رحيل عميد الأدب الألماني مارسيل رايش - رانیتسكي

                                             

                           د.سامان سوراني


بالأمس (١٨-٩-٢٠١٣) رحل سيد الكتب و "بوب ستار" الأدب ، المٶلف والناقد الألماني مارسيل رايش - رانيتسكي (١٩٢٠-٢٠٠٣) عن عمر ناهز الـ ٩٣ سنة.

تعامل هذا الناقد البارع والحصيف مع اللغة كوسيلة الی غاية بغض النظر الی الطريقة المستخدمة كونها غاية بذاتها، نصوصه كانت تخاطب ذكاءنا وتحسسنا بالتناقض الإنساني الظاهري وكيف لا وهو الذي كان معجباً حد الإفراط بالفنان وعبقري اللغة الألمانية توماس مان. وهو القائل عن رواية "الجبل السحري" التي نشره توماس مان بعد نحو ربع قرن من نشر روايته "آل برودنبروك" بـ"إنها قمة لم يصل إليها أحد من قبل في تاريخ الأدب والفكر والثقافة بألمانيا".

تقيمه لتوماس مان موضوعي لا مبالغة فيه، لأن هذا الكاتب البارع هو صاحب الروایات العالمية المهمة مثل "الموت في البندقية"، "الدكتور فاوستوس"، "لوته في فايمار"، "يوسف واخوته" (بأربعة أجزاء)، "طونيو كروجر"، "البطة السوداء"، "فيلكس كرول"، "ماريو والساحر" وغيرها.

عمل مارسيل رايش - رانتسكي في العديد من كبريات الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية المتخصصة ودار لعقدين من الزمان “ الرباعية الأدبية” وهو برنامج تلفزيوني شعبي جداً و حصل بسبب مٶلفاته و بحوثه الأدبية والنقدية الغزيرة و مساهماته في إدارة العديد من الانطولوجيات الأدبية علی الكثير من الجوائز الأدبية المرموقة في داخل و خارج المانيا.

لم يكن مارسيل رايش - رانتسكي ، الذي عاش و مات من أجل الأدب ، يرفع صوته عالياً مدافعاً عنها، هاباً لنصرتها، عندما تهددها قوى الجهل والبطش والبربرية ، صاحب نظرية جديدة في الأدب ولم تكن كتبه فتحاً مبيناً في النقد الأدبي، لكن براهينه النقدية و لغته التهكمية كانت رقيقة و دقيقة التكوين ، رصينة التعبير ، مصونة في جمل ثورية تعليمية و هادئة في آن واحد و متينة البنيان وواضحة بوضوح يجانف المعميات بفهم يتعارض مع الإبهام و تخرج علی یدیه غالبية مسؤولي الصفحات الثقافية الألمانية اليوم.

كان يكره النازيين بشكل قاتل ، لأنه فقد أقارب له في معسكرات الإبادة النازية ، لكنه يحب الشعراء الألمان أمثال غوته و شيلر حد الجنون. أما هجماته وأحكامه النقدية علی كتاب و شعراء كبار أمثال غونتر غراس الحاصل علی جائزة نوبل للآداب (١٩٩٩) بسبب روايته المشهورة "الطبل الصفيح" أو رولف ديتر برنكمان المجدد الأدبي الثوري فقد كانت بمثابة طلقات مسدس يجرح بها من طرف المعنيين و يجذب من الطرف الآخر مئات الألوف من القرؔاء.

لذا قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في نعيها له ، "بوفاتك نفتقدك أيها لاصديق، الذي لا شبيه له في الادب ولا في الدعوة للحرية والديمقراطية".

إذن سيبقی مارسيل رايش - رانتسكي ، الذي أشادت كبار الشخصيات العامة في ألمانيا بمناقبه ، حتی بعد رحيله لدهر طويل أسطورة النقد في المانيا و صحراء النار في الأدب الألماني ، لأنه استطاع ببحوثه النقدية أن يصهر الكتب الأدبية والحياة في بوتقة واحدة، بوتقة الأدب والحياة.

و ختاماً لكم مثله الشهير القائل: "المال لا يجلب السعادة، ولكني حين أكون حزيناً أفضل البكاء في التاكسي وليس في المترو."

الدكتور سامان سوراني

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

871 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع