قصة قصيرة - مذبحة في الغابة / قصة كاملة

                                             

                       بقلم أحمد فخري

قصة قصيرة - مذبحة في الغابة /قصة كاملة

المكان معمل لصناعة الآلات الزراعية في مدينة بيتسبورك بولاية بنسلفانيا بامريكا

مد روبرت اصبعه وضغط على زر التشغيل ليفصل التيار الكهربائي عن آلة المخرطة التي يعمل عليها وصار ينظف نشارة الحديد من موقع العمل فناداه صديقه توماس قائلا،
توماس : يبدو عليك مستعجلاً على المغادرة اليوم يا بوب، لماذا اراك تغلق آلتك الآن؟
روبرت : لان وقت العمل قد انتهى والساعة تشير الى الرابعة تماماً.
توماس : لكن هذا ليس ديدانك. فانت اول من يبدأ العمل هنا كل يوم وآخر من يقفل آلته بهذا المصنع. كنا نضطر لجرك من اقدامك كي تتوقف عن العمل، فلماذا انت مستعجلٌ اليوم؟
روبرت : اليوم هو الجمعة وهذا يعني ان عطلة نهاية الاسبوع قد ابتدأت فعلاً وقد وعدت ابنتي گرايس برحلة الى هيلمان؟
توماس : اتقصد حديقة هيلمان الوطنية؟
روبرت : اجل، هي بعينها. سنذهب مساء اليوم الى هناك وسنبقى حتى مساء يوم الاحد.
توماس : لكن ذلك الجنون بعينه يا بوب. يقولون ان هناك الكثير من الامور الغير اعتيادية تقع هناك.
روبرت : اموراً مثل ماذا يا توم؟ ربما تقصد الترهات عن الاشباح والجنيات والارواح الشريرة؟
توماس : اجل، لدي قريب ذهب الى هناك وشاهدها بام عينيه ثم عاد مسرعاً واقسم انه لن يعود لتلك الغابة اللعينة ابداً.
روبرت : هذا كلام غبي جداً. واذا كان هناك جنيات فسوف اسلم عليهن وسوف نتناول وجبة العشاء سوياً.
توماس : اوه يا روبرت، هكذا انت دائماً، متهور تصر على رأيك ولا يخيفك اي شيء كما كنت تفعل في افغانستان.
روبرت : لقد قضينا 3 سنوات من عمرنا نقاتل سويةً هناك ثم عدنا الى الوطن. فماذا حصّلنا من تلك الحرب؟ قل لي ماذا استفدنا؟ كما ترى عزيزي نعمل عمالاً في مصنع بائس ورائحتنا نتنة نتقاضى هذه الرواتب الهزيلة كي نبقى على قيد الحياة.
اخرج معطفه من الخزانة الحديدة ولبسه وراح يتمشي نحو البوابة الخارجيه مع صديقه فسمعه يقول،
توماس : هذا حالنا جميعاً وعلينا ان نكون قنوعين بما لدينا، على الاقل خرجنا دون اعاقة بدنية. ولكن على العموم كن متيقضاً هناك وعلى حذر في هيلمان.
افترق الصديقان فذهب روبرت الى مطعم للاكلات السريعة وعمل بعض الجولات المهمة ثم عاد الى منزله ليرى ابنته گرايس منبطحة على عتبة المنزل. ابتسم وقال، "ها هي ابنتي المجنونة تمثل التضور من الجوع كعادتها". ولما قرب منها وقفت، لتحتظنه وقالت،
گرايس : اكاد اموت من الجوع يا ابي، لماذا تأخرت؟
روبرت : بعد ان خرجت من المصنع ذهبت عند سپووكي واشتريت وجبة الدجاج كي نتناولها سوياً.
گرايس : هيا اسرع إذاً فعصافير بطني صارت تصدر اصواتاً مدوية.
روبرت : دعنا ناكل فوراً دون تأخير.
جلس الاب وابنته على الطاولة بداخل البيت وراح يستخرج علب الطعام من الكيس فتتلقفها گرايس وتباشر بتناول البطاطا المقلية ثم صارت تلتهم الدجاج وكأنها لم تذق طعمه منذ زمن طويل قال،
روبرت : على رسلك يا ابنتي لماذا انت مستعجلة هكذا؟
گرايس : يجب علي ان استعد للرحلة. الا زلت على وعدك يا ابي؟
روبرت : بالتأكيد حبيبتي. اليوم سنذهب للغابة ونعسكر هناك. لنبقى حتى مساء يوم الاحد.
گرايس : لقد جهزت الخيم بعض الاطعمة المعلبة وكل ما نحتاج اليه هناك.
روبرت : اتركي علب الطعام جانباً فسوف نتناول طعامنا من نباتات الغابة. فالغابة ملئى بالاعشاب والاطعمة العضوية.
گرايس : هل تفحصت السيارة؟
روبرت : قمت بزيارة حسين الميكانيكي بعد العمل وطلبت منه ان يفحص سيارتي ويتأكد من الزيت والماء فاخبرني بانها ممتازة ومستعدة لرحلة طويلة مثل هذه.
گرايس : ومتى سنشد الرحال إذاً؟
روبرت : اولاً علي ان ارتاح قليلاً بعد هذه الوجبة الدسمة وآخذ حماماً سريع لان رائحتي مقرفة، بعد ذلك نضع الاغراض بالسيارة وننطلق دون اي تأخير.
گرايس : ارجئ راحتك الآن يا ابي وخذ حمامك على عجالة فانا اريد ان استمتع بالمناظر الخلابة على الطريق الى هلمان قبل ان يحل الظلام.
روبرت : إذاً باشري انت بنقل الاغراض اللازمة وضعيها في السيارة بينما اصعد الى الطابق العلوي كي اغتسل.
بعد مرور ساعة كاملة قام الاب وابنته باغلاق باب المنزل وجلسا بالسيارة فنظر اليها وقال، "يا هيلمان، ها نحن قادمين". ادار محرك السيارة وانطلق بها كي تسير بمدينة بيتسبورك متجهةً الى الخط السريع I 32 . جلست گرايس بجانب والدها ووضعت الخرائط على حجرها ثم راحت تعلم المناطق التي سيمرون بها في طريقهم الى هيلمان وبعد ثلاث ساعات قطعوا اكثر من 150 كلم قالت،
گرايس : اوف يا بوب، اشعر بالملل. الطريق يبدو وكأنه لا ينتهي ابداً، متى سنصل هناك؟
روبرت : انتِ المسؤولة عن الملاحة وبيدك الخرائط. بامكانك ان تخبرينا عن موعد وصولنا بالتحديد.
گرايس : لو كنتَ سمحتَ لي ان اجلب هاتفي معي لتمكنت من ان اخبرك عن موعد الوصول بالدقيقة والثانية.
روبرت : گرايس حبيبتي، اردت ان نستمتع برحلة في الطبيعة الجميلة خالية من طنطنة الهواتف وصفارات الانذار المفزعة التي يصدرها ذلك الشيطان اللعين والذي يجعلك تلتصقين بشاشته طوال اليوم. سننعم بهدوء الطبيعة وسنهتم بجميع امورنا بانفسنا. لا حاجة لنا بالفديوهات التافهة التي يرسلها لنا الاصدقاء على التيك توك.
گرايس : لكنك يا ابي ستذهب للغابة خاوي اليدين ولم تجلب معك بندقيتك او مسدسك والناس كلهم يقولون ان هيلمان مكان خطير للغاية، فكيف سندافع عن انفسنا لو هجم علينا اسد او ذئب او دب متوحش؟
روبرت : اطمئني يا حلوتي، المكان خالي من كل هذه الحيوانات المفترسة. نحن بامان. واذا كان ذلك سيريح بالك فقد احضرت معي رسول.
گرايس : رسول هو مجرد خنجر. ماذا سيفعل الخنجر امام انياب حيوان مفترس؟
روبرت : لا تقلقي فكل شيء سيكون على ما يرام، ستكونين بامان.
گرايس : انت لم تخبرني عن سبب تسميتك لهذا الخنجر بـ (رسول). لماذا اسميته بهذا الاسم الغريب يا ابي؟

            

روبرت : عندما كنت اخدم بالجيش في افغانستان، بعثوني بمهمة استكشافية انا وخمسة من زملائي الجنود. كان معنا دليل افغاني يدعى رسول، قمنا باستكشاف المنطقة المحددة بعد سير على الاقدام دام 4 ساعات ثم قررنا العودة الى المخيم. وبطريق العودة داهمتنا مجموعة من مقاتلي طالبان طوقونا من كل الجوانب ثم صاروا يطلقون علينا النار. اشتبكنا معهم باسلحتنا الخفيفة ونلنا منهم الكثير. سقط من عندنا جميع افراد الفريق ولم يبقى على قيد الحياة سواي انا ورسول. وعندما اعتقدنا ان الوضع آمن رجعنا باتجاه معسكرنا لكن آخر مقاتلي طالبان كان جريحاً وما زال حياً. وقتها وقف امامنا يحمل بندقية الكلاشنيكوف يصوبها نحو صدري. تسمرت بمكاني وعلمت ان نهايتي قد حلت لان السلاح الذي كان عندي قد نفذت ذخيرته. بتلك اللحظة المرعبة هجم الدليل رسول على مقاتل طالبان من الخلف واشتبك معه بقتال بالايدي ثم طعنه بخنجره هذا لكن المقاتل قبل ان يموت سحب البندقية من الارض واطلق النار على رسول فارداه قتيلاً ثم مات هو الآخر. لم يرجع الى المخيم بذلك اليوم سواي انا لانني كنت الناجي الوحيد. لذلك احتفظت بهذا الخنجر تكريماً لصاحبه لانه انقذ حياتي. بعد ذلك كان خنجر رسول يصاحبني اينما ذهبت واصبحت بارعاً باستعماله.
گرايس : لكن هذا الخنجر سوف لن يقتل دُبّاً كبيراً.
روبرت : بل سيصطاد الفتيات المشاغبات في سن 14 سنة اللواتي يتحدثن كثيراً ويحشرن انوفهن بكل شيء.
ضحكت گرايس وواصلت النظر الى الخريطة. بعد قليل مروا بيافطة على الطريق كتب عليها "استراحة ڨاولݘيرز". فقرروا التوقف قليلاً هناك لتناول القهوة. صف روبرت السيارة ودخلا المقهى فوجدا سيدة طاعنة في السن واقفة تخدم الزبائن. جلسا امامها على البار فسألتهما،
النادلة : قهوة؟
روبرت : اجل لو سمحت.
صبت لهما قدحين كبيرين من القهوة فامسكا بهما وترشفا منهما. سألت،
النادلة : هل انتما في اجازة؟
روبرت : اجل، نحن قاصدان هيلمان لنخيم هناك في اجازة نهاية الاسبوع.
النادلة : انها ليست بعيدة من هنا. مجرد 30 كلم. ولكن يجب عليكما ان تتوخيا الحذر.
گرايس : نحن لا نؤمن بالخرافات يا سيدتي. فالاشباح لا تؤذي البشر. هكذا قال ابي.
النادلة : لكن البشر هم الذين يؤذون البشر يابنتي.
روبرت : ما قصدك يا سيدتي؟
النادلة : لا شيء اسمحوا لي الآن فلدي الكثير من العمل بالداخل.
نظر روبرت الى ابنته وقال، "تخاريف عجوز". بعد ان فرغوا من تناول قهوتهما قالت،
گرايس : دعنا ننتهي من تلك الكيلومترات الـ 40 اللعينة.
صحح لها المعلومة وقال، "30".
رجعا للسيارة فادار روبرت المحرك وواصلا الرحلة. وبعد 30 دقيقة من السير المضني رأى يافطة كتب عليها "حديقة هيلمان الوطنية". هللت گرايس وصفقت ثم قالت، "اخيراً وصلنا". دخلت السيارة من البوابة الرئيسية وراحت تسير بين الاشجار القصيرة حتى بدأ حجم الاشجار يزداد ارتفاعاً لتصبح طويلة جداً تحجب نور الشمس. بدأ الظلام يخيم على المكان فادار روبرت نور السيارة كي يتمكن من مشاهدة الطريق. استمر في سيره لربع ساعة اخرى حتى رأى لوحة كتب عليها "موقف السيارات". اوقف السيارة هناك وصار يُخرج الاغراض منها فسألت،
گرايس : اين سنخيم يا ابي؟
روبرت : سنسير في الغابة قليلاً حتى نجد موقعاً مناسباً كي ننصب فيه الخيمة. ليس بامكاننا ان نرى الكثير الآن بسبب الظلام لكننا نستطيع ان نغير المكان عندما يحل نور الصباح ونتمكن من ان ننظر حولنا.
گرايس : ليتنا جئنا مبكرين اكثر.
روبرت : ماذا اعمل؟ كنت في المعمل طوال اليوم يا حبيبتي.
گرايس : حسناً دعنا نواصل السير.
سار الرجل وابنته المراهقة لاكثر من ساعة كاملة. كلما وجدوا موقعاً اعتقدوا انه مناسبٌ لهما يكتشفان انه غير مريح بسبب ميلانه او عدم استقامته فيواصلا البحث من جديد حتى نظرت گرايس الى ساعتها وقالت،
گرايس : اتعلم اننا صرفنا ساعة كاملة بسيرنا ولم نجد مكاناً مناسباً نخيم فيه بعد؟
روبرت : ما رأيك بهذا المكان؟
نظرت گرايس حولها وقالت،
گرايس : لا بأس، دعنا نخيم هنا فانا متعبة جداً.
انزلا عدتهما على الارض وراحا يتعاونان في نصب الخيمة واعداد حقائب النوم. وعند الانتهاء من كل شيء دخلا الخيمة واغلقا حقائب نومهما فقال لها،
روبرت : تصبحين على خير حبيبتي.
گرايس : انتظر يا ابي قبل ان تنام، هل تسمع ذلك الصوت؟
روبرت : اجل اسمعه، انه صوت طائر البومة يا حبيبتي، لا تقلقي انها تأكل الفيران فقط. لا تخافي، نامي.
كانت گرايس متعبةً جداً فاسترسلت بنوم عميق فورما اغلقت جفنيها ولم تفتحها الا عندما سمعت اباها يناديها قالت،
گرايس : هل حل الصباح فعلاً؟
روبرت : اجل انها السابعة صباحاً وعليك ان تستيقظي.
گرايس : ليس لدي مدرسة اليوم فلماذا استيقظ مبكرة؟ دعني انعم بنوم قليل يا بوب ارجوك. السرير دافئ.
روبرت : كلا هذا لا يجوز، في الغابة عليك ان تبدأي يومك مبكرة كما هو الحال مع جميع الحيوانات.
گرايس : لكنني لست حيواناً. انا انسانة رقيقة جميلة مهذبة.
روبرت : ستصبحين انسانة رقيقة جميلة مهذبة مبتلة إذا لم تنهظي خلال 3 ثواني من الآن. واحد - اثنان - ثلاثة.
گرايس : حسناً، حسنا ها انذا استيقظت. لا ترمي الماء فوق رأسي ارجوك.
روبرت : إذاً اذهبي واغسلي وجهك واسنانك هناك.
اخذت حاوية الماء وحقيبتها التي تحتوي على مستحضرات التجميل والصابون وما الى ذلك واغتسلت ثم عادت بعد قليل لترى ابوها قد جهز لها بعض البيض المقلي والخبز فجلست على الارض وراحت تأكل افطارها. بعد ان فرغا من وجبة الافطار قال،
روبرت : الآن، يجب عليك غسل الصحون.
گرايس : لماذا لا نجمع الصحون المتسخة ونأخذها معنا ثم فقوم بوضعها بآلة غسل الصحون بالبيت حينما نعود.
روبرت : لم نأتي بالكثير من الصحون معنا لذلك يجب علينا غسلها بعد كل وجبة.
گرايس : ولماذا لا تغسلها انت؟
روبرت : لانني اعددت الافطار. غداً استيقظي مبكرة وحضري لنا الافطار فاقوم حينها بغسل الصحون.
گرايس : كم انت متعب ومكروه يا بوبي لكني احبك كثيراً.
حملت الصحون واخذتها بعيداً ثم راحت تغسلها وعادت بها نظيفة فوضعها بداخل الحقيبة الخشبية المخصصة للطعام ثم قال،
روبرت : هيا گرايس ، لقد حان وقت السير والاستكشاف، الآن دعينا نستمتع بالرحلة.
سار الاب وابنته في الغابة يستكشفان اسرارها مع الاحتفاض ذهنياً بمكان خيمتهم كي يرجعا اليها لاحقاً. ابهرتها مناظر الاشجار والطيور والجداول المائية العذبة. سارا لما يقرب من 5 ساعات كاملة قاما اثنائها بجمع الحشائش والفطر والكثير من الفواكه كي يرجعاها معهما للخيمة. هنا سألت،
گرايس : ماذا سيكون طعامنا اليوم؟ اهي الحشائش وبيض الحمام فقط؟
روبرت : اجل، سنأكل ما تمنحه لنا الطبيعة. سوف اقوم بطهي الاعشاب بشكل جميل وسوف يعجبك كثيراً انا متأكد من ذلك.
گرايس : ابقي الاعشاب لك يا ابي فانا احضرت معي بعض العلب التي تحتوي على اللحم.
روبرت : لماذا فعلت ذلك؟ طلبت منك عدم احضار الطعام معك. انت دائماً تعصين اوامري وتفعلين ما يحلو لك.
گرايس : لولا ذلك لكنت حولتني الى ارنب، اكل الحشائش مثلك. فانا كما تعلم لست نباتية يا بوب.
روبرت : حسناً. ساسمح لك ان تأكلي ما يحلو لك في هذه الرحلة لكن بالمرة القادمة سوف نتناول جميع وجباتنا مما نحصل عليه من الطبيعة.
گرايس : هذا إذا كانت هناك رحلات قادمة. فانا ابنة المدينة ولا يعجبني طعام الطبيعة يا ابي.
روبرت : كفاكِ تذمراً ونحيباً. دعينا نعود للخيمة كي نحضر وجبة الغداء.
رجع الاثنان الى الخيمة وبدأ الاب يعد وجبة لذيذة من الفطر والنعناع وباقي الاعشاب التي جمعاها. وعندما فرغ من اعداد الطعام سألها،
روبرت : الا تريدين ان تتذوقي ما اعددت؟
گرايس : كلا، سافتح علبة لحم البقر وساتناولها مع الخبز.
روبرت : تذوقيها على الاقل، ماذا ستخسرين؟
امسك والدها بملعقة خشبية وغطسها بالمرق الذي اعده فاخذت الملعقة من يده، تذوقتها وقالت،
گرايس : انه حقاً لذيذ. ومع ذلك فانا سعيدة بلحم البقر.
بعد ان انتهوا من تناول وجبتهما حملت الاطباق وذهبت بها الى الجدول القريب وراحت تغسلها كما فعلت في وجبة الافطار. ولما حل المساء دخلا الخيمة واشعلا المصابيح الكهربائية وراح كل واحد منهما يمسك بكتاباً يقرأه. فجأة خطرت فكرة ببالها فسألت اباها،
گرايس : كلما سألتك عن امي كنت تتهرب من الاجابة. هل كنت تكرهها لهذا الحد بحيث لا تريد ان تتحدث عنها؟
روبرت : بالعكس تماماً، انا كنت احب امك كثيراً وموتها تسبب لي بازمة نفسية كبيرة جعلتني ادخل بحزن وكآبة عميقة. تطلب الامر وقتاً طويلاً كي انسى آلامي واضمد جراحي كي اركز على تربيتك.
گرايس : حسناً، اعتقد انك تجاوزت الازمة الآن فلماذا لا تحدثني عنها؟
روبرت : حسناً، دعيني ابدأ من البداية: التقيت امك عندما كانت تعمل نادلة باحدى المطاعم الشعبية ببلدتنا. كانت تتحدث معي كلما دخلت المطعم لاتناول وجبتي هناك. من ابتساماتها كنت اشعر انها تميل الي وانا كذلك. لكنني كنت خجولاً جداً ولم اتمكن من مفاتحتها بمشاعري. في يوم من الايام استجمعت جسارتي وطلبت منها ان تصاحبني للسينما فسألتني عن الفيلم لاخبرها ان اسمه "كاوبوي منتصف الليل للممثل دستين هوفمان" فابتسمت امك وقالت بانها كانت تريد مشاهدة ذلك الفيلم كثيراً لكنها لم تجد من يذهب معها لذلك حُرمت منه. اتفقنا على ان نذهب بنفس الليلة عندما تنتهي من عملها بالمطعم مع الساعة السابعة مساءاً. وقفت امام المطعم ساعة كاملة قبل الموعد اكاد اموت من الشوق للقائها وفي تمام الساعة السابعة والربع خرجت (ليلي) مرتدية ملابس جميلة وتنورة بيضاء قصيرة فابتسمت وسألتني، "متى وصلت الى هنا؟". لم اشأ ان اخبرها بانني وصلت ساعة كاملة قبل الموعد لذلك كذبت عليها وقلت، "وصلت قبل خمس دقائق فقط". ابتسمت وعلمت انني اكذب لانها لمحتني من شباك المطعم لحظة وصولي. ومع ذلك لم تخبرني بذلك حتى وقت لاحق من حياتنا.
گرايس : ومتى تزوجتما؟
روبرت : تزوجنا بعد مرور سنة على علاقتنا الحميمة. انتقلت لتعيش معي بعد مرور ستة اشهر من العلاقة في شقة صغيرة بائسة واخبرتني انها افضل بكثير من منزلها الذي كانت تعاني منه الامرين بسبب تنمر زوج امها عليها. فقد تزوجت منه امها بعد وفاة ابوها بفترة قصيرة. لكنه لم يكن يميل لامك ليلي كثيراً. فكان لا يفوت فرصة الا ويسمعها كلمات جارحة مثيرة للغضب الا انها كانت تجاريه حباً بامها. دعيني اكمل القصة: بعد ان تزوجنا بفترة 6 شهور رزقنا باجمل فتاة في هذه الدنيا واسميناها گرايس لانها كانت هبة من الله.
گرايس : توقف يا بوب. أتقصد انني ولدت قبل الموعد بثلاثة شهور ام انكما كنتما... اقصد كنتما... انت وامي...
روبرت : اجل، حملت امك بك قبل ان نتزوج لكننا كنا متأكدين من اننا سنرتبط بالزواج فلم يكن يهمنا ذلك كثيراً. بعدها توقفت هي عن العمل وبقي اباك يتنقل بين الوظائف المهينة حتى جائت حرب افغانستان فتطوعت للقتال دفاعاً عن الوطن. لكنني علمت وقتها ان الوطن لم يكن لديه اي علاقة بحرب افغانستان لكنني كنت مجبراً على المواصلة بالخدمة العسكرية. وعندما اتممت خدمتي هناك رجعت متلهفاً كي اكون مع اسرتي الصغيرة. وجدت عملاً بعد رجوعي ببضعة ايام ورحت اعمل عدة اعمال صغيرة كي اعيلكما لكن امك اصيبت بالسرطان بعد رجوعي بشهرين فقط. لقد نصحتها طبيبتها كي تعمل عملية ماستكتومي.
قاطعته ابنته وسألت،
گرايس : ما هي عملية الماستكتومي؟
روبرت : انها عملية استئصال الثدي. كان السرطان قد انتشر بكلا الثديين فاستأصلوهما تماماً. شفيت امك من السرطان وفرحت كثيراً وعلمت ان الله استجاب لدعائي. لكن بعد ان اشترينا البيت وبدأنا نستقر بشكل جميل، عاد لها السرطان ليقضي عليها خلال اشهر قليلة. كنت انت في سن 4 سنوات.
گرايس : وكيف كنت تعتني بي وتعمل عملك إذاً؟
روبرت : لقد اعتنت بك احدى جاراتنا التي كان لديها طفل صغير بسنك. فقد كانت من اعز صديقات المرحومة امك، بقيت انا اتنقل من عمل لآخر حتى استقريت بعملي بالمصنع وتمكنت من ان اربيك بنفسي.
گرايس : انت انسان مناضل يا ابي. لكن دعني اسألك بكل صدق، هل عملت اي علاقات عاطفية مع اي امرأة بعد وفاة امي؟
روبرت : بالطبع عملت واحدة فقط.
گرايس : هل اعرفها؟
روبرت : اعتقد انك تعرفيها جيداً. انها شابة جميلة لكنها مشاكسة جداً وعمرها 14 سنة.
گرايس : واسمها گرايس اليس كذلك؟
روبرت : اجل يا حبيبتي. بعد موت امكِ لن تنظر عيني لاي امرأة اخرى فانت ملأتِ عليّ حياتي كلها يا عمري.
احتظنت گرايس اباها وقبلته ثم دخلت فراشها. حاولت ان تغمض عينيها وتنام الا انها لم تتمكن من ذلك. بقيت تفكر بقصة امها وما عاناه والدها بتربيتها، بقيت تستمع لاصوات الصراصير والبوم واصوات تساقط اوراق الاشجار حتى قررت ان تتمشى قليلاً علها تستطيع ان تشعر بالنعاس وتنام. نظرت الى والدها فوجدته غارقاً في نومه كالطفل الرضيع. طبطبت عليه بحنان وقبلته من جبينه وقامت لترتدي حذاءاً رياضياً فامسكت بالكاشف الضوئي وخرجت من الخيمة. سارت قليلا بين الاشجار حتى سمعت صوت دبيب حيوان بالقرب منها فاصيبت بالهلع. استدارت ورجعت تركض نحو الخيمة لكنها من فرط سرعتها هوت ليرتطم وجهها بالتراب. فجأة حست بحرقة كبيرة في ساقها. شعرت وكأن جمرة نار قد مست جلدها فصرخت باعلى صوتها. سمعها ابوها وخرج من الخيمة يجري لنجدتها. رآها جالسة على الارض تمسك بساقها وتتألم. سألها،
روبرت : ماذا بك يا گرايس؟ لماذا انت بالخارج؟
گرايس : لقد احترقت ساقي. اشعر وكأن جمرة قد لامسته.
روبرت : دعينا نعود للخيمة ساتفحصه جيداً هناك، هل بامكانك السير؟
گرايس : كلا يا ابي كلا.
روبرت : إذاً دعيني احملك.
حمل روبرت ابنته من على الارض وارجعها الى الخيمة ثم فتح المصباح الكهربائي الذي بالخيمة ليتفحص الاصابة فرآها قد تحولت الى بقعة زرقاء كبيرة قال،
روبرت : لقد لدغك شيئاً ما، اغلب الظن انه عقرب.
گرايس : هل ساموت يا ابي؟
روبرت : هذا هراء. اي موت هذا؟ انا ساعالج الامر. استلقي انت وارجعي رأسك الى الخلف. سافتح فتحة صغيرة لازيل السم منه. ربط ساقها من الاعلى على شكل (تورنيكي) ثم شق مكان اللدغة وقام بمص السم من ساقها وقام ببصقه على الارض واعاد العملية عدة مرات حتى خلت ساقها تماماً من السم.
روبرت : سنعود الى بيتسبورك غداً صباحاً فور انكشاف الظلام.
گرايس : اجل يا ابي، انا لا اريد هذه الاجازة اللعينة.
فجأة سمعا اصوات رجال يتكلمون من مسافة بعيدة جداً فنظرت لابوها بهلع وسألت،
گرايس : هل سمعت ذلك يا ابي؟
روبرت : اجل سمعت. ربما هؤلاء سواح مثلنا جائوا ليخيموا بالمنطقة.
گرايس : ومن قال انهم طيبون؟ قد يكونوا اشراراً يا ابي. انا خائفة جداً، انهم سيقتلوننا.
روبرت : ابقي انت هنا ولا تخرجي من الخيمة ساستقصي الامر واعود فوراً.
گرايس : ارجوك يا ابي لا تتأخر فانا اكاد اموت من الرعب.
فتح الحقيبة واخرج رسول ليضعه بداخل سرواله ثم امسك الفانوس الكهربائي وسار باتجاه الاصوات. ولما اصبح على مقربة منهم اطفأ الفانوس وواصل التقرب منهم في الظلام كي لا يشعروا به فسمع الاول يقول،
الاول : اليوم سنقتل نوح اللعين، دعه ينام اولاً ثم نقوم بالانقضاض عليه فيما بعد.
الثاني : ولماذا لا نهاجمه الآن؟
الثالث : لانه مسلح يا غبي.
سمع روبرت ذلك واصيب بالرعب. هذه المجموعة تريد النيل من شخص وينوون قتله. يجب علينا الفرار منهم لانهم مسلحون وبامكانهم ان يقتلونا لو عرفوا بوجودنا بالغابة فاننا سنكون شهوداً على جريمتهم. يجب ان ارجع الى گرايس لاخذها ونعود فوراً. رجع رويبرت الى الخيمة فقال لابنته،
روبرت : قومي يا گرايس ، المكان ليس آمناً. هناك مجرمين يريدون قتل شخص ما. لذلك يجب علينا ان نرحل. لكن هناك مشكلة.
گرايس : ما هي المشكلة؟
روبرت : المجرمون آتون الى هنا من اتجاه موقف السيارات. وبمعنى آخر فاننا لا يمكننا الرجوع للسيارة. لذلك سوف نسير بالاتجاه المعاكس.
گرايس : وبعد ذلك؟
روبرت : لا اعلم. المهم اننا نبتعد عن طريقهم والا اصابونا بمكروه. والآن، هل بامكانك السير على قدميك؟
گرايس : دعني اجرب. اسندني كي اقف يا ابي.
امسكت بيد والدها ووقفت فقالت،
گرايس : لا بأس، بامكاني السير ولكن يجب ان اتكئ على كتفك هيا نخرج ولكن ماذا عن الاغراض والخيمة؟
روبرت : فلتذهب الاغراض الى الجحيم دعنا نهرب من هذا المكان وننقذ ارواحنا.
خرج روبرت من الخيمة تمسك ابنته بكتفه ليسيرا مبتعدين عن طريق المجرمين. وبعد مرور ما يزيد من سير نصف ساعة صارت گرايس تشعر بالدوار فقالت لوالدها،
گرايس : لا اعلم ماذا وقع لي فانا اشعر بدوار شديد.
وضع يده على جبينها فشعر بحرارتها المرتفعة قال،
روبرت : يبدو انني لم اتخلص من كل السم الذي كان بالجرح. واصلي السير قليلاً حتى نجد مكاناً آمناً وساقوم بمص باقي السم من ساقك ثانية.
نظرت اليه بعينيها الواهنتين وقالت،
گرايس : انظر يا ابي هل انا اهذي ام ان هناك ضوء يأتي من بعيد؟
نظر الاب في الاتجاه الذي كانت تشير اليه باصبعها فرأى الضوء هو الآخر قال،
روبرت : اجل، اجل اراه ولكن يجب ان اتقرب منه بحذر فقد تكون هناك مشكلة من ورائه. اجلسي انت هنا على الارض وساذهب لاستكشف الامر.
جلست گرايس على الارض في الظلام بينما سار اباها نحو الضوء فتبين له انه كوخ صغير. طرق الباب فخرج له رجل مسن تملأ وجهه لحية بيضاء طويلة وجه بندقيتة بوجه روبرت وقال،
المسن : من انت وماذا تريد؟
روبرت : استسمحك عذراً سيدي. لقد جئت مع ابنتي بالامس كي نخيم هنا لكننا جابهنا مشاكل كثيرة وقد لسعت ابنتي عقرب فهي لا تقوى على السير. هل بامكانك ان تساعدنا؟
المسن : اجل، اجل احضرها للداخل.
رجع روبرت الى ابنته وساعدها بالوقوف متوكئة عليه ليدخلا الكوخ فاجلسها الرجل على كرسي ونظر الى ابوها ليسأله،
العجوز : ما اسم ابنتك؟
روبرت : اسمها گرايس وانا اسمي روبرت.
نظر العجوز لگرايس وقال ارفعي سروالك الى الاعلى يا گرايس ودعيني انظر الى المكان الذي لسعتك منه العقرب. رفعت سروالها فتفحصه عن كثب ثم راح يضغط عليه من الاطراف فصرخت گرايس لكن اباها طلب منها ان تصمد. نظر المسن الى روبرت وقال،
المسن : انها ليست لسعة عقرب. التي عضت ابنتك سحلية نادرة ليست موجودة بالكثير من المناطق بامريكا.
گرايس : هل هذا يعني انني ساموت؟
المسن : كلا يا صغيرتي، ساهيء لك ترياقاً خاصاً سيحارب السم الذي حقنتك به تلك السحلية اللعينة.
دخل الرجل الى مطبخه فتبعه روبرت كي يساعده. سحب قارورة زجاجية من الرفوف العليا واخرج اوراق اشجار وضعها بدورق ثم مد يده على قارورة ثانية ليخرج منها غباراً اصفر صبه فوق الاول وجلب المزيد من المواد ليضعها بداخل الدورق وسخن بعض الماء ثم صبه فوق الجميع ليجعل منه مزيجاً بني اللون وراح يخلطه بقوة ثم نظر الى روبرت وقال،
المسن : رجائاً واصل التحريك بينما اجهز لها بعض الضمادات.
اخرج احد قمصانه وراح يقطعه طولياً حتى حصل على اربعة منها. اخذ الدورق من روبرت ونظر اليه وقال،
المسن : اصبح الترياق جاهزاً.
نظف مكان اللسعة بصب بعض الكحول فوقه فصرخت گرايس من الالم. بعد ان جف الكحول راح يخرج الخليط بملعقة ويضعه على مكان اللسعة حتى غطاه تماماً ثم صار يربطه بالضمادات. وقف واخرج زجاجة مشروب فصب منها بملعقة وسقاها لگرايس قال،
المسن : هذا كونياك سيساعدها على الشفاء.
تناولت گرايس الملعقة بصعوبة لان مذاقه كان لاسعاً لكنها اضطرت ان تتجرعه. هنا قال الرجل،
المسن : دثرها جيداً الآن ودعها تنام. فسوف يسير الترياق بدورتها الدموية وسيحارب السم. ستنام نوماً هانئاً وستستيقظ غداً وكأن شيئاً لم يكن.
روبرت : انا شاكر لافضالك سيدي.
المسن : لا شكر على واجب. يبدو عليك التعب يا بوب. يجب ان تأخذ قسطاً من الراحة انت ايضاً. اذهب واستلقي فوق ذلك السرير وساقوم بمراقبة ابنتك.
روبرت : شكراً لك يا...؟ لم اتعرف على اسمك سيدي؟
المسن : هذا غير مهم.
روبرت : على العموم اود ان اعلمك بشكري وامتناني لانك انقذت حياة ابنتي.
استلقى على السرير ونام نوماً عميقاً. وبعد مرور بضع ساعات استيقظ روبرت على اصوات ضجيج ففتح عينيه ليرى الرجل المسن يجهز بندقيته فسأله،
روبرت : ما الامر يا سيدي؟ ماذا تفعل بهذه البندقية؟
المسن : هناك بعض من الاشرار يريدون النيل مني.
القى روبرت نظرة من الشباك وصار يمسح المكان بناظريه حتى لمح واحداً من الاشرار وتعرف عليه. انه احد افراد العصابة التي رآها عندما خرج ليتفقد الامر قال،
روبرت : لقد سمعت هذه العصابة تتحدث وتقول انهم جائوا لقتل شخص يدعى آدم.
المسن : انا آدم، انهم يريدون قتلي، كم كان عددهم؟
روبرت : اربعة رجال. ولكن لماذا يريدون قتلك؟ اهو دين قمار مثلاً؟
آدم : كلا انه شيء مختلف تماماً. والآن ابقى في الخلف ودعني اقاتل هذه الكلاب الضالة.
روبرت : هذا مستحيل. ساقاتل معك.
آدم : انا المستهدف هنا وانت شخص لا علاقة لك بالامر.
روبرت : لكنهم إذا قتلوك فسوف لن يرف للمجرمين طرف كي يقتلونا فهم لن يتركونا احياءاً لاننا شاهدان على جريمتهم. لذلك يجب علي ان اقف معك بالقتال.
آدم : هل تجيد استعمال السلاح؟
روبرت : اجل، لقد خدمت بالجيش وبامكاني استعمال جميع انواع الاسلحة.
آدم : حسنا هناك مسدس تحت مخدتي. اما انا فساستعمل البندقية هذه.
فجأة سُمِعَ احد المجرمين ينادي ويقول،
المجرم : جئتك يا آدم لاقتلك اليوم ايها العجوز الحقير الخرف.
فرد عليه آدم من داخل الكوخ وقال،
آدم : بامكانك ان تحاول لكنك لن تفلح. ساقتلك اولاً واقتل زبانيتك القذرين معك.
بدأ المجرمون باطلاق الرصاص من بنادقهم الآلية فاخفض آدم وروبرت رأسيهما وسط زخات الرصاص فراحت الطلقات تصيب الاثاث بالمنزل لتكسره. ناداه من خارج الكوخ وقال،
المجرم : هل اصبت مؤخرتك المترهلة ايها العجوز القذر؟
لكن آدم لم يجبه فقط رفع بندقيته واطلق رصاصة اصابت احد افراد العصابة. جن جنون العصابة وصاروا يرمون بشكل مكثف لكنهم لم يصيبوا احداً. بعد ان هدأ القصف رفع روبرت رأسه فوجد احد افراد العصابة قد اصبح بجانب الشباك مباشرة. صوب المسدس نحوه واطلق عليه رصاصة ليصيبه برأسه. هنا صرخ آدم وقال،
آدم : تراجع يا كاين فانت ستقتل وسيموت جميع من معك.
كاين : سوف لن اتراجع عن قتلك اليوم مهما كلفني الامر ايها العجوز الحقير.
لما سمع روبرت بهذا كلام سأل،
روبرت : أتعرف المجرم يا آدم؟
آدم : اجل انه ابني كاين.
روبرت : لماذا يضمر اليك ابنك الضغينة ويريد قتلك؟ ولماذا وصلت بينكما الامور لهذا الحد يا آدم؟
آدم : انها قصة سيطول شرحها الآن علينا ان نقاتلهم كي نحمي انفسنا. ليس هناك مجال للرحمة. اطلق كي تقتل افهمت؟
روبرت : اجل فهمت. لانهم سيقضون علينا جميعاً ان لم نقتلهم.
هدأ اطلاق النار قليلاً فقلق روبرت وفكر، "لماذا توقفوا؟ دعني ارفع رأسي والقي نظرة سريعة". رفع رأسه فرأى من الشباك احدهم ممسكاً بقنينة ملئى بالوقود تتدلى منها خرقة بيضاء وآخر ممسكاً بعود ثقاب يهم بشعل الخرقة فعلم انه يجب ان يوقف ذلك والا فانهم سيرمون زجاجة المولوتوف على الكوخ وسيقضون عليهم وعليه ان يحرز تقدم لذا هدف بمسدسه واطلق على الذي يحمل الزجاجة فاصابه بذراعه التي يحمل بها الزجاجة المشتعلة لتسقط من يده وتنكسر تحت قدميه فتشب به النيران ويركض بعيداً ثم يسقط منبطحاً على الارض. نظر روبرت الى آدم وقال،
روبرت : لا يمكنني ان ابقى بداخل الكوخ والمهاجمين يحاولون قتلنا. ساخرج لهم بنفسي واحاول اصطيادهم في الخارج.
آدم : حسناً ساقوم بفتح نار مكثف من بندقيتي كي اشكل لك غطائاً تتمكن من خلاله الخروج من الكوخ دون ان يروك.
روبرت : لو اصبت باي مكروه ارجوك اعتني بابنتي.
آدم : لا تقلق يا بوب فابنتك امانة في عنقي.
امسك بالمسدس ثم صار يحبو صوب باب الكوخ فتح الباب ثم نظر الى آدم واومأ برأسه بمعنى انا جاهز. وقف آدم بالشباك وفتح نيران بندقيته بشكل مكثف فتوارى افراد العصابة بينما فتح روبرت الباب وخرج منها ليختبئ خلف احدى الاشجار ثم تسلل قليلاً ليختبئ وراء شجرة ثانية وثالثة حتى اصبح خلف المجرمين تماماً. اخرج المسدس واطلق رصاصة على احد المجرمين فاصابه بظهره ليسقط على الارض. ادار قائد العصابه كاين بندقيته الآلية وصار يطلق نيرانها المكثفة صوب روبرت فسمع روبرت صوت بندقية آدم تصيب آخر اعوان زعيم العصابة ليبقى الزعيم وحده في الساحة. ركض الزعيم صوب الكوخ وفتح النار على آدم فاصابه وطرحه ارضاً ثم دخل الكوخ. تفحص روبرت مسدسه فعلم انه استنزف جميع عتاده ولم يبقى منه شيئاً فرماه على الارض. علم ان المجرم اصبح بالقرب من ابنته گرايس لذلك تقرب من الكوخ وناداه من بعيد، "اسمع ايها المجرم كاين، لا تقرب من ابنتي والا ساقطعك ارباً، انت لا تعرف مع من علقت".
خرج المجرم ممسكاً بگرايس ومسدسه موضوع على رأسها. تقدم نحو روبرت وقال،
كاين : ابتعد الى الوراء هيا والا سوف اقتل ابنتك.
روبرت : حسناً، حسناً سارجع ولكن ارجوك لا تؤذها فهي مصابة وقد لسعتها سحلية.
كاين : وهل تعتقد ان ذلك يهمني؟ تلسعها سحلية، يلسعها ثعبان انها مجرد تذكرة ساستعملها كي اخرج من هنا.
بهذه الاثناء زحف آدم خارج الكوخ وهو مصاب واطلق رصاصة من بندقيته لكنه اخطأ الهدف ولم يصب المجرم فالتفت كاين واطلق رصاصة جديدة على آدم ليصيبه اصابة مباشرة ثم ارجع مسدسه وصوبه نحو رأس گرايس . فعلم روبرت ان الامر اسوأ مما كان يظن وانه سيخسر ابنته لا محال. لذلك عليه ان يحاول اقناع المجرم بترك ابنته. سار المجرم ومعه گرايس يتبعهما روبرت حتى وصلا الى موقف السيارات. ركبا السيارة وانطلقا بها خارجين من المراب. ركض روبرت نحو سيارته وادار المحرك ثم انطلق كي يتبعهما لكن شاحنة كبيرة ضهرت امامه لتسد الطريق. بقي روبرت يطلق زمارة سيارته كي تبتعد الشاحنة لكنها وقفت تماماً وخرج منها السائق متجهاً الى روبرت ويقول،
السائق : لقد عطلت الشاحنة سيدي ارجو منك المعذرة.
روبرت : اي معذرة هذه؟ لقد خطفوا ابنتي وانت اغلقت علي الطريق.
السائق : انا آسف سيدي ولكنني لم اقصد ان اغلق الطريق امامك. ساحاول ان اصلح العطل بسرعة.
نزل روبرت من سيارته وهو بغاية الغضب لان المجرم خطف ابنته وهرب الى جهة مجهولة وليس هناك طريقة لابلاغ الشرطة فهو لا يملك هاتفاً. هنا تذكر ان سائق الشاحنة ربما يحمل هاتفاً نقالاً فسأله،
روبرت : هل لديك هاتف نقال لاستعيره منك؟
السائق : كلا.
روبرت : ماذا لو احتجت الى مساعدة؟
السائق : لدي جهاز لاسلكي اتمكن من خلاله التحدث مع مركز الشركة التي اعمل بها. وبامكاني ان أطلب به النجدة.
روبرت : إذا ارجوك اطلبهم ودعني اتحدث معهم.
اتصل السائق مع مركز الشركة واعطى الجهاز لروبرت فسأل،
روبرت : سيدتي هل بامكانك ان تتصلي بالشرطة؟
موظفة : بالتأكيد سيدي، ما هي المشكلة؟
روبرت : نحن الآن في ومقف السيارات لحديقة هيلمان الوطنية وقد قام احد المجرمين بخطف ابنتي وهرب بسيارته.
موظفة : هل لديك اوصاف السيارة؟
روبرت : انها سيارة سوداء من نوع جي ام سي.
موظفة : هل اخذت الرقم؟
روبرت : كلا.
موظفة : حسناً ساخبر الشرطة وسارجع اليك سيدي.
انتظر بضع دقائق حتى سمع الموظفة تناديه ثانية فقال،
روبرت : انا هنا سيدتي.
موظفة : تسأل الشرطة عن الاتجاه الذي سلكه الخاطف.
روبرت : لا اعلم لقد اسدل نظري سائق شاحنتكم اللعينة ولم اتمكن من مشاهدة الاتجاه الذي سارت به السيارة.
موظفة : لحظة من فضلك ساخبر الشرطة بذلك.
بعد قليل عادت واخبرت روبرت بان الشرطة اصبح لديها علم بكل شيء.
وقف روبرت يفكر لكنه تذكر ان الرجل العجوز آدم كان ابو الجاني وربما لديه بعض الادلة والمعلومات بداخل الكوخ قد تشير الى المكان الذي ذهب اليه المجرم كاين.
رجع ادراجه راكضاً الى الغابة فشاهد جثث المجرمين مبعثرة حول الكوخ وكان من ضمنها الجثة المتفحمة على الارض ولا زالت بعض السنة اللهيب تخرج منها. دخل الكوخ فنظر الى جثة آدم وراح يتفحص الكوخ ويفتش بارجائه. فجأة سمع صوتاً اصدره آدم. "يا الهي آدم لا زال حياً". آدم سيدي استيقض.
آدم : انا لم امت بعد. هل انت وابنتك بخير؟
روبرت : كلا سيدي. لقد خطف ابن الزانية كاين گرايس وانطلق بسيارة في اتجاه مجهول. سامحني على ما قلت.
آدم : انا انزف كثيراً الا تفحصت جرحي يا روبرت؟
تفحص روبرت جسد آدم فوجده مصاباً برصاصتين احداها بكتفه الايمن واحداها بساقه.
روبرت : انت مصاب برصاصتين لكنها ليست بليغة سانقلك للمشفى الآن.
اخذ آدم الرجل المسن وسار معه ببطئ شديد راجعاً الى موقف السيارات. ولما وصلا هناك وجد الشاحنة قد غادرت فعلاً وان الطريق سالك كي يخرج من المراب. اجلس آدم بجانبه وادار محرك السيارة فسأله،
روبرت : هل تعرف مكان اقرب المشافى من هنا؟
آدم : اجل استدر بالاتجاه الايسر.
سار ربورت بسيارته وصار يتتبع ارشادات آدم حتى وصلا الى المشفى وفور وصولهما تلاقفه فريق المسعفين الى الداخل وراحوا يسعفونه بينما ابقوا روبرت خارج ردهة الاسعاف. وبعد ساعتان خرج الطبيب وقال لروبرت،
الطبيب : لقد قمنا باخراج رصاصة من كتفه. اما الرصاصة التي اصابت ساقه فقد اخترقت الساق وخرجت وحدها.
روبرت : هل هو بخير؟ وهل استطيع ان اتحدث اليه؟ هو الوحيد الذي يمكنه ان ينقذ ابنتي من الخاطفين.
الطبيب : لقد فقد المريض الكثير من الدم ويحتاج الى الراحة. بامكانك التحدث اليه ولكن بصورة مقتضبة.
روبرت : ساوجز الكلام يا دكتور اعدك بذلك.
دخل روبرت ليجد آدم مستلقياً على السرير. فتح عينيه فقال له،
روبرت : ارجوك يا آدم، اتعرف اين اخذ كاين اللعين ابنتي؟
آدم : ابنتك ببيت كاين في فورت كولنز. بشارع بلاكبري رقم 1.
روبرت : ساذهب اليه فوراً.
آدم : توقف، لا يمكنك ان تذهب بهذه الحالة، يجب ان تكون مسلحاً.
روبرت : ساتدبر امري.
رجع روبرت الى سيارته وقادها رجوعاً الى بيتسبورك وتوجه مباشرة الى منزل صديقه توماس فقرع الجرس. انتظر قليلاً حتى خرج له صاحبه على الباب وقال،
توماس : اهلاً روبرت، هل رجعتما من رحلتكما فعلاً؟
روبرت : اترك عنك هذا الامر. لدي شيء مهم جداً اريد ان احدثك به. هل تأذن لي كي ادخل دارك؟
توماس : اجل اجل بالتأكيد تفضل يا ربورت، انت لا تحتاج الى اذن مني كي تدخل فالبيت بيتك. (مي كاسا سو كاسا)
دخل الرجلان غرفة الصالة فاستقبلتهما زوجة توماس ورحبت بروبرت ثم عرضت عليه مشروباً فطلب منها قهوة. ذهبت للمطبخ كي تحضرها فجلس روبرت وتوماس ليفتح الحديث قال،
روبرت : عندما كنا في هيلمان. تعرضنا لاعتداء كبير من قبل عصابة وقد اختطف رئيس العصابة ابنتي والآن اريد منك ان تعيرني اقوى سلاح لديك.
توماس : يا الهي، الم انصحك بعدم الذهاب الى هناك؟ الم اقل لك ان المكان خطير جداً؟ اسمع لدي بندقية ام 16، هل تفي بالغرض؟
روبرت : اجل، اجل هذا رائع.
توماس : انتظر قليلاً هنا، سارجع فوراً.
روبرت : لا تنسى ان تجلب معك بعض العتاد.
خرج توماس من الصالة بينما دخلت زوجته بالقهوة واعطتها لروبرت ثم غادرت. بعد قليل رجع توماس حاملاً بندقيتين ام 16 ومعه اربعة علب عتاد وسترتي كاڨلار ضد الرصاص فقال له روبرت،
روبرت : احتاج واحدة فقط .
توماس : بل واحدة لك وواحدة لي. انا سأتي معك هذه المرة كي نخلص گرايس من ايدي المجرمين.
روبرت : كلا يا صديقي. هذه مشكلتي انا وسوف استرجع ابنتي وحدي. عليك ان تبقى مع عائلتك هنا يا توماس.
توماس : لكنك انت ايضاً فرداً من افراد عائلتي. وسوف لن اسامح نفسي ان وقع لك مكروه وانا لم اقدم لك يد المساعدة. سوف اتي معك وسوف نسترجع گرايس من ايدي اولاد العاهرت رضيت ام ابيت. سوف نقاتل جنباً الى جنب كما كنا نفعل بالماضي.
روبرت : ولكن هل اخبرت زوجتك بذلك؟
بهذه اللحظة دخلت عليهم زوجة توماس مبتسمة وقالت،
زوجة توماس : لقد سمعتكما تتحدثان. لو كنت انا التي تعرضت للاختطاف يا روبرت، فانت كنت ستهرع لمساعدة صاحبك كي ينقذني اليس كذلك؟
روبرت : طبعاً، طبعاً هذا غني عن القول.
زوجة توماس : إذاً اذهبا واجلبا الطفلة فهي بالتأكيد خائفة الآن.
روبرت : اعدك يا سيدتي انني سارجع لك زوجك سالماً.
سأل روبرت صاحبه،
روبرت : هل لديك نظام تحديد المواقع العالمي؟
توماس : ساجلبه من سيارتي انتظرني قليلاً.
ركب الرجلان سيارة روبرت فادار المحرك واتجه نحو الطريق الخارجي ثانية فسأل،
توماس : اتعرف اين احتجزوا گرايس ؟
روبرت : اجل انها بفورت كولنز بشارع بلاكبري رقم 1.
توماس : وكيف عرفت العنوان بهذه الدقة؟
روبرت : لقد اعطاني العنوان والد الخاطف.
توماس : هل قمت بتعنيفه كي يعطيك العنوان؟
روبرت : كلا. القصة طويلة وانا لست بحالة نفسية تسمح لي ان اقص عليك كل شيء الآن. دعنا نتهيأ لأن نخوض حرباً مع العصابة.
توماس : نسيت ان اخبرك عن شيء مهم جداً. لقد احضرت لك معي هدية.
روبرت : وهل هذا وقت الهدايا يا توماس؟ انا قلق على ابنتي وانت تأتي لي بهدايا؟
توماس : ستعجبك هذه الهدية انظر.
مد يده بجيبه واخرج اربعة قنابل يدوية ثم عرضها على صاحبه روبرت. ابتسم روبرت وقال،
روبرت : انت حقاً صاحبي. انها اجمل هدية شكراً. ساخذ اثنتان وابقي معك اثنتان.
توماس : في السابق كنا نقاتل الافغان اعداء امريكا واليوم سنقاتل الامريكيين اعدائنا اليس ذلك مضحكاً يا بوب؟
روبرت : اجل انها كذلك.
سكت الاثنان وركز روبرت على القيادة حتى وصلا الى مدينة فورت كولنز. بقي يتتبع نظام تحديد المواقع العالمي حتى قاده الى موقع البيت فاوقف السيارة ونزلا منها قال،
روبرت : دعني القي نظر حول المكان قبل ان نبدأ بالهجوم. استدر انت يا توم واذهب خلف الدار بينما ادخل انا من الامام ولكن كن على حذر شديد.
توماس : لا تقلق من اجلي. ستكون هذه العملية كالتجول بالمنتزه.
ذهب توماس بعيداً ليصبح خلف البيت. بينما فتح روبرت الباب الامامي ودخل فلم يجد احداً هناك. سار قليلاً حتى وجد سلماً يؤدي الى الطابق العلوي فتسلقه وصار يفتش في غرف النوم العلوية. فجأة سمع اصوات حديث تأتي من الطابق السفلي فتتبع تلك الاصوات حتى اتضح امامه منظر رئيس العصابة مع ثلاثة من اعوانه وقد قاموا باجلاس ابنته گرايس على كرسي وراحوا يتحدثون فيما بينهم. قال احدهم،
المجرم : لماذا احضرت هذه العاهر الى هنا، اليس لدينا ما يكفي من المشاكل؟
كاين : لو لم افعل ذلك لشهدت عليّ فقد رأت وجهي وانا اتقاتل مع ابوها وآدم العجوز.
المجرم : ولماذا لم تقتلهما؟
كاين : لقد قتلت آدم واصبته برصاصة مباشرة لكن اباها مازال حياً.
المجرم : لكنك اقترفت خطئاً فادحاً بجلبك لتلك الفتاة الى هنا. دعنا نقتلها ونرتاح منها.
كاين : حسناً، خذها انت بالسيارة واقضي عليها بمكان بعيد عن هنا. تأكد ان لا يراك احد.
سمع روبرت ذلك فقال بسره، "سوف لن اسمح لك ان تؤذي ابنتي ايها القذر". نزل من السلم ببطئ شديد ودخل عليهم وصار يطلق النار فامسك كاين بگرايس وخرج بها الى خارج الغرفة وقبل ان يخرج من الباب الخارجي للمنزل سمع صوت انبوب حديدي يسقط على رأس كاين واذا به توماس. ابتسم توماس وهو ممسكاً بالانبوب وقال "لقد استلقى صاحبك كاين كما تنام الامير النائمة". ركضت گرايس الى والدها واحتضنته فراح يقبلها ويمسد على رأسها ثم قال، "اذهبي واجلسي بسيارتي بالخارج فانا وعمك توماس سنلقن من تبقى من المجرمين درساً قاسياً. مازال هناك المزيد منهم بالغرف المجاورة وهم جميعاً مسلحين". خرجت گرايس وركضت نحو سيارة ابيها فجلست بداخلها. رجع روبرت وتوماس واعدوا استراتيجية للقتال. دخل توماس احدى الغرف بينما دخل روبرت من الباب الامامي للصالة فرأى المزيد من افراد العصابة مقبلين امامه. رفع احد افراد العصابة بندقيته واطلق رصاصة على روبرت فلم تصبه فتوارى. ركض افراد العصابة ليتواروا هم ايضاً وبدأ تبادل اطلاق النار. وما ان ابتدأوا حتى سمعوا اصوات بندقية توماس تأتيهم من الغرفة المجاورة فقال احد الافراد، "نحن محاصرون من الامام ومن الخلف". انتفض كاين من الارض وهو يمسح برأسه من اثر الضربة ونادى عليهم قائلاً، "الكل يصمد يا رجال لا تبرحوا اماكنكم". هجمت مجموعة من ثلاث رجال على توماس فالقى عليهم قتبلة يدوية ليستلقوا جميعاً على الارض ثم هجم اثنان على روبرت وفتحوا النار فصار روبرت يتلقطهم الواحد تلو الآخر ببندقيته. استمر القتال بين الطرفين لاكثر من نصف ساعة اصيب خلالها جميع افراد العصابة بين قتيل وجريح ولم يبقى سوى زعيمهم كاين الذي علم انه هالك لا محال اذا بقي بداخل البيت فقرر ان يخرج الى الخارج ويهرب. لمحه روبرت وهو يهرب فتبعه الى الخارج وصار يركض ورائه حاملاً بندقيته الآلية. لكن عندما اصبحاً وجهاً لوجه ضغظ روبرت على زناد البندقية لكنها لم تطلق النار لان مخزنه من الرصاص قد نفذ فرماها على الارض. بهذه اللحظة استغل كاين الامر وركض الى سيارة روبرت فتح الباب وامسك بيد گرايس ليخرجها من السيارة ثم وضع خنجره على عنقها وقال لابوها.
كاين : تراجع ايها الحقير والا قتلت ابنتك امامك.
روبرت : حسناً، حسنا لا تؤذها ارجوك.
كاين : عليك الآن ان تودع ابنتك فسوف آخذها بعيداً وسوف لن تراها مدى الحياة.
وضع روبرت يده اليمنى خلف ظهره وامسك برسول ثم قال،
روبرت : حسنا اسمعي مني يا ابنتي اريدك ان تكوني مطيعةً لهذا الرجل كاين لانه إذا لم تسمعي كلامه فسوف لن يعطيك الطعام لذا سوف تتضورين جوعاً.
علمت ابنته ان اباها يريد ايصال رسالة مشفرة اليها وهو يطلب منها ان تنبطح على الارض كما كانت تفعل بالسابق. فانبطحت على الارض بسرعة ليصبح كاين واقفاً منكشفاً امام مرمى روبرت فقام روبرت بالقاء خنجره رسول على كاين ليصيبه برقبته فيسقط على الارض. ركض روبرت نحو ابنته وسحبها بعيداً عن كاين ثم سار نحوه وهو مستلقياً على الارض سابحاً بدمه ينازع. حاول ان يضغط على رقبته كي يوقف تدفق الدم لكن كاين كان قد فارق الحياة فعلاً. وقف روبرت وامسك بيد ابنته ورجعا الى المنزل كي يبحثا عن صديقه توماس فدخلا من الباب الامامية ثانية وراحا يبحثان عنه بكل الغرف حتى عثرا عليه جالساً باحدى الزوايا وقد اصيب بطلق ناري بكتفه فهرع نحوه وقال،
روبرت : هل انت بخير يا توم؟
توماس : اجل انا بخير لا تقلق من ناحيتي. هل انقذت گرايس من يد المجرمين؟
روبرت : اجل گرايس بخير انها معي. تعال يا صديقي دعني اخذك الى المشفى.
اوقف روبرت وابنته توماس وسارا به الى السيارة ثم ادار المحرك ليذهبا للمشفى. ولما وصلا المشفى دخلا باب الطوارئ ونادى روبرت باعلى صوته، "ساعدوني ارجوكم لدي جريح" فهرع المسعفون والاطباء اليه ليضعوا توماس فوق سرير نقال واخذوه الى ردهة الطوارئ وهم يركضون. بقي روبرت واقفاً خارج الردهة مع ابنته ينتظران النتيجة. وبعد ساعتين خرج الطبيب فسأله،
روبرت : هل كل شيء على ما يرام؟ هل سيعيش صاحبي؟
الطبيب : لقد اخرجنا الرصاصة من كتفه ولكن صاحبك قوي جداً. نقلنا له الكثير من الدم والآن هو بالعناية المشددة. يبدو انه سيعيش.
روبرت : شكراً لك يا دكتور. هل بامكاني ان اراه الآن؟
الطبيب : كلا ليس الآن. يجب عليه ان يرتاح. بامكانك زيارته غداً.
قالها الطبيب وسار بعيداً في الممر. نظر روبرت الى ابنته وقال،
روبرت : دعينا نذهب الى غرفة العم آدم لنزوره.
سار روبرت وابنته حتى وصلا الى الصالة الرئيسية فسأل موظفة الاستعلامات عن آدم قالت انه بغرفة رقم 302 بالطابق الثالث. صعدا بالمصعد للطابق الثالث وطرق روبرت الباب فاذن له فدخل وبقيت گرايس خارج الغرفة فرأى آدم يتناول طعامه قال،
آدم : ادخل يا بوب، هل تمكنت من انقاذ ابنتك؟
روبرت : اجل لقد انقذتها وهي واقفة خارج الغرفة.
آدم : وماذا تنتظر؟ ادخلها رجاءاً.
خرج روبرت واستدعى ابنته لتدخل على آدم فحيته قال،
آدم : انا سعيد لانك بخير يا ابنتي. كيف هي ساقك؟ هل لازالت تؤلمك؟
گرايس : كلا يا عمي. كانت وصفتك سحرية حقاً. لقد ازالت كل السم منها.
آدم : كنت متأكداً من ان ابوك سينقذك ولكن هل تمكن من ان يقضي على ذلك الوغد اللعين كاين؟
هنا تدخل روبرت وقال،
روبرت : اجل قتلته حينما كان يضع خنجره على عنق گرايس يريد ان يخطفها من جديد.
آدم : فعلت خيراً يا بوب لانك تخلصت من ذلك الفتى الشرير.
روبرت : لكنني لا زلت لا افهم لماذا يريد ابن ان يقتل اباه؟ ولماذا هاجمك بهذه الضراوة؟
آدم : دعني اقص عليك القصة كاملة الآن: انا رجل عصامي، في طفولتي كنت فقيراً من عائلة فقيرة متكونة من اب وام وانا ابنهم الوحيد. كان والدي يعمل حمالاً بالميناء ويجني اجرته اليومية التي لا تكاد تسد رمق العائلة. في السابعة من عمري صرت ابيع السجائر الرخيصة واجني القليل من المال لاساهم باعالة عائلتي. بعد ذلك تطور العمل لدي فصرت ابيع السجائر الباهضة الثمن ثم غيرت مجال عملي وصرت وكيلاً لشركة كوداك وكنت ابيع افلام الكامرات بالاسود والابيض. وعندما اصبحت الصور الملونة رائجة بالسوق صرت اجني الكثير من الاموال منها حتى تمكنت من ان ابني مملكة ضخمة كبيرة في السبعينات من القرن المنصرم. صرت اكبر وكيل لها إذ رحت استورد الكامرات من اليابان واسوقها بامريكا. بعد ذلك تطور العمل وصرت املك سلسلة من الشركات الوطنية والعالمية. في عام 1990 رزقني الله بولدي الوحيد اسميته كاين وكنت اود ان يصبح ولداً صالحاً فادخلته بافضل المدارس ووفرت له اغلى وافضل السبل كي يخلفني ويحمل الراية من بعدي. الا ان ذلك الولد لم ينشأ مثلما اردت له بل توجه نحو الخمر والمخدرات وفتيات الليل حتى اصبح ضالعاً بالجريمة مع انه لم يكن يحتاج لاي نقود لانه يستطيع ان يحصل على اي مبلغ من المال يريده مني. فترأس عصابة كبيرة وكان يريد ان يكون احد رؤساء عصابات المخدرات. وماذا تتوقع من شخص كان مثاله الاعلى (پابلو اسكوبار) اللعين. حاولت كثيراً ان اصلحه وان ارجعه الى الطريق المستقيم الا انه ابى وقرر ان يتمادى بجرائمه وافعاله. كان ينوي ان يوسع تجارته الغير شرعية حينما يرث كل ثروتي بعد مماتي. وعندما علمت بنواياه قررت ان اغلق الباب امام اطماعه الجامحة نحو الجريمة. لذلك قررت ان اترك جميع املاكي لدور الاياتام بوصيتي التي كانت لدى محاميي الخاص. الا ان ابني كاين قام باغتيال المحامي واحراق مكتبه لذلك كتبت وصية جديدة ووثقتها لدى المحكمة هذه المرة حتى لا يتمكن من النيل منها. بعدها قررت ان اترك كل المال والثراء واسكن بكوخ بسيط لاعيش على ما اسطاده الى ان يأتي اجلي. لكنه بقي يبحث عني لسنتين حتى توصل الى مكاني فقرر ان يأتي بنفسه وينتقم مني لانني حرمته من الميراث والباقي انت تعرفه جيداً.
روبرت : قصة مؤثرة حقاً يا آدم.
گرايس : لا تحزن يا عمي فقد تخلصنا منه وهو الآن بالعالم الآخر.
آدم : وماذا تنوي فعله الآن؟
روبرت : سنذهب الى مركز الشرطة اولاً للادلاء بشهاداتنا ثم نحجز بالفندق القريب من المشفى لانني اريد ان اطمئن على صاحبي المصاب بهذه المشفى.
آدم : هل اصيب بسبب كاين ايضاً؟
روبرت : اجل، جاء ليقاتل العصابة معي وقد اصيب برصاصة، لكن الطبيب اخبرني انه سوف ينجو.
آدم : اذهب الى الفندق الآن ثم عد الي في الغد ربما ساتمكن من الذهاب معك لزيارة صاحبك.
روبرت : بالتأكيد.
خرج روبرت وابنته گرايس وتوجها الى الفندق فنزلا بغرفة هناك ثم عادا باليوم التالي الى المشفى وتوجها الى غرفة 302 فوجداها فارغة. قلقت گرايس وقالت،
گرايس : ربما وقع للعم آدم مكروه يا بوب. ربما اختطفته العصابة من جديد.
روبرت : كلا، لقد قضينا على آخر واحد منهم.
هنا خرج آدم من الحمام مرتدياً ملابسه وقال،
آدم : لماذا تأخرتما؟ كنت انتظركما كي نذهب سوياً لزيارة صديقك المصاب توماس. هل تعرف رقم الغرفة؟
روبرت : انها غرفة 213.
نزل الثلاثة الى الغرفة فرأوا توماس جالساً على سريره يتناول القهوة فركضت نحوه گرايس وعانقته ثم دخل آدم وروبرت وهنئاه على سلامته فقال آدم،
آدم : انا اشكرك من كل قلبي لانك وقفت مع صديقك وانقذت ابنته من الهلاك.
توماس : تربطني انا وبوب علاقة حميمة منذ زمن طويل. ما كنت لاسامح نفسي لو وقع مكروه له او لابنته گرايس.
روبرت : ما عملته كان شيئاً رائعاً يا توم وما كان لاسترجع ابنتي لولا وقوفك الى جانبي.
گرايس : ارجوكم توقفوا عن هذا الكلام فسوف تجعلوني ابكي.
ضحك الجميع فقال روبرت،
روبرت : لقد وعدت زوجتك ان ارجعك سالماً، وهذا يعني انني لن ارجع خاوي اليدين لذا اريدك ان تتعافى باسرع وقت كي آخذك لبيتك.
توماس : يقول الطبيب انني استطيع الخروج بعد يومين.
آدم : وبهذ المناسبة سنحتفل جميعاً عندي بالقصر.
گرايس : اي قصر هذا يا عمي فقد تحطم كوخك الصغير وجميع الاثاث فيه.
آدم : كلا يا ابنتي. انا لازلت املك قصوري واملاكي. لذلك ساجعل اباك يحضر زوجة توماس من بيتسبورك كي نحتفل جميعاً عندي.
گرايس : احبك يا عم آدم.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع