علي المسعود
لماذا نحب فاتن حمامة ؟
لم تكن فاتن حمامه مجرد ممثلة كبيرة من ممثلات السينما المصرية بل تخطت كل هذا لتصبح أهم أيقونات الزمن الجميل فن و أخلاق و ثقافة و إلتزام و ذكاء إحترمت فنها و جمهورها حتي إحترمها الجمهور . فاتن أحمد حمامه المولودة في 27 مايو 1931 من مدينة المنصورة ، والتي ظهرت على الشاشة العربية لأول مرة كطفلة في فيلم ( يوم سعيد ) عام 1940 وهي في عمر التسع سنوات و أمام الموسيقار الأشهر محمد عبد الوهاب فطغت علي كل أبطال الفيلم و تصدر إسمها الأفيش حتي أصبحت عنوان الجرائد والمجلات والصحف حتي أهداها الملك فاروق بنفسه هدية تذكارية جنيه ذهب منقوش عليه صورته ، عشنا معاها أياماً حلوه و زمن جميل راقي كأفلامها و فنها عشنا معاها أياماً. فكانت الفتاة الرقيقة الحالمه الرومانسية المغلوب على أمرها خاصةً في بداياتها وحتي عندما أرادت أن تغير من جلدها الفني حافظت على صورتها أمام الجمهور.
تألقت الراحلة في أدوارها إذ لقبت بسيدة الشاشة العربية لما قامت به من دور بارز في تاريخ الفن في مصر والعالم العربي، ويتحدث كثيرون عن فاتن حمامة فيصفونها أيضا بنجمة الزمن الجميل حينما كانت السينما العربية تستخدم لغة أكثر رقيا ، أو كما يقول البعض حينما كانت سينما صديقة للعائلة العربية يمكنها أن تتجمع لمشاهدة أفلامها دون خجل من مشاهد غير محببة أو سماع ألفاظ خارجة ، ويرى نقاد أن السينما أيام فاتن حمامة كانت تضطلع بدور تنويري اجتماعي وهو ما اضطلعت به أيضا الفنانة الراحلة والتي كانت ترى في كل دور تؤديه إضافة للمجتمع أو تأكيدا على قيمة ما، وكان ملفتا في تاريخ الفنانة الراحلة ايضا تركيزها على عرض المشكلات التي تعاني منها المرأة في كل صورها ففي كل دور كانت تؤديه كانت تعرض مشكلة للمرأة الشرقية في مواقع مختلفة .
وأستذكر قصة عن أخلاق الفنانة ( فاتن حمامة) والذي يكشف الهوة الكبيرة مع أخلاق البعض من فناني وفنانات زمن ( التك توك) و( ألانيستغرام) وغيرها . حدثت شجار كبير بين فاتن حمامة وزوجها المخرج عز الدين ذو الفقار خلال العمل في فيلم ( موعد مع السعادة ) ، بسبب رفض الفنانة فاتن حمامة أن تدخل العمل السينمائي وهي صغيرة كي لاتصبح شخصية مغرورة وتتغير أخلاقها ، والدها كان مصمم على راية ، وقال لفاتن حمامة " لازم تشتغل نادية الفيلم دا" ، في حين أصرت فاتن على موقفها وردت عليه : " أنا مش هكمّل معاك الفيلم دا و اللى ممكن تعمل الدور بتاعى زهرة العُلا ". فرد عليها عز الدين ذو الفقار: " انتى اللى هتكملى الفيلم غصب عنك ـ إنتى عليكى شرط جزائى كبير". بعد النجاح الكبير للفيلم ، وفي يوم كانت الطفلة نادية في المدرسة تلعب مع زميلتها ، وفجأة قامت نادية بصفع زميلتها وقالت لها : أنا بنت فاتن حمامة ـ أنا بطلع فى السينما زيها .. إنت مين بقى ؟.. تلاقيكى ولا حاجة" . فاتن حمامة سمعت القصة من إبنتها نادية . في اليوم التالي ، ذهبت الفنانة قلتن حمامة الى المدرسة ، و كان كل المدرسين و التلاميذ فرحين تجمعوا حولها وطلبوا توقيعها تذكار لهم ولكن فاتن حمامة طلبت من ناظر المدرسة أن تقول كلمة فى طابور الصباح فى الميكروفون وقالت: " أنا بعتذر بالنيابة عن ابتنى وبعتذر للتلميذة الصغيرة و بعتذر لكل من رأى منى أو من ابنتى سلوك مُهين ، فأنا لا أعمل إلا من أجل إسعادكم و لا أعمل من أجل أن أسبب لكم تعاسة أو ألم ، فكم أشعر بالخجل فكيف أُقدّم لكم القدوة و أنا لم أُنجب من ترفع رأسى أمامكم يا أبنائى ،أتقدم باعتذارى للسادة المدرسين الذين عرفوا أن نادية ابنتى و بالتأكيد أصابهم الغضب لأننى لم أُحسن تربيتها ، سامحونى جميعاً فأنا مُخطئة ـ لأننى تركت بذرة الغرور تنمو فى عقل ابنتى الصغيرة ، بل وأتحمل أي
عقاب تستحقه ابنتى ـ و استحقه أنا أيضاً .. من أمن العقوبة أساء الأدب " .
فجرى التلاميذ جميعهم على الفنانة فاتن حمامة ـ و كلهم يصفّقون لها ـ و سالت الدموع من عيون كل المُدرسات ،، و هتف الجميع :" بنحبك يا فاتن، بنحبك يا فاتن ".هذه هي أخلاق فناني الزمن الجميل . هل عرفتوا لماذا نحب فاتن حمامة ؟ ، ليست لانها أيقونة الفن الجميل وعاشت في العصر الذهبي للفن الجميل بل لأخلاقها العالية.
علي المسعود
1389 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع