زيد الحلي
عشت مع جيل من الصحفيين ، يميل الى السكون والهدوء ، ينفر من الجلبة والضجيج ، وها انا اعيش مع جيل آخر من الصحفيين ، يحب المغامرة والرغبة في التغيير والاستعجال في الوصول الى مبتغى معين .
وفي الجيلين ، تبرز ظواهر شتى .. منها ان رجالات الجيل الاول هادئو التفكير ، قليلو الانفعال ، بطيئون ، مترددون في الاستماع للدعوات الجديدة ، والآراء المستحدثة ، متمسكون بما ألفوه ، لكن مع تلك الظواهر فان فيهم عمقا وتجربة ، ونبلاً وعاطفة وحنانا وميلاً للتعاون مع الآخرين ، فيما وجدتُ في الجيل الثاني أفقاً اوسع غير انه لصيق بضيق الصدر، واستجابة لرود الافعال ، واستباقاً لأعتناق كل جديد من الافكار، الى الحد الذي يمكن ان يقطعوا الصلة بالماضي كلياً ..!
وفي جلسات الجيل الاول ، كنا نسمع الشعر ينثال من الجميع ، والنقاش يدور ضمن خيمة الادب القديم ، وحكم الرواد تطرق الاسماع في كل نقطة حوار ، وكنا نستمع الى اغاني الطرب الأصيل والموسيقى الهادئة ، ونضحك للنكات البريئة التي لا تخدش الحياء ، فيما حضرت جلسات ابطالها من الجيل الجديد ، كانت فيها الموسيقى الصاخبة والأغاني الجارحة ، وحديث في ادب نعرف اوله ولا نعرف آخره ..
فهل في سطوري هذه ، تهمة للجيل الجديد من الصحفيين وتقديس لجيل الصحفيين القدامى ؟
قد يكون الجواب : نعم في الوهلة الاولى ، لكني اجد في هذا الجواب أستهانة في تطور الحياة وفهم ألغازها ..
ربما حباني الله ، العيش والعمل ضمن جيلين ، متناقضين في تصوراتهم ورؤاهم ، سوى انني وجدتُ خيطا يربط بين الاثنين ، وهو حبهما للعمل الصحفي والسعي لترك بصماتهما في فروعه ، وقد نجحا في ذلك ، فلو نظرنا الى صحافة الجيل الاول ، سنجدها رغم فقر الأمكانيات ، صحافة وطنية ، تحمل هموم الشعب وتناضل من اجل رص الصفوف لحياة اكثر كرامة ونبلاً ، والحال نفسه مع الجيل الثاني ، حيث استوعب التطور التقني واثبت بأنه على قدر المسؤولية المهنية ، وخرّج من عباءته زملاء تسيدوا مراكزهم بأقتدار عال ، ودللوا على ألمعية وأدراك وفهم للمسؤولية..
للجيلين ، وقد عشتهما ، آفاق رحبة في الصبر والتعلم والعطاء ، لكن بوجهات نظر مختلفة ... اليس زمان اليوم ... غير زمان الأمس ؟
عذرا لثرثرتي في هذا الصيف الساخن !
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
420 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع