سرور ميرزا محمود
محمود شكري الآلوسي العالم بالأدب والدين والملم بالتأريخ العربي والداعية للإصلاح"
العراق بلاد ما بين النهرين موطن الفلاسفة والعلماء في الفقه واللغة والأدب والجغرافية والتأريخ والهندسة والحساب والطب والفلك، تلألأت في سماء ثقافته وكيانه أسماء واعلام لامعة، نهضت وشقت طريقها لتشييد العلا من الصروح خدمة للإنسانية والمجتمع،قادتها شخصيات اتقدت في قلوبها جذور التجرد والإخلاص، وانطوت نفوسها على محاسن الأخلاق وطهارة الأعراق والمناقب السامية.
وهكذا كانت بغداد في العصر العباسي، حيث عظم فيها الاعمار وقد وصفها البيروتي" ليس لها نضير في مشارق الأرض ومغاربها سعة وكبرى وعمارة وكثرة مياه وصحة وهواء" عظم فيها العمران حتى ان ضفتي دجلة أقيمت بها القصور والدور ودور العلم والحكمة والحدائق والمتنزهات والأسواق والمساجد الاديرة والحمامات، واحيطت بالبساتين، وبدت في قمة ازدهارها وانعكس مجدها في قصص ألف ليلة وليلة، وحينها اعتبرت أغنى مدينة في العالم، وكانت تستقبل سفن قادمة من الصين والهند وشرق إفريقيا، وفي الجانب الديني دعاة وفقهاء، نذروا نفوسهم في سبيل المبادئ الدينية والاجتماعية، وجندوا طاقاتهم العقلية والشعورية لترسين مبادئ الحياة الإنسانية الخالية من الشوائب بغية احياء المرجعية الدينية، وامتازوا بالوعي والفهم للإسلام من ينابيعه الصافية، بحيث فهموه فهمًا سليمًا خالصًا من الشوائب، بعيدًا عن التحريف، ولكي تبقى صلتهم بالدين قائمة بشكل سليم، لا لشيء إلا لأنهم مفطورون على سلامة العقيدة وحرية الوجدان وإيثار كرامة العلم والعمل، تنبض بأعماقهم منازع التوثب والإطلالة بنيات صادقة، أخرجت للأمة العربية والإسلامية علماء اجلاء، فأبو حنيفة ولد بالكوفة ومات في بغداد، واحمد بن حنبل ولد وملت في بغداد، والشافعي عاش في بغداد، واربع من ائمة القراءات العشر من العراق وهم عاصم أبو النجود الكوفي وأبو عمر البصري وحمزة الزياد و خلف البغدادي، ويقول بعض الباحثين "لو قيد العلم فان ثلثيه قد خرج من العراق"، وهكذا عرف المجتمع العربي والإسلامي مكانة بغداد في العصر العباسي. وبعد سقوط الدولة العباسية في زمن التتار، عاشت بغداد لقرون عديدة في ظلام وجمود فكري وركود ثقافي واجتماعي، وانحسر العلم والمعرفة وغابت بوادر الانفتاح الفكري والتنوير داخل المجتمع العراقي حتى أواخر القرن التاسع عشر، بدأت بوادر النهضة تتحقق نتيجة اقدام بعض الولاة الاتراك بإجراء ترتيبات لتحسين أوضاع المجتمع من خلال انشاء المستشفيات وبناء المدارس الحديثة وتحسين الإدارة وانشاء بعض المصانع ومنها العسكرية التموينية والمراكز التجارية وانشاء صحيفة ومطبعة وحفر الأنهار واعمار المدن الرئيسية، ، كما جرى تشجيع الحركة الفكرية والثقافية والأدبية والدينية، واخذت بغداد تستعيد بعض من ازدهارها، امتازت هذه الفترة بانبعاث الوعي وانكسار الجمود الفكري، كذلك ساعدت سياسة التتريك في بداية القرن العشرين على يد حزب الاتحاد والترقي، هذه السياسة والإصرار عليها اثارت الشعور القومي لدى العرب ومنها العراق للدولة العثمانية، وكان الفضل للمعاهد الدينية سواء الإسلامية منها والمسيحية، كما قامت فيه نخبة صالحة من أهله تعمل في حقلي الأدب واللغة والتعليم، وكانت جمعية التفيض الأهلية، من أنشط الجمعيات، وكان لحلقات آل الآلوسي في جامع مرجان، وآل الكيلاني في مسجد الشيخ عبد القادر، ومسجد الامام موسى الكاظم و ومسجد الامام أبا حنيفة، وبعض المدارس الملحقة بالأديرة والكنائس، وفي طليعتها دير الآباء الكرملين أثر واضح في هذه الحركة الفكرية، سنحاول في مقالتنا توثيق علم من اعلام العراق يستحق ان يكتب عنه وهو العلامة محمود شكري الآلوسي الداعية لإحياء المرجعية الدينية والفكر الاسلامي بينابيعها الاصيلة وتصفيتها من الشوائب، العالم بالأدب والدين والملم بالتأريخ العربي والداعية للإصلاح"، الوطني والمحب لبغداد وارثها العظيم، ولذلك يكون البحث في هذه الشخصية مهما.
محمود شكري الآلوسي (1857-1924م)
آلوس جزيرة جميلة وسط نهر الفرات غرب العراق في محافظة الانبار التي انجبت الكثير من علماء الدين والادب ومن كبار شخصيات العلم والمعرفة والذين خدموا العراق في شتى المجالات وجوانب الحياة الفكرية والاجتماعية، منهم الطبيب والاديب والفقيه والداعية والشاعر والمهندس ..، الألوسي الذي نكتب عنه محمود شكري بن عبد الله بن شهاب الآلوسي العالم والفقيه سليل العائلة الحسينية الملقب "بأبي المعالي" بيرق من بيارق الأسرة الآلوسية، ولد في بغداد، تفتح في بيئة علمية متفتحة، فجده ابو الثناء الآلوسي ابرز عالم وفقيه ومفسر الذي الف "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المعاني" الذي لقي الاهتمام والاطلاع في كثير من البلدان العربية والاسلامية، اخذ العلم عن ابيه العالم المعروف آن ذاك في بغداد وعمه نعمان الفقيه والواعظ والداعية والمهتم بجمع الكتب والمخططات وملما بالكتابة والتأليف حتى الف كتاب " جلال العينين في احكام الحمدين "، وانشأ واحدا من أوائل المكتبات في بغداد والتي عرفت بالمكتبة النعمانية في جامع مرجان، ثم انطلق لطلب العلم على يدي مشايخ بغداد الاخرين، كالشيخ مصطفى النقشبندي والشيخ محمد بن سعيد النجدي والشيخ العلامة إسماعيل الموصلي،
محمود شكري الآلوسي (1857-1924م)
آلوس جزيرة جميلة وسط نهر الفرات غرب العراق في محافظة الانبار التي انجبت الكثير من علماء الدين والادب ومن كبار رجاﻻت العلم والمعرفة والذين خدموا العراق في شتى المجالات وجوانب الحياة الفكرية والاجتماعية، منهم الطبيب والاديب والفقيه والداعية والشاعر والمهندس ..، الآلوسي الذي نكتب عنه محمود شكري بن عبد الله بن شهاب الآلوسي العالم والفقيه سليل العائلة الحسينية الملقب "بأبي المعالي" بيرق من بيارق الأسرة الآلوسية ولد في بغداد، تفتح في بيئة علمية متفتحة، فجده ابو الثناء الآلوسي ابرز عالم وفقيه ومفسر الذي الف " روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المعاني " الذي لقي الاهتمام والاطلاع في كثير من البلدان العربية والاسلامية، اخذ العلم عن ابيه العالم المعروف آن ذاك في بغداد وعمه نعمان الفقيه والواعظ والداعية والمهتم بجمع الكتب والمخططات وملما بالكتابة والتأليف حتى الف كتاب " جلال العينين في احكام الحمدين "، وانشأ واحدا من أوائل المكتبات في بغداد والتي عرفت بالمكتبة النعمانية في جامع مرجان، ثم انطلق لطلب العلم على يدي مشايخ بغداد والمدن الاخرى، كالشيخ مصطفى النقشبندي والشيخ محمد بن سعيد النجدي والشيخ العلامة إسماعيل الموصلي، والشيخ عبد السلام الشواف والشيخ بهاء الشيخ الهندي والشيخ عبد الرحمن القرداغي، وكان الالوسي قوي الحفظ والذكاء وحسن الأخلاق، ختم القرآن الكريم وعمره ثمان سنوات، درس النحو والصرف والفقه وعلم الحديث والشريعة الإسلامية من مصادرها الصافية، أكمل قِسمًا كبيراُ من الكتب المهمة في المنقول والمعقول، والفروع والأصول، فحفظ المتون وحاز الفنون وتعلم اللغتين التركية والفارسية، صرف حياته في التدريس، تصدّر للتدريس في داره، وفي بعض المساجد مثل جامع عادلة خاتون دروساً في موضوعات مختلفة من العلوم العربية، والعلوم الإسلامية وذلك قبل أن يدخل في سلك التدريس الرسمي، ثم صار مدرساً وعمره قد تجاوز الثلاثين، فدرس في مدرسة داوود باشا آخر الوزراء العثمانيين ببغداد، كما شغل وقته بالبحث والتأليف.
اصبح عالما في الفقه والتفسير.
ساهم بأنشاء وتحرير أول جريدة في بغداد اسمها "الزوراء". كذلك ساهم في امداد المقالات والبحوث لمجلات مثل "المقتبس" و"المشرق" و"المنار" و"مجلة المجمع العلمي العربي"، وكان يخط مؤلفاته بيده، وهو خطاط بارع من أئمة الخط العربي ببغداد، وأخذ إجازة الخط من والده وفي خطه روعة وجمال، وكان يخط على قاعدة ياقوت المستعصمي .
كانت للشيخ محمود شكر الآلوسي مجالس في مساجد بغداد للوعظ والإرشاد / استمرا اماماً وخطيباً لجامع أبا حنيفة لمدة أربعين سنة.
تخرج على يديه نخبة من العلماء منهم العلامة والاديب محمد بهجت الاثري والأستاذ عباس العزاوي والشيخ حسن الكردي والشيخ محمد القزلجي والشيخ علي بن حسين الكوتي والشيخ امجد الزهاوي والشيخ طه العزاوي ومؤرخ الكويت عبد العزيز الرشيد والشيخ محمد بن مانع، ومن الشعراء معروف الرصافي واللغوي والمحقق والباحث عاشق اللغة العربية الاب انستاس الكرملي، والمستشرق الفرنسي المعروف ماسنيون.
تجلى نبوغه واشتهر بعلمه وحرية فكره، ونزعته العقلانية ومحاولاته الإصلاحية والنيل من البدع، ومروجي العقائد الباطلة وأخطاء الصوفيين شن عليه معاصروه للخلاص منه، كما عاداه أبا الهدى الصيادي وكاد له وهو من الصوفيين، محاولين اسكاته، ليحولوا دون اتشار دعوته التي ترمي الى الإصلاح والقضاء على البدع، فسعوا فيه إلى ( عبدالوهاب باشا ) والي بغداد وهو صوفي عدواً لرجال الإصلاح، فكتب عنه إلى السلطان عبدالحميد: أنه يبث فكرة الخروج على السلطان، ويؤسس مذهباً يناصب كل الأديان.. إلخ، وأمر السلطان حالاً بنفيه ونفي كل من يمت معه إلى الدعوة بنسب إلى بلاد الأناضول. فنفي هو وابن عمه ثابت بن نعمان الألوسي والحاج حمد العسافي النجدي من التجار الأتقياء مخفورين، وما كادوا يصلون (الموصل) حتى قام أعيان اهلها باستبقائه والتمسوا العفو عنه، وسعوا إلى السلطان عبد الحميد، فأجاب طلبهم، فأعيد هو وصاحباه إلى بغداد، بعد أن قضوا في الموصل شهرين لاقوا فيهما من الحفاوة والتكريم.
الف عدة كُتُب ورسائل في التأريخ واللغة والادب ، وما يتصل في علوم القرآن.. تتجاوز خمسين مؤلَّفًا ما بين مختصر ومطول، ومنها ما قد طُبِع ونُشِر، ومنها ما لم يزل في زوايا الخمول والنسيان، وله كُتب في التاريخ أشهرها كتاب (بلوغ الأرب في أحوال العرب) في ثلاثة أجزاء، وله كتاب (تاريخ نجد)، (أخبار بغداد وما جاورها من القرى والبلاد) في اربع اجزاء، و (المسك الأذفر في تراجم علماء القرن الثالث عشر) و (مساجد بغداد) لم يتمه، و (أمثال العوام في دار السلام ) و (رياض الناظرين في مراسلات المعاصرين) و (بدائع الإنشاء) جزآن، و (الآية الكبرى في الرد على الرائية الصغرى ) و (الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر) و (عقد الدرر، شرح مختصر نخبة الفكر) في مصطلح الحديث، و (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة ) و (فتح المنان) في الرد على أهل البدع في الدين، و (تجريد السنان في الذب عن أبي حنيفة النعمان ) و (مجموعة في تراجم بعض العلماء من أهل بغداد، و (صب العذاب على من سب الأصحاب) و (غاية الأماني في الرد على النبهاني ) مجلدان كبيران، وله تراجم علماء القرن، و (مسك الأذخر)، ولبعض شعراء العصر مراث كثيرة فيه للاستاذ محمد بهجة الأثري، كتاب (محمود شكري الآلوسي وآراؤه اللغوية)، كما حقق لبعض الكنب المؤرخ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف.
لما نشبت الحرب العالمية الأولى هاجم الإنكليز العراق، فانتدبت الحكومة العثمانية الألوسي للسفر إلى نجد والسعي لدى الأمير عبدالعزيز بن سعود للقيام بمناصرتها لمحاربة الانكليز، فقصده مع نسيبه السيد علي الآلوسي عن طريق سورية والحجاز، وعرض عليه ما جاء من أجله، فاعتذر وآبى ان يكون مع الدولة العثمانية التي قتلت احد اجداده ، وخربت ديارهم.
ولما احتل البريطانيون بغداد سنة 1917م جاءه احد القادة البريطانيين يصحبه الاب انستاس الكرملي ومعه صرة فيها ثلاثمئة جنيه، وعرض عليه منصب قاضي القضاة، فزهد فيه انقباضا، وابى قبولها، وعاب ولام الكرملي على وساطته، وقال "خير لي ان اموت جوعا من اخذ مالا لم اتعب في كسبه، وهدد من اتى بالمال بإخراجه من داره اذا بقى يلح في قبض المنحة" هذا القول منقول عن الاب الكرملي، وكان يكره الإنكليز، لأنه يرى حرمة التعاون مع قوات الاحتلال، فلزم داره عاكفا على التأليف، ولم يل عملا بعد ذلك غير (عضوية) مجلس المعارف في بدء تأليف الحكومة العربية في بغداد، كما قبل عضوية المجمع العلمي العربي في دمشق .
من المعلوم انه عاش في بغداد أواخر القرن التاسع عشر، التي تحتاج الى العمران والخدمات والضرر الكبير في معالمها التراثية ، ومع ذلك فإنه وغيره من المثقفين أصحاب حركة النهضة التي بدأت بالنهوض، لم يجدوا صورتها الكئيبة، بل نظروا لها كرمز من الحضارة والألق والإبداع والنضج والازدهار، وما أدته بغداد، كشخص وثقافة ودور سواء من الناحية العمرانية او من النواحي الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في صناعة الجزء الأكبر من الحضارة العربية، ولحبه لبغداد وتأريخها، الف موسوعة سماها " اخبار بغداد وما جاورها في البلاد ".
بدعوة من اوسكار ملك السويد والنرويج الى المختصين بتأريخ العرب قبل الإسلام بتأليف كتاب يستوفي أحوال العرب قبل الاسلام وخصص جائزة دولية، بعثت اللجنة الى المشهورين من علماء العرب والغرب، فلبى الآلوسي وكتب
كتابه في ثلاث مجلدات، وما كتبه يعد مستوفي للشروط المطلوبة، فجاء كتابه من اوفى الكتب مادةً ووصفاً وتنسيقاً، وردت للجنة الكثير المشاركين، فنال الجائزة وهي الوسام الذهبي الذي كانت السويد تهديه للعلماء، يعتبر الآلوسي اول من كتب عن العرب قبل الإسلام لم يسبق اليه احد، وتضمن كتابه : أحوال العرب والدليل على فضلهم، وبيان نسب من اشتهر من القبائل، واشهر مسكانهم، وعوائدهم في المأكل والمشرب والزواج، مفاخرهم واعيادهم وافراحهم ومعتقداتهم وعلومهم ، ومشاهير رجالهم بالجود والحلم والحكم والشجاعة والشعر وخصوصا الشعر الجاهلي والخطابة والطب، الفرق بين حالتي الحضر والبادية، والوسيلة التي امكنهم بوقت قصير ان يتقدموا ويغلبوا عدة ممالك واسعة واقطار شاسعة، والتطرق الى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومما قاله قنصل السويد من رسالة الى المؤلف: " ان جميع الكتب التي وصلتنا ، مع ما بلغت من كثرة العدد، واختلاف مصادرها شرقاً وغرباً، لم يحصل سواك على تلك الجائزة، لأن الموضوع واديه عميف بعبد الطريق، غير ان كتاب الأستاذ مع ذلك اجمع لكل مادة..."، أدى لفوز بهذه الجائزة عليه باب التواصل بالزيارة والمراسلة مع الكثيرين من العلماء وطلبة العلم من مختلف الدول واشتهاره على المستوى الدولي، واصبح الكتاب مصدراً مهما لعلم الانثروبولجي.
توفي في يوم الخميس 4 شوال 1342هـ/ 8 آيار 1924م بعد مسيرة زاخرة بالعطاء العلمي وحياة طيبة عاشها بين الكتب والمساجد وحلقات العلم، ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي في بغداد قرب قبر الجنيد، وكانت له جنازة مهيبة وصلي عليه في نجد، وذكر تلميذه الشيخ محمد بهجت الأثري أنه مات بمرض ألم به في رئتيه.
وقد رثاه شاعر العراق الكبير السيد معروف الرصافي بقصيدة عصماء جعل عنوانها «وا شيخاه»، وفيها يقول نذكر منها:
أزمعتَ عنَّا إلى مولاك ترحالًا لمَّا رأيتَ مناخ القوم أوحالَا
رأيتَنا في ظلام ليس يعقبُه صبحٌ فشمَّرتَ للترحال أذيالَا
أما العراقُ فأمسى الرافدانِ به سطرَين للدمع في خدَّيه قد سالا
بكى الورى منك حبرًا لا مثيلَ له أقوالُه ضربتْ في العلم أمثالَا
ورثاه العلامة محمد بهجت الاثري وقال: في الكلام عن السيد الألوسي مدرساً ومؤلفاً :
(خلق الألوسي لكي يكون عالماً ممتازاً يتقدم العلماء ويقود حركة العلم والأدب في وطنه بعدما قادها جده ثم أبناؤه من بعده ) ، وبقصيدة نذكر منها:
أتيت بالعيد أهني العيد شــــــــــــــــــــوالا والظن أنك قـــــــــــــــــد أبللتَ إبلالا
فعدت والقلب مــــــــــــــــــــــــلتاع بلوعته والعين ترسل فيض الدمع ارسالا
فوالدهري ! أما يكفيك ما فعلت صـــــــــــــــــــــــــروفه فيَّ حتى كرّ صيالا
بالأمس صاح بإخواني فأخمدهم واليوم صــــــــــــــــال الأستاذ فاغتالا
ورثاه الشاعر ناجي القشطني بقصيدة مطلعها :
لا السجن يبكينا ولا التبعيد كلا ولا الإرهــــــــــــــــاب والتهديد
سنظل نهزأ بالخطوب تجلداً مهما استمر الضغط والتشديد
ورثاه أيضا الشيخ يوسف النبهاني بقصيدة نذكر منها:
كَشُكري الألوسي تابعاً إثر جدّهِ وَأَعمامهِ لكنّهم آثَروا السترا
إِلى أَن رَمى مجنونُهم برجيعهِ عَلى الناسِ في تأليفهِ ذلكَ السِفرا
كان العلامة الآلوسي ظاهرة فريدة ومدرسة تنبض بأعماقه منازع التوثب والدراية والإطلالة، وتتوهج بداخله وافعاله نيات صادقة للإرشاد والاجتهاد والأصلاح، لم ترى بغداد في عصورها الزاهية مثله، استفاد الكثيرين من علمه و تأليفه في زمانه وما بعد زمانه، ، ومن الله التوفيق.
587 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع