خالد النهيدي
قصة قصيرة- مسودة في دفتر الكاتب المغمور
وأنا أتصفح صفحتي على الفيس بوك أتتني رسالة على الماسنجر من حساب نسائي تقول : " ممكن نتشرف و نحكي مع الشاعر اللي منشوراته في الإذاعات العالمية ؟ " .
تلعثمت ، شعرت بارتباك ، أسلوبها في الكتابة ، مفرداتها تدل على ثقافة عالية ، حين ألقت معي إذاعة مدينتنا المغمورة بالبساطة و التواضع لقاء كانت اسئلتهم بسيطة سهلة متواضعة جدا ، لم يكن فيها ما يدعو للارتباك ، باقتضاب أجبت على الرسالة ، أهلاً من معي ؟!
أجابت " عزيزة الممدوح " ممكن تعرفني بشاعر العالم ؟ دردشت معها في بعض الأمور و انسحبت بلا شعور اتخبط في عالم من الثقافة و الاطلاع و اللباقة و كأني أنهيت لقاءاً صحفياً كبيراً ، فتحت حسابي على الفيس بوك مجدداً في اليوم التالي و إذ بالسؤال موجود على الصفحة
ممكن تعرفني بشاعر العالم ؟
هاااااه على الإطلاق لم أتوقع أنها تقصدني بهذا السؤال ، عرفتها بنفسي و عاودنا التواصل الذي امتد لشهور طويلة ، كانت لنا مساحات للبوح مفتوحة حلقنا سوياً في فضاء اللانهاية ، طلبت مني إلى حد الرجاء أن اكتب فيها قصيدة ، لم أستطع لن الإحساس ، لم يكن متهيئا فيَّ فأنا لا أكتب من فراغ ، أجبتها للمجاملة أنتِ أحلى قصيدة ، ردت بتلقائية ، و هذه أجمل قصيدة أنا سمعتها ، كانت سريعة البديهة ، متيقظة الذكاء ، تمتاز بخفة الدم لم أفكر على الإطلاق برؤية صورتها كنت مكتفٍ بتخيل ملامحها ، انقطع التواصل بيننا لمدة شهرٍ تقريباً ، حلقت في سماء الاشتياق ، وددت أن أكون غيمة تضلل ديارها ، هزمني الشوق في ساحات التحدي و العناد ، دخلت في صراعٍ مع نفسي ، فأنا لا اريد أن أحط من مكانتي و أكسر هيبة كاتب كبير في عينها ، و ابادرها بالتواصل ، سولت لي نفسي أمرا ، لا بد من السؤال عنها فمستوى العلاقة لم يعد محصوراً بين قارئ و كاتب ، عزمت على السؤال و التحري عن أخبارها ، فتحت صفحتي على الفيس بوك و إذ برسالة في خانة الماسنجر ، كدت افتح الرسالة بيدي من شدة الشوق لا بالماوس ، كانت الرسالة منها ، رسالة مفعمة بالشوق و اللهفة و الاعتذار و شرح أسباب الغياب ، جددنا التواصل و البوح و دون أن أطلب منها و لم يكن في الحسبان أرسلت بصورتها ، ارتبكت ، كانت محصورة بين الرشاقة و البرجوازية يبدو أنها كما قالت من طبقة أرستقراطية ، قوام منحوت بإتقان رباني ، سبحان من له الكمال ، خرجت هذه المرة من الحوار معها اتخبط في عالم الوله و التشتت ، انزلت الصورة من جهاز الكمبيوتر وضعتها بين كتبي و أوراقي ، كنت بين الحين و الآخر أغلق الباب ، بإحكام و اتمعن في صورة عزيزة ، في مرة من المرات و قبل خروجي من المنزل ، بادرتني زوجتي الحبيبة ، أنا أعرف ما تخفيه بين الكتب ، و الأمر لا يحتاج كل هذا التخوف للاحتفاظ به ، و الخوف عليه من الضياع ، فأنا بنفسي أحرص منك على الاحتفاظ به ، ما يهمك يهمني و لو على حساب سعادتي تأكد من ذلك ، تلعثمت تاهت بي خطواتي على أرصفة الحيرة ، احتبست انفاسي ، وددت لو أكون نسياً منسيا ، ًحاولت أن أبرر موقفي ، أن أوضح الأمر ، أجابت بصرامة
اذهب الآن و عندما تعود ستعلم بأني أحرص منك على مستقبلك السري و الأدبي فأنت كل شيء في حياتي ، سأنتظرك ، و عند عودتك للحديث بقية .
سحبت خطواتي من على الأرض و كأني أجر المكان و الزمان معي ، طلبت من العمل نقلي ، إلى أي مكان آخر ، وددت التحليق في سماء الغياب إلى أقصى مساحات البعاد هروباً من ساحة المواجهة اللتي لا بد منها ، عدت إلى البيت و كأني متوجه إلى معتقل جوانتانامو مملكة الرعب ، ليبدأ الاستجواب المحتوم ، أخرجت الظرف و كأنها تشهر سيف الانتقام في وجهي ، أليس هذا ما تخفيه و تتأكد من وجوده بين الحين و الآخر ، طأطأت رأسي وددت تقبيل الأرض تحت قدميها ، باستغراب بادرتني ما بك !! ارفع رأسك .. أنظر إلي .. ، مندهشاً تساءلت :
ما هذا !! أليس هذا ما تخشى ضياعه و هو بمثابة الكنز الثمين عندك ، باستغراب يسع العالم سألتها ما هذا !!؟ " مسودة قصة قصيرة لم تكتمل فكرتها بعد " انت كاتب و لك وزنك الأدبي و أنا مثلك و أحرص منك على الحفاظ عليها و أنا على يقين من أنها نص أدبي مثير للدهشة ، اتكأت على ما تبقى من عزومي و أنا أجاهد الإعياء ، نهضت متأثراً جداً كي أقبل رأسها و اتمتم بصوت مسموع ، أنتِ الفرح و عنوانه و غيرك سراب لا بد من نسيانه .
784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع