صفحة من تاريخ العراق القديم شعب الرافدين والموسيقى

غريب دوحي الناصر

صفحة من تاريخ العراق القديم شعب الرافدين والموسيقى

تميزت حضارة وادي الرافدين بتعدد مظاهر حضارتها فهي لم تقتصرعلى نظام الحكم والزراعة والعمران وبناء المعابد وانما شملت اجزاءاخرى من الحياة وتعد مدينة اور السومرية من ابرز المدن الراقية القديمةفي العراق . وتقع آثارها اليوم في مدينة الناصرية كما انها تعتبر عاصمة السومريين المقدسة وقد حكم منها عدة ملوك وبعد زوالها على يد أعداء الحضارة ظهرت الى الوجود مرة أخرى سميت تاريخياً باسم (سلالة اور الثالثة)التي اسسها الملك (اور – نمو ) التي بنى زقورتها الشهيرة التي لا تزال شاخصة حتى الوقت الحاضر. وبعد وفاته حكم المدينة ابنه (شولكي ) . ولقد ارتبطت مدينة اور بمظهر حضاري يميزها عن المدن السومرية الاخرى وهو هاجس الموسيقى حيث أثبتت التنقيبات الأثرية فيها من قبل البعثة البريطانية بقيادة (وولي )عام1926 انه في اور تم اختراع أولى الآلات الموسيقية واهمها قيثارة الملكة (شبعاد) والتي يعود تاريخها الى عام (2450 ق.م) .وقد اكتشف في هذه المقبرة جثث 60شخصاً ما بين نساء ورجال ضحي بهم يوم وفاة الملك لكي يرافقوه الى العالم الاسفل ، ثم جثث الحرس الملكي المدجج بالسلاح للدفاع عن الملك والعربات التي تجرها الثيران لكي يتسنى للملك التنقل و كذلك جثث النساء من الحرم الملكي وهن لابسات الحلي بالإضافة الى القيثارة الذهبية لتسلية الملك في عالمه الأخر! ولكن اهم علاقة تربط اور بالموسيقى ان الملك (شولكي )ابن الملك (اور- نمو) كان يعزف على ثمان آلات موسيقية من بينها القيثارة ذات الثلاثين وتراً وبذلك كانت مدينة أور احدى اقدم المدن التي اهتمت بتأسيس دور للموسيقى .

وقد اثبتت التنقيبات الاثرية التي قام بها علماء الاثار من بريطانيا في اور
واريدو ان السومريين هم اول من دون النوتة الموسيقية عن طريق الكتابة
المسمارية وقد اعتمدوا على النظام السومري الستيني وقد استخدموا
الموسيقى في المناسبات الدينية والاعياد التي كانوا يحتفلون بها داخل
المعابد وقد خصص السومريون الهاً خاصاً للموسيقى هو الاله (انكي)
ويضاهي اكتشاف المقبرة في اور اكتشاف مقبرة الفرعون المصري
(توت عنخ آمون )في عشرينيات القرن الماضي على يد البعثات الأمريكية.
ان الحلي الذهبية والخوذ والقيثارة التي اكتشفت في مدينة اور السومرية
تملأ اليوم متاحف بغداد ولندن وبنسلفانيا . ولم يقتصر اهتمام السومريون بالموسيقى على مدينة اور بل تعدى هذا الاهتمام الى مدن اخرى اهمها مدينة (اريدو )كما ان الملك(شولكي) الذي حكم من عام 2094-2047 ق.م. هو اول من بنى دورا للاستراحة في الطرق التي يسلكها المسافرون لغرض الراحة من عناء السفر فهي اول (خانات) بنيت في التاريخ كما انه قام بالجري بين مدينتي اور ونفر بما يقارب من100 ميل لعرض قدرته البدنية فكان بذلك اول بطل مارثون في العالم.
ونعود الى مدينة اريدو مرة اخرى وهي مدينة سومرية تعد من اقدم مدن
العالم وفيها اقدم زقورة بنيت في العراق وهي تبعد بمقدار( 7) اميال الى
الغرب من مدينة اور وكانت تقع على الخليج العربي قبل انسحابه وكانت
مركزاً دينياً مهما عند السومريين ،كما يعدها السومريون من اول المدن
التي نزلت فيها الملكية من السماء قبل الطوفان ،ويذكر(صومائيل كريمر)
في مؤلفه (الواح سومر) ان اسطورة سومرية قالت : (ان الملكية نزلت من
السماء في خمس مدن ) : " بعد ان نزلت الملكية من السماء ،وبعد ان نزل
التاج والعرش الخاصان بالملكية من السماء اكمل رسوم العبادات
والنواميس الالهية المقدسة واسس المدن الخمس في مواضع مطهرة
وسماها بأسمائها وخصصها كمراكز للطقوس والعبادات " هذه المدن
الخمس هي : اريدو،وباد وارك وسبار و شروباك ،اي ان هذه المدن كانت
ملوكها ينزلون من السماء قبل الطوفان لكن بعد الطوفان أصبح ملوكها
ارضيين ،ومن الجدير بالذكر ان اريدو كانت تحتوي على معهدٍ لتعليم
الموسيقى .
ومن المدن السومرية انتقل الاهتمام بالموسيقى الى البابليين والاشوريين
ففي بابل أصبحت الموسيقى جزءاَ من حياة المعابد اليومية وخاصة في ايام
الأعياد والمناسبات الدينية وبشكل خاص في احتفال اهل بابل بعيد رأس
السنة الذي يسمونه (الاكيتو) والذي يجري الاحتفال به في شارع الموكب
وكذلك في المعبد حيث يجري استعراض المحتفلين في الشارع بحضور
الملك . اما في المعبد فيقام احتفال كبير وولائم فاخرة ويكون الاحتفال داخل
المعبد على شكل رقص جماعي رجالا ونساء على أنغام الموسيقى التي
تصاحب الاحتفال الكبير الذي يستمر لمدة (12) يوما من بداية شهر نيسان
الى 12 منه ويحضر هذا الاحتفال عادة ملك بابل والكاهن الأعظم وقائد
الجيش ، وكان الاشوريون يستخدمون الموسيقى لطرد الأرواح الشريرة
وعلاج المرضى.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع