سلام مسافر
الفرقة الناجية!
في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بعد أن استولت حفنة من المضاربين، وتجار الشنطة والسوق السوداء، على معظم ممتلكات الدولة السوفيتية المفككة، نشر الكاتب الروسي الشهير إدوارد توبول في أسبوعية "أرغومينتي إي فاكتي" الروسية الواسعة الانتشار، رسالة مفتوحة بعنوان: "هلا أحببت روسيا يا بوريس بيريزوفسكي!".
وعنى بهذه الرسالة الدهاقنة الأوليغارشيين من أمثال بيريزوفسكي، الذي شغل منصب سكرتير مجلس الأمن الروسي، واستولى بثمن بخس على الجزء الأكبر من ممتلكات الدولة السائغة مع ميخائيل خودوركوفسكي، وفلاديمير غوسينسكي، وبيوتر آفين، وميخائيل فريدمان، والأخوين أركادي وبوريس روتينبيرغ ومن لف لفهم، طالبا منهم مراعاة مشاعر الغالبية الروسية المنهوبة.
وقال ما مضمونه: "حين يثور المذلون المهانون، لن يجدوا أمامهم غيرنا نحن الفقراء، فيأخذوننا بجريرة أفعالكم، ونحن الذين سنُذبح. أما أنتم فستهربون مع أموالكم المنهوبة في البنوك الغربية والأميركية".
هذا، وعلى مدى ثلاثة عقود، منذ اختفاء الدولة السوفيتية، وحدوث أكبر عملية نهب للممتلكات في التاريخ المعاصر، خدمت التريليونات من أموال الشعوب السوفيتية، وفي مقدمتها، الروسية والاوكرانية والبيلاروسية، بنوك دول الناتو والتحالف الأنغلوساكسوني، وأسهمت في تعزيز القدرات العسكرية للحلف، وقدمت للآلة الإعلامية الغربية، خدمات لا تقدر بثمن، بتمويل صحف وقنوات تلفزيونية، بل إن أنشطتهم المالية وجدت مكانا لها في نوادي كرة القدم الكبرى.
أما اليوم، فتعلن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات توصف بأنها مدمرة ضد روسيا.
بل يكاد يرى فيها بعضٌ حربا نووية. إذ يعلن كورال القادة الأوروبيين عن مصادرة أو تجميد أموال الأوليغارشيين في بنوكهم، تحت ذريعة أنهم من حاشية فلاديمير بوتين.
الغالبية الروسية الصامتة، التي ستصيب العقوبات منها مقتلا، دون غيرها، تتساءل:
لماذا سكت الغرب ثلاثة عقود على نهب أموالنا، وحافظ على المسروقات في بنوكه، وسمح للدهاقنة بشراء عقارات، حتى إن ثاني أفخم قصر في لندن، بعد القصر الملكي، يملكه ثري من روسيا، من تلك القبيلة التي حذر الكاتب توبول من أن أفرادها الفقراء سيذبحون على يد الغالبية الروسية المنهوبة المنكوبة، حين تلتفت إلى خراب الدولة.
من المؤكد، أن الدهاقنة نقلوا أموالهم إلى بنوك خارج القارة العجوز، وسط تقارير متطابقة تشير إلى أنها استقرت في دبي.
ومن المؤكد أيضا أن العقوبات ستصيب الغالبية الصامتة التي ستفقد مدخراتها، وتتناقص قدراتها الشرائية، على وقع عقوبات، جربتها الولايات المتحدة وحليفاتها على العراق وليبيا، وسوريا وغيرها، وأودت بحياة مئات الألوف، والتحق الأطفال وكبار السن، والمرضى بعربات الموت جوعا وبفعل نقص الخدمات الصحية والأدوية.
إنها الفرقة الناجية، تعشعش في مرافق الدولة، وتملك جسورًا احتياطية في الغرب. وبعدها فليكن الطوفان!
الفرقة هذه، لا تخشى حتى الحرب النووية. فلعل أفرادها استعدوا لها، ربما...
سلام مسافر
670 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع