الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل
ألعاب القوة في العراق وروادها.. الجزء الأول
لقد اهتم الموصلين كثيرا بالألعاب التي تعتمد على القوة لعلاقة هذه الألعاب بالقوة الجسمانية والرجولة، ومن هذه الألعاب المصارعة والملاكمة ورفع الأثقال والكمال الجسماني.
تُعدُّ مدينة الموصل من أشهَر المعاقل في رياضة رفع الأثقال في العراق، ولها باع طويل على المستوى الوطني والعربي والعالمي في هذه الرياضة. وقد زار الفريق الأمريكي لرفع الأثقال الموصل سنة 1955 وخاض نزالات مع فريق لواء الموصل (محافظة نينوى) بملعب الإدارة المحلية. وفي أواخر العام 1970 زار الفريق البولوني الشهير الموصل وأقام بطولة في نادي الموصل في وادي حجر وتنافس الموصلون مع الأبطال البولونيون وقد تفوقوا على بعضهم.
لقد ترجم حقيقة الإبداع الموصلي في رياضة رفع الأثقال أحد الكُتاب من المحامين والاعلاميين في العاصمة الحبيبة بغداد عندما كتب في الصفحة الرياضية من جريدة الثورة سنة 1975 مقالة عنوانها " الموصل: أم الربيعين وأم الربّاعيين".
من الربّاعين الرواد الربّاع الدولي سالم الحاج نوري الصرّاف (1932-2002) الذي تمّيز في اللقاء الودي بين الفريق الأمريكي لرفع الأثقال وفريق لواء الموصل سنة 1955. وشارك في ذلك اللقاء الربّاع إسماعيل الدلّال بطل العراق بوزن 56 كغم والبطل إسماعيل الحجّار بطل العراق بوزن فوق الثقيل والربّاع السيد علاوي. وقد جرى اللقاء في ملعب الإدارة المحلية في الموصل، وكان مدرب فريق الموصل المدرب القدير ياسين محمد (أبو طه).
وبعد اعتزال الربّاع الدولي سالم الحاج نوري الصرّاف أصبح حكما دوليا من الدرجة الأولى، وحكّم العديد من البطولات الدولية والآسيوية في اليابان ومصر وموسكو وليبيا، فضلا عن البطولات الدولية في بغداد. وقد حائز على وسام الاتحاد الدولي لخدماته الجليلة في رياضة رفع الأثقال لفترة أكثر من 25 عاما. كما كان مدربا للبطل العالمي والاولمبي ناظم محمد الجلبي والعديد من أبطال المحافظة.
وفي محلة الرابعيّة قرب منطقة الساعة بالموصل، كان هناك مقهى إسماعيل الحجّار وكانت تقام فيه أنشطة رياضية كالمصارعة ورفع الإثقال والبنجة، وكانت تجرى المسابقات والنزالات بين الرياضيين من جميع مناطق الموصل؛ وكان من أشهرهم إسماعيل الحجّار ومحمد طاهر البطل وخطّاب البيج ويحيى البطل.
وإسماعيل الحجّار (1930-1959) كان من أبطال العراق بألعاب القوة، وكان مشهود له بقوته الجسمانية الكبيرة وسمو أخلاقه، وهناك صور توثيقية له وهو يحمل ستة رجال بالغين في آن واحد.
لقد كانت نهاية البطل إسماعيل الحجّار مأساوية، فبعد فشل ثورة العقيد عبد الوهاب الشوّاف 1959 اقتيد إسماعيل الحجّار مع (16) شخصية من الشخصيات الموصلية الثقافية والنقابية والعشائرية والعسكرية، وحوكموا في محكمة صورية خاصة في مبنى مدرسة الإعدادية الشرقية وحُكم عليهم بالإعدام، ونقلوا إلى موقع الدملماجة التي تقع وراء محلة النبي يونس وتم تنفيذ حكم الإعدام بهم هناك رميا بالرصاص.
https://www.youtube.com/watch?v=Q_h2Eim8BeE
أبو طه أبو رياضة رفع الأثقال العراقية:
هناك العديد من الأبطال الذين عاصرناهم في طفولتنا ومع الأسف الشديد لا نكاد نجد أي كتابات عنهم إلا اليسير، وعلى رأس أولئك الأفذاذ المدرب والمربي الكبير وصانع النجوم الحاج ياسين محمد الحمداني (أبو طه)، وهو شخصية رياضية كبيرة لن تتكرر في رفع الأثقال.
لقد تبنى أبو طه نجوم وأبطال الموصل في تدريباتهم والإشراف عليهم في مكتبه الخاص في (نقليات المثنى) الخاصة لنقل المسافرين في الموصل، وهو محل كبير (كراج)، وبعدها أصبح محلا لبيع الباله بالجملة في منطقة باب الطوب (سوق الأربعاء الحالي).
لقد قام أبو طه بتخصيص مساحة منتظمة وواسعة داخل كراج النقليات لتدريب أبطال رفع الأثقال يوميا وبحضور جمهور كبير. وكان الفريق الذي يتدرب في ملعب أبو طه يشارك في بطولات العراق باسم نادي الموصل الرياضي وتكون نفقاته المالية على حساب أبو طه.
لقد قام أبو طه باستيراد ثلاث سيتات حديد من روسيا وعلى حسابه الخاص، وكان كل يوم جمعة يأخذ بسيارته الخاصة سيت واحد من الحديد إلى أربيل ويأخذ معه ولديه الأبطال بدر ياسين وزيد ياسين والبطل هاشم غزال لتدريب منتخب أربيل هناك.
لقد كان (كراج أبو طه) من أنشط المراكز الرياضية في الموصل وكانت الناس تتجمهر عصرا في الكراج لمشاهدة جلسات رفع الأثقال المقامة فيه. وكان يشارك في تلك الجلسات البطل العالمي ناظم محمد الجلبي والبطل شاكر محمود وأولاد أبو طه بدر وزيد. كما كانت تقام في الكراج جلسات لربّاعين من خارج الموصل أمثال البطل عبد الجبار هادي من بغداد.
حدثني صديق عزيز عن أبو طه وذكر لي أنه رجل تقي ومضياف ومن الأبطال السابقين في العراق في رفع الأثقال، وقد صاحب أبو طه الفريق الأولمبي العراقي في دورة طوكيو عام ١٩٦٤ كإداري للفريق. كما كان أبو طه مشهورا في صناعة كبة البرغل الكبيرة (كبة الموصل) للضيوف والتي كانت تُسلق بالسلة في قدر كبير وتكفي الواحدة خمسة من الرجال الأبطال.
كما كانت تقام في نادي الموصل الرياضي ونادي الفتوة الرياضي سباقات ومنافسات بين ربّاعين من سوريا وربّاعين من الموصل برفع الأثقال.
من ذكرياتي الخاصة عن رفع الأثقال أن البطل العالمي ناظم محمد الجلبي مثَّل العراق في أولمبياد طوكيو 1964 وأحرز به مركز متقدم، فخرجت الجماهير إلى الشوارع وأقاموا احتفالات بسبب ذلك.
من راود رياضة رفع الأثقال:
لقد برز العديد من الرياضيين في الموصل في مجال رياضة رفع الأثقال منذ مطلع القرن العشرين وكان لهم حضورا واضحا على الساحات العراقية، ومنهم:
- سيد مجيد سيد حامد: من مواليد 1915.
- يحيى النجم: من مواليد 1916، وقد أحرز بطولة العراق في رفع الأثقال منذ العام 1950 وحتى العام 1955.
- يحيى إسماعيل: من مواليد 1923.
- خليل عثمان: من مواليد 1923 وقد أحرز بطولة رفع الأثقال في الوزن الخفيف.
- حسين علي: من مواليد 1930. مارس لعبة رفع الأثقال واختص بالمصارعة وشارك في بطولات العراق.
- سيد علي سيد فتحي، من مواليد 1933: زاول رياضة رفع الأثقال في العام 1943 وأحرز بطولة العراق في العام 1953. رُشح للدورة العربية في الاسكندرية لتمثيل العراق، كما أحرز بطولة العراق عامي 1954 و 1955. ورُشح لدورة طهران عام 1957. وآخر بطولة شارك بها كانت في العام 1960. كما عمل مدربا في محافظة نينوى. وشارك في عروض رياضية في رفع الأثقال مع أبطال العالم والتي جرت في ملعب الإدارة المحلية في الموصل.
يذكر الصديق وليد محمد داؤود الزبيدي أن هذه التشكيلة من الأبطال في الصورة السابقة قدمت عرضا بلعبة الزورخانة في نادي الفتوة في بداية السبعينات، وفي حينها قاموا بتكسير صخرة على صدر والده محمد داؤود رحمه الله (رقم 9 بالصورة) بواسطة الطخماخ.
ومن أبطال نادي الفتوة اللاحقين البطل مروان أحمد علي البابلي، وكان أحد أبطال العراق برفع الأثقال.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع