د.عبد يونس لافي
في مسجدِ قُباء
أن تكونَ في المدينةِ المُنوَّرة،
ولا تزورُ مسجدَ قُباء،
فتلك، لَعَمْري، خسارة.
ولأنّي لا اريدُ أنْ أخسرَ،
وسَعْيي في مناكب المدينة،
كان لِتنْقية القلب، وإنعاشِ الروحِ،
يمَّمْتُ وجهي شَطْرَ قُباء.
هو اولُ مسجدٍ بُنِيَ في الاسلام،
جنوبَ غربي المدينة.
وضَعَ حجرَهُ الأساسُ،
وخطَّطَ له نبيُّنا الكريم،
عندما دخل المدينةَ مُهاجرًا من مكةَ،
لِما لبناءِ المسجدِ من أثرٍ
في بناءِ الرجال.
ساعدهُ في البناءِ والتَّمام،
رَهْطٌ من الرَّعيلِ الأوَّلِ
من الصَّحبِ الكرام.
ولا يَلْتَبِسَنَّ عليك الأمرُ،
بينه وبين المسجدِ الحرام.
فإذا كان قُباءٌ أوَّلَ مسجدٍ
(بناهُ) في المدينةِ أولئك النُّجَباءْ،
فإنَّ المسجدَ الحرامَ هو أوَّلُ بيتٍ،
(وُضِعَ) للناس في مكةَ،
بأمرٍ من السَّماءْ*.
كنتُ مُتحمِّسًا لهذه الزيارةِ،
حيث تهيَّأْتُ لها
قبل ان أخرجَ من الفندق،
وما أن وصلتُ المسجدَ،
حتى صلَّيتُ ركعتين،
علَّني أحْظى بأجرِ من اعْتَمَرْ،
كما رُوينا في الأثرْ،
عن سيِّد البَشَرْ.
كان مسجدًا لطيفًا،
يمتازُ بِمِئذَنَتِه، وبنائِهِ الواسعْ،
وشكلِهِ الهندسي، وفنائِهِ الماتِعْ.
ولقد نال اهْتمامًا
من قِبَلِ المسلمين على مرِّ العصور،
لما يحملُ من رموزٍ وعِبَرْ.
أما الاتجاهُ فيه نحو الكعبةِ المشرَّفة،
فلم يبدأْ إلّا في صلاةِ الفجرِ،
من اليوم الثاني،
بعد التَّحَوُّلِ المشهور في مسجد القبلتين.
ساعاتٌ قضيْتُها هناك،
كانت أصفى الساعاتْ،
وأنا أُحَلِّق بفكري بعيدًا،
أستشعرُ ما يحملُهُ هذا المسجدُ
من معنى ...
آهٍ ما أحوجَنا لاسْتحضارِ الماضي،
لشحذِ الهمَّةِ وتطهيرِ الذات!
* (ان أوَّلَ بيتٍ وُضِعَ للناس لَلَّذي بِبَكَّةَ مباركًا وهدىً للعالمين)، قرآنٌ كريم.
361 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع