سعاد عزيز
الاتفاق النووي الحقيقي
هناك ثمة مفارقة غريبة من نوعها بشأن المساعي الجارية من أجل إبرام الاتفاق النووي بين الدول الکبرى ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهي تتجلى في إنه وبقدر ماهناك من رغبة کبيرة لدى الطرفين من أجل التوصل للإتفاق فإن هناك أيضا شکوك کبيرة بينهما من حيث نواياهما بشأن ذلك، ذلك إن الدول الکبرى وبشکل خاص الغربية منها، لاتثق بنوايا النظام الايراني وحقيقة تخليه عن الجانب العسکري السري من برنامجه النووي، کما إن النظام الايراني يشکك من جانبه بنوايا الولايات المتحدة ومن إنها ستعاود الانسحاب من الاتفاق النووي خصوصا وإن هناك عدد کبير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الامريکيين يعارضون إبرام إتفاق نووي من جانب إدارة بايدن مع النظام الايراني لأنه يصب في مصلحة الاخير ويطالبون بقدر أکبر من الحزم والصرامة مع هذا النظام في أي إتفاق يبرم معه.
المشکلة ليست في النظام الايراني ومن حيث عدم ثقته بالموقف الامريکي وإمکانية إنسحاب الولايات المتحدة مستقبلا في ظل إنتخاب رئيس جديد، ذلك إن لأي رئيس الحق في التشکيك في إن الاتفاق مع النظام الايراني لن يٶدي الى تخليه عن طموحه النووي خصوصا وإن لطهران ماض حافل بهذا الشأن، بل إن أساس المشکلة تکمن في النظام الايراني ذاته وليس في الاتفاق حيث إنه وبحسب تجربتي الاتفاق النووي الذي أبرمه وفد الترويکا الاوربية عام 2004 وکذلك الاتفاق النووي للعام 2015، مع مجموعة 5+1، مع النظام الايراني، وإنتهاك وخرق الاخير لبنود الاتفاقيتين وعدم إلتزامها بهما، فإن الثقة بهذا النظام صار بمثابة المراهنة على طائر على الشجرة وليس في اليد!
الاتفاق النووي الحقيقي، هو ذلك الاتفاق الذي يرتکز على أساس من النوايا الصادقة ولا يمکن خرقه أو إنتهاکه، وإن النظام الايراني الذي أثبتت التجارب والاحداث والتطورات حقيقة عدم إستعداده للتخلي عن حلمه بإنتاج القنبـلة النووية خصوصا وإنه يرفض من الاساس طرح ملفي تدخلاته في المنطقة وصواريخه البالستية في المحادثات النووية لأن هناك ثمة ترابط قوي بين هذين الملفين وبين الملف النووي للنظام إذ أنه يريد الحصول على القنبلة النووية لکي يضمن تدخلاته في المنطقة وبقائه فيها الى جانب إنه يريد أيضا أن تکون هذه القنبلة جعله أمرا واقعا وتسويغ وتبرير قمعه لشعبه وإنتهاکاته الفظيعة في مجال حقوق الانسان والمرأة.
النظام الايراني الذي کما أسلفنا متمسك ومصر على مواصلة مشواره النووي الى الاخير، فإنه وفي نفس الوقت وکما أثبتت الاحداث والتطورات والانتفاضات والتحرکات الاحتجاجية للشعب الايراني، فإن هذا الشعب غير راض عن الجانب السري من البرنامج النووي والذي کلفه الکثير وجعل أکثر من 80% من هذا الشعب، بإعتراف مسٶولي النظام يعيشون تحت خط الفقر، الى جانب إن المجلس الوطني للمقاومة الايرانيـة والذي هو بمثابة المعارضة الرئيسية في إيران ضد النظام، قد أعلن من خلال برنامج قائدة هذا المجلس، مريم رجوي، ذو العشرة بنود، تأکيده على إيران خالية من الاسلحة النووية، ولذلك فإن الطرف الوحيد الذي يمکن الثقة به وعقد إتفاق نووي حقيقي معه هو الشعب الايراني وهذا المجلس.
961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع