق في الحصول على حد أدنى من الموارد.
ومستوى المعیشة یمكن التعبیر عنه بالاستهلاك لسلع محددة، مثل الغذاء والملابس أو السكن، التي تمثل الحاجات الأساسیة للإنسان التي تسمح بتصنیف أي فرد لا یحققها ضمن دائرة الفقر.
أما الحق في الحصول على الحد الأدنى من الموارد، فهو لا یركز على الاستهلاك بقدر تركیزه على الدخل، أي الحق في الحصول على هذه الحاجات أو القدرة على الحصول علیها".
ويلاحظ ان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد أشار الى أن الفقر هو فقر القدارت وعرفها بثلاث قدرات؛
١-التغذیة السلیمة والكافیة.
٢- المستوى الصحي.
٣-التعلیم والمعرفة.
اسباب الفقر؛
1- القيادة السياسية منعدمة الحس الوطني. ومايترتب على ذلك من واقع مرير من أوجهه، الفساد المالي والإداري، تولي الجهلة زمام قيادة الدولة، مكافحة الثقافة والفنون والأداب، تجهيل الشعب بحقوقه ....
2- القيادات التنفيذية الفاشلة للقطاعات الإقتصادية في البلد وخاصة تلك المتعلقة بإدارة الموارد وتنمتها.
3- الحروب، يُعدّ هروب الكثير من الأسر من أوطانها بسبب الأوضاع السياسيّة غير الآمنه وما يخلفه أفرادها وراءهم من منازل ووظائف سبباً في انتشار الفقر بشكل كبير.
4- انعدام الاستقرار ؛ يؤدي عدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية إلى انخفاض عدد المستثمرين، وبالتالي تضعف فرص تقوية البنى التحتية في مجالات اساسية داعمة للجهود الحكومية كالكهرباء والمياه والصحة ...
----
*استاذ جامعي - النائب الأسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية.
575 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع