د.عبد يونس لافي
رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الحياةِ اليوميَّةِ البابِلِيَّة – ١٦ –
استغاثةٌ من الناديتو آوات أجا (Awat-Aja)
الى جيميلوم (Gimillum)
بادِئَ ذي بِدْءٍ، فإنَّ لفظةَ الناديتو (naditu)،
هي سِمةٌ قانونيةٌ خاصة،
تطلق على بعض النساء البابليات،
اللائي لا يعِشْنَ ضمنَ عوائلِ البطريركيةِ الطبيعيةِ،
في المجتمع البابلي.
كما أنَّها تُطلَقُ ايضًا على النساءِ
من رقيق المعابدِ السومريةِ او الكاهِنات،
كما ورد في النصوصِ البابليةِ،
المودعةِ في منطقة سيبار (Sippar).
وسيبارُ هذه، مدينةُ تقع في ما يسمى اليوم تل ابو حبَّة،
قربَ اليوسفيَّةِ، جنوب غربي بغداد.
غالبًا ما تكون مراكز هذه النصوص،
مُستَلَمةً او مؤجَّرةً من قبل الناديتو.
ولقد استغلَّ هؤلاء النساءُ وضعَهنَّ،
فاشْتغَلْنَ بأمورالتجارةِ،
وبيعِ وشراءِ العَقارات.
من خلال الرسالة،
يبدو ان آوات أجا (Awat-Aja)،
كانت فقيرةً لسببٍ ما،
ولذا ارسلت رسالةَ الاستغاثةِ هذه،
طلبًا للمساعدة ممَّن تعرفه منذ زمنٍ بعيد،
يومَ كان طفلًا.
تقول الرسالة:
" أبلغْ صغيري جيميلوم (Gimillum)،
أدعو الهي شَمَش (Šamaš)،
ان يُبقيهِ بصحةٍ جيدة.
ان المرأةَ الناديتو آوات أجا (Awat-Aja)
ترسل اليك ما يلي:
عسى إلهي وسيدتي الإلهةُ أجا (Aja)،
ان يحفظاك في صحةٍ جيدةٍ إلى الأبدِ من أجلي.
عندما رأيتُك مؤخَّرًا، كنت سعيدةً برؤيتك،
قدرَ سعادتي عندما دخلت الدير (gagûm-close )،
ورأيت لأولِ مرةٍ وجهَ سيدتي (الإلهة أجا)،
قبل وقتٍ طويل.
وأنت أيضًا أخي،
كنتَ سعيدًا لرؤيتي كما كنتُ سعيدةً لرؤيتك.
قلتَ: "أنا سأبقى لمدةِ عشرةِ أيام".
وكنتُ سعيدةً لِنِيَّتِكَ في البقاء،
الى درجة أنّي لم أُخْبرْك حينها بأحوالي الخاصَّة.
لم أرِدْ أن أخبرَك هنا شخصيًّا،
ما كنت أكتب لك عنه من قبلُ وعن بعد،
لكنَّك غادرتَ على عَجَلٍ،
وكنتُ على وشكِ الجنونِ لمدةِ ثلاثةِ أيّامٍ،
دون طعامٍ او شَراب.
أنت تعرف جيدًا كميةَ الشعيرِ التي تلقَّيْتُها من قبلُ،
والتي كنتَ تُرسلُها لي بنفسِك.
لو استمرَّ هذا الإمدادُ كما كان،
لن يُخطِئَ بعضُنا البعض،
ولن أموتَ من الجوعِ مع أسرتي.
فقط أرسِلْ لي مقدارَ الشعير الذي اعْتدْتَ ارسالَه،
كي أتمكن من توفيرالطعام لأسرتي،
وبهذا سوف لا نكون مُعَرَّضين للبردِ والجوع،
خلال موسم البردِ القادم.
ملاحظة:
كن ذا قلبٍ رحيمٍ يا عزيزي جيميلوم،
ولا تدعْني أموت جوعًا،
فأنا كنت سعيدةً بك دائمًا،
أكثرَ من أيِّ شخصٍ آخر."
انتهت الرسالة.
الخلاصة:
وهكذا تستمر معاناة الإنسان ومآسيه على مر الزمن،
كلما كانت هنالك فوارقُ بين بني البشر،
لا مناصَ منها لحكمةٍ سبقت، سلام.
1324 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع