سمير عبد الحميد
اسطورة الزواج الملكي زواج الامام الحسين من ابنة يزدجرد!
قال الزمخشري(المتوفى سنة 538 هـ)في خبر لم يذكره سواه من المؤرخين :ان الصحابة رضي الله عنهم: لما اتوا المدينة بسبي المدائن في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان فيهم ثلاث بناة ليزدجرد ،فباعوا السبايا ،وامر عمر ببيع بناة يزدجرد ايضا ،فقال له علي بن ابي طالب رضي الله عنه:((ان بناة الملوك لايعاملن معاملة غيرهن :يوقمن ،ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن)) فقومن ،واخذهن علي رضي الله عنه ،فدفع واحدة لعبد الله بن عمر والاخرى لولده الحسين ،والثالثة لمحمد بن ابي بكرالصديق ،فأولد عبد الله امته ولده سالما،واولد الحسين زين العابدين،واولدمحمد ولده القاسم،فهم الثلاثة بنو خالة ،وامهاتهم بناة يزدجرد.وبعد فحص وتدقيق الرواية قد رسخ انها قد شيدت على ما يشبه خرافات العجائز:
فكم كان عمر محمد بن ابي بكريوم توزيع سبي المدائن؟ سبعة اعوم (ولد سنة10هـ عام حجة الوداع،وانتهت معركة المدائن سنة 17هـ)فهل يعقل ان يتزوج طفل بهذا السن من امراة بالغة؟ ورد عن جابر بن عبد الله قال: ((ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ،ثم اذن في الناس في العاشرة -ان رسول الله حاج- فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس ان يأتم برسول الله ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى اتينا ذا الحليفة فولدت اسماء بنت عميس محمد بن ابي بكر (رواه مسلم 1218).
و سقطة تاريخية اخرى ،فقد ذكر المؤرخ ابن خلدون في كتابه العبر وديوان المبتدا والخبرصفحة 537 المجلد الثاني الاتي: ((وراى الفرس عساكر المسلمين قد اجتازوا البحر –يقصد نهر دجلة- فخرجوا هاربين الى حلوان ،وكان يزدجرد قدم اليها قبل ذلك عياله ورفعوا ما قدروا عليه من عرض المتاع وخفيفه ومن بيت المال والنساء والذراري،وتركوا المدائن. فانت ترى بما يشيه اليقين بان الفرس ومعهم يزدجرد خرجوا هاربين من المدائن الى حلوان وكان يزدجرد قدم اليها قبل ذلك عياله ورفعوا ما قدروا عليه من عرض المتاع وخفيفه. وخلال التشرد الذي كابده يزدجرد في المناطق الفارسية كان يصاحب بناته ونساء البيت الساساني، فهذا يعني ان بناة يزدجرد الثلاث لم يكن من بين غنائم المدائن، وان اقتران الحسن باحدى بناة يزدجرد لم يكن سوى انشودة شعوبية،لاننا نعلم ان معركة المدائن انتهت في سنة17هـ وان الحسين ولد سنة 4هـ وهذا يحمل على استبعاد اقتران الحسين باحدى بناة يزدجرد وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من العمرونحن نعلم أن معركة المدائن انتهت في سنة ١٧ هـ ، وان الحسين ولد سنة ٤ هـ . وهذا يحملني على استبعاد اقتران الحسين بأحدى بنات يزدجرد وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من العمر.. لأن الحياة التناسلية عند الرجل تبدأ في السادسة عشرة من عمره وتستمر أحياناً حتى فوق الثمانين. واذا طاب لي أن اتواضع على البديل الجنسي الذي يذهب الى أن البلوغ يكون مبكراً في المناطق الحارة (ومنها مكة المكرمة والمدينة المنورة) وتظهر علاماته في الثانية عشر .. فانني رغم ذلك استبعد كهذا الزواج، لأن ولادة علي بن الحسين هي عند أغلب المؤرخين في سنة ٣٨ هـ . وهذا يعني أنها تأخرت عن موعدها الطبيعي إحدى وعشرين سنة، وهذا مما يدعو الى التأمل.. والعجيب ان المجلسي نقل عن كتاب التذكرة ان زوج الحسين هي شاه زنان بنت ملك قاشان (ينظر بحار الأنوار (۱۱ : (٤٦) فمن هو هذا الملك، وما موقع مملكة قاشان في التاريخ؟ انه لا شك ضرب اخماس بأسداس، ويبدو ان الشعوبية أبَتْ الا ان تضلل الناس وتغرقهم في بلبلة لا أوّل لها ولا آخر وليت هذه المهزلة استكفت بهذا الباطل عن تهاويلها الاخرى .. فقد ترامت على رواية بائرة نقلها المجلسي من كتاب الدروس الشرعية، لمحمد بن مكي المقتول سنة ٧٨٦ هـ ليقول لنا أن شاه زنان بنت شیرویه بن ابرويز هي زوج الحسين (ينظر : بحار الانوار ١١ / ٤٦ ).وهي رواية تدل على غفلة مروّجها ، لأننا إذا علمنا ان الملك الساساني شيرويه بن ابرويز كان محجوباً عن أيام الحسين بثمانية اشخاص بين ملك وقائد... وملكة، وهم : اردشير وشهريار وبوران وكسرى بن قباذ وفيروز وارزمي دخت وفرحاد خسرو ويزدجرد، وانه كان حياً في سنة ٦٢٨ م ، فمعنى ذلك أن ابنته المزعومة كانت تتمتع بصباها قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، الى المدينة المنورة بأحدى عشرة سنة وهذا يفضي بنا الى أن الحسين قد تزوج تلك المرأة المزعومة وهي تنوء بأكثر من خمسين سنة، فيالبؤس هذا الزواج
الحسين (ع) بين شاه زنان وخولة :زعم محمد باقر المجلسي، اتكالاً على غيره - ان ام زين العابدين هي خولة بنت يزدجرد وهي التي سماها الامام علی (ع) شاه زنان (ينظر : بحار الأنوار (۱۱ / (٤٦) وأنا أعجب ليزدجرد الذي اشتهر بكراهيته للعرب.. يطلق على احدى بناته اسماً عربياً كخولة، كما اعجب لمن افترى على الامام علي بحيث جعله يستبدل الأسم العربي بأسم فارسي حين أطلق على «خولة، اسم شاه زنان». فما عسى ان يكون الهدف من هذا الافتراء؟.. انه والله ليس غير الحقد الشعوبي على العرب،وهكذا ضاعت خولة المسكينة بين شاه زنان ولله في خلقه شؤون. وماج الشعوبيون بعد ذلك، فَزَيِّنوا للناس أن الشاعر أبا الأسود الدولي مدح زين العابدين بقوله : وان وليداً بين كسرى وهاشم لأكرمُ مَنْ نيطت عليه التمائم وقد تشبث المجلسي بهذا الشاهد نقلاً عن الكليني الذي انفرد بذكره في كتابه «الكافي» ليؤكد من خلاله ارتباط بني هاشم بآل كسرى في وليد انتجه زواج رَجُمٌ ظَنُّون بين الحسين وإحدى بنات يزدجرد وانني لعلى يقين بأن البيت المذكور.. انما هو دسيسة فارسية، وان الشعوبيين نحلوه أبا الأسود الدولي بلا سند معقول.. لأن بالرجوع الى ديوان أبي الأسود الذي حققه الاستاذ عبد الكريم الدجيلي، وكذلك الذي حققه الشيخ محمد حسن آل ياسين.. لم اعثر فيهما على ذلك البيت المنحول (ينظر الديوان في طبعتيه ببغداد سنة ١٩٥٤ و ١٩٦٤) .. فمما لا شك فيه ان اقتران الحسين باحدى بنات يزدجرد إنما هواقتران هش خرافي، لا يدعمه الواقع التاريخي، وأنه لو لم يكن اسطورة لذكره الفردوسي في «الشاهنامة»، فقد اطمأن المرحوم عبد الوهاب عزّام الى أنه لم يجد في هذه الملحمة الفارسية أثراً من الأساطير التي اخترعت في العهد الاسلامي للتقريب بين العرب والفرس (تراجع : ص ۸۹) من مدخل الشاهنامة)..وقال صاحب كتاب عمدة الطالب في انساب ال ابي طالب:(وقد اغنى الله تعالى علي بن الحسين بما حصل من ولادة رسول الله (ص) عن ولادة يزدجرد بن شهيار المجوسي.والعرب لاتعد للعجم فضيلة وان كانوا ملوكا ،ولكن ليس ذلك عندهم شيئا يعتد به.وقد لهج بعض العوام وكثير من بني الحسين بذكر هذه النسبة وقالوا :جمع علي بن الحسين بين النبوة والملك.وليس ذلك بشئء ولو ثبت ما عرفته) والله وفي مواجهة زواج الحسين (ع) لاشعر بالخجل نيابة عن العرب جميعاً حين لا أجد عقيلته الفاضلة إلا تائهة بين سلافة» و «حرار» و «غزالة» و «خولة» و «فاطمة» و «مریم» و شاه زنان» و «ام سلمة» و «شهربانویه» و «سها» و «شاهین» و «سلامة» و «شهربانو» و «جهان «بانویه» و «برة» و «شهزنان». إذاً، فالخورنة هي ما كان يصبو اليها الزرادشتيون في الزواج الذي افتعلوه بين الحسين واحدى بنات يزدجرد. ودحضاً لهذا الافتراء الموجع رأيت من الحق أن نعتقد جميعاً ان السيدة ام اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي تزوجها الحسين فولدت له فاطمة كما في كتاب المردفات من قريش ٦٩قال:(اخبرنا احمد قال انبانا ابو الحسن قال :ام اسحاق بن طلحة بن عبيد الله كانت عند الحسن بن علي فولدت له طلحة ،فلما حضرته الوفاة امر اخيه الحسين ان يتزوجها فتزوجها فولدت له فاطمة بنت الحسين ..) فهذا يبيح لنا أن ندعي ان السيدة ام اسحاق كانت حقاً عقيلة الحسين التي انجبت زين العابدين، وأورثتنا رجلاً قال عنه الامام الزهري : ما رأيت قرشياً افضل منه، وليس لنا الا أن نفخر بعلي بن الحسين الذي قال ذات يوم : نحن من صالحي قومنا، وبحسبنا اننا من : صالحي قومنا . ثم نعلن بعد ذلك :
ان وليدا بين تيم وهاشم لأكرم من نيطت عليه التمائم .
898 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع