خالد النهيدي
الأزرق - قصة قصيرة
أخبرني عن شجاعته التي لا نظير لها مراراً وتكراراً، وعن عراكاته الشديدة في كافة أحياء مدينة جدة..، فهو الحصن المنيع لأصدقائه و البطل الذي لا يقاوم، والشجاع الذي تهابه كافة الشجعان والفتوات، في الأحياء المجاورة، حتى في المدرسة كان المدرسين يهابوه، ناهيك عن الطلبة، أشد من هيبتهم من وزير التربية والتعليم .
كان يطوف بدراجته النارية الحي الذي نسكن فيه والأحياء المجاورة وهو يلقي التحية بكل اعتزاز وكبرياء ..، شامخ، كان الجميع يودون أن يتقربوا منه، ليتعرفوا على الشخصية القادمة، من زمن الأساطير، فهو كوصفه لنفسه، أشبه ما يكون بعنترة بن شداد وعمرو ابن كلثوم، سألني يوماً أتعرف *الحوت* قلت له لم أره قط، ولكني سمعت عن جسارته الكثير، ليس منه فأنا لم أره قط ولكن يقولون إنه شجاع بمعنى الكلمة، و له مواقف مشهودة ومسموع بها، قال لي وبكل اعتزاز *الحوت* أنا أكلته التراب وجعلته أضحوكة وعبرة لمن لا يعتبر، بلعت ريقي بخوف وتوجس، وعدت أدراجي ارتجي دروب السلامة والحذر فيعلم الله أني سمعت عن *الحوت* ولم أره قط، يقولون انه صنديد لا يقاوم كان يمتطي صهوة دراجته النارية بتواضع ملحوظ، وأخلاق مُصطنعة تُغلف الشخصية الغامضة، التي لا يُعرف عنها سوا ما يحكيه هو عن نفسه فهو.. و هو.... هذا حسب مايحكيه هو عن نفسه . سألت عنه أحد الأشخاص الذي تجمعه علاقة وطيدة به، فهو همزة وصل ما بيني و بين الأزرق، فأنا أيضاً تجمعني به علاقة جيدة، هل رأيت للأزرق أي موقف بطولي؟
قال لي لا ! ، تعجبت بشدة ولكن ! كيف حكمت عليه ؟ باأنه من صناديد الرجال هو أخبرني عن نفسه كما أن ملامحة الخارجية وتواضعة يدل على صحة ما يقول، ودارت الأيام والأزرق يصول ويجول بدراجته النارية ويجمع من حوله المعجبين والمؤيدين لغموضه الأسطوري، صار موقف بينه و بين أحد أفراد الحي الذي يحمل بين ضلوعه الكثير من الشجاعة الشامخة المُغلفة بالتعالي المرفوض، أخذ الموقف يحتدم والأمور تسير بينهما ما بين جزر و مد فالهدوء الذي يسبق العاصفة يخيم على المكان والأطفال والنساء من على الأسطح و البلكونات يرقبون الموقف بخوف و أي الخصمان سيطوي صفحة الأخر وأفراد الحي كلهم يتوقعون نزع الفتيل في أي وقت ولسان الحال يا ستار سترك يارب .. ، و الأزرق كان يجمع من حوله الأصحاب و المؤيدين له ويعزز من تواجدهم وحضورهم الدائم معه، فهو لا يعرف متى ستكون المواجهة المحتومة، و صار ما لا تحمد عقباه، و تشابكت الجموع وجُرحت الأيادي وسالت الدماء، وارتفعت المطاوي لتنغرس في الأجساد وانفض الغبار عن المكان وكلاً أصيب بحسب هجومه و دوره الذي أداه إلا الأزرق ولله الحمد لم يُصب بأي أذى في المعركة، التي كانت شاهد إثبات لبطولاته السابقة الذي حفظتها عن ظهر غيب لأنه كان في وضع آمن تماما ، فهو وقبل الاشتباك بلحظات، وبدون أن يشعر به أحد إمتطى صهوة دراجته النارية و بأقصى سرعة انطلق إلى حي الرويس، الذي يبعد عن مكان الإشتباك كما تبعد النسور عن الأرض وقت التحليق بعيدآ عن ضوضاء المشاكل بحجة الذهاب إلى المهندس لفحص دراجته النارية، التي ليس بها أي خلل لأنه من قبل لم يجد الوقت المناسب والآن أتيحت الفرصة .
839 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع