محمد سهيل احمد
قراءة (تحت سطوة الحب) رواية الكاتب العراقي حميد الأمين
صدرت مؤخرا رواية الكاتب العراقي المغترب ( حميد الأمين ) الموسومة ( تحت سطوة الحب ) عن دار المكتبة الأهلية ــ مكتبة الراحل فيصل حمود ــ وفي مائتين وثلاث صفحات من القطع المتوسط .
تبتدئ الرواية على لسان احدى الشخصيتين المحوريتين في العمل : دلال التي تفتتح السطر الأول للرواية بالقول : " هاانذا اقف على حافة مياه الأطلسي مقرورة بين الثلوج وقد زادت من وحدتي ارتعاشات برودة الخليج تحت أقدامي أرنو صوب اوروبا من حيث اقف في ولاية امريكية " , وقد أتمت الساردة ( دلال ) السبعين سنة من عمرها كانت وما زالت في انتظار حبيب العمر .. علاء .ودلال امرأة نشأت في العراق منتمية للإسلام رغم أصولها المسيحية التي تعاود استعادتها فور وصولها الى ارض الغربة .وتتحدث عن علاء قائلة : " ظهر علاء في حياتي ممتطيا حصانا ابيض ودراجة وموتوسايكلا وسيارة وباخرة حربية وحتى غواصة ليقتحم قلاعي ويستولي على حياتي " .
دلال وعلاء مجبولان من نيران حروب الشرق الأوسط التي اتخذت من بلاد الرافدين موقعا لها .. تلك البلاد المكبلة بحروب مالها اول ولا آخر. اذنْ فدلال محصلة حياتية لشظايا حروب طاحنة كبيرة وصغيرة . وهي تعشق علاء بعلم زوجها ، او بالأحرى ضد إرادته التي كانت تظهر بشكل صامت متطلع . انهما نموذجان ثوريان متمردان يساريا الفكر ينتميان الى الشريحة البورجوازية الميسورة العيش لكن وسط عالم سلطوي قامع يبسط أدوات قمعه على عامة الناس فمنهم من يقاوم ومنهم من يستسلم : "
ــ صير بعثي واحفظ حياتك .. ص 33
تدور أحداث الرواية في حيزها الأكبر ايام الحكم الدكتاتوري الشمولي ، فدلال ذات افكار طليعية متمردة يتجسد نشاطها في الانتماء لاتحاد النساء العراقيات من باب التمويه لغرض الحصول على ذريعة للسفر والهرب الى خارج القطر تفاديا للأخطار المحدقة فيها .
و ( تحت سطوة الحب ) ليست رواية أحداث مضطرمة وحسب بل هي رواية أفكار ووجهات نظر :" لقد اضفى التاريخ صفات القداسة على من يستحقها ومن لا يستحقها حيث احرق الفرنسيون
جان دارك العاهرة ثم جعلوها بعد الموت قديسة " ص 57 .
" ولما كانت اغنية سويت بلاك آنجل أي الملاك الأسود الجميل احدى الأغاني التي اشتهرت آنذاك تداعب خيال المدافعين عن الحرية ، احتلت صورة انجيلا ديفيس المناضلة والكاتبة الإنسانية مخيلة ابو الطيب " ص 95. والرواية ، في بنائها الهيكلي ، تجري عبر ثلاثة أصوات تقوم بسرد أحداثها المحتدمة وانعكاسات تلك الأحداث على سايكولوجية ساردي تلك الاحداث الملطخة بالدم وقذارات الواقع وأوحال الرذيلة حيث يستغل الجسد ابشع استغلال وحيث يجد الكائن العراقي نفسه على حافة جرف هارٍ . السارد الأكثر حضورا في الرواية هو ( دلال ) والسارد الثاني هو علاء عبد الخالق مهندس الطيران والثالث هو فؤاد زوج دلال الرسمي والشاهد الأقرب على تقلبات حياة زوجته مع الرجل الذي احبته حبا جنونيا ، علاء .اذن فأحداث الرواية دارت من خلال احتداماتها في صالات الحفلات حيث تحاك الدسائس وفي أروقة المخابرات وعلى طاولات مقاهي الغربة وأرصفتها .
من ميزات الرواية مقدرة الكاتب حميد الأمين على إمساك أعنّة أحداثها الجامحة فلا تمزق ولا زيغ . ووعي الكاتب يتجلى عبر تصعيد أحداث العمل الى ذروته الغاصة بالقسوة والدناءة والخيانات المبررة وغير المبررة .خلاصة القول .. من المؤكد ان الرواية قد أخرجت بثوبها الوردي الأنيق وغلافها المتميز وعنوانها الجاذب للعين ، الا ان ذلك المظهر لم يكن بكاف ٍ بالنسبة للمؤلف الذي خاض مغامرة التحدي عبر مقاطع عمل ملحمي يجسد تنويعات الضعف البشري ويدينها في آن معا .
( تحت سطوة الحب ) رواية ملتهبة مشبوبة بالرومانسيات والانكسارات . انها عمل يستحق القراءة ، بلا جدال .
752 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع