خطوة لابدّ منها

                                                    

                                وائل القيسي

خطوة لابدّ منها

ان الأحداث الجِسام التي تكاد ان تعصف بالعالم اجمع تتواتر أخبارها لحظة بلحظة وآخرها :

قضية أوكرانيا في وضعها الذي لا تحسد عليه مع الدب الروسي المتحفز لالتهامها ، وتداعي حكومات الغرب من خلال الناتو والاميركان على وجه الخصوص للوقوف بوجه التحديات الروسية بحجة الدفاع عن أوكرانيا .
والصين التي لم يُسمَع لها ضجيج ، حيث تجيد العمل بصمت كما تشير الحكمة الصينية ، وهي تتقدم بهدوء لفرض واقع القوة لفرض نفسها كقوة عظمى تنافس أميركا على القطبية الاحادية اقتصاديا وعسكريا رغم أنها أقرب إلى روسيا الاتحادية من أميركا .
والاتحاد الأوربي الذي اصبح يترنح ويتأرجح نتيجة اختلاف مواقف قادة دوله وهيمنة أميركا على بوصلة قرار هذا الاتحاد بشكل او بآخر نظرا لحاجة أوربا إلى القوة الأميركية كساند لها أمام طموحات بوتين الجامحة.
أما حكومة إيران ، ومن خلال منصب وليّها الفقيه، مهما كان اسم المعمم الذي يشغله ، فهي منظومة سياسية تحكم إيران فعليا، وتضع الخطط والسياسات التي تتوافق مع النهج والتأريخ الذي تؤمن به كأمبراطورية فارسية وتعمل على استعادة هذا التأريخ وتسابق الزمن لاستغلال اية ثغرة في جدار خصومها لتحقيق مكاسب آنية ومستقبلية وتستثمر الفرص على طريقة الدهاء الفارسي وطول النفس الذي تتمتع به، ولا ينكر احد في الدنيا امتيازها بالغدر والدسيسة والتآمر وقدرتها على استخدام التقية مع اعدائها بإتقان .
لا نريد الخوض والاسهاب في معاداتها للعرب وهيمنتها على مقدرات عدد من العواصم العربية من خلال حرسها الثوري واتباعها ومليشياتها المجرمة لانها معروفة للجميع وواضحة للعيان.
لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل إنسان في عالمنا العربي عموما والعراقي خصوصا هو :
ماذا نحن فاعلون كشعوب لا كحكومات وسط كل هذه المعمعة في مشارق الأرض ومغاربها ؟!
نقول كشعوب ، لأننا نفتقد لحكومات وطنية ونزيهة على الأعم الاغلب ، بل ان حكوماتنا تستحق الشفقة لسوء حالها والأصح ان من المعيب ان يطلق عليها مُسمّى حكومات ، فهي عربية بالاسم والشعارات فقط، فالغنية منها تلهث خلف قوى عالمية للحفاظ على الكرسي والمال المكدّس في بنوك الغرب والشرق ، أما الفقيرة ، فتتعكز على نظرية المؤامرة ( وهي حقيقة) وتبطش بشعوبها وتتحكم بلقمة عيش المواطن بل تَعُدّ الأنفاس عليه وهي فاسدة حتى النخاع .
أما العراق، وما ادراك ما العراق...
عندما نقول العراق نقصد الشعب العراقي لان دولة العراق موجودة ولن تزول ويبقى اسمها ولن يُمحى مهما تكالبت عليه قوى البغي والعدوان من شذاذ الآفاق.
كعراقيين لسنا بحاجة لمن يشرح لنا حالنا.
ولا غرابة من أن ينتج الاحتلال احزابا وجماعات تتحكم بمصير ومقدرات البلاد والعباد ، وليس مستغربا ما يجري من جوع وفقدان امان وهيمنة عصابات ميليشاوية اجرامية وشيوع مخدرات وتحطيم للقيم والأخلاق وامتهان للكرامة ، لكن من المعيب علينا كشعب عراقي حيّ ان نرجوا خيرا ممن اوصلنا إلى هذا الحال .
الحل ليس سهلا ولا يمكن أن نجد عصا سحرية لتحقيقه كعصا موسى، لكنه ليس مستحيلا ابدا، بل الحل بأيدينا وفي متناول اليد ان خلصت النوايا .
في عام 2006 تم عقد مؤتمر لقوى المقاومة العراقية في دمشق، وكانت المقاومة الوطنية انذاك في أوج قوتها وفاعليتها في مقارعة الغزاة الاميركان، وقد القى الدكتور محمد الدوري ممثل العراق في الأمم المتحدة قبل الغزو والاحتلال كلمة قصيرة جدا في هذا المؤتمر ، قال فيها :
اتمنى قبل الخروج من هذه القاعة ان تتوحد كل الفصائل والقوى المقاومة للغزو والاحتلال تحت راية واحدة هي راية العراق وبأسم واحد وقيادة موحدة.
لكن للأسف لم يحدث ما تمناه الدكتور محمد الدوري رغم انه رأي حكيم وحريص.
واليوم ، نعم اليوم وليس غدا ، لا نطلب من الشعب ثورة عارمة ، لأننا نعرف انها حلم صعب التحقق ، ونعلم علم اليقين ان ما من دولة تحررت ، ولا شعب تخلص من محتليه بثورة او انتفاضة شعبية عفوية، إنما وعبر التأريخ كانت لكل ثورة او انتفاضة شعبية او هبّة جماهيرية قيادة توجه وتخطط وتضع الأهداف وتحصد النتائج ، لأن اي تحرك بدون قيادة سيؤدي إلى فوضى وانغماس وتشتت وتصارع وخسارة حتمية.
إذا كان من الصعب توحيد صفوف الشعب خلف شعارات عامة ، فأن الواجب الوطني والاخلاقي والإنساني يحتم ويوجب على الوطنيين من المثقفين وأصحاب الرأي والخبرة من واجهات مجتمعية وضباط احرار وحقوقيين واستاذة ودبلوماسيين سابقين بل ووزراء العهد الوطني منهم المخلصين، بالإضافة إلى نساء العراق الماجدات، وكذلك الاشراف من الأثرياء والموسرين، عليهم العمل فورا على توحيد الجهود لقيادة المرحلة والأخذ بزمام المبادرة خصوصا وأن الشعب ثائر ويغلي غضبا على كل زمر وشراذم الاحزاب وتوابعها في هذه العملية السياسية المقيتة.
إن الشعب ثائر لكن تنقصه القيادة...
فهل ننتخي ونتقدم الصفوف ونعيد العراق رقما صعبا في الحسابات الدولية ، ام نبقى نتحسر على ماضٍ لن يعود.
لابد من اتخاذ هذه الخطوة ، فالوطن والشعب أمانة تستحق التضحية والبذل والعطاء.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1039 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع