الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي
محاضرة - مقتبس من تقرير لجنة تقصي الحقائق التحقيقية لعصبة الامم المؤرخ في 16 حزيران / يونيو عام 1925م حول مسألة ولاية الموصل (كوردستان الجنوبية-العراق) المشكلة من قبل عصبة الامم
جاء في التقرير (لجنة تقصي الحقائق الاممية لعصبة الامم):
"الكورد والعرب وحدهم الذين يعيشون في شكل جماعات مكثفة على أرض واسعة. وهاتان المجموعتان فقط في هذه المنطقة الكوردية (ولاية الموصل) تستطيعان، بتوزيعهما وانتشارهما، رسم خط فاصل بين الأعراق. يتقدم هذا الخط في امتداد (نهر دجلة) حتى ملتقى (نهر الزاب الصغير)، هذا الخط الذي يفصل ولاية الموصل الكوردية /كوردستان في فتحات بواباتها عن أراضيها الخصبة الكثير السكان ثم يتبع من جنوبي نهر الزاب الصغير الطريق الرئيسية (لكركوك ـ كفري).
إلا أن التقرير اعلاه يضيف فوراً:
"لا الحدود السياسية لهذه الأراضي المختلف عليها من الجانب الإيراني أو من الجانب السوري، ولا حدودها الفعلية أو الحدود التي تتنازع عليها تركيا الحديثة والعراق العربي الجديد، كل هذه ليست حدوداً تفصل الأعراق بعضها عن بعض".
"لو كان ينبغي أن نستنتج بصورة منفصلة من الاستدلال بالمبدأ العرقي، لتوصلنا إلى النتيجة التالية وهي أنه يجب تشكيل دولة كوردية مستقلة في كوردستان، ذلك لأن الكورد (في ولاية الموصل الكوردية) يشكلون خمسة أثمان السكان، ولو أن طريق حل كهذا وضع سابقاً بنظر الاعتبار ولوحسب اليزديون، وهم من عرق كوردي( ) والترك الذين يسهل مساواتهم بالسكان الكورد، في عداد الكورد ولبلغت نسبة السكان الكورد آنئذ سبعة الى ثمانية أعشار مجموع السكان ولاية الموصل كوردستان العراق".
أكثرية الشعب الكوردي، أي أكثر من مليون ونصف المليون من مجموع ثلاثة ملايين في ذلك الوقت( ) تسكن كوردستان تركيا. ومنهم سبعمائة ألف في كوردستان إيران، ونصف مليون في الأراضي المختلف عليها في كوردستان سوريا( ). أما في كوردستان العراق نفسه( ) فإن عددهم لا يستحق الذكر. (تعداد قبل الحرب العالمية الأولى).
"وهناك قرابة لهجوية ولغوية وعرقية وروابط شخصية واقتصادية بين الكورد القاطنين في الأراضي الكوردية المختلف عليها شمالي الزاب الكبير وبين أبناء عرقهم في ولايات (هكاري) و(ماردين) في كوردستان تركيا. أما الذين يقطنون في جنوبي نهر الزاب الصغير فقرابتهم مع أبناء عرقهم في كوردستان إيران. ومن الصعب أن نستطيع رسم خط حدودي داخل الأراضي الواقعة بين هذين النهرين.
"إن مشاكل القضية ولاية الموصل الكوردية من حيث النظرة النوعية هي كما يلي:
أ. المدن التي تقطنها أكثرية أو أقلية جديرة بالاعتبار من الكورد، تقع جنوبي المنطقة (كوردستان العراق) أي في الجانب العراقي، في حين أن مدينة الموصل، وهي عربية، تقع في مركز القسم الشمالي.
ب. لا ترتبط هذه المدينة (الموصل العربية) بسائر الولايات العراقية العربية ذات السكان المقيمين( ) إلا عبر أرض أكثرية سكانها الساحقة من الكورد وعبر طرق تدلنا علاماتها المحددة على مدن تركية وكوردية.
ج. المسيحيون مشتتون ولكن أكثريتهم الساحقة تعيش في شمال ولاية الموصل الكوردية.
د. الأراضي التي يشكل الكورد الخلص وهم سكانها أكثر من أي مكان آخر، أي شرقي هذه الأراضي، يرتبط بالشمال عبر طريق واحد لا غير يتقدم إلى الإمام على امتداد نهر دجلة، ولا يمكن الوصول إلى قطاع رواندوز إلا عبر أربيل (هولير) ولا إلى منطقة السليمانية إلا عن طريق كركوك".
تظهر نتائج التحقيق في المرحلة الأولى أنه لا توجد في الأراضي المختلف عليها أحاسيس وطنية لصالح العراق العربي الجديد إلا لدى قسم من العرب الذين تلقوا تعليماً وتربية خاصين، وهذه الأحاسيس اليوم هي في الواقع نوع من التعصب القومي ممزوج بخطوط من الوطنية المتطرفة وبالنفور من الأجانب في الغالب. ويشاهد بين الكورد إحساس وطني ومشاعر متنامية كوردية خالصة لا عراقية عربية. ولهذه الحالة مدى أوسع في الجنوب( ) وكلما سرنا شمالاً وجدناها تقل حتى أنها تزول في مناطق سهل الموصل وبين جبال عقره( ). ومثل هذه الأحاسيس منتشرة نسبياً أيضاً بين ترك في (ولاية الموصل الكوردية).
إن فقدان الأحاسيس الوطنية العراقية هو الذي يفسر لنا كثرة الآراء المشروطة التي أشرنا إليها سابقاً. حتى أن العرب الأكثر قومية يقولون إننا نفضل تركيا على عراق واقع تحت الانتداب البريطاني. وعدد كبير من المسيحيين المتشددين يرون على العكس من ذلك لانهم أقل ثقة بحكومة تركية مما هم بحكومة عراقية تحت إشراف الأوروبيين( ) وبين اليزديين الكورد أيضاً نصطدم بوجهات نظر من هذا النوع( ). أما كورد السليمانية فإنهم يريدون حكماً ذاتياً محلياً واسعاً نسبياً لكوردستان العراق يساعده المستشارون البريطانيون. أما الآراء التي ظهرت لصالح العراق الجديد فكانت بوجه عام، وبالنسبة لمعظم أصحابها، تستلهم المنافع الشخصية أو الجماعية وليس الأحاسيس الوطنية العراقية المشتركة.
وحتى إذا افترضنا أننا نستطيع تصديق أن المشاعر الموالية للعراق الجديد ليست حارة بدرجة بالغة، فإن من المسلم به مع ذلك أن تصريحات الحكومة التركية الحديثة التي تدعي أن الأكثرية الساحقة من سكان ولاية الموصل يرغبون في العودة إلى أحضان الحكم التركي، ليست صحيحة. فالكورد يختلفون فيما بعضهم البعض فمن بينهم: الجماعات الكوردية التي تقطن في السليمانية والمناطق المجاورة لها بقيادة الشيخ محمود الحفيد التي تطالب بحكم ذاتي للكورد في إطار الدولة العراقية الجديدة ويؤلفون نصف مجموع الكورد القاطنين في كوردستان العراق تقريباً. وحتى بين الترك بوسعنا أن نجد أناساً يميلون نحو بغداد. وعلى هذا، وعلى العكس مما تدعيه الحكومة البريطانية، فالقومية واللغة لا تثبتان بالضرورة الميول والرغبات( )، فكثير من العرب، وبخاصـة من الطبقات الدنيا، يؤيدون الحكومة التركية ويعبرون عن أحاسيسهم هذه بتعابير مؤثرة.
هناك نقطة مسلمة أخرى هي أنها فيما عدا منطقة السليمانية الكوردية لا توجد منطقـــة أخرى تشمل نواحــي عدة متحـــدة يمكـــن العثور فيها على وحدة رأي على وجـــه العموم بين السكان لصالح أحد الطرفين( ).
إن هذه الاستنتاجات النهائية، وإن كانت صامتة، إلا أنها لا تحمل أي إشارة إلا تأييد ضعف النظرية القائلة بأن مجموع ولاية الموصل الكوردية يميل للترك. وفي الوقت نفسه لا تؤيد أرجحية النظرية البريطانية بشأن المناطق والأعراق.
* اعتماد الحكومتان التركية والبريطانية على إحصاءات عام 1922 (في ولاية الموصل-كوردستان الجنوبية-العراق)
بحثت كلتا الحكومتين (البريطانية التركية) القضية العرقية بالتفصيل، وهي بلا شك قضية على درجة عالية من الأهمية. أن القضايا التي تتفرع من هذا الموضوع قد يمكن تصنيفها إلى مجموعات ثلاث:
المجموعة الأولى: عدد السكان الكلي والنسبة المئوية لمختلف القوميات.
المجموعة الثانية: التوزيع الإقليمي للقوميات ويتضمن هذا البحث (المحاضرة) مسألتين:
1. الطابع القومي لمدينة الموصل.
2. مشكلة الهجرة وحالة البداوة والرُحّل.
المجموعة الثالثة: خصائص وأصول مختلف القوميات.
بالإضافة إلى هذا. هناك نقاط معينة أخرى تتعلق بأحوال عيش هؤلاء السكان وموضوع الملكية الفردية والعامة، ومهما يكن فهاتان المسألتان لا تثيران كثيراً من النقاش.
1. المجموعة الأولى: عدد السكان الكلي والنسبة لمختلف القوميات.
- الإحصاءات التي في وردت في مذكرتي الحكومتين (البريطانية والتركية):
إن الإحصاءات التركية والبريطانية المتعلقة بالتكوين العرقي للسكان في الإقليم المتنازع عليه (ولاية الموصل –كوردستان العراق) تختلف اختلافاً ملموساً كما يوضح الجدولان التاليان:
إن الإحصاءات المتعلقة بالألوية الأخرى ليست قابلة للمقارنة لأن التقسيمات الإدارية السابقة تحت الحكم العثماني التركي لا تطابق التقسيمات الحالية. وبطبيعة الحال فإن كل حكومة من الحكومتين البريطانية والتركية أنكرت صحة الأرقام التي قدمها الطرف المقابل منتقدة الأسلوب الذي اتبعه كل فريق من جهته. فالحكومة البريطانية تدعى:
1. لم يكون في الإمبراطورية العثمانية التركية إحصاء على أساس القوميات وإنما كان الإحصاء يتم على أساس الأديان فحسب.
2. لا يوجد مطلقاً خارطة دقيقة للامبراطوية العثمانية التركية.
3. إن القوائم المنظمة لأغراض التجنيد لا يمكن أن يقطع بصحتها لأن عدداً كبيراً من الأشخاص لا بد أنهم نجحوا في إسقاط أسمائهم وأفلتوا من التسجيل لغرض التجنيد.
4. ليس في الإمكان الاعتماد على الإحصاءات العثمانية التركية لأنها لم تمارس قط أشرافاً فعالاً خلا في مدن وقرى معينة.
وذكرت الحكومة البريطانية أيضاً أن قيمة الإحصاءات التي عرضتها الحكومة العثمانية التركية مطعون فيها بصورة خاصة لأنها لا تقترن بتأريخ معين. وطعنت الحكومة التركية بالإحصاءات البريطانية وأساليبها محتجة بأن الرحلات القصيرة التي يقوم بها الضباط السياسيون البريطانيون للمدن والقرى البعيدة ليست كافيةً لجميع المعلومات الواضحة الدقيقة. أضف إلى هذا أن الضباط السياسيون البريطانيين لم يتمكنوا من الوصول إلى مدينة السليمانية.
ردّت الحكومة البريطانية على انتقاد الحكومة التركية بأن الضباط السياسيين البريطانيين زاروا كل موقع في البلاد بأعظم ما يمكن من المواظبة والتدقيق كما أن تواجد الضباط السياسيون البريطانيين في (السليمانية) يعود إلى تشرين الأول وتشرين الثاني عام 1918 وحتى عام 1921، وإنهم عادوا إليها في عام 1922، أما الحكومة التركية فقد عجزت عن التوصل إلى أي معلومات خلال تلك الفترة.
وتقدم الحكومة البريطانية بعد هذا تفسيراً للاختلاف بين الجداول الإحصائية التي "نظمت" في 1919 و1921 [إذ كان المجموع المقدر في عام 1919 هو (703000) ألف وفي عام 1921 وزاد عن سلفه دقة، وبلغ المجموع – (785000)] يرجع سبب الاختلاف إلى:
أ. عودة عدد كبير من الرجال الذين خدموا في الجيشين العربي والعثماني التركي إلى أوطانهم.
ب. عودة الأسر التي تركت قراها أثناء الحرب وقبل الاحتلال البريطاني إلى أوطانهم.
ج. وصول عدد كبير من اللاجئين الآثوريين إلى المنطقة (كوردستان العراق).
وردت الحكومة التركية على انتقاد الحكومة البريطانية الأخيرة بقولها إن إحصاءاتها هي نتيجة تحقيقات دقيقة جداً جرى تنظيمها قبل الحرب العالمية الأولى وهي لهذا خالية من أي تحيز سياسي. وبما أن المطلوب هو معلومات دقيقة جداً عن تنقلات السكان لأغراض التجنيد لذلك كانت الأرقام صحيحة. ومهما يكن فقد بدا لنا أن المعلومات الأنفة ما زالت غير كافية لإعانتنا على تقدير قيمة الإحصاءات المختلفة، فطلبنا تفاصيل أخرى.
وعندها أعلمتنا الحكومة التركية أن الإحصائية التي أجريت لولاية الموصل الكوردية في العامين 1906 و1916 عادت وأبدت أسفها لكون أساليب الإحصاء عند الحكومة التركية هي على غير القواعد التي رسمتها مؤتمرات الإحصاء الدولية، ولذلك لا يوجد ثم أضابير إحصاء شخصية وعائلية في محفوظات الإمبراطورية العثمانية. وإن إحصاءات ولاية الموصل كوردستان العراق هي نتيجة تحقيقات وتقديرات نظمت لغرض جباية ضرائب معينة أو لأجل التجنيد. واستمر المندوب البريطاني بالقول، وأرسلت الحكومة التركية ألينا أيضاً وصفاً مسهباً لتلك الضرائب على أننا لا نعتقد بجدوى معلومات كهذه في تزويدنا بأية فكرة صحيحة عن حركات السكان. نظراً لكونها نظمت على أساس القومية وهي ليست بذات قيمة. وبعثت الحكومة البريطانية بالمعلومات التالية لنا (أي الجانب التركي):
إن الإحصاء، أو بالأحرى تقدير العام 1919، جرى في نهاية السنة أعني في موسم البرد وهو الوقت الذي يستقر فيه الرُحل عادة ويلوذون بمرابعهم الشتوية. وحين يكون بعض البدو العرب خارج حدود أراضيهم آلا أن هؤلاء أدخلوا ضمن التقدير على أساس التقديرات التي جرت للسنوات السابقة. ويجب أن نلاحظ بصورة خاصة أن الأساليب التي اتبعت لم تكن أساليب إحصاء: وإنما هو مجرد حصول على تقديرٍ. وإن البلاد قسمت إلى مناطق وقد عين لكل منطقة ضابط سياسي بريطاني يعاونه عدد من المساعدين يتراوح بين أثنين وعشرة. وقد زار كل واحد منهم ما إتسع له من زيارات للقرى الأكثر سكاناً في المنطقة. وعلمنا شفوياً أن العدد الأقصى من القرى التي زارها كل موظف في حدود مهمته كان يتراوح بين (300-400) عائلة. وهؤلاء الموظفون كانوا يستجوبون السكان ويحصون البيوت ويراجعون وثائق الإحصاء التركية الرسمية. وفي حين يشير تقدير عام 1921 إلى القوميات نجد تقدير عام 1919 قد جرى على أساس الدين. إن تقدير [1921] لم يجر إلا في لواء الموصل وأما الألوية الأخرى فقد ظل تقدير عام (1919) على حالة مع أن السلطات أقرت بأن السكان زادوا.
وفي غضون السنتين أو الثلاث الأخيرة بدأت الحكومة العراقية بجمع ما يعتقد بأنه أول سجل إحصاء حقيقي للسكان في العراق [بضمنه الإقليم المتنازع عليه] (ولاية الموصل كوردستان العراق) ولم تكمل هذه الإحصاءات بعد، كما أنها لا تشمل أساساً المناطق الصحراوية وذرى الجبال الشاهقة. على أن المعلومات التي تم جمعها من لوائي (محافظتي) (الموصل وكركوك) هي خير تقدير لما جرى حتى الآن. وأن أرقام سكان [أربيل والسليمانية]، وإن لم تكن بمستوى اللوائين الأولين من الدقة، إلا أنهُ يمكن استخدامها للخروج بتقدير إجمالي للسكان وللتوزيع العرقي. إن الأرقام الكلية بحسب هذه التقدير هي أعلى بكثير من الأرقام الخاصة بالنسبة لعامي 1919 و1921. وما من شك في أن السكان قد ازدادوا. إلا أن الحكومة البريطانية ترى أن تحقيقاً آخر قد يظهر أن عدد الكورد في [أربيل والسليمانية] بولغ فيه. ومهما يكن فمجموع سكان ولاية الموصل هو أفضل ما وصلنا إليه حتى الآن. وفي بلاد كالعراق الجديد حيث السكان لم يأخذوا بعد بأسباب المدنية وتطورها، لا سبيل إلى أي إحصاء أو تقديرٍ سكاني إلا إذا كانت تقريبية. ولم تسد السلطات التركية لموظفي الإحصاء العراقيين أي عونٍ لأن قانون الإحصاء التركي يحتم أن تسجل [ديانة] الشخص لا [قوميته]. وقد ذكر المندوب التركي في مؤتمرلوزان24 تموز 1923 أن هذه المعلومات تستند إلى إحصاءات ما قبل الحرب العالمية الأولى. أن الإحصاءات التي عرضها المندوب أوضحت إن سكان سنجق (لواء) الموصل( ) يبلغون [216000] نسمة في حين أن قوائم إحصاءات ما قبل الحرب التركية تعطي رقم [211000] للذكور من السكان للسنجق نفسه.
من السهل أن ندرك سبب عجزنا عن التشبث من صحة إحصاءات السكان هذه بمجموعها. ولم يتوفر لدينا وقت كافٍ في أي موقع من المواقع التي زرناها لنقوم بإحصاء سكان على أساس عدد الرؤوس، إلا أننا كنا مع ذلك قادرين في بعض المواقع على تكوين فكرة إجمالية بدرجة من الدقة لا يستهان بها كلما وجدنا الوقت كافياً والظروف مواتية.
ولذلك لا يسعنا أن نتقدم إلا بمجمل للانطباع الذي تخلف لدينا ولا أكثر. وبعد ذلك سننتقل إلى دراسة تفاصيل خاصة معينة أشارت إليها الحكومتان البريطانية والتركية. لا شك أن الإحصاء التركي والإحصاء الذي عمله الضباط السياسيون البريطانيون وإحصاء الحكومة العراقية، لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الإحصاء الحقيقي على أساس المبادئ المتبعة في دوائر الإحصاء الحديثة. والفروق العظيمة بين تقديرات 1919 و1921، وتقديرات 1922 و1924 هي برهان كافٍ بإن جملة من الظروف اجتمعت لتجرد هذه الأرقام من أهلية الاعتماد عليها والثقة بها. فمن المعلوم جيداً مثلاً أن يصعب إقناع مجموع من السكان وأن كانوا من سكان أوروبا بأن إحصاءاً ما يمكن أن يستخدم لأي غرضٍ آخر عدا غرض فرض ضرائب جديدة، أو لغرض التجنيد، لذلك وحيثما تم إجراء تقدير جديد، لابد وإن عدداً ما من الناس سيخفون وجودهم عنه ربما بنطاق أضيق بكثير مما كانت الحالة عند إجراء الإحصاء التركي. وعلينا أن نضع أمامنا هذه الحقيقة بصورة خاصة: إن الحكومة العراقية لم تصدر حتى الآن قانوناً بالتجنيد الإجباري. وفي الواقع أن لدينا برهاناً دامغاً بأن الانتخابات العراقية التي قرر إجراؤها في بداية هذه السنة 1924ستكون مستحيلة علمياً لأن عدد الناخبين المسجلين في السجلات الرسمية يجعل مجموع سكان العراق [بضمنه الإقليم المنازع عليه ولاية الموصل كوردستان العراق] عشرة ملايين نسمة وليس ثلاثة ملايين. وسبب هذا التفاوت أن الزعماء والرؤساء قدموا أرقاماً بعدد أفراد عشائرهم بولغ فيها كثيراً ليزيدوا من نفوذهم السياسي.
طلب المندوب البريطاني إلقاء نظرةٍ على سجلات الإحصاء فكان الجواب: يظهر أنهم لم يحتفظوا بالتقديرات الرسمية على أسلوب عدد سكان الأحياء في المدن أو الوحدات الإدارية الصغيرة، ولذلك ليس هناك شيء يمكن تقديمه للجنة. ولم يعثر موقعياً إلا على سجلات مناطق [طاووق وجمجمال] وكانت سجلات [طاووق] دقيقة إلى آخر ساعة. أما سجلات [جمجمال] التي نظمت في وقت متأخر فلا تحوي على زيادة "الترك" و"الكورد" في عام 1921 وبناءً على هذا فإن إحصاءات 1921 لا يمكن أن تتخذ قاعدة لتقدير القوى النسبية لمختلف القوميات في الأرض موضع النزاع.
إلا أن هذه الملاحظات تنطبق أيضاً على الإحصاء التركي الذي يظهر الرُحل من العشائر وكأنهم أكثر من ربع كل السكان بأرقام تقريبية بدون أي تميز بين العرب والكورد.
إن قيمة كل هذه الإحصاءات الذي وضعها الطرفان أمام [مؤتمر لوزان] 24تموز1923هي والحالة هذه عرضة للمناقشة الواسعة ومن ثم فكل الحجج المستندة إلى هذه الأرقام عرضة للطعن أيضاً بعين المستوى. فمن الجانب التركي تستند المعلومات المستخلصة على أسس أو هي لأن المندوب التركي في مناقشته حول الموضوع، استخدم لأجل المقارنة بين القوميات نسباً مئوية في الأرقام بخصوص السكان المستقرين ولقد كانت المذكرة البريطانية محقة في الاعتراض على أن الحكومة التركية مثلاً تشير إلى (43000) عربي بالمقارنة مع [164960] تركي في حين أن أغلبية الرحل هم عرب. وليس هناك تركي واحد من البدو، والحقيقة هي أن أرقام القوميتين بحسب الإحصاءات التركية يجب أن يكون متساوية عملاً.
وبالالتفات إلى اعتراض رفعته الحكومة البريطانية، كان من الغريب حقاً أن نجد في "سالنامة" ولاية الموصل للسنة (1335 هـ / 1917م) رقم 193848 للذكور من السكان في سنجق الموصل فحسب، في حين ذكرت في المذكرة المرفوعة إلى مؤتمر "لوزان 24 تموز1923" أن المجموع الكلي لسكان السنجق المذكور (الموصل) هو 216000!.
ومجمل القول إن بين كل الإحصاءات المتوفرة ـ كان الإحصاء الذي قام به العراق الجديد، أقرب من غيره إلى الحقيقة، وإن كانت قيمة هذه المعلومات نسبية. كما أن هذه المعلومات يجب أن تقارن وتضاهي بكل الأرقام السابقة. إلا قوائم بأسماء الناخبين. وليس في أي من سجلات معلومات ما عن الإناث من السكان.
لذلك كان من الصعب بعض الشيء، تكوين فكرة محددة عن درجة دقة هذه الإحصاءات. ومهما يكن فلم نجد مناص لنا من التسليم بأن آخر إحصاء هو أقربها إلى الحقيقة. ففي وحدة كانت التقديرات تتم على أساس القوميات في سائر المنطقة.
أن تقدير عام 1919 تم بعين الطريقة التي تمت بها الإحصاءات التركية، أي على أساس الديانة. وإحصاء عام 1921 الذي جرى على أساس القومية لم يتم إلا في لواء الموصل. والأرقام المتحصلة من الألوية الأخرى، إنما استمدت من تقديرات عام 1919، واستعيض بكلمة "قوميات" عن كلمة "أديان" بأسلوب نراه يميل إلى اعتماد الجدول الآتي هو للمقارنة.
يتضح أن الأرقام التقريبية للسنة، زائداً "الشيعة" زائداً "الديانات الأخرى" تتفق إلى آخر رقم مع الرقم الذي سجل "للعرب".
* الإدعاءات والإدعاءات المضادة بين تركيا والعراق
في 20 من تشرين الثاني (نوفمبر)، عام 1922، وفي أثناء مؤتمر لوزان الأول للسلام شباط 1921م، ناقش (عصمت باشا إينونو) رئيس وزراء تر كيا وممثل تركيا في المؤتمر - وهو من المساعدين المقربين إلى مصطفى كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة - مع اللورد كرزون - مفوض المملكة المتحدة ووزير الخارجية البريطاني آنذاك - مستقبل ولاية الموصل الكوردية (كوردستان) من دون أن يتوصلا إلى اتفاق فنظام حكم القوميين الترك الجدد، في تركيا، لم يعد نفسه مقيداً بشروط معاهدة (سيفر 1920) التي جرى التوقيع عليها في 10 آب (أغسطس) 1920. وكانت المعاهدة سيفر 1920 تنص على إنشاء دولة كوردية مستقلة في جنوب شرق تركيا (كوردستان تركيا)، على أن يكون للكورد في ولاية الموصل (كوردستان العراق) حرية الانضمام إلى هذه الدولة الكوردية المستقلة، إذا هم (الأكراد) رغبوا في ذلك.
وأقامت تركيا طلبها أو حقها في ولاية الموصل كوردستان العراق ذات الاغلبية الكوردية، على عدة مسوغات، أولها: هي أن ولاية الموصل الكوردية فيها أقلية عربية، وأن الكورد والتركمان، الذين يشكلون الأغلبية في هذا الإقليم (ولاية الموصل الكوردية) وليسوا منفصلين عرقياً، ثانيا: العلاقات الاقتصادية، إذ إن معظم تجارة ولاية الموصل (كوردستان العراق) كانت مع الأناضول التركي (كوردستان تركيا) وليس مع العراق العربي الجديد، ثالثاً: إن احتلال القوات البريطانية لولاية الموصل الكوردية غير شرعي، بل هو خرق (لمعاهدة مودروس) التي وقعت في 30 تشرين الأول/ اكتوبر 1918، رابعاً: إن حق تقرير المصيرللشعوب المضطهدة، حيث أدعت تركيا أن معظم سكان الأراضي المتنازع عليها (ولاية الموصل الكوردية)، يريدون الانضمام إلى تركيا الحديثة، وليس إلى الدولة العربية الناشئة (العراق) التي أوجدتها بريطانيا في العراق العربي الجديد.
وعارض (اللورد كيرزون) وزير خارجية بريطانيا الإدعاءات التركية نقطة بنقطة، عرقياً: أكد (اللورد كيرزون) أن الأغلبية من سكان الولاية (الموصل الكوردية-كوردستان الجنوبية) المتنازع عليها، هم من (الكورد) الذين هم من أصل هندو ـ أوروبي، وبالتالي فهم مختلفون أساساً عن الأورال الألتاي التركي؛ واقتصادياً، فإن معظم تجارة الإقليم الكوردي مرتبطة تاريخياً (بولاية بغداد) أو ميسوبوتاميا (العراق العربي الجديد ولايتي بغداد والبصرة) أكثر من كوردستان تركيا؛ وقانونياً، فإن الحكومة البريطانية مفوضة من قبل رابطة الأمم بمسؤولية الانتداب على العراق العربي الجديد، بما في ذلك إقليم (ولاية) الموصل الكوردية، وبالتالي فإن له التزامات أخلاقية بالحفاظ على وحدة أراضي العراق العربي الجديد، وعلى أن الثورات الكوردية المتكررة ضد الأتراك في الفترة 1920 – 1924 تفند الإدعاءات التركية أن الكورد يرغبون في أن يحكمهم الأتراك( ).
* الادعاءات التركية والادعاءات المضادة (البريطانية) بخصوص ولاية الموصل-كوردستان الجنوبية-العراق (ذات الاغلبية الكوردية)
قدم كل طرف حججاً معينة ليثبت الضلال في إحصاءات الطرف الآخر ورجعت الحكومة البريطانية إلى الكتاب التركي السنوي الرسمي لولاية الموصل كوردستان العراق. في حين كثيراً ما أشارت الحكومة التركية إلى الإحصاءات الواردة في المجلد [63: بلاد الرافدين] من دليل وزارة الخارجية التركي.
حاولنا تصنيف وجمع الملاحظات المبعثرة في مختلف المذكرات حول هذا الموضوع ونرى أن نفحص كل قضية على حدة بتفصيل وهذه النقاط هي ذات أهمية مباشرة أحياناً إلا أنها في أحيان أخرى تزودنا بدليل على صحة أو ضلال المعلومات فحسب.
1. العرب والترك في "السليمانية"
للبرهان على فساد الإحصاءات التي قدمتها الحكومة التركية في [مؤتمر لوزان الأول شباط1921]، قامت الحكومة البريطانية بإلفات نظر المجلس (مجلس عصبة الامم)( ) إلى أن الإحصاءات التركية تذكر وجود (7000) عربي و(32900) تركي في لواء السليمانية في حين أنه (كما تقول الحكومة البريطانية) لا يوجد عربي واحد ولا تركي واحد في سائر (سنجق) اللواء (لواء السليمانية).
قالت الحكومة التركية رداً إلى سؤالنا في سنجق السليمانية عرب ينتمون إلى قبيلة (طيّ) وهم يعنون بتربية الماشية في موقع يلتقي عنده نهر [تانجرو] بـ نهر سيروان [ديالى]، وتذكر الحكومة التركية أنه أن لم يعثر على هؤلاء العرب في تلك المنطقة وسبب ذلك هو عودتهم إلى مربض القسم الأكبر من القبيلة الذي يقع في منطقة [نصيبين – ماردين]. هذا الاحتمال الأخير قد يمكن أن تثبته الحكومة التركية لأن قبيلة (طيّ) تعيش بالقرب من قضاء القيارة وأن هؤلاء الرؤساء فضلاً عن ذلك – لا علم لهم بتواجد أي جزء من القبيلة في منطقة السليمانية وعندما كانت لجنة تقصي الحقائق الاممية لعصبة الامم في السليمانية تطلب من المستشار التركي في رسالة مؤرخة في 28 شباط - أن يرينا العرب القاطنين في لواء السليمانية كان المستشار التركي يقول: يظهر أن المعلومات لم تكن صحيحة وقال لو أننا رجعنا إلى التقاويم الرسمية للولاية فعّلنا نوفق إلى اكتشاف مصدر هذا الإدعاء. وفي مذكرة الحكومة التركية مصدر لم يتم اقتباسه بشكل صحيح في هذه القضية ففي الصحيفة 285 من تقويم 1330 هـ - 1912، نقرأ أن سكان (سنجق) لواء سليمانية كلهم كورد باستثناء مجتمع عربي صغير يعرف باسم [شمر] وليس بـ (طيّ) وقليل من أبناء اليهود والنصارى. وبرجوعنا إلى خريطة المسح الهندية المرقمة [2E: سليمانية] نجد اسم هذه القبيلة فوق رسم منعطف من منعطفات نهر سيروان (ديالى) قرب [شيخ ميدان] في لواء السليمانية، إلا أنها خارج الأرض التي تدعيها الحكومة التركية. ولم نجد في السليمانية أكثر من تركي واحد أو أثنين. وقد استجوبنا كل وجهاء القوم في هذه المدينة وكل رؤساء العشائر تقريباً في اللواء فأيدوا أنه لا يوجد في اللواء أو سنجق السليمانية، إلا كورد.
2. أكراد [العشائر السبعة] و[الشيخان] وناحية الموصل
لفتت الحكومة البريطانية إنتباهنا إلى قضية غريبة أخرى وهي قضية نواحي (الشيخان والعشائر السبعة والموصل). حيث تقول الحكومة التركية أن النواحي الثلاث الشيخان والعشائر السبعة والموصل) كما يلي: الشيخان تشملان على (146) قرية وهي مسكونة بالترك في أكثرها. في حين كانت غالبية سكان [ناحية] الموصل وتشمل (77) قرية، من الترك.
تنكر الحكومة البريطانية هذا الإدعاء وتقول أن ناحية [الشيخان] تتألف من (42) قرية: (23) منها يزيدية وهم أكراد، و(11) قرية عربية، و(6) منها خليط يزيدي كوردي وعربي، وقريتان كورديتان، وتشمل ناحية العشائر السبعة على (73) قرية معظمها هي كوردية وهناك (20) قرية غير مأهولة وعدة قرى استقر فيها اللاجئون الآثوريون، وتشمل ناحية الموصل (29) قرية فقط، (10) منها عربي و(8) خليط من العرب والترك و(4) خليط من العرب والشبك الأكراد و(7) مهجورة.
كنا قد لاحظنا وجود (200) من أبناء العرب في (الشيخان) فحسب ولم نجد تركيا واحداً. ولم يكن بمقدورنا زيارة الناحية شخصياً. إلا أن المستشار التركي أعلمنا بكتاب رسمي بأن الناحية (شيخان) لا يسكنها ترك. فزرنا ناحية (العشائر السبعة)، ونقدر بأن نسبة الكورد في هذه المنطقة يبلغ 90% من مجموع السكان أعني حوالي (2000) كوردي. وأن هناك عدداً من النصارى يتراوح بين 200 -250 نسمة. أما بخصوص ناحية (الموصل) فإن عدد الترك الساكنين الذين هم من أصل تركي هو كما يبدو في هذه المنطقة (ناحية الموصل) أكبر مما أدعته الحكومة البريطانية إلا أنه بعيد جداً عن أن يؤلف أغلبية السكان من الترك كما تؤكد الحكومة التركية. وذكرت الحكومة التركية أسماء ذات أصل تركي لبعض القرى على أن هذا ليس في الواقع دليلاً على كون سكانها من أصل تركي ولا نقول تركية خالصة. هذه الأسماء لا تصلح وحدها دليلاً. فقد رجعت الحكومة البريطانية إلى التقويم التركي لسنة 1330هـ - 1912 (الصحيفة 187) لتبرهن على طابع المعلومات التركية المخالفة للمنطق والفقيرة إلى الحجة. ففيه ذكر أن الجزء الغربي من قضاء الموصل يسكنه العرب بأكثرية باستثناء اقل من الكورد. وأن الجزء الشرقي يسكنه عرب وترك وكورد وكلدان ويزيدية كوردية. وكل منهم يتكلم لغته فضلاً عن العربية وتذكر قائمة النواحي أن في ناحية الشيخان (68) قرية. وفي ناحية العشائر السبعة (78) قرية وقد تحققنا بأنفسنا من صحة هذا المقتبس.
3. تركمان (تلعفر)
أن الحكومة التركية تولي اهتماماً كبيراً ببلــــدة (تلعفر) التي تقول أنها تركيــــــة خالصــــــة بسكانها العشرة آلاف نسمــــة. وتدعي الحكومــــة البريطانية أنه لا يوجــــــد غير (5.500) تركي والباقي عرب وأكراد في ناحية تلعفر بضمنهم سكــــان البلــــــدة والجميع يتكلمون العربية.
تحققنا بأنفسنا أن كثيراً من أهالي البلدة (تلعفر) يفهمون العربية، ويقول المواطنون البارزون منهم أنهم أتراك باستثناء القلة الذين ذكروا أنهم ينحدرون من أصل تركي لكنهم في الوقت الحاضر هم عرب. ونحن لا نعتقد أن هؤلاء الآخرين قالوا بملء أرادتهم ذلك ومن دون تأثير خارجي عليهم.
* الإحصاءات الواردة في دليل وزارة الخارجية البريطانية( ):
لفتت الحكومة التركية انتباهنا إلى الكتيب المرقم 63 [بلاد الرافدين] الذي نشرته وزارة الخارجية في عام 1920، ومن الإحصاءات التي وردت في الصحيفة الثانية منه، نقتبس الأرقام التالية لسكان ميسوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين) والتي كانت تشمل ولايتي (بغداد والبصرة) فقط:
وتضيف الحكومة التركية، من مقتبساتها، أن السكان الأتراك منتشرون بصورة خاصة في شرق الموصل، في تلعفر والبلدات الواقعة على طول طريق أربيل كفري. وأن الآلاف من عشيرة (الشبك) يجب أن يعتبروا تركماناً أو تركاً لأنهم كذلك على حد قولها. وهذا ما يجعل مجموعهم بحسب ما ورد في الكتيب البريطاني ـ مائة وعشرين ألفاً في الإقليم المتنازع عليه (الموصل) أو ما يقارب المائة والعشرين أن شئنا الدقة لأن عدة آلاف من الترك يسكنون بغداد ولذلك يثبت كتيب وزارة الخارجية أن (120.000) ألفاً يسكنون الإقليم المتنازع عليه في حين لا تثبت الإحصاءات المقدمة إلى مؤتمر (لوزان الأول شباط1923) أكثر من (56.000) ألف لهم.
وجه استفسار إلى الحكومة البريطانية حول هذه النقطة فأشارت إلى أن هذا الكتيب يبحث أمور قطر أوسع بكثير من ولايات الموصل وبغداد والبصرة السابقة كما يدل عليه عنوان (ميسويوتامبا) (بلاد ما بين النهرين) في الصحيفة الأولى منه. وكما هو مثبت في إحصاء مجموع السكان الكلي الذي يتضمن القوميات التالية إضافة إلى عدة القوميات والأرقام التي اقتبستها الحكومة التركية.
إن أرقام الأرمن والجركس بصورة خاصة توضح أن حدود البلاد المقصودة تمتد مسافة أبعد بكثير نحو الشمال الغربي ونحو الشمال.
إن الحجة البريطانية المقابلة معقولة جداً. ولم يحدد الكتيب المشار إليه تخوم الأرض تحديداً دقيقاً فالتحديد الوارد في الفقرة الأولى غامض جداً. وأن ما يتضح من قائمة البلدات فيه، أن الحدود تمتد لتشمل (دياربكر) و(ماردين) و(أورفة) أيضاً ولذلك كان متعذراً التحقق من الأرقام. وإن نتيجة الإحصاء في الواقع تنطبق على منطقة أكبر من الإقليم المنازع عليه.
* الإحصاءات التي ورد ذكرها في الكتاب الرسمي السنوي لولاية الموصل( )
استندت الحكومة البريطانية إلى الكتاب الرسمي السنوي لولاية الموصل (1330 هـ - 1912) وهدفها الأساس في ذلك التدليل على الطابع العربي للبلاد لا الطابع التركي. وقد تحققنا من هذه المقتبسات ووجدناها صحيحة إلا جانباً منها، فهو مقتبس من التقويم السنوي للعام 1324هـ- 1906م، لا من التقويم السنوي. 1330هـ - 1912م. ويمكن العودة إلى مكان آخر لمعرفة المراجع التي اعتمدت عليها الحكومة البريطانية، لمعرفة أصول القوميات في ولاية الموصل (كوردستان العراق).
الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي
عمان حزيران 2015
384 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع