عبد الكريم إبراهيم
يا عيد يا بو نمنمه ،خذنا وياك للسينما
صرخة أطلقها ابن جيراننا(أحميد) عندما شاهد أهالي المنطقة هلال العيد وثبتت رؤيته للعيان " باجر عيد ونعيد ونحرك بيت أبو أسعيد ، وأبو سعيد كرابتنه ونذبحله دجاجتنه ،دجاجتنه الهراتية تسوه الف وتسعميه". ربما يكون هذا النداء إيذانا للأطفال المنطقة للاستعداد في ممارسة طقوس العيد الجميلة. ولم يكتفي هذا الولد المشاكس بعد أن انتظر منتصف المساء ليطق نداءً آخر" اليوم أم وسخ " ويعني على الأطفال أن يذهبوا إلى الحمام، ويطردوا عنهم غبار تراب اللعب الذي علق بجلودهم من كثيرة المشاكسة.
بعد حمامٍ ساخنٍ يذهب بتعب اللعب والركض حفاة القدمين، يضع الأطفال ملابس العيد تحت وسائدهم، وهم يحلمون بيومٍ جميلٍ. وكان هناك خشية من لبس ملابس العيد قبل الموعد، لأنه فأل سيء يجلب النحس والسوء على من يفعل ذلك ،وربما يزعل هذا الفعل العيد على الأطفال. وقد يصل الأمر أن يبالغ احدهم في رؤية العيد، وكما يقول ابن جيراننا (يعقوب) الذي كان يقسم بأيمان غليظة انه شاهد العيد وهو يمتطي حمار طار (الدربونة) ذهاباً وإيابا، وهو يوزع (العيديات) على من يصادفهم، ثم اخرج درهماً ادعى انه هدية عيد، وما على الأطفال سوى تصديقه في روايته هذه، وان كانت اقرب إلى الخيال المنسوج بالمبالغة، لان الأطفال غايتهم إن يطرق بابهم العيد حاملاً بعض الأمنيات حتى ولو في الحُلم.
وما إن يحل صباح العيد حتى يتسابق الأطفال مع زقزقة العصافير على ارتداء ملابسهم الجديدة، وهم يحملون (عيدياتهم) بأيدهم ليطيروا بها إلى اقرب ساحة فرجة. وفي حين نصبَ (أبو كريم) سيطرته لسلبهم بعض هبات العيد من خلال وسائل الإغراء في انه ألعابه التي نصبها أمام داره هي الأفضل والأرخص، هو يردد لمن ركبها " شوط شوط ياعيده ما احميلج وزيده ". وقد يفلح بعض الأطفال في إفلات من قبضته، وهروب إلى ساحة الفرجة الترابية، و(مراجيح) و(ديلاب الهوا) وركوب عربات الخيل السطحية مرددين " يا عيد يا بو نمنمه خذنا وياك للسينما " حيث جرت العادة إن يذهب الكثير من العراقيين وقتذاك إلى دور السينما. ربما تكون أمنية هؤلاء الأطفال إن يذهبوا إلى هذا المكان لعدم أصحابهم من قبل الكبار، وهم يسمعون منهم عن سحر هذا المكان.
422 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع