د.تارا إبراهيم – باريس
منذ ثلاث سنوات يتوافق شهر رمضان مع العطلة الصيفية في شهري تموز وآب، وهما الشهران اللذان تحقق فيهما فرنسا أرباحا أعلى من الأشهر الاخرى كونها تعتمد بالدرجة الأولى على السياحة في إقتصادها،
إلا أن الحظ لايبدو أنه سيبتسم لها كون الثنائي : رمضان مع الصيف في ان واحد يلحقان بها الكثير من الخسائر، وخصوصا أن فرنسا تعد من الدول الاكثرجذبا للسياح الأغنياء من الشرق الأوسط ودول الخليج الغنية. إن القصور الفرنسية والفنادق الفخمة والمناطق السياحية وخصوصا - كوت دزور- التي تستقطب الأغنياء تصبح كصحراء قاحلة لا تجد فيها أية حركة أو نشاط ظاهر، ففي هذا الوقت يفضل المسلمون من السياح قضاء شهررمضان في أوطانهم ومع عوائلهم والصوم والسياحة لايتوافقان حيث لا يستطيع هؤلاء الزائرون التمتع بأوقاتهم بشكل جيد وهم صائمون .
ولكن من ناحية أخرى، شهر رمضان هو شهر مفيد للأقتصاد الفرنسي وخصوصا فيما يتعلق بحركة السوق المحلية ، فالجالية المسلمة التي تعيش في فرنسا تستهلك أكثر من أي وقت مضى، وتشير الإحصائيات الى أن هذه الجالية تصرف 350 مليون يوروأكثر في هذه المناسبة حيث يلاحظ أنها تشتري بكميات كبيرة المواد الضرورية لهذا الشهروتهمها النوعية وليس الكمية، وهذا مايزيد فرصة ضخ هذه ألانواع من المنتجات في الاسواق .
أعلن في فرنسا أن 70% من المسلمين يصومون حسب إحصائيات حديثة، وعلى الرغم من أن فرنسا تحترم الأديان وحق كل شخص في تبني أي دين له، إلا أنها تخشى قلة إنتاج الصائمين في رمضان أثناء العمل، كونهم يتعبون جراء عدم تناولهم الشراب والأكل وخصوصا في الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة ، الأمر الذي لاتستطيع أية مؤسسة حكومية أو أهلية أن تقف ضده، فحسب قانون العمل، لايوجد أي بند يجبر الموظف أن يتوقف عن الصيام لإن ذلك غير مذكور في عقد العمل.
كما لا يتوافق الصوم مع القابليات البدنية الصحية للبعض، ففي العام الماضي تعبت إحدى مراقبات الأطفال في المخيمات الصيفية وفقدت وعيها جراء ذلك ، الأمر الذي اعتبر خطرا على سلامة الأطفال، مما أدى بالبلدية المعنية الى إيقافها عن العمل، الأمر الذي أثار سخط وغضب المسلمين في فرنسا، وهذه الحالة تكررت هذه السنة أيضا رغم أن البلدية تراجعت عن قرارها ألا أن هذا الموضوع هو في غاية الأهمية كون حياة الأطفال تعتمد على مراعاة ويقظة المراقبين القائمين على حمايتهم فيما إذا حدث خطر ما على سلامتهم.
ومع كل هذا فشهر رمضان هو شهر التلاحم والمحبة والتجمع العائلي والتقاء الأصدقاء، فعلى الرغم من طول يوم الصوم حيث يعلن الإفطار في حدود العاشرة مساء، ولكن يبدو أن هذا الأمر لايقلل من عزيمة المسلمين الصائمين بل على العكس حيث تشير ألإحصائيات الى أن نسبة عدد الصائمين تزداد سنة بعد أخرى وهذا مايتعلق بالأجيال الثانية والثالثة للمهاجرين المقيمين في فرنسا فضلا عن إعتناق الإسلام الذي بات يزداد شيئا فشيئا كي يصل الى 000 70 شخص سنويا في فرنسا.
رمضان هذه السنة هو رمضان - حار- كما يقول الفرنسيون، وذلك بسبب الأحداث التي تقع في المناطق التي تقطنها الغالبية المسلمة وخصوصا في ضواحي باريس، فقبل عدة أيام حدثت أعمال شغب وهجوم على مقرات الشرطة من قبل الجالية المسلمة في ضواحي باريس الجنوبية، بسبب إيقاف الشرطة لإمرأة ترتدي النقاب وهو أمر تمارسه السلطة كون القانون الفرنسي لعام 2011 يمنع التحجب الكامل، وذلك لأسباب أمنية ومن ثم حماية العلمانية التي ترفض هذا النوع من الحجاب.
4001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع