ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في اللغة والادب/ ٨٢ حكايات وطرف عن الجمال
عرف عن العرب حكايتهم الجميلة عن الجمال وتزخر كتب التراث عن الالاف من الملح والطرف، منهم من أشاد بالجمال في الشكل، ومنهم من حذر من الجمال وشبه المرأة الجميلة بزهرة تعرض نفسها امام الرجال، ومنهم من اعتبر جمال الروح يطغي على جمال الجسد، وفي تراثنا وردت الاف القصائد عن جميلات العصر الذي عاشوه، سبق ان استعرضنا عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين وغيرهن من جميلات العرب.
ـ قال الجاحظ" كتب الحجاج إلى الحكم بن أيوب: أخطب على عبد الملك ابن الحجاج امرأة جميلة من بعيد، مليحة من قريب، شريفة في قومها، ذليلة في نفسها، أمة لبعلها . فكتب إليه: قد أصبتها لولا عظم ثدييها!» فكتب إليه الحجاج: لا يحسن نحر المرأة حتى يعظم ثدياها.
قال المرّار بن منقذ العدويّ:
صلتة الخدّ طويل جيدها ... ضخمة الثدي ولما ينكسر". (البيان والتبيين3/249)
ذكر التوحيدي" مرّت امرأةٌ جميلة باليعقوبي فقالت له: يا شيخ، أين درب الحلاوة؟ قال: تحت مئزرك يا ستّي". (البصائر والذخائر7/80)
ـ قال ابن المزرَّع وجَّه مصعب بن الزبير إلى عزة المدينية مولاة بَهز، وكانت من أعقل النساء، فأتتهُ، فقال لها ... يا عَزَّة، قد اعتزمتُ على تزويج عائشة، يعني ابنة طلحة، وأنا أحبُّ أن تصيري إليها متأملة لخلقها، مؤدية لخبرها إليَّ، فقالت: يا جارية، عليَّ بمنقلي فلبسته، ثم صارت إلى منزل عائشة؛ فلما دخلت عليها، قالت عائشة: مرحباً بالحبيبة، كيف نشطتِ لنا؟ قالت: جئتُ في حاجة؛ قالت: إذن تُقضى، قال: ارمِ عنك جلبابك، قالت: إذاً أفعل، ففعلت: ثم قالت لها: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، الله جارك. ثم رجعت إلى مصعب، فقال: ما الخبر يا عزة؟ قالت: رأيتُ وجهاً أحسن من العافية، ولها عينان نجلاءان هما مسكن هاروت وماروت، من تحت ذلك أنف أقنى وخدَّان أسيلان، وفم كفم الرُّمَّانة، وعنق كإبريق فضة، تحت ذلك صدرٌ فيه حُقَّا عاج، تحت ذلك بطن أقبٌّ، ولها عجز كدعص الرمل، وفخذان لفَّاوان، وساقان ريَّاوان، غير أني رأيت في رجلها كبرا". (أمالي ابن المزرع/15)
ـ قال الخالدان :حدثنا أبو العباس أحمد بن أبي خالد عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي خالد وزير المأمون قال: كتب ملك الهند إلى المأمون مع هدية أهداها إليه: من رهمى ملك الهند، وعظيم أركان الشرق، وصاحب بيت الذهب وألوان الياقوت وفرش الدر. والذي قصره مبني من العود الذي يختم عليه، فيقبل الصورة قبول الشمع، والذي توجد رائحة قصره من عشرة فراسخ. والذي يسجد له إمام البد الذي وزنه ألف ألف مثقال من ذهب، وعليه مائة ألف حجر من الياقوت الأحمر والدر الأبيض.
والذي ركب في السعادة في ألف موكب وألف راية مكللة بالدر، تحت كل راية فارس معلمين بالحرير والذهب. والذي في مربطه ألف فيل خزائمها أعنة الذهب. والذي يأكل في صحاف الذهب على موائد الدر، والذي في خزائنه ألف تاج وألف حلة جوهر لألف ملك من آبائه، والذي يستحى من الله أن يراه خائنا في رعيته إذا اختصه بالأمانة عليهم والرئاسة فيهم.
إلى عبد الله ذي الشرف والرئاسة على أهل مملكته.
أما بعد فإن الذي تقدم به ذكرنا، أيها الأخ، من الملك والشرف والثروة، فما خطر ما ترتحل به الأوقات وتتخرمه الساعات ذهابا وزوالا والخطر الذي يجب على المستودعين من الله فضيلة العقل والاعتداد به، والمكاثرة له. ولكنا جرينا على ما جرت به سنة الملوك قلبنا، ولم نجهل أن الله له الشرف الذي يفوت الألسن ذكره، فإن الابتداء بتمجيده من أفضل الاعتداد، ولكنا أجللناه عن الافتتاح بذكره إلا في مواقف المناجاة له عابدين. وأخبارك ترد علينا بفضيلة لك في العلم لم نجدها لغيرك، ونحن شركاؤك في المحبة والرغبة، وإن في أفئدتنا من ذلك ما لم نزل به لله بالفضل ذاكرين. وقد افتتحنا استهداءك بان وجهنا إليك كتابا ترجمته: "صفو الأذهان"؛ والتصفح له يسعد على صواب التسمية، وبعثنا إليك لطفا بقدر ما وقع منا موقع الاستحسان له، وإن كان دون قدرك. ونحن نسألك، أيها الأخ، أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذرا في التقصير. وكانت الهدية جام ياقوت أحمر فتحته شبر في غلط الإصبع مملوءا دار، وزن كل درة مثقال والعدد مائة؛ وفراشا من جلد حية تكون بوادي الديبراج، تبتلع القيل؛ ووشى جلدها دارات سود كالدراهم في أوساطها نقط بيض، لا يتخوف من جلس عليها السل، وإن كان به سل وجلس عليها سبعة أيام برئ؛ ومصليات ثلاثا بوسائدها من جلد طائر يقال له السمندل موشى إذا طرحت في النار لم تحترق فراوزها در؛ ومائة ألف مثقال عود هندي، يختم عليه فيقبل الصورة؛ وثلاثة آلاف منا من كافور محبب، كل حبة أكبر من اللوزة؛ وجارية طولها سبة أذرع تسحب شعرها لها أربعة ضفائر طل كل شفر من أشفارها إصبع، يبلغ إذا أطرقت نصف خدها، ناهد؛ لها ثماني عكن في نهاية الحسن والجمال ونقاء البياض". (التحف والهدايا /20)
ـ قال الماوردي" رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: أَتَزَوَّجَتْ يَا زَيْدُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: تَزَوَّجْ تَسْتَعْفِفْ مَعَ عِفَّتِك، وَلَا تَتَزَوَّجْ مِنْ النِّسَاءِ خَمْسًا. قَالَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: لَا تَتَزَوَّجْ شَهْبَرَةَ وَلَا لَهْبَرَةً وَلَا نَهْبَرَةً وَلَا هَبْذَرَةَ وَلَا لَفُوتًا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَا أَعْرِفُ مِمَّا قُلْت شَيْئًا. قَالَ: أَمَّا الشَّهْبَرَةُ فَالزَّرْقَاءُ الْبَذِيَّةُ، وَأَمَّا اللَّهْبَرَةُ فَالطَّوِيلَةُ الْمَهْزُولَةُ، وَأَمَّا النَّهْبَرَةُ فَالْعَجُوزُ الْمُدْبِرَةُ، وَأَمَّا الْهَبْذَرَةُ فَالْقَصِيرَةُ الدَّمِيمَةُ، وَأَمَّا اللَّفُوتُ فَذَاتُ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِك". (أدب الدنيا والدين/158)
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" كانت أُمُّ النعمانِ تُسمَّى ماءُ السَّماوَةِ فسَمَّتها الشُّعراءُ ماءَ السَّماءِ ؛ كذا في
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" في الحديثِ: تنكح المرأة لميسمها. أي لحُسنها من الوِسامة . وقَدْ وَسُمَ الرَّجُلُ ككَرُمَ وَسامةً ووَساماً أيضاً بحذف الهاء مثل جَمُلَ جمالاً بفتحهما وهذا التقييد مستغنى عنه لأن الإِطلاق كافٍ في ذلك. قال الكُميتُ يمدح الحسينَ بنَ عليٍّ (رض):
يَتَعرّفنَ حُرُّ وَجهٍ عليه عقبةُ السّرْ وِ ظاهراً و الوِسامِ
فهو وَسِيمٌ ، أَي حَسَنُ الوَجْهِ و السيمي. وقال ابن الأعرابي: الوَسِيمُ الثابتُ الحسنِ كأنه قد وُسِمَ. في صفته (ص) : وسيمٌ قَسيمٌ . أي حَسَنٌ وضيءٌ ثابتٌ". (تاج العروس17/727)
ـ قال محمد صديق خان" حكي أن يعصور أحد ملوك الصين أهدى إلى كسرى أنو شر وان ملك فارس هدية، من جملتها جارية طولها سبعة أذرع تضرب أهداب عينيها خديها، كأن بين أجفانها لمعان البرق، مقرونة الحاجبين، لها ضفائر تجرهن إذا مشت. وهذه أوصاف بها جماع الحسن، وإنما العبارات الكثيرة تفنن في الأوصاف". (نشوة السكران/22).
جمال الوجه فتنةٌ لعباد الله
قال ابن الجوزي" قال حليّلان المغنّي: دخلت دار هارون الرّشيد فإذا أنا بجاريةٍ خماسيّةٍ، أحسن النّاس وجهاً، على يدها سطران مكتوبان بالغالية، فقرأتهما فإذا هما ممّا عمل في طران الله، فتنة لعباد الله وقال بعضهم: سمعت يحيى بن سفيان يقول: رأيت بمصر جاريةً بيعت بألف دينارٍ، فما رأيت وجهاً قط أحسن من وجهها صلّى الله عليها. قال: فقلت له يا أبا زكريّا، مثلك يقول هذا مع ورعك وفقهك؟ فقال: وما تنكر عليّ من ذلك؟ صلّى الله عليها وعلى كلّ مليحٍ: يا ابن أخي الصّلاة رحمة". (أخبار النساء/22). وقال ايضا" كتب الحجّاج بن يوسف إلى الحكم بن أيّوب قال: اخطب على عبد الملك امرأةً جميلةً من بعيدٍ، مليحةً من قريبٍ، شريفةً في قومها، ذليلةً في نفسها، أمةً لبعلها. . فكتب إليه: أصبتها، وهي خولة بنت مسمع، لولا عظم ثديها! فكتب إليه الحجّاج: لا يحسن بدن المرأة حتّى يعظم ثدياها فتدفي الضّجيع، وتروي الرّضيع. وقال آخر يذمّ عظم الثّدي:
لعمري لبيضٌ يحتللن بقــفزةٍ لطائف ثدي الصّدر غيد السّوالف
أحبّ إلينا من ضخام بطونها لآباطها تحت الثّدي تعاطف
(أخبار النساء/235).
ـ ذكر السيوطي عن تحفة العروس" جلس إعرابي في حلقة يونس بن حبيب، فتذاكروا في النساء، فقالوا للإعرابي: أي النساء أفضل عندك؟
فقال: البيضاء العطرة، اللينة الخفرة، العظيمة المتاع، الشهية الجماع، إذا ضُوجِعت أنٌت، وإذا تُركت حَنت". (مخطوطة الوشاح). وقال في معنى " إذا ضُوجِعت أنٌت" يشير الى رهزها وأنينها؟
قال عطاء بن مصعب" كنا بمجلس لنا في البصرة، ومعنا خالد بن صفوان، إذ جلس إلينا إعرابي من بني العنبر، فتذاكرنا النساء، فقال خالد بن صفوان: خير النساء الني احتنك سنٌها، واستحكم رأيها، وخمص بطنها، وعظمت عجيزتها، وملأت حضن معانقها.
فقال الإعرابي: جع عنك التي استحكم رأيها، وعليك بها حين أكعبت إلى أن أنهدت، غرة لا تدري ما يراد بها، وانشأ يقول:
عليك أبا صفوان إن كنت ناكحا فتاة أناس ذات أتب ومئزر
لها كفل وافِ وبطن معكــــــن وأخثم مثل القعب غير منور (مخطوطة تحفة العروس).
قال ابن الجوزي" تزوج أعمى امْرَأَة فَقَالَت لَهُ لَو رَأَيْت حسني وبياضي لعجبت فَقَالَ لَو كنت كَمَا تَقُولِينَ مَا تَركك لي البصراء". (الأذكياء/145)
قال ابن الجوزي" قَالَ أَبُو الْحسن الْمَدَائِنِي دخل عمرَان بن حطَّان يَوْمًا على امْرَأَته وَكَانَ عمرَان قبيحاً ذَمِيمًا قَصِيرا وَقد تزينت وَكَانَت امْرَأَة حسناء فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا ازدادت فِي عينه جمالاً وحسناً فَلم يَتَمَالَك أَن يديم النّظر إِلَيْهَا فَقَالَت مَا شَأْنك قَالَ لقد أَصبَحت وَالله جميلَة فَقَالَت أبشر فَإِنِّي وَإِيَّاك فِي الْجنَّة قَالَ وَمن أَيْن علمت ذَلِك قَالَت لِأَنَّك أَعْطَيْت مثلي فَشَكَرت وابتليت سَلَامَته بمثلك فَصَبَرت والصابر والشاكر فِي الْجنَّة". (الأذكياء/210)
قال ابن كمال باشا" حدث المدائني عـن أشياخه أن الحرث إبن عمــرو الكندي بلغـة أن أم إياس بنت محلم الشيباني تشتمل عـلى عقل كامل، وجمـال وافر. فبعث إلى إمراه كنديـه يقـول لهـا عصـام وكـانت ذات عقل ورأى ثابت، فقـال لهـا:
يا عصام إن رســول المرء يبلغ عملـه عقـله، وبالرسـول يعتبر عقل المرسـل. قد بلغني أن أم إياس بنت محلم الشيباني ذات عقل فائق وجمـال رائق. فإنطلقى حتى تأتيني بصفتهـا ونفس معرفتهـا وإياك أن تقتصرى عـلى الظن دون اليقين!
فانطلقت أم عصـام حتى أتت أم إياس وهـى أمامه بنت الحرث، فأخبرتهـا بالذي جاءت بسببه.
فقـالت لهـا:
شأنك والجارية!
ثم قـالت لابنتها: أي بنيـه هـذه خـالتك أتت لتنظر بعض شأنك فلا تستري عنهـا شيئاً أرادت النظر إليـه من وجـه وخلق، وناطقيهـا فيمـا استنطقتك! فأتتهـا وتأملت خلقتهـا ثم أنهـا إستنطقتهـا فعرفت موارد كلامهـا ومضارب عقلهـا، فخرجت من عنـدهـا وهـى تقـول: ترك الخـداع من كشف القنـاع.
ثم أتت الحرث.
فقـال لهـا: ما وراءك يا عصـام؟
فقـالت: هي كمـا قال إمرؤ القيس!
فقـال لهـا: صفى لي منهـا ما رأيت شيئا!
فقالت: أبيت اللعن! رأيت لهـا فرعـاً كأذنـاب الخيل المضفورة، إذا أرسلتـه كأنـه عناقيد منثورة. أسفل منـه جبهه كالمرآه الصقيلـه، مشرقه كإشراق الشمس الجميلة. أسفل منهـا حاجبـان خطا بقلم أسود بحمم قد تقوسا عـلى مثل عيني بمهـرة لم يرعهـا قانص، ولا قسورة بياضهـا كبيـاض الجوالق، وسوادهـا دامس الغاسق، بينهمـا أنف كحد السيف المصقول، لم يخنس به قصر ولا أزرى به طـول. حفت به وجنتـان كالأرجوان فى محض بيـاض كالجمان قد شق فيـه فم كالخـاتم، لـذيذ المبتسـم، فيـه ثنـايا غرر، ذوات أشر، وأسنـــان تُعـد كالدرر وريق كالخمر لـه نشــر الروض في السحــر، يتقلب فيـه لســان ذو حــلاوة، وبيــان يزين بـه عقــل وافــر وجواب حـاضر، وتلتقى دونـه شفتـان كالزبد يجلبــان ريقاً كالشهـد، رُكب في عنق بيضــاء محضـه، كأنهـا عنق الإبريق الفضة، صب في نحر كأنه المرآه، وصـدر هـو فتنـه لمـن رآه، يتصل بـه عضدان مدلجان كأنهمـا في نقائهمـا اللؤلؤ والمرجـان. يمد فيهمـا ســاعـدان يرى فيهمـا بنـان كالفضة، وقعت بالعقيـان. وقد تربع في صـدرهـا حقان كأنهمـا رمانتان، أو ثديـان كحقي العـاج، يضئ بهمـا الليل الداج. ومن تحت ذلك بطن طوى كطي القباطى المدبجه، تحيط بهـا عكن كالقراطيس المدرجة، خلف ذلك ظهر كالجدول ينتهى إلى خصر يكـاد لا يبين في كفل يقعدهـا إذا قامت ويوقظهـا إذا هي للنوم رامت. يحملهـا فخذان مدلجان كأنهمـا نضيد الجمـان، وســاقان جردوان خدلجتـان، يحمل ذلك كله قدمـان لطيفان محددان حـد السنان. فتبارك الله! كيف بصغرهمـا وبلطفهمـا يطيقان أن يحملا ما فوقهمـا.
وأمـا ما وراء ذلك فإني تركت ذكره. فهـذه الأوصـاف التي تعد بهـا المرأة جميلـه حسنـاء، وهـى المطلوبة من النســاء". (رجوع الشيخ/47)
ـ زوج عـامر إبن الحرث ابنته بعض فتيان قومـه. فقـال الفتى لأمـه:
إذهابي فإنظاريها!
فذهبت أمـه لما أراده ابنها وعـادت إليـه.
فقـالت: هي بيضــاء مـديده، فرعـاء جعـدة، تقــوم فلات صيب قميصهــا منهـا إلا مشــاشـه منكبيهـا وحلمتى ثدييهـا، ورأس اليتيهـا، فهي كمـا قال بعضهـم:
أبت الروادف والثدي لقمصها مس البطون وأن تمس ظهورا
وإذا الرياح مع العشى تنسمت أبكين حاسدهُ وهيمــــن غيورا
فقـال حسبك يا أمـه!
فلمـا حل بنــاؤه بهـا أدخلت أمهـا لوصـاياهـا، ثم قــالت: أي بنيـه أبرمي لـه الطاعة فمعهـا الجنة، وأكثري لـه الشفقة ففيهـا المحبة، وإحتملى غضبـه ينفعك في رضــاه، وإصبرى عـلى شـدتـه يكـافئك في رخـاه، وعليك بالطيب الأكبر فإنـه للقذى جــلاء، وللثقـل نقــاء، وأقلي مضاجعتـه إلا عنـد شهـوته، ولا تمنعيـه شهوتـه في الخلوة الموافقة". (رجوع الشيخ/47)
ـ كتاب الوصايا عن أبي حاتم السجستاني" وأولى الوصايا " أخبرنا أبو روق قال، قال أبو حاتم قالوا، وكان ملك من ملوك اليمن يقال له، الحارث بن عمرو الكندي، بلغه عن ابنه لعوف الكندي جمال وكمال، وهو الذي يقال له: لا أحد يشبه عوفا جمالا وكمالا؛ فبعث إلى امرأة من قومها، يقال لها عصام، فقال: إنه بلغني عن بنت عوف جمال وكمال، فاذهبي، فاعلمي لي علمها.
فانطلقت حتى دخلت على أمها، وهي أمامة بنت الحارث، فأخبرتها خبر ما جاءت له، وإذا أمها كأنها خاذل من الظباء، وحولها بنات لها، كأنهن شوادن الغزلان.
فأرسلت إلى ابنتها، فقالت: يا بنيّة، إن هذه خالتك، أتتك لتنظر إلى بعض شأنك، فاخرجي إليها، ولا تستتري عنها بسيئ، وناطقيها فيما استنطقك فيه.
فدخلت عليها، ثم خرجت من عندها وهي تقول: ترك الخداع من كشف القناع.
فأرسلها مثلا.
فلما جاءت إلى الحارث قال: ما وراءك يا عصام؟ قالت: أيها الملك، صرّح " المخض " عن الزبد.
فأرسلها مثلا.
ثم قالت: أقول حقا، وأخبرك صدقا، لقد رأيت وجها كالمرآة الصينية، يزينّه حالك كأذناب الخيل المضفورة، إن أرسلته خلته السلاسل، قد تقّوسا على مثل عيني الظبية العبهرة، التي لم تر قانصا، ولم تذعرها قسورة، تبهتان المتوسم إذا فتحهما، بينهما أنف كحدّ السيف المصقول، ولم يخنس به قصر، ولم يمعن به طول، حفّت به وجنتان كالأرجوان، في بياض محض كالجمان، شقِّق فيه فم لذيذ الملتئم، فيه ثنايا غرّ، وأسنان كالدر، ذات أشر، ينطق فيه لسان، ذو فصاحة وبيان، يحركه عقل وافر، وجزاب حاضر، تلتقي دون شفتان حمَّاوان، كأنهما في لين الزبد، تحمىن ريقا كالشُّهد، نصب على ذلك عنق أبيض، كأنه إبريق فضة. لها صدر كصدر التمثال، مدت منه عضدان مدمجتان، ممتلئتان لحما، مكتنزتان شحما، متصلة بهما ذراعان، ما فيهما عظم يمسّ، ولا عرق يجسّ، متصلة بهما كفان، رقيق قصبهما، تعقد إن شئت منهما الأنامل، وتركّب الفصوص في حفر المفاصل، نتأ في ذلك الصدر ثديان، يخرقان عنها أحيانا ثيابها، ويمنعانها من أن تقلد سخابا، أسفل من ذلك بطن طوى كطي القباطي المدمجة، كُسِىَ عُكَنا كالقراطيس المدرجة، تحيط تلك العكن بسرَّة كمدهن العاج، لها ظهر فيه كالجدول، ينتهي إلى خصر، لولا رحمة ربك لا نبتر، لها كفل يقعدها إذا نهضت، وينهضها إذا قعدت، كأنه دعص من الرمل، لبَّده سقوط الطلّ، أسفل من ذلك فخذان لفَّاوان، كأنما نصبتا على نضد جمان، متصلة بهما ساقان بيضاوان خدلَّجتان، قد وشيتا بشعر أسود، كأنه حلق الزَّرد، يحمل ذلك كله قدمان، كحذو اللسان " تبارك الله " مع لطافتهما، كيف يطيقان حمل ما فوقهما؟ وأما ما سوى ذلك فإني تركت نعته، ووصفه، لدقّته، إلا أنه كأكمل وأحسن وأجمل ما وصف في شعر أو قول. قال: فبعث إلى أبيها فخطبها إليه، فزوّجها إياه، فبعث إليها من الصداق بمثل مهور نساء الملوك، بمائة ألف درهم، وألف من الإبل. فلما حان أن تحمل إليه دخلت إليها أمها لتوصيها. فقالت: " أي بنيّة، إن الوصية لو تركت لعقل وأدب، أو مكرمة في حسب لتركت ذلك منك، ولزويته عنك، ولكن الوصية تذكرة للعاقل، ومنبهة للغافل.
أي بنية، إنه لو استغنت المرأة بغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عن الزوج، ولكن للرجال خلق النساء، كما لهن خلق الرجال. أي بنية، إنك قد فارقت الحِواء الذي منه خرجت، والوكر الذي منه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك ملكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي عني خصالا عشرا، تكن لك دركا وذكرا؛ فأما الأولى والثانية فالمعاشرة له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة، فإن في القناعة راحة القلب، وحسن السمع والطاعة رأفة الرب؛ وأما الثالثة والرابعة فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا طيب الريح؛ واعلمي، أي بنيّة، أن الماء أطيب الطيب المفقود، وأن الكحل أحسن الحسن الموجود. وأما الخامسة والسادسة فالتَّعهد لوقت وطعامه، والهدوّ عند منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النَّومة مغضبة؛ وأما السابعة والثامنة فللاحتفاظ بماله والرعاية على حشمه وعياله، فإن الاحتفاظ بالمال من حسن التقدير، والرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير؛ وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشي له سرا، ولا تعصي له أمرا، فإنك إن أفشيت سرّه لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره. واتّقي الفرح لديه إذا كان ترحا، والاكتئاب عنده إذا كان فرحا، فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، واعلمي أنك لن تصلي إلى ذلك منه حتى تؤثري هواه على هواك، ورضاه على رضاك فيهما أحببت وكرهت.
والله يخير لك، ويصنع لك برحمته", ( كتاب المعمرون والوصايا.).
ضحى عبد الرحمن
حزيران 2024
713 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع