"يومُ شاهد ومشهود"


د.أنور ابوبكر الجاف

"يومُ شاهد ومشهود"

في طيات الذكرى المؤلمة لـ 16 /3 تلك البصمة الدامية على جبين التاريخ بالهجوم الكيماوي على حلبجة، كان يومٌ ينبغي أن يُخلّد في التاريخ لا كمجرد تاريخ، بل كشهادة على البشرية ذاتها على ألا تُمحى هذه الفظائع من الذاكرة الجماعية، و يُفترض أن يكون اليوم منارة للذاكرة مصباحًا ينير درب الأجيال محذرًا من زمهرير الفظائع التي لا يجب أن تجد طريقها للتكرار .

لكن يبدو أن النسيج الذي تُحاك به ملامح اليوم اختارته أيادي حكومة الاقليم وحكومة العراق بخيوط من غموض ودهاء متجاهلين بريق الأمل المفترض أن يُشع من هذا اليوم ليتحول إلى مسرحية سوداء حيث الرواتب تُصادر والأحلام تُقمع تحت وطأة الجشع السياسي .

لقد ارتأت حكومة إقليم كردستان بمباركة حكومة العراق في منتهى الجرأة والجسارة والتفرّد أن تُسطر فصلاً جديدًا من فصول العبث مُعلنةً سلب الرواتب في ذكرى تاريخية يُفترض أن تكون معلمًا للعزّة والكرامة. تُرى، هل من المفترض أن نرى في هذا العمل ذكاءً سياسيًا أم استهانة بآلام شعب بات يتجرّع مرارة الظلم على مرّ الأعوام؟!.

أعتقدُ أنها ليست فقط قضية رواتب مُستحقة تُسلب بل هي رسالة مشفرة بلغة القهر تُعلن أن السير في هذا الطريق ما هو إلا عبور في صحراء اليأس الموحشة وتسلق لجبال الصعاب الشاهقة. يبدو أن الاحتفال بالذكريات في هذا العالم الجديد لا يعدو كونه استعراضًا للقوة حيث الإنصاف مجرد ظل يتلاشى مع كل شروق شمس .

السؤال المعلق في الأفق ليس عن الرواتب المنهوبة فحسب بل عن مستقبل يبدو كأنه مكتوب بأقلام الفُوضى، في عالم يتسارع فيه الزمن نحو مزيد من التعقيدات والرواتب ليست إلا الوقود الذي يلهب جذوة هذا العبث الصاخب . ستة اشهر مضت بتمامها ولم يُعط للموظفين من رواتبهم المستحقة إلا شهراً واحداً فقط .

و ماذا بعد الشهر الآتي؟!

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

942 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع