بقلم أحمد فخري
مسلسل مغتربون/قصة المليون دولار الجزء الاول
المكان: مدينة بورموث / بريطانيا الخميس 11 كانون الثاني 2024
استيقظ هيثم على رنة هاتفه النقال المدوية بالسلام الوطني، "موطنـــــي موطنـــــي" فالتقطه من فوق الطاولة الصغيرة الى جانب سريره ليتفحص شاشته بعين واحدة فيتبين اتصالاً من اخته من بغداد. فتح الخط وسمعها تقول،
جانيت : صباح الخير هيثم، كيف حالك حبيبي؟
هيثم : اهلاً جانيت. انا بخير، كيف حالكم انتم؟
جانيت : نحن جميعاً بخير ومشتاقين اليك كثيراً، هل ستأتي الى بغداد قريباً؟
هيثم : قلت لك اكثر من مرة. انا لن اتي الى بغداد قبل ان تتأكدي من وجود مشتري موثوق.
جانيت : لقد اخبرني زوجي البارحة انه عثر على مشتري عراقي مغترب يحمل الجنسية الكندية عاد الى العراق مؤخراً وهو مستعدٌ لشراء البيت بنصف مليون دولار.
هيثم : هل عاين البيت بنفسه؟
جانيت : كلا، قلنا له ان مساحته 400م2 وانه بمنطقة الاسكان.
هيثم : لقد اخبرني بعض الاصدقاء هنا في بورموث ان البيوت في العراق اصبح ثمنها مليون دولار او اكثر، اضافة الى ذلك، فانا لا اثق بزوجك جوزيف السكير لانه لا يَصْدِق القول ابداً.
جانيت : لا يا هيثم بعيوني، جوزيف انسان رائع وطيب القلب. فهو ليس سكيراً وهو رجل مستقيم يذهب معنا الى الكنيسة كل يوم احد. اقْسَمَ لي انه لن يمسس قطرة من المشروب في المستقبل، لذا بامكانك ان تثق به. اما المشتري فزوجي متأكد منه 100% هذه المرة. وللعلم فقط، الكثير هنا يتحدثون عن الملايين ولكن ليس هناك من يشتري العقارات يعني كلام وبس لان السوق واقف صدقني. وانت تعلم بعد وفاة الوالدة رحمها الله، لن يبقى لي أحد بالعائلة سواك. وإذا بيعَ البيت فسوف نحصل على حصتنا بالتساوي يعني النص بالنص. لا تنسى ان الوضع هنا بالعراق مزري للغاية والرواتب قد تأخرت من جديد. الجميع مهدد بالمجاعة.
هيثم : هل تمازحيني؟ اي مجاعة هذه؟ نحن نسمع ونرى في الفضائيات ان بغداد قد تغيرت من حال الى حال واصبح فيها مئات المولات والمتاجر الراقية والمطاعم الفخمة والفنادق والمنتجعات السياحية.
جانيت : حبيبي هيثم، انت تركت العراق منذ اكثر من 30 سنة وليس لك علم بما يجري هنا بالداخل. فبعض الناس صارت تأكل الطعام من القمامة. الكثيرين اصبحوا بلا مأوى ينامون على ارصفة الشوارع ويعاني اغلبهم من سوء التغذية. صدقني يا هيثم هناك بعض الناس إذا تغدت لا تتعشى. اما هذه المولات والمنتجعات السياحية التي تتحدث عنها فجميعها مملوكة من قبل افراد المليشات والسياسيين واعضاء البرلمان الذين نهبوا البلاد ولم يتمكنوا من اخراج اموالهم للخارج. لذلك استثمروها هنا ببناء المشاريع والفنادق الفخمة والمولات التي لا يستطيع التسوق منها اناس اعتياديون مثلنا.
هيثم : طيب، طيب، ساحاول المجيء خلال الايام القليلة القادمة. يجب عليّ الحصول اولاً على سمة دخول من السفارة العراقية.
جانيت : ونحن سنكون بانتظارك على احر من الجمر.
هيثم : هل تحتاجين الى شيئ من لندن؟
جانيت : والله يا هيثم نحن نحتاج الى كل شيء. (حالي تعباني يا ليلى). لكن لا يسعك ان تجلب لنا شاحنة مليئة بالبضائع في الطائرة. فقط، تعال بالسلامة ودعنا نبيع البيت كي تتحسن امورنا.
هيثم : ساتصل واخبرك عندما احجز على رحلة من خلال الانترنيت.
جانيت : طيب حبيبي، ابلغ سلامي لزوجتك كيرا وحبيبي كرستوفر.
اغلق هيثم الهاتف مع اخته من بغداد وانتصب من السرير ليتوجه الى الحمام. وبينما هو يجفف شعره عمل اطلالة من خلال الشباك فرأى ابنه كرستوفر يغلق بوابة المنزل ورائه. صرخ باعلى صوته منادياً زوجته،
هيثم : كيــــــــــرا، هل الافطار جاهز؟
كيرا : يقولون صباح الخير اولاً حبيبي. اجل لقد سلقت لك بيضتان كما تحب ومعها الشاي الاسود كذلك.
نزل هيثم الى الطابق الارضي مرتدياً بدلته فشاهد زوجته الحامل جالسة على الطاولة تنتظره. قبّلها من وجنتها وجلس امامها ليمد يده على فنجان الشاي فسمعها تسأل،
كيرا : متى ستتعلم شرب الشاي الابيض؟ انت هنا في بريطانيا لاكثر من 40 سنة.
هيثم : اولاً، انا في بريطانيا منذ 30 سنة فقط وليس 40. ثانياً، نحن العراقيون نشرب الشاي بلا حليب لذلك انتم تسمونه اسوداً. صدقيني، لو انكِ قلتِ شاي اسود بالعراق لضحكوا عليكِ لانه احمر وليس اسود. نطلق على الشاي اسوداً فقط عندما يكون ثقيلاً جداً وغامق اللون.
كيرا : لا علينا. هل تحدثت مع اختك جين؟
هيثم : اختي اسمها جانيت وليست جين. نحن متزوجون منذ اكثر من 13 سنة ولازلت لا تعرفين اسم اختي؟
كيرا : اسفة حبيبي، جين، جوانا، جانيت، هذا لا يهم. المهم هو، هل استطاعت ان تجد مشتري للبيت في بغداد؟
هيثم : تقول ان زوجها جوزيف قد عثر على مشتري. وتقول انه مضمون هذه المرة.
كيرا : وكم عرض عليهم؟
هيثم : يريد شرائه بنصف مليون.
كيرا : نصف مليون پاوند فقط؟
هيثم : كلا اي پاوند هذا؟، بل نصف مليون دولار.
كيرا : يا الهي، هذا يساوي حوالي 300 الف پاوند. اي ان حصتنا ستصبح 150 الف پاوند، اليسك كذلك؟
هيثم : اجل تقريباً، هذا صحيح.
كيرا : الم يخبرك صديقك عزيز العاني عندما جاء لزيارتنا البارحة ان المنازل في بغداد اصبحت تساوي مليون او اكثر هذه الايام؟ فلماذا هبطت للنصف الآن؟
هيثم : البيت بمنطقة شعبية في بغداد وبنائه قديم جداً يحتاج للترميم وعلى المشتري ان ينفق عليه الكثير من المال كي يجعله صالحاً للسكنى من جديد. على العموم، لو حصلنا على 150 الف پاوند فانها ستحسن من اوضاعنا كثيراً.
كيرا : لكنك سوف لن تخبر السلطات البريطانية بذلك الارث، اليس كذلك؟
هيثم : لا طبعاً. لانهم سيأخذون اكثر من نصفه في الضرائب وسيقطعون علينا الكثير من المساعدات. يجب ان نضع المبلغ في مصرف ببلد آخر محايد مثل تركيا. ثم نذهب باجازاتنا الصيفية ونحاول ادخاله معنا بشكل قانوني.
كيرا : وكم المسموح لنا ان ندخل كل مرة؟
هيثم : كل مسافر يسمح له حمل 10 آلاف جنيه استرليني نقداً. وبما انك ستلدين ابنتنا الجديدة فسوف يكون عددنا اربعة. اي اننا كلما ذهبنا الى تركيا سنعود ونحن حاملين معنا 40 الف پاوند بشكل قانوني.
كيرا : هكذا سوف يتمزق المبلغ ارباً اربا وسوف يتلاشى بعد فترة قصيرة. انا اعتقد ان الامر لا يستحق المجازفة لانك ستذهب الى العراق وتعرض نفسك للخطر. انا لا اريد ابنتنا ان تلد وهي يتيمة. الا يمكنهم بيع البيت من دونك؟ انا اخاف عليك من الخاطفين.
هيثم : وماذا تريديني ان افعل؟ اجلس هكذا ويضيع حقي؟ لا تنسي ان مشاكل الاختطاف والقتل كانت في الـ 2006 ليس الآن. الآن الوضع تغير واصبح اكثر اماناً.
كيرا : لا زلت اعتقد ان الامر خطير جداً ولا يستحق منك المجازفة. الم يعملوا مجزرة بشعة بكنيسة سيدة النجاة ببغداد؟ يا الهي انتم شعب ارهابي متوحش.
هيثم : نحن شعب ضحية لبلدك بريطانيا التي وضعت بصمة الخراب في العراق منذ ثورة العشرين ولازالت اثارها لحد اليوم. انتم السبب في مأساتنا.
كيرا : على العموم، دعك من السياسة الآن، متى قررت السفر؟
هيثم : ساقوم بحجز التذكرة اليوم بعد ان اعود من عيادة طبيب الاسنان. لدي موعد مع الساعة العاشرة والنصف.
كيرا : حسناً، لا تنسى ان تغسل اسنانك قبل الخروج كي لا يشم طبيبك رائحة البيض.
هيثم : اكيد.
بعد عودة هيثم من العيادة، لم يتمكن من تناول وجبة الغداء التي اعدتها له زوجته لان فمه كان مثقلاً بالمخدر ولم يكن يشعر بلسانه. بقي على حالته هذه حتى الرابعة بعد الظهر حين بدأ مفعول البنج يتلاشى. وقتها طلب من زوجته ان تهيئ له الطعام. وخلال تلك الفترة فتح حاسوبه وتمكن من الدخول على بعض مواقع الخطوط الجوية وحجز على رحلة ليوم الاربعاء 17 كانون الثاني. وخلال تلك الفترة صار يجهز حقيبة سفره ويشتري الهدايا لاخته وعائلتها كي يعود الى الوطن بعد غياب دام ثلاثة عقود.
وبعد ثلاثة ايام أي في يوم السفر اخبرته زوجته ان عليها الذهاب للعمل في المستشفى لانها ممرضة ولديها عملية طارئة كبيرة يجب ان تساهم فيها لذا فهي غير قادرة على توديعه بالمطار كذلك ابنه كرستوفر الذي توجب عليه الذهاب الى المدرسة. لذا حجز هيثم سيارة اجرة نقلته بمفرده الى محطة القطارات بوسط مدينة بورموث متوجهاً الى لندن ومنها الى مطار هيثرو. وفي المطار وقف هيثم بطابور طويل من المسافرين العراقيين الذين لم يعهده من قبل، فسنين الغربة الطويلة انسته عادات العراقيين وافعالهم الفوضوية واولها عملية التدافع والتحايل على بعضهم البعض كي يسبقوا غيرهم في الطابور. كان هيثم يستهجن تلك الممارسات التي كادت تتلاشى من ذاكرته بعد كل تلك السنين الطويلة التي قضاها في بريطانيا. خصوصاً وان الشعب الانكليزي لديه هوس كبير بالتمسك بالنظام. وفي الطائرة رأى فوضى عارمة اخرى ليس من بعدها فوضى. فالجميع لا يلتزم بالاخلاق والتسامح التي تعود عليها. كان المسافرون يرومون ان يسبقوا بعضهم البعض بكل شيء حتى بالاستحواذ على خزانات الحقائب فوق كراسي الركاب. جلس صاحبنا في مكانه المخصص وربط حزام المقعد ليسلم امره لله. وبعد اكثر من ساعة من الجلوس الممل بدأت الرحلة واقلعت الطائرة اخيراً من مطار هيثرو متجهة الى مطار صدام الذي تغير اسمه الآن ليصبح مطار بغداد الدولي. ولما هبطت الطائرة بارض المطار دخل المسافرون صالة الوصول ليبدأ التدافع من جديد وصار الكل يريد ان يكسب جائزة الـ 1000 متر لانه سوف يصبح اضحوكة لاهله وذويه إذا ما خسر السباق وخرج اليهم متأخراً. لم يجد صاحبنا اي مشاكل لدى الاستجواب لانه ابرز جواز سفره البريطاني والذي سبق وان خُتِمَتْ عليه سمة دخول (ڤيزة) حصل عليها من السفارة العراقية بمنطقة كنزنگتون بلندن. وبعد ان اختطف حقيبته من الحزام الدوار ووضعها فوق عربة مهلهلة تصدر اصوات صرير مزعج اثناء السير. خرج الى خارج مبنى المطار فوجد الكثير من سيارات الاجرة التي يتقاتل عليها المسافرون ممن جاؤوا معه بالطائرة. وقف هيثم بعيداً حتى خف الزحام بعض الشيء وانتهى التهافت عليها فحظي بواحدة منها وجلس ليقول للسائق،
هيثم : خذني الى زيونة لو سمحت.
السائق : حاضر استاذ. هل انت قادم بطائرة جنيڤ؟
هيثم : كلا، انا وصلت للتو من لندن.
السائق : لقد نقلت قبلك عائلة عراقية مهاجرة جائت من جنيڤ. كان لديهم طفلان جاؤوا لزيارة اهلهم بالصليخ. ولكن اخبرني استاذ هل هذه زيارتك الاولى بعد السقوط؟
هيثم : سقوط؟ سقوط ماذا؟ عن اي سقوط تتحدث؟
السائق : سقوط الصنم طبعاً.
هيثم : ربما قصدك سقوط القيم والاخلاق والنظام.
السائق : والله انت على حق. لم يبقى لدى الناس اي شيء من هذه الصفات الآن.
هيثم : لقد خرجت من العراق قبل 30 سنة تقريباً وهذه هي زيارتي الاولى.
السائق : يبدو عليك مستاءاً من الرحلة.
هيثم : اجل انا مستاء من تصرفات جماعتنا. فبعد كل تلك السنين وبعد ان عاشوا بالخارج عقود طويلة، لم يتعلموا النظام. اقسم بالمسيح لو بقوا 100 عام وعادوا للعراق لرجعوا الى عاداتهم الفوضوية. لأن المعيدي يبقى معيدي حتى لو لبس ملابس الاوادم.
السائق : يا سلام، انت مسيحي إذاً. وانا كذلك مسيحي مثلك. من اين انت يا استاذ؟
هيثم : انا اصلي من بغداد.
السائق : اما انا فاصلي من الموصل. لكني سكنت بغداد منذ اكثر من 25 سنة.
هيثم : والنعم.
السائق : دعني احذرك من شيء استاذي العزيز، اليوم اصبح النصب والاحتيال عادة متعارف عليها هنا. الجميع يحتال عليك إن سنحت له الفرصة. لذا عليك ان تكون على حذر من كل شيء. وكأن العرقيين جميعاً اصبحوا خريجي سوق مريدي.
هيثم : سوق ماذا؟
السائق : سوق مريدي. انه سوق يكثر فيه المزورون والمحتالون. ففي ذلك السوق بامكانك الحصول على شهادة الهندسة او المحاماه او الدكتوراه خلال 10 دقائق. هناك تجد اناس محترفون بكل اساليب التزوير وبيع البضائع المسروقة.
هيثم : لم يحصل لي الشرف لازور ذلك السوق الشنيع.
السائق : وهل تعتقد ان صدام كان سيسمح بمثل هذا الانحطاط لو كان على قيد الحياة؟
هيثم : بالتأكيد لا. فحتى اعدائه ومعارضيه صاروا اليوم يقولون نفس الكلام. اصبحوا يترحمون على ايام النظام السابق عندما كانت هناك دولة وحكومة ونظام. اما الآن، فلا شيئ. لا شيئ بتاتاً.
السائق : على اعموم يجب عليك ان تكون حذراً جداً لان الذي يحكمنا اليوم هي العصائب والمليشات التي بامكانها ان تفعل بك ما تشاء دون حساب. انت كنت بعيداً عن العراق لفترة طويلة ولا تعلم ماذا يجري هنا بالداخل. سوف تعود وتسكن العراق من جديد لتتعرف على المياه الآسنة والعفن الذي تفشى بالبلاد.
هيثم : انا لا انوي ان اسكن هنا. رجعت فقط لازور اختي وعائلتها لفترة قصيرة ثم اعود الى عائلتي ببريطانيا.
السائق : هذا افضل لك. ما الذي أرجعك لهذا البلد الذي تحول الى خراب كبير؟ اصبحت حثالة القوم تحكمه. تخيل استاذي، ملايين البشر يتبعون رجلاً واحداً متخلفاً لا يفقه ما يقول وليس لديه اي ثقافة او تعليم. انهم يتبعونه كالخراف.
هيثم : كلامك صحيح. ولكن دعني اسألك عن موضوع بعيد عما كنا نتحدث عنه، كيف استطيع ان اشتري شريحة هاتف استطيع من خلالها الاتصال بزوجتي في بريطانيا؟
السائق : بامكانك شراء شريحة اسياسيل لتضعها بداخل هاتفك خلال فترة وجودك بالعراق.
هيثم : اين استطيع شراء مثل هذه الشريحة؟ وكم يبلغ ثمنها؟
السائق : انت محظوظ لان لدي واحدة اسمها (هله). طلبها مني البارحة احد السواح لكنه سافر قبل ان يشتريها. بامكاني ان ابيعها لك بثمنها، انها بـ 5000 دينار.
هيثم : والله انا شاكر لك. هل هي معك الآن؟
مال السائق بجذعه اثناء السياقة وفتح المحفظة ليخرج ظرفاً مغلقاً بغشاء بلاستيكي. اعطاه لهيثم ففتحه واستبدل شريحته القديمة بالجديدة ثم فتح الهاتف ليجده ينتفظ وتدب فيه الحياة قال،
هيثم : شكراً لك عزيزي، ساتصل بزوجتي الآن لاطمئنها على وصولي.
ضغط على رقم هاتف زوجته فسمعه يرن ثم اجابته وقالت،
كيرا : من الطالب؟
هيثم : كيرا هذا انا هيثم حبيبتي. لقد وصلت بغداد قبل قليل واشتريت شريحة هاتف محلية. بامكانك الاحتفاظ بهذا الرقم كي تتواصلي معي من خلاله اثناء فترة وجودي في بغداد.
كيرا : طيب حبيبي. يجب ان اغلق الخط فوراً لان عندي عملية سنجريها بعد قليل مع الفريق الطبي.
هيثم : قبلاتي لك ولحبيبي كرستوفر. وداعاً.
بعد ان اغلق الخط مع زوجته، علق السائق قائلاً،
السائق : يبدو انك متعلق كثيراً بابنك كرستوفر. لقد سمعتك تبعث له قبلات.
هيثم : اجل هو ابني الوحيد، يبدو انك تفهم اللغة الانكليزية.
السائق : عزيزي انا خريج ادب انكليزي من كلية الآداب. لكن ظروفي هي التي دفعتني كي اصبح سائق تاكسي لعدم توفر الوظائف. ماذا نعمل؟ هذه هي الحياة هنا. وانت سيدي ماذا تعمل؟
هيثم : انا اعمل موظف لدى شركة عقارات بمدينة بورموث.
السائق : على العموم اتمنى لك اقامة طيبة في بغداد.
بعدها ارسل هيثم رسالة نصية لاخته جانيت يخبرها بوصوله الى بغداد.
وصلت سيارة الاجرة امام منزل اخت هيثم فنزل منها وصار السائق يخرج له حقيبته من المحفظة الخلفية فاعطاه اجرته بالاضافة الى ثمن خط الهاتف. فقال له،
السائق : إن احتجت الى سيارة اجرة باي وقت اتصل بجوالي وساخذك الى اي مكان تشاء. واحذر من سائقي التاكسي الآخرين لأنهم لا يؤتمنون هذه الايام. خذ هذه بطاقتي استاذ.
هيثم : شكراً لك اخي... اخي اسكندر.
اسكندر : شكراً سيدي. كما قلت لك سابقاً، اتصل بي وقتما تشاء وستجدني جاهزاً لانقلك الى اي مكان اينما يحلو لك. على مدار الساعة يعني 24 ساعة هي هي هي.
هيثم : وداعاً.
ابتعدت سيارة الاجرة فسحب هيثم حقيبته ورائه وضغط على زر الجرس ليسمع وقع اقدام مسرعة وجلبة كبيرة. انفتح الباب فوجد اخته جانيت تقفز عليه وتحبس رقبته بذراعيها وتظمه الى صدرها فتمطره قبلاً وتذرف دموع الفرح وتزغرد. بعدها جاء اطفالها الخمسة قالت،
جانيت : حبيبي هيثم دعني اعرفك على اطفال اختك حسب التسلسل، هذا مرقس وهذا متي ولوقا وحنا وهذه ماري الاصغر بالعائلة. انها لم تكمل الـ 3 سنوات بعد.
هيثم : تعالوا يا احبابي دعوني اقبلكم جميعاً. انت مرقس الاكبر اليس كذلك؟
مرقس : اجل خالي، انا مرقس بامكانك ان تناديني مارك.
هيثم : لقد احضرت لكم هدايا كثيرة من انكلترا.
لوقا : هل جلبت معك بعض الشكولاطة؟
هيثم : جلبت معي الكثير من الشكولاطة واللعب. دعونا ندخل وساعطيكم كل شيء.
جلس هيثم بغرفة الاستقبال وكان الاطفال يحيطون به يحدثونه ويقبلهم كثيراً حتى دخلت عليه اخته بصينية الشاي وعليها الاستكانات فتبسم وقال،
هيثم : عملتي لنا شاي اسود؟
جانيت : لا حبيبي نحن لا نشربه غامقاً.
ضحك هيثم وحكى لاخته ما دار بينه وبين زوجته كيرا عن تسمية الشاي ببريطانيا. وبينما هم يتحدثون دخل عليه رجل طويل القامة نحيف البنية قالت،
جانيت : دعني اقدم لك زوجي جوزيف. لقد سبق لك وان تحدثت معه بالهاتف لكنك لم تقابله وجهاً لوجه.
امسك جوزيف بيد هيثم وهزها بحرارة ثم قال،
جوزيف : انا سعيد لاني التقيتك اخيراً.
هيثم : اهلاً جوزيف. كيف حالك؟
جوزيف : وكيف يكون حالي بهذا العراق العظيم؟ كما تراني يا اخي متسخ الملابس. اعمل لدى احد ميكانيكي السيارات بالشيخ عمر كصانع صغير، اجير يومي حقير. مع اني خريج كلية الادارة والاقتصاد.
هيثم : كان الله في عونك اخي جوزيف. الخبزة مرة، انا اعلم ذلك جيداً.
جوزيف : اخبرني الآن كيف وجدت بغداد؟
هيثم : اقسم لك يا جوزيف اني عندما استنشقت هواء بغداد وانا خارج من بناية المطار، اصابني شعور غريب يصعب تفسيره. لقد اصابتني نوبة من البكاء لانها المدينة التي ولدت وترعرعت فيها ودرست فيها المدارس والجامعة ثم تغربت. ومهما بقيت بالخارج فانا اشعر بانتماء غريب الى هذه الارض الطيبة.
جوزيف : يبدو انك لا تعرف ماذا يدور على هذه الارض التي تسميها طيبة اخي هيثم، الانسان هنا لم يعد له اي قيمة تذكر. فنحن نعيش عيشة كلاب بعد ان كان يهابنا الكبير قبل الصغير. لم ييتمنا ابائنا وامهاتنا عندما رحلوا، لكننا تيتمنا عندما رحل النظام السابق الذي كنا نكرهه ونلعنه صباح مساء ولم نقدّر قيمته حتى فقدناه. كان العراق عراقاً له منزلته بين الدول يعملون له الف حساب ويحترمه الجميع. اما الآن فهم يسرقون شعبه ويتركونهم كالشياه الضالة. امورنا ومصائرنا كلها بايدي اناس مارقة جهلة من حثالة القوم انتشلهم الامريكان من مستنقعات طهران وعمان ولندن والقوهم علينا كما تلقي الشاحنة القلابة حمولتها من الحصى والرمل على الارض. انت خرجت من العراق ولم تعاصر كل هذه المآسي، ارتحت من ظلم المليشات والفصل العشائري والفساد الاداري والرشاوي والتزوير والاحتيال التي اصبحت امراً لا يخجل منه اي انسان هنا. فالمقاييس تغيرت اخي هيثم. في السابق عندما يلقى القبض على مجرم او خائن فإن جميع افراد اسرته واقاربه يصابون بالخجل من جراء فعلته المشينة. لكن اليوم يعتبرون ذلك امراً اعتيادياً واجراءاً طبيعياً في الصراع من اجل البقاء. بل يباركون جريمته ويعتبرونها امراً ضرورياً لا بد منه.
جانيت : دعكم من هذا الحديث المحزن الآن يا اعزائي. فهيثم قد وصل للتو من رحلته وبالتأكيد هو جائع ومتعب من اثر السفر. اسمع هيثم، لقد طبخت لك بامية كما كانت تطبخها المرحومة امي.
هيثم : سنرى إن كان طبخك يضاهي طبخها.
استأذنت اخته وذهبت الى المطبخ لتجري آخر اللمسات على الطعام ثم استدعت الجميع كي يجلسوا حول الطاولة. فبدأ جوزيف بتلاوة الصلوات وكلمات الشكر للرب حتى يباشر الجميع بتناول وجبة العشاء. وبعد ان تذوق هيثم الطعام قال،
هيثم : اللــــــــــــــــــه انه فعلاً لذيذ. اقسم بالمسيح ان البامية التي تصلنا الى بريطانيا ليس لديها نفس طعم البامية هنا. ربما لانها سقيت بماء دجلة.
وبعد ان انتهوا من تناول وجبة العشاء. استدعى هيثم الجميع كي يصطحبهم الى غرفته التي خصصتها له اخته وقالت انها غرفة الطفلة ماري. سلم الجميع هناك هداياهم بعد ان فتح حقيبته واخرج فستاناً طويلاً اخضر اللون اعطاه لاخته وقال،
هيثم : هذا الفستان لاختي العزيزة. انه ذوق زوجتي كيرا فانا كما تعلمون لا افهم بملابس النساء.
جانيت : انه جميل حقاً. سوف ارتديه عند تثبيت ابني حنا في الكنيسة بالشهر القادم.
هيثم : كذلك احضرت لكِ عطراً اتمنى ان ينال اعجابك.
امسكت بالعلبة وقرأت الاسم (ايلي صعب). قالت،
جانيت : يبدو انه باهظ الثمن. شكراً عزيزي.
فتحت الزجاجة وشمت العطر فاعجبت به كثيراً. نظر هيثم الى زوج اخته وقال،
هيثم : وهذا عطر آخر لكَ عزيزي جوزيف.
جوزيف : يا سلام انه شانيل بلو. اعرف ذلك العطر جيداً. شممته من احد الزبائن بورشة التصليح التي اعمل بها وقد اعجبت به كثيراً. شكراً اخي هيثم.
هيثم : وهذه علبة فيها الكثير من الحلويات والمصاصات لاحبابي مرقس ومتي ولوقا وحنا وماري الحلوة الحبابة. جلبت لكم ايضاً آخر اصدارات الـ (اكس بوكس) من الجيل الرابع انها لكم جميعاً يا صغار كي تلعبون عليها.
سلم علبة كبيرة للاطفال فصرخوا بصوت واحد من شدة الفرح.
هيثم : والآن جاء دور ماري. تعالي الى جنب خالك حبيبتي، اولاً جلبت لك دمية (باربي) فالبنات كلهن يحبونها وجلبت معها دولاب كامل من الملابس. ثانياً انظري الى هذا الفستان الجميل ارجو ان يكون على مقاسك.
جانيت : انه على مقاسها تماماً اطمئن. شيء جميل يا هيثم. من المؤكد ان تكون كيرا هي التي اختارته.
هيثم : طبعاً، طبعاً، كيرا لها ذوق في انتقاء الملابس وبالاخص للاطفال.
جانيت : هل علّمت زوجتك العربية؟
هيثم : لقد تعلمت بعض الكلمات العراقية مثل (قزلقرط) و(زقنبوت) و (طاح حظك) تقولها (تاه هذك).
صار الاطفال يضحكون على ما قاله خالهم.
جانيت : اسمع هيثم، يجب ان تنام الآن فانت متعب. هيا يا اولاد دعوا خالكم يرتاح فهو تعبان من اثر السفر.
قبله الجميع وشكروه على الهدايا ثم غادروا الغرفة ليهبطوا الى الطابق السفلي. نظر هيثم حوله فوجدها غرفة صغيرة متواضعة لكنها نظيفة وقد تزينت بالكثير من الصور والرسومات التي علقت على الجدران. رأى فوق السرير صليب كبير وايقونة للسيدة مريم العذراء، استغرب من ذلك كثيراً لان البروتستانت لا يؤمنون بالايقونات. تبسم وقال في قرارة نفسه، ما اجمل الايمان بهذا البيت. بعكس بيتي في بريطانيا، فزوجتي كيرا بالكاد تؤمن بوجود الله. ارتدى بيجامته ودخل السرير ليغرق بنوم عميق.
في اليوم التالي استيقظ على أيدي صغيرة تهز كتفه وتطبطب عليها. فتح عينيه ليجد الطفلة ماري تقول،
ماري : هيا استيقظ يا عمو.
هيثم : انا خالو يا حبيبتي.
ماري : إذاً استيقظ يا عمو خالو، تقول امي الافطار جاهز.
امسك بها وامطرها قبلاً ثم نهظ من سريره فسمعها تقول،
ماري : هذه غرفتي التي تنام بها. بامكانك استعمالها الآن لانك ضيفنا ولكني اريد ان استرجعها بعد ان ترحل.
هيثم : بالتأكيد انها غرفة جميلة مثلك يا حلوتي. دعيني ارتدي ملابسي اولاً وسالحق بك فيما بعد.
ماري : لا داعي لان ترتدي ملابسك. فابي يفطر بالبيجامة.
هيثم : ابوكِ فيترچي وغير متحضر يعني (عربنچي اصلي). انا سارتدي ملابسي ثم اتي الى المطبخ. هيا يا حلوتي انزلي انت قبلي الى الطابق السفلي وخذي الباب بيدك.
ماري : الى اين آخذ الباب؟
هيثم : اقصد اغلقي الباب ورائك لو سمحتِ.
بعد ان تأكد انها خرجت من الغرفة، اخرج محفظة صغيراً من حقيبته فيها بعض مستلزمات الحلاقة وفرشة اسنان وما شابه ليدخل بها الحمام فيغتسل. بعدها رجع وغير ملابسه ثم نزل الى الطابق السفلي فصارت تقتحم انفه رائحة البيض والشاي المخمر بالهيل. دخل المطبخ فوجد اخته جانيت منهمكة باعداد الافطار بينما جلس الاطفال الخمسة حول المنضدة. قبلهم جميعاً وجلس الى جانب ماري قال، "صباح الخير عليكم جميعاً". فردوا عليه التحية.
هيثم : هل استيقض جوزيف؟
جانيت : اوهـــــــــــــو، جوزيف يستيقض الساعة الخامسة فجراً ويخرج الى العمل كل يوم لانه يتنافس مع الديك. فكما تعلم هو ميكانيكي وعليه ان يذهب للورشة مبكراً ليبدأ عمله مع الساعة السابعة. هو يعمل سبعة ايام بالاسبوع.
هيثم : مسكين، اعانه الله.
وضعت جانيت الطعام على الطاولة فمد هيثم يده ليلتقط بيضة مسلوقة لكن الطفلة ماري ضربته على يده وقالت،
ماري : ابعد يدك عن الطعام، عليك ان تنتظر حتى تصلي عليه امي قبل ان نبدأ.
هيثم : انا آسف حبيبتي، لم اعتد على ذلك.
جانيت : الا تصلون على الطعام في انكلترا؟
هيثم : بصراحة لا، المجتمع البريطاني علماني والاغلبية لا يؤمنون بالله لكن زوجتي كيرا تؤمن بعض الشيء الا انها لا تهتم بتلك التفاصيل الدقيقة كالصلاة قبل الطعام والذهاب الى الكنيسة لاجتماع يوم الاحد.
جانيت : زوجتك بروتستانت، اليس كذلك؟
هيثم : اجل، اجل انها بروتستانت مثلنا لكن الجو العام ببريطانيا لا يشجع على التدين مع الاسف.
جانيت : المهم، ما هو جدولك اليوم؟
هيثم : ساذهب الى دائرة الطاپو لآخذ نسخة من حجة البيت.
جانيت : لكن اليوم هو الاحد. الا تريد ان تذهب للكنيسة معنا؟
هنا شعر بالخجل لانه يكسر روتين العائلة لذلك غير رأيه وقال،
هيثم : اجل، انتِ على حق. لقد نسيت ان اليوم هو الاحد. دعيني اؤجل ذهابي للطاپو الى الغد.
هنا سألته الطفلة ماري،
ماري : هل تحفظ (ابانا الذي في السموات ليتقدس اسمك)؟
هيثم : طبعاً اعرفها، اعرفها جيداً. حفظتها عندما كنت صغيراً ومشاغباً مثلك يا حلوتي.
ماري : واو انت مؤمن إذاً، انا احبك كثيراً يا عمو خالو. سنرتها سوية اليوم.
هيثم : وانا احبك واحب لسانك الذي يقطر شهداً. اجل سنرتها سوية.
صلت جانيت وشكرت الله على رزقه وبدأ الجميع بتناول الطعام ثم رجعوا الى غرفهم كي يستعدوا للخروج الى الكنيسة. صعد هيثم الى غرفته وصار يتهيأ للخروج مع العائلة. بهذه الاثناء تذكر آخر مرة ذهب فيها الى كنيسة البروتستانت قرب ساحة الاندلس ذلك التقليد الذي كاد ان ينساه منذ ان غادر العراق في بعثة الايفاد من وزارة التجارة حيث بقي هناك ببريطانيا ولم يعد بعدها حين التقى بصديقته كيرا واقام معها علاقة طويلة دامت سنتين تكللت بالزواج والانتقال من لندن الى بورموث حيث يسكن ابويها. والآن ها قد عادت اليه تلك الذكريات الجميلة التي ابى ان يمحوها الزمن. وبينما هو يرتدي بدلته السوداء سمع اخته تنادي من الطابق السفلي،
جانيت : هل انت جاهز يا هيثم؟ لقد تأخرنا.
هيثم : كدت اجهز، سانزل بعد قليل.
نزل هيثم من السلم فنظرت اليه الطفلة ماري وصفرت ثم قالت،
ماري : تبدو وسيماً يا عمو خالو. سوف تغرم بك الفتيات العراقيات بوسامتك في الكنيسة. سنختار لك عروسة من هناك.
هنا صححت لها جانيت معلوماتها إذ قالت،
جانيت : حبيبتي ماري، خالك متزوج، ولديه عائلة جميلة ببريطانيا. سوف يطلعنا على صورهم عندما نعود من الكنيسة.
هنا سأل حنا وقال،
حنا : وما المانع ان يتزوج خالي اثنتان؟ فجارنا العم ابو صفاء له زوجتان.
جانيت : حبيبي حنا، نحن لا نتزوج اكثر من واحدة. المسلمون فقط قادرون على ذلك لان دينهم يسمح لهم بالزواج لاكثر من واحدة. هيا يا اولاد دعونا نخرج الى السيارة.
ركب الجميع سيارة العائلة القديمة التي رفض ان يدور محركها من الوهلة الاولى. ولكن بعد محاولات عديدة دار المحرك ووثبت للعمل. سأل هيثم،
هيثم : هل سنذهب الى الكنيسة التي بساحة الاندلس؟
جانيت : كلا، سنذهب الى كنيسة اخرى في شارع النضال. هل ترغب ان نذهب الى ساحة الاندلس؟
هيثم : كلا ابداً، فقط تذكرت آخر مرة ذهبت فيها الى الكنيسة بالقرب من ساحة الاندلس مع المرحومة امي. انها الذكريات لا غير. دعنا نذهب الى شارع النضال لا ضير في ذلك.
اوقفت جانيت سيارتها بالقرب من الكنيسة ونزل الجميع مرتدين اجمل ملابسهم فكان ذلك المنظر مثيراً لاعجاب هيثم لانه اشتاق كثيراً لتلك اللحظات الجميلة التي تقوم فيها العائلة بعمل جماعي. بدأ الاجتماع وكان الحضور كله من المصلين بالمناطق القريبة من مساكنهم. كانوا يبحلقون بوجه هيثم باستغراب كبير لانهم لم يسبق ان رأوه في اجتماعاتهم. وبعد نهاية الاجتماع ومراسيم الصلاة عادت العائلة الى المنزل وقضوا اوقاتاً جميلة مع بعضهم البعض حين عرض عليهم هيثم صور عائلته ببريطانيا من على شاشة التلفاز بغرفة الاستقبال من خلال هاتفه الذكي عبر تقنية البلوتوث. راح يشرح لهم عن غرفة ابنه كرستوفر وصالة الاستقبال التي يشعلون فيها الفحم الحجري في ليالي الشتاء الباردة وشجرة عيد الميلاد ورأس السنة والحديقة الصغيرة الخلفية التي تعتني بها زوجته كيرا. وفي اليوم التالي استيقض هيثم على طبطبة الطفلة ماري فوق كتفه تخبره بان الافطار اصبح جاهزاً وان عليه النزول على الفور والا فإن والدتها ستعاقبه. نزل هيثم وجلس على الطاولة فسألته جانيت،
جانيت : ما هو برنامجك اليوم؟
هيثم : ساذهب الى مديرية الطاپو كي استخرج ورقة الملكية للبيت.
جانيت : هل تحتاجني معك؟
هيثم : كلا، هذا ليس ضرورياً. ساذهب وحدي.
جانيت : لكن الامور قد تغيرت الآن في العراق. يجب ان تُلَعّبْ يدك.
هيثم : ماذا تقصدين؟
جانيت : اقصد تدهن الزردوم. انها الرشاوي يا عزيزي.
هيثم : اي رشاوي؟ انا ذاهب الى دائرة حكومية. ربما سيتعفف الموظف من الرشوة ويبلغ الشرطة عني فتضيع فرصتنا وادخل السجن.
جانيت : يبدو انك لا تزال تعيش في القرون الوسطى. انت الآن في العراق الجديد، مركز الفساد العالمي.
هنا سمع لوقا يقول،
لوقا : يا خالوا... "ولك الو هاهاهاها".
هيثم : اتقصدون ان الجميع مرتشي؟ ايعقل ذلك؟
جانيت : كما قال لك ابني، "ولك الو هاهاهاها".
هيثم : لا اصدق هذا الكلام. العراق الذي كان قدوة لباقي الدول بالشرف والامانة والاستقامة، اصبح اليوم بهذه الدونية!
جانيت : انت لم ترى شيئاً بعد يا بريطاني. فسوف تصدمك الفعاليات الجميلة والاساليب الجهنمية في استنباط الخدع الخسيسة لشعبنا العظيم.
هيثم : على العموم لقد داهمني الوقت، ساتصل بتاكسي الآن.
جانيت : احذر من سائقي التاكسي. فانهم سيضاعفون عليك الاجر إذا شمو عليك رائحة المغترب.
هيثم : لا اعتقد ذلك. هذا السائق من جماعتنا طيب القلب ومن اهل الله. هو الذي جاء بي من المطار اسمه اسكندر بطرس.
جانيت : من جماعتنا او من جماعتهم، لا تدفع له اكثر من 3000. فالمكان الذي تقصده قريب من هنا.
هيثم : حسنا حبيبتي.
اخرج هيثم البطاقة الصفراء من محفظته وصار يطلب الرقم المكتوب بداخلها فسمع السائق يرد عليه قائلاً،
اسكندر : تكسي 24 ساعة، معكم اسكندر تفضلوا.
هيثم : عزيزي اسكندر، انا هيثم الذي احضرته من المطار قبل يومين هل تذكرني؟
اسكندر : طبعاً اذكرك، انت جئت من لندن واخذتك الى زيونة اليس كذلك؟
هيثم : اجل هذا صحيح. هل بامكانك ان تأخذني الى الطاپو اليوم؟
اسكندر : اكيد ولكني مع زبون آخر الآن، هل تستطيع ان تنتظرني 30 دقيقة حتى اوصله؟
هيثم : طيب ليس هناك مشكلة. سانتظرك ولكن لا تتأخر كثيراً.
اغلق الخط مع السائق وقال لاخته،
هيثم : سيأتي بعد حوالي نصف ساعة لان لديه راكب يوصله ثم يأتي الى هنا.
جانيت : جيد جداً. وماذا يعجبك ان تأكل على الغداء؟
هيثم : اي شيء تعملينه خير وبركة.
جانيت : طيب حبيبي. سألبس الاولاد كي يذهبوا الى المدارس.
هنا صرحت الطفلة ماري وقالت،
ماري : كلهم ما عداي فانا معفية بسبب صغر سني.
هيثم : بل انت معفية لجمالك الفتان وطول لسانك يا شقية.
التقطها وصار يمطرها قبلاً. وبعد مرور 45 دقيقة وقفت سيارة التاكسي امام الباب فنادته جانيت وقالت،
جانيت : السيارة وصلت يا هيثم.
خرج هيثم وحيا السائق ليجلس على الكرسي الخلفي ويغلق الباب.
اسكندر : انا اعتذر على التأخير، كان هناك زحام بالسير في الباب الشرقي.
هيثم : لا عليك اخي، المهم ان نصل الى مديرية الطاپو بالوقت الملائم قبل ان ينتهي الدوام.
اسكندر : على فكرة اصبح اسمها اليوم (مديرية التسجيل العقاري) هل تريدني ان ابقى معك هناك؟
هيثم : اجل لانك تعرف امور (دهن الزردوم) التي لم اعتد عليها.
اسكندر : حسناً هذا امر هين. فعندما تصل المسألة الى المال، الكل يصبح عبداً لك.
وصلوا مديرية التسجيل العقاري بالكرادة فركن اسكندر سيارته واحكم اغلاقها لينزل مع هيثم. وفي الطريق اوصاه قائلاً،
اسكندر : عندما تبدأ المباحثات المالية، اريدك ان تلتزم بالصمت وتترك الامر لي. انا ساتفاوض بدلاً عنك.
هيثم : طيب طيب.
دخلوا الدائرة فذهبا الى الاستعلامات ليسأل،
اسكندر : مكتب اخراج ورقة ملكية يا اخي لو سمحت.
موظف الاستعلامات : اطلع خارج هذا الباب وادخل ثاني باب على اليسار.
خرج الاثنان معاً ودخلا مكتب الارشيف ليجدا رجلاً بديناً مسناً في عقده السادس احترق شعره شيباً يجلس خلف منضدة خشبية مزرية تهتز وتكاد تسقط باي لحظة، سأله،
هيثم : سيدي، اريد اخراج ورقة ملكية باسم المرحومة والدتي.
الموظف : العنوان واسم الوالدة الكامل وتاريخ ميلادها؟
هيثم : 112 زقاق 27 / الاسكان، بغداد. البيت باسم الوالدة المرحومة ماري يوسف يونان، ولادة 1920.
الموظف : تفضل اجلس انت وصاحبك سابحث عن الملف.
همس اسكندر باذن هيثم وقال،
اسكندر : هذه احدى اساليبهم المعهودة، يتظاهر بانه سوف يبحث بالارشيف ثم يرجع ويقول بانه لم يجد الملف.
هيثم : اسكت يا اسكندر فإذا سمعك سوف يمتنع عن مساعدتنا.
اسكندر : لا تقلق، المال سيحل كل المشاكل اليوم.
انتظرا لاكثر من ربع ساعة حتى عاد الموظف وبيده ملف قال،
الموظف : العقار له مالك جديد وليس باسم والدتك.
هيثم : هل انت متأكد من انه نفس العنوان سيدي؟
الموظف : العنوان الذي ذكرته هو 112 زقاق 27 الاسكان، بغداد. اليس كذلك؟
هيثم : اجل هذا صحيح.
الموظف : العقار انتقلت ملكيته في عام 2016. يبدو ان والدتك قامت ببيعه قبل ان تتوفى.
هيثم : الوالدة توفت عام 2018. فكيف تبيع العقار وتبقى ساكنة فيه لسنتان؟ لقد اخرجوا جنازتها من البيت عام 2018. هل يعقل ذلك؟
اسكندر : من هو المالك الجديد يا استاذ؟
الموظف : المالك الجديد اسمه لفتة خلف عبد الحسين. لقد اشتراه من والدتك.
همس اسكندر باذن هيثم وقال،
اسكندر : جاء دورك يا هيثم، امنحه ورقة وسوف يعود العقار باسم والدتك بقدرة قادر.
اخرج هيثم ورقة بـ 100 دولار واعطاها للموظف قال،
هيثم : والآن، ما رأيك؟ هل العقار ما زال باسم لفتة خلف عبد الحسين؟
الموظف : اخي، المسألة ليست مسألة نقود. العقار مسجل بشكل رسمي باسم هذا الشخص. بامكانك ان تسأله بنفسك.
هيثم : هل لديك عنوانه؟
الموظف : اجل انه 112 زقاق 27 الاسكان، بغداد. بامكانك ان تسأله بنفسك هناك.
نظر هيثم الى اسكندر وقال،
هيثم : يبدو ان الامر قد تغير، هيا يا اخي دعنا نذهب لنتحدث معه.
رجع هيثم وسائقه الى السيارة وانطلقا باتجاه حي الاسكان. وما ان شارفا على الوصول الى المكان بدى المنظر مختلفاً تماماً. فكل المنطقة تبدلت عما كان يعهدها هيثم. اين المخبز الذي كان يقع برأس الشارع؟ اين دكان العم هلال؟ اين مدرسة الدراري التي كانت خلف شارع بيته؟ اين اين اين... كل المنطقة تبدلت الى حي راقي فيه عمارات ومحال تجارية جميلة ونوافذ زجاجية كبيرة بيافطات ضوئية ملونة. اين سنجد بيتنا القديم؟ تتبع السائق اسكندر الارقام حتى وقف امام نافذة كبيرة كتب عليها صالون سراب للتجميل.
اسكندر : هذا هو الرقم 27/ 112. انه الصالون الذي انشئ فوق منزلكم.
هيثم : لا اصدق ذلك يا رجل، الموقع نفسه لكن البيت اختفى. اين بوابة البيت؟ اين شباك غرفتي المطل على المدخل؟ كله تغير يا اسكندر. امر لا يصدق. لقد محوا تاريخنا.
اسكندر : مرحباً بك في العراق الجديد يا اخي هيثم. عراق الديمقراطية. عراق النصب والاحتيال. لقد شفطوا بيتك يا اخي. انت لست اول واحد يصبح ضحية الاحتيال. الكثير من تلك الحوادث تقع كل يوم. هناك المئات بل الآلاف ممن سُرِقًتْ عقاراتهم واموالهم وحياتهم.
هيثم : اريد ان ادخل. تعال معي.
دخل الاثنان من الباب الرئيسي فاستقبلتهم شابة لا يزيد عمرها عن 20 عاماً ترتدي فستاناً قصيراً جداً وقد امتلأ وجهها بالمساحيق والماكياج ليجعلها تشبه الممثلات وعارضات الازياء العالميات. همس اسكندر باذن هيثم وقال،
اسكندر : لقد وضعوا فاشنستة في الاستقبال.
هيثم : ماذا؟ ما هي الفاشنستة؟
اسكندر : انها مودة جديدة من التسميات للعاهرات الجدد.
نظرت الفتاة الى هيثم وقالت،
الفتاة : اهلاً وسهلاً بكما. هل هذه اول مرة تأتون الى الصالون؟
هيثم : هذا بيتي يا هانم. انتم سرقتم بيتي. هيا اخرجوا من هنا.
الفتاة : ماذا تقول يا استاذ؟ انا لا افهمك. ماذا حل ببيتك؟
هيثم : هل انت غبية ام ماذا؟ قلت لك المكان الذي اقمتم فوقه هذا الصالون اللعين هو بيتي. لقد سرقتموه مني وانا اريد استرجاعه الآن. ليس الامس ولا غداً بل الآن.
الفتاة : اخي انا مجرد موظفة هنا ولا اعرف اي شيء عما تقوله. الصالون عائد للسيدة سراب.
هيثم : واين ست الحسن والجمال سراب؟
الفتاة : سوف تأتي بعد قليل. بامكانك ان تنتظرها خارج الصالون لو سمحت.
هيثم : بل سانتظرها هنا بداخل بيتي.
الفتاة : إذا لم تخرجوا فسوف استدعي الشرطة.
اسكندر : دعنا نخرج يا هيثم. ولنا حديث آخر مع صاحبة الصالون.
هنا بدأ صوت هيثم يرتفع وتحول حديثه الى صراخ فيه نبرة نحيب والم، قال،
هيثم : قلت لكم لن ابرح مكاني. هذا بيتي ولن اتزحزح من هنا.
امسكت الفتاة بهاتفها النقال ولمست شاشته باضافرها الطويلة اللماعة ووضعته على اذنها وراحت تتحدث ثم اغلقته وقالت،
الفتاة : السيدة سراب في طريقها الى هنا. بامكانك التحدث معها.
وقف هيثم بوسط مدخل الصالون ينتظر لاكثر من ربع ساعة وهو ينفث من انفه ناراً كالتنين حتى انفتح الباب ودخلت سيدة عشرينية ترتدي حجاباً انيقاً ومعها حاشية من الفتيات والحراس الشخصيين تحدثت مع موظفة الاستعلامات ثم اقتربت من هيثم وقالت،
سراب : اخبروني انك تريد التحدث الي، ما المشكلة؟
هيثم : المشكلة هي انكم سرقتم منزل العائلة وحولتموه الى صالون تجميل. هذه هي المشكلة. هل فهمت يا لصة؟
سراب : عندما تتكلم معي عليك ان تتحدث بادب واحترام، افهمت؟ نحن لم نسرق اي شيء منك. انا اشتريت العقار من رجل يدعى مهدي وائل الساعدي.
هيثم : ومن يكون هذا المدعو مهدي وائل افندي؟
هنا بدأ القلق واضحاً على اسكندر حين امسك بذراع هيثم وقال،
اسكندر : خلص خلص انتهى الامر يا هيثم دعنا نرحل.
هيثم : انتظر يا اسكندر، ما المشكلة؟ هل تعرف هذا الاسم؟
اسكندر : اجل اعرفه، دعنا نرحل ارجوك.
نظر اسكندر الى السيدة سراب وقال،
اسكندر : نحن متأسفون على ازعاجك يا آنسة. يبدو ان هناك خطأ ما في العنوان.
سراب : كان عليكم ان تتأكدوا قبل ان تأتوا وتتهموني بالسرقة فتلك تصرفات مشينة. انا بامكاني ان اعاقبكما عليها، لكنني طيبة القلب وسوف اغفر لكما هذه الزلة.
اسكندر : نحن متأسفون يا اختي. هيا يا هيثم دعنا نرحل.
امسك بيد هيثم وسحبه الى الخارج فسأله،
هيثم : ما المشكلة؟ لماذا أصبت بالصرع وصرت ترتعش عند سماعك اسم ذلك الرجل؟ هل تعرف من يكون؟
اسكندر : اجل، انه ينتمي الى مليشات تدعى العصائب فهي لديها اذرع كثيرة وبامكانه ان يقتلك انت وعائلتك خلال ثوانٍ. وبعد فعلته تلك فانه سوف لن يعاقب على ما فعله.
هيثم : هل نحن في تكساس؟ اليس هناك شرطة وقانون وقضاء؟
اسكندر : قلت لي تكساس ها؟ تكساس كان فيها شريف يحافظ على الامن اما هنا فليس لدينا شرفاء. نحن في مكان اسوأ من تكساس بكثير. امريكا عندما احتلت العراق تركت ورائها بذرة خراب كي يعيثوا بالارض فساداً. انهم يفعلون ما يحلو لهم دون حساب. وإذا قمت برفع دعوى قضائية عليهم فانك ستخسرها وسوف يرموك بالسجن ويقتلون افراد عائلتك فرداً فردا.
هيثم : لكنني احمل الجنسية البريطانيا. انهم لا يقدرون على لمسي.
اسكندر : ولك الو هاهاهاها. اذا كانت امريكا هي التي ارادت ان تخلق تلك المليشات لتدمر البلاد وكانت من خلفها اوروبا وايران. فهل تعتقد انهم سيهتمون ببريطاني مثلك كان في السابق عراقياً يعني (كـــــــــــــان عراقي). استيقض يا اخي. هنا القانون السائد الوحيد هو قانون الغاب. هذا ما خلفوه لنا بعد ان اغتصبوا بلدنا. ارجع الى بيتك ببريطانيا واستمتع بالعيش بامان هناك مع عائلتك وانسى في يوم من الايام كان لديك وطن اسمه العراق.
ركب هيثم السيارة وهو يضرب اخماساً باسداس لتعود به الى منزل اخته. دخل المنزل فاستقبلته اخته وسألت،
جانيت : هل استخرجت حجة البيت؟
هيثم : اي حجة واي بيت تتحدثين عنه؟ البيت اصبح بيد العصائب المسلحة. لم يعد لنا اي شيء بهذا البلد. لقد استولوا على بيتنا ثم باعوه لسيدة قامت بهدمه وبنت فوقه صالوناً للتجميل. لم يبقى معنا اي شيء من الماضي.
جانيت : يا ويلتي، لقد سمعنا بالكثير عن هذه الاحداث. لكنني لم اتخيل انها ستطالنا نحن ايضاً. يا وكستاه. لقد توقعنا ان تتحسن امورنا بعد ان نبيعه لكننا رجعنا الى نقطة الصفر. لقد ضاعت احلامنا.
هيثم : وما العمل الآن يا اختي؟
جانيت : ليس هناك اي عمل. يجب ان تغلق فمك وتسكت. لا تنسى اننا مسيحيون ونحن غير مرغوب بنا الآن بين هؤلاء الغجر الرعاع.
هيثم : الامر لم يكن كذلك في السابق ابداً. لقد كنا نعيش بكل حرية ونمارس طقوسنا. وكنائسنا متعددة حسب مذاهبنا، لا يتحرش بنا او ممتلكاتنا اي احد.
جانيت : انت قلتها يا اخي، في الســـــــــــــابق. في السابق كان لدينا دولة ونظام وقانون وهذا يعني الجريمة والعقاب اما الآن فالعقاب هو ما تتلقاه من المجرمين لانك مسست بمصالحهم. انسى الامر يا عزيزي وارجع الى بيتك وعائلتك لانك لن تطال شيئاً من حقوقك هنا.
هيثم : لا اعلم ماذا اقول، فالمرارة تشعرني بالسم الذي بفمي. كيف اتنازل عن حقي وحقك بهذه السهولة؟
جانيت : تتنازل عن منزلك افضل من ان تتنازل عن حياتك. وإن مت فالخاسر الوحيد هو زوجتك وابنك كرستوفر وابنتك الجديدة التي لم تراها عينك بعد. اذهب يا اخي وانسى في يوم من الايام ان كان لديك وطن اسمه العراق. فانت في نظر الغالبية العظمى من العراقيين تسكن في الجنة لانك خرجت من الحفرة واصبحت لك حياة جديدة آمنة في بريطانيا يحترمونك هناك ويعتبروك من بني آدم. اذهب ولا تنظر ورائك فلدينا رب ينظر من الاعلى ولا يرضى على ظلم البشر.
جلس هيثم في غرفة الاستقبال يجهش بالبكاء وفجأة سمع الطفلة ماري تقول له،
ماري : ماذا بك يا عمو خالوا؟ هل انت حزين لانك سترحل وتفارقنا؟
امسك بها وصار يقبلها وهو يبكي ثم احتظنها وقال،
هيثم : لا يا حبيبتي، سوف اتي لزيارتكم كثيراً فانا احبك حباً جماً وسوف احزن لفراقكِ انت بالذات لان لسانك يقطر عسلاً.
ترى كيف ستكون سفرة العودة الى بريطانيا؟ هل ستحاسبه زوجته كيرا على الرجوع بخفي حنين؟ هل سيحكي لها ما جرى له من ظلم الفاسدين؟ ام انه سيخفي عنها كل ذلك كي لا تطعن بوطنه. سنعرف الجواب على كل هذه التسائلات في الجزء الثاني والاخير من هذه القصة. ابقوا معنا.
1717 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع