د.مناف نوري
إرتداد رؤية ايران ٢٠٢٥
إيران لم تربح حربًا في التاريخ الحديث حيث كانت آخر مواجهتين لها الأولى مع الجيش الروسي سنة 1819م عندما هاجمت إيران القوقاز مما استدعى الجيش الروسي إلى رد الهجوم, اندحر الجيش الإيراني بعد تحمله خسائر فادحة وتقدم الجيش الروسي حينها وهدد العاصمة طهران بعد أن احتل سبع مدن من شمال إيران من ضمنها مدينة تبريز, توجب على شاه إيران فتح علي شاه طلب الصلح بعد هزيمة جيشه وتنازل عن مناطق كبيرة شمال إيران , كان من أسباب الهزيمة العامل النفسي للجيش الإيراني والخيانة.
أما الحرب الثانية، فهي الحرب العراقية الإيرانية والتي انتهت بالمعركة المشهورة عراقيًا (توكلنا على الله الرابعة) بعدها اعترفت إيران بخسارتها للحرب بعد تدمير الجيش الإيراني وقاعدته المادية وأسر الآلاف من أفراده والاستيلاء على مئات الدبابات وقطع المدفعية والتجهيزات العسكرية في 18 تموز 1988 أعلنت إيران قبولها قرار مجلس الأمن رقم 598 وأعلنت وقف الحرب مع العراق, تم قراءة بيان صادر عن الخميني في خطاب إذاعي أعرب فيه عن تردده واستيائه العميق من قبول وقف إطلاق النار، وقال (ويلٌ لي لأني مازلت على قيد الحياة لأتجرع كأس السم بموافقتي على أتفاقية وقف أطلاق النار) ..”
بعد هذه الحروب أيقنت إيران أنها غير قادرة على النصر في المواجهة المباشرة مما دعاها إلى استخدام القوة الناعمة لتحقيق رؤيتها المستقبلية (رؤية إيران 2025) هذا حق طبيعي لأي دولة عندما يصبح لديها فائض بالقوة، حيث يسيح هذا الفائض نحو الأرض الرخوة وهي الأقرب لها: العراق، الخليج العربي، وبعض الدول العربية وجدت إيران حصادًا في دول مثل سوريا واليمن، التي كانت ضعيفة بسبب انعدام الديمقراطية، حقوق الإنسان، والفساد المستشري جراء التمسك بالسلطة والطغيان..
إضافة إلى عامل مهم، وهو غياب الأمن القومي العربي، كذلك غياب المشروع الوطني أو العروبي مما جعل الإنسان يلجأ إلى الدين بعد فقدان الأمل هذه الأيدلوجية استثمرت فيها إيران، حيث خلقت ميليشيات إسلامية في عدة دول ليست من هويتها الفارسية لكنها توازي الحرس الثوري الإيراني كلها تدافع عن المذهب ولا أعرف ما هو الخطر الذي يهدد المذهب, المهم أن هذه الميليشيات أصبحت الملاذ الآمن للعاطلين عن العمل وتم تجنيدهم لتحقيق مشاريع توسعية لإحياء الأمة الإسلامية تحت ولاية الفقيه أو الخلافة العثمانية..
هذا سوف يهدد السلم المجتمعي ليس فقط في العراق والمنطقة، بل سيتعدى إلى تهديد السلم في العالم أجمع كونه تشكل في أكثر منطقة حيوية في الكرة الأرضية هذا جعل إيران تسيطر على أكثر من 60% من مصادر الطاقة في العالم عن طريق هيمنتها على مضيق هرمز، مضيق باب المندب، بحر قزوين، وإنتاجها مع إنتاج العراق، وهو ما لا يقبل به المجتمع الدولي حيث يهدد أمن الطاقة في العالم..
مرت إيران بمرحلة النمو والازدهار، لكنها الآن تمر بمرحلة التراجع والانكماش ويمكن مناقشة الأسباب كالتالي.:
1. تدهور الاقتصاد
العقوبات الدولية المفروضة على إيران، خاصةً في القطاعات النفطية والمالية، أدت إلى تراجع الاقتصاد بشكل ملحوظ ضعف الاقتصاد أدى إلى تآكل قدرة إيران على تمويل أنشطتها الإقليمية وتوسعاتها وتهاوى التومان حيث تعدى سعر الصرف الى اكثر من 8 ألآف تومان مقابل الدولار..
2. فشل الحرب بالوكالة
رغم أن إيران نجحت في استخدام حلفائها مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن إلا أن هذه الأدوات بدأت تفقد فعاليتها بسبب الاستنزاف الكبير في الموارد البشرية والمالية كما أن قدرة هؤلاء الوكلاء على الاستمرار أصبحت محدودة..
3. عدم استقرار الداخل
يعاني الداخل الإيراني من موجات احتجاجية مستمرة بسبب الفقر، البطالة، وانعدام الحريات هذا الزخم الشعبي بدأ يهدد الاستقرار الداخلي للنظام..
4. متغيرات في التحالفات الإقليمية
بدأت بعض الدول العربية مثل السعودية في تعزيز سياساتها الدفاعية والاقتصادية عبر تحالفات جديدة بما في ذلك التقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة هذا التغير أفقد إيران ميزة المناورة التي اعتمدت عليها لعقود.
كذلك، استمرارها في دعم الجماعات المسلحة وانتهاكها للقوانين الدولية قوض مصداقيتها وأضعف علاقاتها حتى مع حلفائها التقليديين مثل روسيا والصين بالإضافة إلى بعض الدول العربية التي بدأت تشكل حاجزًا أمام الطموحات الإيرانية على سبيل المثال تطورات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج أربكت الحسابات الإيرانية ودفعتها للتصعيد عبر وكلائها كخيار أخير..
كيف ستتعامل إيران مع هذه المتغيرات؟
هل ستتراجع عن سياساتها أم ستغامر أكثر في مواجهة المصير المجهول، حيث تحولت أحلامها التوسعية إلى تحديات وجودية تهدد استقرار نظامها السياسي؟
725 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع