صفغني والدي بقوة ... وتنحى الفكر جانبا

                                       

                      الطاف عبد الحميد

بقوة غير معهودة أمسك والدي بيدي اليمنى وهو يضغط عليها بقوة ، حتى كادت أصابعي تتداخل فيما بينها لتحيلها الى كتلة واحدة ،

ثم أفرد بنصر يميني محاولا نزع محبس فضي تعلوه جمجمة وعظمين بشريين ، الا أنه لم يفلح  بنزعه لضيق فيه  ، وراغ بي الى المطبخ وأرجلي قد غادرت الارض محمولا من يدي بقوة الغضب ليقوم بوضع مسحوق غسيل لتسهيل عملية إنزلاق المحبس تؤأم إصبعي الصغير المتربع على ثلاثة عشر ربيعا فقط  هو كل عمري ، نظر اليه مليا وقد شعر بفتور غضبه واستدار نحوي وصفعني على خدي الايمن  ليضيف سمارا مخلوطا بحمرة  فوق سمار بشرتي الجينية وخدي الايسر جاهز لاستقبال الصفعة التالية حتى قبل ان اعرف ان سيدنا المسيح قد اوصانا بذلك  وهو يردد( ملعون تلبس شعار الماسونية ) ، فتح باب الدار وألقاه في جب المجاري  ، تأملت مافعله والدي بعد أن تجاوز عمري عمره وأصبحت في حياتي اكبر منه في موته ، وقلت محاكيا فكر يركب سفينة مخي  ، لما فعلت ذلك يا أبي بي .. ؟ لم انسى الواقعة وعدم نسيانها لم يتأتى من قوة الصفعة  ، فقد كانت الصفعات بعض زادي اليومي  المتكرر بقصدية تقويمي وتعديل شطط في تصرفاتي الصبيانية المعروفة للمراهقين ، لكني أفردت لها رأيا لايحتمل التأويل ، وهو أن أبي لم يكن يملك كل مقومات القدرة على الافهام  على الرغم انه كان مثقفا وأديبا وكثير القراءة  ، وصل الامر الى مداه وأوصلت أولادي الى الجامعات  بدون صفعة  ، واستطعت التأقلم والتعلم من صيادي الفكر الانساني في ترتيب العلاقة التصالحية من خلال الافهام الاقحامي والارغامي بتقبله على مضض ، الا ان نتائجه كانت تظهر طافية على سطوح النجاحات التي تطرز الاتعاب التي أثمرت بتبني قوة زاجرة متفكرة غير منفرة  بالوصول الى الغاية بقوة الفكر المؤدب ، كم من عظائم الامور  عولجت بصفعة  لتهوي بامم الى التناحر والتغابي والتسافل الحضاري لتترك التعفن في اسفل المهاوي نتيجة قدرتنا المتوارثة على ضرب الذبابة المزعجة بقذيفة مدفع .
لم تجف كلمات الله من مدادها  وهو يلقيها على والدنا أدم  ، حتى اندلقت حواء لتغويه  ولتنحرف باغوائه وبنا الى العصيان فيهبطان بعصيانهما مقرونا بغضب الرب وليقتتل اول ذكرين بشريين  قتالا غير متكافىء شيمته الغدر فيقتل المسكين هابيل بصخرة هوى بها قابيل عليه ليحيلة الى صاحب لقب اول ميت في الكون المدون ويحمل قابيل صفة اول مجرم في التاريخ البشري  ، ليصنعا لنا كلاهما جدلية ازلية لامنجاة منها هي جدلية القاتل والمقتول ، وليتم أدلجة العقل الانساني بالرغبة الالهية الحاكمة  بمعرفة الفجور والتقوى  وخير للاختيار مايختار.
يتعاقب الانبياء والرسل نزولا الى الارض ،  كافتهم  قال لنا :  هناك جنة ونار  وملائكة وشياطين    وخير وشر مستديم  ، ولتكتب الشرائع والقوانين للحد من شر الشر والاخذ بيد صاحب الحق  ، لكن القوانين تعفنت بارادات الطغاة  وكتبها كتابها بتجريدها من الاوامر السماوية وتلبيسها بطبائع الاستبداد البشري لتحيل الناس الى موتى على الدروب تسير ، ولاحاجات للميت يمكن تلبيتها  سوى قبره  ، وقد أخذ بنا سيدنا سقراط العظيم عندما سأل من حوله سؤالا مفاجئا قائلا لهم  ، هل يجب ان يحترم الجميع القوانين التي تسنها الدولة  ؟
اجاب الجميع : نعم
قال سقراط من يضع تلك القوانين ؟
أجاب الجميع يضعها بشر متخصصون
قال سقراط  : ألا يخطأ البشر ؟
أجاب الجميع : نعم يمكن ان يخطأ البشر فهي من سمات خلقه
قال سقراط : إذن ستكون هناك قوانين خطأ
أجاب الجميع نعم
قال سقراط : لما يتوجب علينا إطاعة الخطأ
سقراط أعظم عقل بشري أنتجته المورثات البشرية  أعدم بالسم لعلميته المتفوقة بقوانين لاتعرف الرحمة  .
يقال أن من يجلس تحت الشجرة لايرى الغابة  ، كثير من المفكرين والاكاديميين  والقادة والمثقفين وحتى عامة الناس ورعاعهم  لازالو يجلسون تحت الشجرة التي تضلهم بضل الَضلال يصفون ثمرها وجمال اغصانها ويتعامون عن الغابة الفسيحة اللامة لالاف الانواع  ، ويذكرني هذا بالحوارات التي كنت اجريها مع المرحوم خالي  في حديق منزله  ، كان مستأسدا  وكلامه له شكل الزئير القشعمي يحدثني عن امجاد عروبية غابرة ، فمرة يريد ارسال قوات عربية الى بواتيه على حدود فرنسا لاكمال مالم يكمله  الفاتحون العرب ، ومرة يريد ان تعود القطعات العربية متسلحة باسلحة عنتر بن شداد الى حدود الصين لاستكمال احتلالها وتحقيق مالم ينجزه العرب في حينه ومرة يحكي لي عن غرناطتنا السليبة ،  ومرة يغدق بوصفه للثورات والانقلابات التي قلبت الارض عاليها سافلها ، قلت للعبقري خالي مقاطعا  ومن اين ياخالي لنا مثل هذه الاسلحة لنحول الخطط الى تطبيق ؟  قال : بدون تحفظ عندنا النفط ننتج ونشتري سلاحا  ، قلت له ياخالي : هل تعرف إننا غير قادرين على زيادة انتاج النفط الا بمعدات من صنع من تريد ان تهاجمهم ، وانهم سيمتنعون عن تلبية متطلباتنا لدوافعها التي سيعرفوها حتما ، تأمل وجهي قليلا وانتظرت الاجابة التي لم تأتي ، وبدا لكلينا أن أحدنا حمار .
قرأت الكثير عن نظرية المؤامرة وعن الصهيونية وبروتوكلات صهيون وعن اسرائيل الكبرى وعن الايباك  وعن الماسونية وعن كل الكونكراسات الامريكية والاوربية  ، ولم أجد مايثيرني فيها الا حقيقة وجودها  ، وهي لاتزيد عن كونها عن تخطيطات تتخذ الفجور ميدان لعملها  ، وكلها بمجموعها لاتتعادل مع عصيان ادم لخالقه ، ولا حوا ر الشيطان الذي وعد الله خالقه بتضليل خلقه ، ولا تقاتل الاخوة قتالا مميتا بلا جريرة  ، وهو مشابه برمته الى  عمل الفكر البشري  ، لينقسم الفكر الى مفرقين أحدهما هتلري هولوكوزي  عنيف  او الى اللاعنف كالمهاتما غاندي .
إنه الفشل القيادي العربي الذي يعلق إخفاقاته دائما على حركات كيدها مكشوف وضعيف وواهن ولكن الوهن القيادي أكثر شمولية وأكثر إيغالا باللامبالاة .
منذ السبي البابلي وحتى يومنا هذا لم تستطيع كل تلك المنظمات المذكورة الا ان تقيم كيانا هزيلا لم يستكمل مقومات بقاءه حتى اليوم وهو معرض للزوال الاكيد يتمسكون بقوة بقطعة ارض صغيرة اسموها دولة اسرائيل ، وهي دولة أقيمت نتيجة الهولوكوستات الالمانية والاوربية عل مدى التاريخ اليهودي ليغتصبوا ارضا ليست لهم .. على المرء أن ينظر الى خريطة المنطقة لعام 1947 ليرى أن هناك دولة إسمها فلسطين ، وكان الاجدر بالغربيين ان يقيمو دولة لاسرائيل في اراضيهم او في العالم الجديد ، لكانوا ارتاحوا وأراحوا .
يبدو لكم ان مقالي مبعثر لكنه جميع ويبدأ بصفعة والدي المرحوم غير المبررة  بتنحية عمل الفكر الاخاذ والمؤثر ، وتكوين الكون الذي إبتدأ بعصيان أدم قبل أن تجف مداد كلمات الله  ، وخلق الجنة والنار وأدلجة البشر بفكرتي الخير والشر ، والفجور والتقوى ، وأن كل عمل سامي يلحق بالتقوى ويلحق بالفجور سيء العمل ، فما العجب إذن بوجود مثل هذه المنظمات الشريرة ، اليست بحاجة لعقول رشيدة لؤاد شرها قبل سريانه  ، لايطرب اسرائيل ويسعدها الا النفخ فيها لتضخيم هزالها  ، فلا تكن ممن ينفخون لانك قد تشهد زوالها . وعلى الله هذا يسير إسألوا مفكريهم فهم يعرفون .مالايريدون أن تعرفوه عنهم كل شيء مرتبط بالزعيم المنقذ الاتي بقوة الفكر والرشد والاهلية

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1017 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع