العراق والكويت حقوق مغتصبه منذ عشرات السنين الجزء الثالث
بفلم/ صديق المجلة ـ بغداد
اسباب حرب الخليج الثانيه
عندما انتهت الحرب العراقيه الايرانيه في الثامن من آب 1988 خرج العراق وهو في نظر الدول الاقليميه وبعض دول العالم منتصرا لانه اختتم الحرب بمعارك تحرير الارض من الفاو الى شمال الوطن واجبر العدو على قبول وقف اطلاق النار وبالرغم من هذا الاعتقاد والذي يؤيده ويؤكده ان العراق خرج من هذه الحرب قويا من الناحيه العسكريه ولديه اكثر من مليون عسكري مدرب تحت ظروف قتاليه نادرا ما تتيسر للغير اضافة الى عشرة اضعاف الفرق العسكريه التي كانت عامله قبل الحرب واكثر من 5500 دبابه ومثلها ناقلات اشخاص مدرعه واكثر من 6500 مدفع مختلف و 1000 طائره مقاتله وسانده و350 طائره سمتيه ومصانع حربيه كثيره وكبيره وانتاجها اصبح يغطي معظم احتياج الجيش من الاعتده والمعدات وبعض الاسلحه ,, لقد ذكرت ذلك لانه احد الاسباب المهمه التي جعلت الولايات المتحده الامريكيه واسرائيل تضعه في حساباتها الاقليميه وخاصة وان بوادر انهيار الاتحاد السوفيتي باتت تلوح في الافق ولايمكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي القبول بظهوراقطاب صغيره هنا وهناك تشكل تهديدا وان كان غيرذا تأثير قوي للقطب الواحد الذي سيرث الارض ومن فيها ,,
بالرغم من ذلك كله فان العراق خرج من الحرب دون ان يحقق اي هدف استراتيجي من اهداف الحرب ولكنه بالتاكيد منع التغلغل الايراني في العراق والخليج واخر الخطة الخمسينيه الايرانيه لاكثر من عشرين سنه اخرى والتي كانت قد اقرت في عام 1980 ووزعت تفاصيلها الى المحافظين حصرا وبشكل سري والتي كشفها الدكتور عبد الرحيم البلوشي ونشرتها اكثر من صحيفه بريطانيه ..
خرج العراق وهو منتصر عسكريا ومعنويا ووضع نفسه بمصاف الدول القويه ( تم تصنيف الجيش العراقي كرابع قوه عالميا ) ولكنه كان بساق واحده فقد خرج من هذه الحرب وقد اصبحت مديونية العراق اكثر من سبعين مليار دولار بقيمة تلك الايام اضافة الى 40 مليار احتياط العراق قبل الحرب والتي استفذتها الحرب والكثير من المليارات من عائدات النفط خلال الحرب في السنوات الثمانيه .
العلاقات العراقيه الامريكيه
لقد كانت العلاقات العراقيه الامريكيه التي اعيدت عام 1986 علاقات عاديه لم تتسم بالحماس بحيث ان سفيرة الولايات المتحده (ابريل غلاسبي ) ولغاية شباط عام 1990 لم تواجه صدام حسين وجها لوجه في مقابله حتى ارسلت الحكومه الامريكيه موفدا من الخارجيه الامريكيه وهو ( جون كيلي ) الذي وصل الى بغداد في ظهيرة 12 شباط 1990 وكان في استقباله اثنان من موظفي الخارجيه العراقيه والسفيره ( غلاسبي ) وقد تمت مقابلة الرئيس صدام عصر نفس اليوم وفي هذا المقابله قال جون كيلي للرئيس صدام ( انتم قوة اعتدال في المنطقه والولايات المتحده تتمنى ان تقيم اوثق العلاقات معكم ) منحت هذه الرساله القيادة العراقيه السرور لانها موقف من اكبر دوله في العالم ولها وزنها في السياسة العالميه وقد اتصل صدام بالملك حسين ليبلغه موقف الولايات المتحده الامريكيه .
بعد ثلاثة ايام من هذه الزياره قامت اذاعة صوت اميركا ببث برنامج قالت انه يعكس وجة النظر الحكوميه بضرورة التحرك ضد الدكتاتوريات في العالم وفي مقدمتها دكتاتورية صدام حسين التي تعتبر الاسوأ في العالم الامر الذي اثار حفيظة صدام وغضبه ولم تنفع رسائل الاعتذار التي قدمتها الادارة الامريكيه وقد اخبر صدام القيادة العراقيه بان الولايات الامريكيه تلعب لعبه مزدوجه في علاقاتها مع العراق ..
في 21 شباط من نفس السنه نشرت وزارة الخارجيه الامريكيه تقريرا عن حقوق الانسان وصفت فيه العراق بانه الاسوأ في مجال حقوق الانسان في العالم والاكثر من ذلك فأن الكونكرس بدأ بمناقشة ادانة العراق بسبب حقوق الانسان الا ان بوش الاب عمل بكل قوته لمنع هذه الادانه وقد يعود السبب الى ان الادارة الامريكيه وعلى رأسها بوش كانت منشغلة بالتحولات الديمقراطيه في الاتحاد السوفيتي ولم يكن مناسبا فتح مشاكل جانبيه في تلك الفتره .
في يوم 23 شباط 1990 وصل الرئيس صدام حسين الى العاصمه الاردنيه عمان بطائره خاصه بعد ان ارسل الوفد المرافق بالطائره الرئاسيه ولاسباب ذكرا انها امنيه في حينها وكان في استقباله العاهل الاردني وقد بدا مهموما ومتوترا كما ذكر ذلك الملك حسين...
وكانت الزياره في مناسبة الذكرى الاولى لتاسيس مجلس التعاون العربي الذي لايثير اهتمام صدام كثيرا الا ان المجلس كان مهما بالنسبه للملك حسين ويتوقع منه الكثير وخلال الاجتماع الذي جمع عدد من الزعماء العرب وفي مقدمتهم حسني مبارك وعلي عبد الله صالح قال صدام مانصه ( اتوقع ان الضعف الذي عليه موسكو سوف يتيح لواشنطن خلال السنوات الخمسه القادمه حرية حركه لامثيل لها في الشرق الاوسط . اليست هي نفسها من يؤمن المهاجرين الى اسرائيل ؟ اليست هي نفسها من تسير سفنها في الخليج بالرغم من انتهاء الحرب العراقيه الايرانيه ؟ ).
وفي مداخله للتلفزيون الاردني قال صدام ( ان البلد الذي سوف يمارس نفوذا حاسما على الخليج وبتروله وسوف يعمل على تاسيس قوه عظمى لعدم وجود قوه تنافسه وهذا يؤكد في حالة عدم تنبه هذه الدول وشعوبها فأن ممارسة الحكم على هذه الشعوب سيكون بمشيئة الولايات المتحده وسيتم تحديد سعر البترول بما يؤمن مصالح الولايات المتحده وعلى حساب الاخرين ) كانت هذه بمثابة رساله واضحه للولايات المتحده حاول فيها صدام ايصال تهديد خفي مقابل ما تقوم به الادارة الامريكيه ضد العراق ولمح ايضا في اجتماع اتحاد التعاون العربي الى ضرورة استخدام الارصده العربيه كورقة ضغط لمنع امريكا من تصرفها وقد فسر البعض هذه الرساله على ان العراق يريد الهيمنه على الخليج كبديل لايران الشاه وهو القوه الكبرى في المنطقه , لم يرق هذا الكلام لحسني مبارك حيث نهض وغادر الاجتماع ولحق به الملك حسين وحاول اقناعه بالعوده ولكنه لم يقتنع واخيرا وافق على اللقاء بصدام عصر نفس اليوم لحل الاشكال الذي كان يعتقد حسني مبارك انه المقصود بذلك حيث قال ( هذا كلام لايمكن القبول به ) علما ان مصر كانت تتقاضى 2 مليار سنويا كمساعدات وفي جلسة المساء كان صدام اكثر وضوحا حين قال ان على دول الخليج الغاء الديون و اعطاء العراق 30 مليار دولار وفي حالة عدم قيامهم بذلك فانه سوف يتخذ اجراءات رادعه .
وبعدها ختم مبارك الاجتماع قائلا ( ان مطالبك غير مبرره وليست معقوله وانها سوف تؤدي الى كارثه ) وغادر الاجتماع وعاد الى مصر واضطر الملك الاردني الى الغاء اجتماعات اليوم الثاني ...
وصلت الاخبار الى دول الخليج وقامت السعوديه فورا بالاتصال بالادارة الامريكيه التي لم تكن لديها اي توجه مخابراتي حول العراق في تلك الفتره ولكنها وعدت بتخصيص جهد مخابراتي لجمع المعلومات بصدد تحركات محتمله للقوات العراقيه ولكن ذلك لم يكن يؤدي الى نتائج تذكر وكما اشار ( وليم كيسي ) في تقريره الى الرئيس ريغان اننا مع الاسف الشديد لانملك ولا عميل واحد في العراق يمكن ان يقدم معلومات مهمة ذات قيمه ؟؟
قام احد رجال المال العرب بنشر تقرير حول الوضع الاقتصادي للعراق يشير الى ان من المستحيل عودة الاقتصاد العراقي الى الحاله التي كان عليها في عام 75 – 80 وان وارداته النفطيه لاتكفي لتسديد الفوائد على الديون الامر الذي نشر سحابه قاتمه حول العراق ,, علما ان العراق كان عام 1989 المستفيد الاول لبرنامج القروض الامريكيه الميسره وقد اشار التقرير الى امر مهم وهو ان صدام حسين يعلم جيدا وبدقه وضع بلده الاقتصادي وليس امامه وهو يملك جيشا جرارا وقوه هائله سوى تحويل النظر الى جيرانه الاغنياء واولهم الكويت لاسباب تاريخيه وآنيه كثيره ..
لقد كان الملك حسين اكثر الزعماء العرب متابعة لعملية تفكك الاسره العربيه ومتخوفا من ان يضيع بلده المعدوم من الموارد الماديه والبشريه والامكانات في خضم ما سيحصل من زلزال قد يؤدي الى كارثه ولذلك بادر بعد فشل مؤتمر عمان الى اقتراح قدمه الى الرئيس العراقي بان يقوم الملك بزياره الى دول الخليج قد يحصل فيها على تقريب في وجهات النظر بين العراق والكويت والسعوديه وابرام اتفاق يرضي جميع الاطراف وقد وافق صدام على ذلك حيث استغرقت الجوله ثلاثة ايام عاد فيها الملك الى عمان وقد اتصل به صدام وطلب منه الحضور الى بغداد وارسل له طائره خاصه وحضر الملك حسين واجتمع الجانبان اجتماعا استغرق اربعة ساعات حيث ابلغه الملك بان مطاليبه المتضمنه تاجير جزيرتي بوبيان ووربه وموضوع حقول الرميله الجنوبيه ومشكلة الديون المتراكمه غير مقبوله الا بعد ان يعترف العراق بالكويت كدوله وبحدود متفق عليها ولم يجد الملك اي تجاوب من دول الخليج لهذا الموضوع.
لم يتأثر صدام بهذه الاخبار ولم يبدوا عليه الغضب بل كان هادئا ويجلس مرتاحا ويدخن سيكارا بيده ولقد شكر الملك حسين كثيرا وطمأنه بان الامور لابد ان تجد طريقا للحل بالوسائل الاخويه .
كانت هناك حالات مشابه في عام 1989 عندما جرى اتصال بين صدام والملك فهد السعودي حول تعثر المفاوضات مع الكويت وكان موقف السعوديه يقف بجانب الكويت حتى وصل الامر الى التلاسن ثم الى تبادل الشتائم بين العاهل السعودي وصدام وكذلك حسني مبارك الذي لم يكن يخفي نفوره وكرهه لصدام وقد عبر عن ذلك امام مجموعه من الزعماء العرب حيث قال ( انه مضطرب الشخصيه والعقل ) .
في الاول من آذار 1990 دعى صدام القياده العسكريه الى اجتماع روتيني ولكنه اوجز القيادات الخاصه من الحرس الخاص والحرس الجمهوري بتهيئة الخطط الازمه اما بقية قيادات الجيش فانه طلب منها مساعدة الحرس الجمهوري خلال ادائه تدريباته الصحراويه وتقديم ما يحتاجه من امور العمل ..وتم ذلك كل على انفراد ..
في منتصف شهر آذار وصل مسؤول كويتي رفيع المستوى الى العاصمه الاردنيه ولم تكن هناك اي قوه عسكريه قد تحركت بعد ولم يكن في الافق اي شيء يشير الى وجود عمل عسكري الا ان المسؤول الكويتي اخبر الاردنيين مايلي ( ان صدام لايريد الجزيرتين ليكونا منفذا له على الخليج .. انه يريد الكويت بكاملها) وكانت تلك رؤيه تعطي انطباع ان الكويتين قاموا بتقدير موقف سياسي عام صحيح لانهم اتخذوا اسؤا الاحتمالات ولكنهم فقدوا هذه البصيره لاحقا في الاشهر التي تلت في معالجة الموقف وعدم ايصاله الى ما وصل اليه وعدم اعطاء القوه العراقيه حقها في الفعل العسكري على الصعيد العسكري والسياسي..
بل على العكس من ذلك كانت التوجيهات العليا في القياده العراقيه تنص على قيام القاده العسكريين من قائد فيلق وفرقه وضباط الركن بزياره ممنهجه الى الاردن لاستطلاع الجبهه الشرقيه بين الاردن واسرائيل وهذا ما تم فعلا والذي يشير الى اهتمام العراق بموضوع فلسطين وحماية الاردن ولم يكن هناك اي عمل عسكري مهما كان صغيرا على قاطع الحدود العراقيه الكويتيه .
لقد كانت الصناعات الحربيه العراقيه الشغل الشاغل للمخابرات الامريكيه والاسرائيليه وعدم توفر المعلومات الكافيه عنها ادى الى تسليط الضوء المكثف عليها اعلاميا بطريقه مبالغا فيها جدا من قبل امريكا وهي من احد اهم الاسباب التي بنت الولايات المتحده الامريكيه عليها قراراها بغزو العراق بالرغم من ان غزو العراق كان قد قد اتخذ مبدئيا في عام 1975 بعد حرب تشرين 1973 وايقاف تصدير النفط الذي كان للعراق دورا كبيرا فيه علما ان معظم الشركات التي كانت ترفد الصناعه العسكريه العراقيه هي من مناشىء امريكيه وغربيه ولكن توريد مواد شيء ومايصنع من هذه المواد شيء اخر .. وكما يلي :
86 منشاة المانيه غربيه ,, 18 شركة امريكيه ,, 18 شركه بريطانيه ,, 16 شركة فرنسيه ,, 12 شركه ايطاليه ,,11شركه سويسريه ,, 17 شركه نمساويه ,, 8 شركات بلجيكيه ,, 4 شركات اسبانيه ,, 3 شركات ارجنتينيه ,, شركه واحده لكل من اليابان , السويد , البرازيل , الهند , موناكو , هولندا , بولندا , جرسي ....
كانت الولايات المتحده الامريكيه تنفي باستمرار توريد المواد العسكريه والمعدات الى العراق وكانت العمليات تتم عن طريق شركات اخرى بالاستنابه اي بدور الوسيط ..
من اكثر العمليات التي اثيرت واتخذت شهره واسعه هي المواد التي ضبطت في الكمارك الانكليزيه والخاصة بالصمامات (الصواعق ) التي تستخدم في القنابل النوويه والتي صدرتها شركه امريكيه وصنعتها في كاليفورنيا وفي سانت ياغو تحديدا وقد تم نقل المواد عن طريق شركة TWA للشحن الجوي الامريكيه وظلت في مخازن الكمارك البريطانيه في مطار هيثرو اسبوعين لحين نقلها الى الطائره العراقيه والقي القبض حينها على اثنان من العراقيين وواحد لبناني وأثنان بريطانيان .
هذه الفتره اعلاه والتي استمرت من نهاية الحرب العراقيه الايرانيه والى قبل غزو الكويت بايام لم تكن الكويت بدون فعاليه بصدد الموضوع او عمل او فعل تنتظر ما سيحدث بل كان لها دورا وتصرفات فيما يخص العراق وهذا ما سنتطرق له في الجزء القادم ان شاء الله
صديق المجله / بغداد
للراغبين الأطلاع على الجزء الثاني النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/maqalat/6430-2013-09-18-08-32-14.html
936 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع