بقلم احمد فخري
قصة (مهمة تسليم) الجزء الاول
اصطف المسافرون وراء بعضهم البعض بصالة المغادرة في مطار شيكاغو الدولي كي يركبوا الطائرة التي ستقلّهم الى مطار (دالاس/فورت وورث). تقدم رجلان الى الامام يمشيان جنباً اى جنب في الطابور متشابكي الايدي ومعطفاً ابيضاً يغطي يديهما. نظرت سيدة عجوز من خلفهما مباشرةً وسألت،
العجوز : عفواً سيدي، هل انت مجرم؟
فنظر الرجل بوجهها واجاب مبتسماً،
الرجل : كلا سيدتي انا عميل فيدرالي ولست مجرماً.
العجوز : إذاً السيد الذي بصحبتك مجرم، اليس كذلك؟ لقد لمحت الاصفاد الحديدية التي تربطكما.
لم يرد عليها بل اكتفى بابتسامة مهذبة ثم استمر في مشيه البطيء بالطابور متجهاً الى الطائرة. دخل جميع المسافرين داخل جسم الطائرة فسار الضابط ثيو وطلب من مرافقه الجلوس فجلس اولاً ثم تبعه هو ليجلس الى يمينه وقال،
ثيو : هل كل شيء على ما يرام يا سيد مارتينز؟
ريك : ارجوك حضرة الضابط نادني ريك. فالرحلة طويلة وسترهقنا الرسميات.
ثيو : حسناً وانت تستطيع ان تناديني ثيو.
ريك : طيب. كم ستدوم رحلتنا يا ثيو ؟
ثيو : الرحلة باكملها ستدوم 10 ساعات ونيف يتخللها هبوط بمطار (دالاس/فورت وورث).
ريك : كم سنمكث بمطار (دالاس/فورت وورث)؟
ثيو : 3 ساعة ونصف على ما اعتقد.
ريك : رحلة طويلة جداً. لماذا لم يحجزوا لنا رحلة مباشرة الى سان فرانسيسكو؟ فالرحلة المباشرة لا تستغرق سوى اربع ساعات.
ثيو : لان الحكومة الفيدرالية تهدف الى تقليص النفقات، وهناك فرق كبير ما بين الرحلة المباشرة والرحلةٌ ذات المحطة الواحدة.
ريك : اعتقد ان الفرق بسيط ولا يستحق كل هذا العناء.
ثيو : ربما، لكنني لا اعلم السبب فانا لست من قام بحجز الرحلة.
عدل ريك من جلسته وصار ينظر من خلال شباك الطائرة فرأى عمّال الخدمات خارج الطائرة وهم يقومون برمي حقائب المسافرين كما لو كانت كرات ثلجية. هز برأسه وابتسم ازدراءاً ثم وضع جبينه على زجاج الشباك. وما هي الا دقائق وبدأ صوت احدى المضيفات يرحب بالمسافرين عبر المذياع فتشرح لهم سبل السلامة واساليب النجاة في حالة وقوع الحوادث. بينما بقي الضابط ثيو منهمكاً بقراءة احدى الوثائق التي اخرجها من جيب معطفه. رجعت الطائرة الى الوراء ثم سارت الى الامام على ساحة المطار ثم بدأت تشق طريقها نحو المسالك الارضية لتصل الى مدرج الاقلاع الرئيسي قاصدة مطار دالاس. توقفت على مدرج الاقلاع لتستجمع طاقتها ثم بدأت تهرول حتى صارت تتسلق السماء لتسمو فوق السحاب. هنا سأل ريك صاحبه،
ريك : لماذا طُلِبَ منك القيام بهذه المهمة؟
ثيو : ذلك لم يكن قراري. لقد أُمِرتُ باصطحابك.
ريك : هل تسنى لك متابعة قضيتي ومجريات المحاكمة؟
ثيو : كلا، انا كنت في اجازة مع زوجتي والاطفال. وعندما رجعت الى شيكاغو كلفوني بالرحلة بصورة مفاجئة.
ريك : ألديك اطفال يا ثيو؟
ثيو : اجل لدي اثنان هما مارتن وانجلينا. أنت متزوج اليس كذلك؟
ريك : اجل، انا متزوج من جنيفر.
ثيو : هل هي لاتينية مثلك؟
ريك : اجل انها لاتينية. انها تنحدر من بورتاريكو. ولدينا ابنة واحدة عمرها 10 سنوات اسمها پاولينا.
ثيو : حسب التقرير الذي امامي فانت كنت تعمل كطبيب جراح بكاليفورنيا قبل اربع سنوات اليس كذلك؟
ريك : اجل، هذا صحيح.
ثيو : من اي جامعة تخرجت؟
ريك : نلت شهادة الطب من جامعة (هارڤارد) وبعد ان مارست الطب العام لبضع سنوات بدأت اتخصص بالجراحة ثم رجعت الى جامعتي كي احصل على درجة الـ FACS.
ثيو : ولكن كيف عملت في شيكاغو كمقدم لرعاية المسنين؟ انها مهنة ادنى من مؤهلاتك بكثير. بل هي حتى ادنى من شهادة التمريض.
ريك : بعد أن حكموا عليّ بالسجن زوراً. هربت من حبسي بكاليفورنيا وجئت الى شيكاغو. لم يكن لدي بطاقة هوية شخصية اصولية لذلك قبلت بالعمل كمقدم رعاية للمسنين لان الزبائن لم يكن يهمهم كي يتحققوا من شخصيتي. وانا اضطررت للعمل بهذا المجال كي اكسب قوتي وكذلك لانه قريبٌ من مهنتي بعض الشيء.
وبينما هم يتحدثون استقرت الطائرة وتوقفت عن التسلق وسارت بمسلك افقي سلس. وضع الضابط ثيو رأسه على مسند الكرسي ليأخذ قسطاً من الراحة بينما بقي ريك ينظر للسحاب من خلال شباك الطائرة. وبعد فترة وجيزة استيقظ الضابط ليجد امامه صينية طعام. نظر الى ريك فوجده منهمكاً بتناول وجبته فسأله،
ثيو : كم مكثت بنومي؟
ريك : لا اعلم بالضبط، ربما ساعتين.
ثيو : اشرح لي ماذا فعلت اثناء فترة نومي؟
ريك : كنت اتطلع الى الغيوم لانني سافتقد ذلك المنظر للسنين القادمة او ربما الى الابد.
ثيو : كان بامكانك ان تستغل حالة نومي اليس كذلك؟
ريك : وماذا كنت سافعل؟ استل مسدسك واقتلك ثم اقفز بالمظلة؟ او ربما اختطف الطائرة واذهب بها الى كوبا؟ هاهاها لا تكن ساذجاً يا حضرة الضابط. انا لست مجرماً. التهمة التي لفقوها ضدي كان من خلفها اناس متنفذون قاموا بترتيبها بالرغم من علمهم ببرائتي.
ثيو : كل المجرمين الذين قابلتهم في حياتي يدّعون انهم ابرياء. وانت لم تشذ عن القاعدة.
ريك : انا لن اناقشك بهذا الموضوع لانه لن يجدي نفعاً. ولو كان يهمك كي تعرف الشخص الذي تصطحبه مذنباً ام بريئاً فانا انصحك بقراءة تفاصيل محاضر المحاكمة التي دامت شهرين فقط. في العادة، المحاكمات التي من هذا النوع تستغرق سنة او اكثر من سنة. لكن ضغوطاً كبيرة مورست على النظام القضائي برمته كي ادان بجريمة قتل.
ثيو : انا اثق من نظامنا القضائي بصورة عمياء لانه محايد جداً ولا يميل الى جهة ازاء جهة اخرى.
ريك : صحيح، هذا في الحالات الاعتيادية. ولكن ما حصل معي هو ان الشخص الذي مات في غرفة العمليات كان اسمه (پول بينيت) ابن سيناتور (اليكس بينيت).
ثيو : وكيف مات؟
ريك : التقرير الطبي الذي جاء مع المريض قبل العملية يشير الى ان المريض كان يتحلى بصحة جيدة. لكن الحقيقة غير ذلك تماماً. فقد كان مدمناً على المخدرات الثقيلة (الكوكايين بالتحديد). وبالرغم من ان العملية التي اجريتها له بازالة الزائدة الدودية كانت عملية ناجحة من الناحية الطبية. الا انه اصيب بغيبوبة (كوما) بعد العملية ولم نتمكن من جعله يسترد وعيه بسبب مضاعفات ادمانه المفرط فكان يمر بازمة تلو الاخرى من حالات الصدمات فينتفض جسده بعنف شديد. لذا فارق الحياة بعد فترة وجيزة.
ثيو : كان بامكانك اثبات برائتك، اليس كذلك؟
ريك : حاولت كثيراً اثبات برائتي في قاعة المحكمة وقمت بشرح كل تفاصيل العملية التي اجريتها وتحدثت عن نجاحها من الناحية الطبية. لكن الخصم قام بشراء ذمة القاضي فقدم طبيباً خبيراً مأجوراً ادلى بشهادة تفيد بان الخطأ كان كله مني وانني لم اجري الفحوصات اللازمة قبل العملية.
ثيو : ولماذا لم تجري الفحوصات اللازمة قبل العملية؟
ريك : الفحوصات التي عُرِضَتْ عليّ قبل العملية كانت من نفس المستشفى التي كنت اعمل بها ونفس المستشفى التي اجريت فيها العملية. وهذا يعني انهم اشتروا ذمة احد موظفي المستشفى ايضاً. لذا لم يكن لدي سبب يجعلني اشك بان التقارير كانت مزورة.
ثيو : ولكنك اكدت بانك مذنب عندما هربت من العدالة بدلاً من البقاء ومحاولة اثبات برائتك بمحكمة الاستئناف.
ريك : لقد قام محاميّ الشخصي بتقديم طلب الاستئناف لكن المحكمة رفضت ذلك الاستئناف لضعف الادلة. كل الامور كانت مرتبة بشكل واضح مما جعلهم يلبسوني قضية القتل الخطأ بسبب الاهمال والسجن لفترة 12 سنة.
ثيو : الآن سوف لن تجد آذان صاغية بعد هروبك. خصوصاً وانك بقيت سنتان متخفياً عن الانظار لتعيش عيشة مزرية في شيكاغو.
ريك : إذا قاموا بحبسي فهذا يعني نهاية حياتي.
<< وبعد ثلاث ساعات من الطيران المتواصل <<
اعلن قبطان الطائرة بدأ الهبوط التدريجي في مطار (دالاس/فورت وورث) فشد الركاب احزمة المقاعد وعدلوا ظهر مقاعدهم بالشكل العمودي لتهبط الطائرة بامان على المدرج. غادر الركاب جميعاً من الطائرة فمشى ثيو وريك في اروقة المطار وتفحصا اللوحة الالكترونية كي يقفا على موعد الرحلة التالية الى كاليفورنيا فعلما يقيناً انها ستطير بموعدها بعد 3 ساعات و25 دقيقة. فسأل ثيو،
ثيو : هل تود شرب القهوة؟
ريك : اجل هذا لطف منك.
مشيا بداخل قاعات المطار حتى وجدا مقهىً صغيراً له كراسي مرتفعة كالتي تجدها في البارات فجلسا عليها وطلبا القهوة فدار الحديث بينهما من جديد إذ سأل،
ثيو : هل ستحارب من اجل برائتك هذه المرة؟
ريك : ليس هناك جدوى من ذلك. فالحكم قد صدر مسبقاً وسوف يبعثوني الى السجن. انا متأكدٌ من ذلك.
ثيو : ماذا لو ظهرت ادلة جديدة، الا ترغمهم على فتح القضية من جديد؟
ريك : ومن الذي سيبحث ويتحصل على الادلة الجديدة؟ ولو فرضنا ان ذلك قد حصل، فهل سيقف السيناتور متفرجاً وقد اصر على ارسالى خلف القضبان؟ فالقضية محسومة يا حضرة الضابط وانت تقودني الى نهايتي المحتومة.
ثيو : دعنا نغير الموضوع. هل استمتعت بالقهوة؟
ريك : اجل انها لذيذة لكنها باهضة الثمن.
ثيو : هذا هو الحال دائماً بالمطارات. فالاسعار مضاعفة.
وبعد تناول القهوة قررا التمشي قليلاً باروقة المطار كي يبددا الوقت بشكل اسرع فقال الضابط،
ثيو : اريد الدخول على احدى المتاجر لاشتري هدايا لاولادي مارتن وانجلينا.
ريك : ولماذا لا تشتريها في رحلة عودتك؟
ثيو : بعد ان اسلمك الى شرطة لوس انجلس ستكون رحلة العودة الى شيكاغو بعد منتصف الليل واغلب المحال التجارية بداخل المطار ستكون مغلقة كالعادة. لذلك اشتريها الآن افضل.
دخل الرجلان المتجر فقام ثيو باختيار لعبتين لاولاده لكنه عندما وصل الى الصندوق لكي يدفع الثمن لاحظت العاملة الشابة الاصفاد التي تربطهما فارتبكت وصارت ترتعش من شدة الخوف. ابتسم ريك بوجهها وقال،
ريك : لا تخافي سيدتي. انا لا اعض الفتيات الجميلات مثلك.
ابتسمت ابتسامة فاترة لدعابة ريك وارجعت المال المتبقي للضابط ثيو.
خرج الاثنان من متجر الهدايا كي يواصلا سيرهما في صالات المطار لكنهما شعرا بالتعب فاقترح ثيو الجلوس قليلاً على احدى الكراسي المنتشرة بجميع ارجاء المطار. اخرج ثيو لباناً من جيبه وعرضه على ريك فاخذ واحداً وصار يعلكه بفمه. فجأة سمعا ضجيجاً وفوضى عارمة ليتجمع الكثير من الناس امامهما. اصيب الرجلان بالفضول حين شاهدوا الجميع يركضون فاوقف ثيو واحداً منهم وسأله عن السبب. اجابه بان احدى عربات خدمات المطار الثقيلة صدمت سيدة عجوز وقتلتها. نظر ثيو الى ريك وقال،
ثيو : تعال معي، دعنا نستقصي الامر.
ريك : هيا بنا.
ركض الاثنان تربطهما الاصفاد مع بعضهما البعض باتجاه التجمع الكبير حين قال ثيو، "ابتعدوا ارجوكم انا شرطي فيدرالي ارجوكم ابتعدوا" فتفرق الناس ليفسحوا له المجال. نظر الى العجوز المستلقية على الارض فوضع ظهر يده بالقرب من انفها وقال،
ثيو : انها لا تتنفس، يبدو انها فارقت الحياة.
همس ريك باذن سجانه وقال،
ريك : دعني القي نظرة عليها. ربما استطيع انقاذها.
ثيو : انها ميتة يا ريك. لا فائدة من ذلك.
ريك : ارجوك تنحى جانباً.
فسح ثيو المجال لريك فوضع اصبعه على رقبة السيدة وقال،
ريك : انها على قيد الحياة. هناك نبض ضعيف، ارجوك فك وثاقي ودعني انقذها.
صرخ الجميع على ثيو وقالوا، "فك وثاقه، فك وثاقه".
نظر ثيو بوجه ريك وتردد قليلاً ثم دس يده في جيبه ليخرج المفتاح فيفتح به الاصفاد وقال،
ثيو : ساثق بك هذه المرة يا ريك. لا تفعل أي شيء غبي.
بعد ان تحرر من الاصفاد، بدأ يحاول اعادة تنفسها وبقي يتفحصها جيداً ثم نظر الى الجمهور وأمر، "احضروا لي مشرطاً طبياً والكثير من المعقم وقطن وشريط طبي لاصق من الصيدلية التي هناك على جناح السرعة". نظر ثيو الى الناس واومأ برأسه بمعنى (لا بأس، افعلوا ما يطلبه منكم). ركضت امرأة بالعشرينات من عمرها الى الصيدلية وعادت بعد قليل تحمل معها ما طلب. قام ريك بتعرية صدر السيدة العجوز ثم وضع المشرط الى جانب صدرها من الجهة اليسرى وطعنها بمكان معين فبدأت على الفور تتنفس. نظر ريك الى ثيو وقال، "ستعيش". بدأ الجميع يصفقون لريك ويطبطبون على كتفه. بهذه الاثناء وصل المسعفون وباشروا بوضع السيدة على النقالة ليأخذوها الى المستشفى. قال ريك،
ريك : اريد ان اذهب الى الحمام لاغسل يدي فقد تغطت بالدماء.
ثيو : هيا سنذهب سوية.
ذهب الرجلان الى الحمام فقام ريك بغسل يديه جيداً وبعد ان جففها بالهواء الساخن وضع يديه سوية امام ثيو كي يثَبّتَ الاصفاد عليها فقام ثيو بربط يديه واغلقها باحكام ثم خرجا من الحمام. فجأة قابلهم رجل كبير السن فسأل ثيو،
الرجل : انا اشكرك لانك انقذت حياة زوجتي. كنت ساموت لو انها رحلت من هذه الدنيا.
ثيو : لست انا من انقذها يا سيدي بل هذا الطبيب الذي بصحبتي.
نظر الرجل الى ريك وسأل،
الرجل : ولماذا هو مقيد بالاصفاد؟ هل لانه اجرى العملية الوقائية لزوجتي تريسي؟
ثيو : كلا، انه مطلوب بقضية اخرى في كالفورنيا.
نظر الى ريك وقال،
الرجل : ساصلي من اجلك يا ولدي. وليباركك الرب.
ريك : شكراً لك سيدي.
بتلك اللحظة سمعوا نداءاً عبر المذياع يطلب من مسافري رحلة كالفورنيا التوجه الى بوابة المغادرة فودعوا الرجل المسن وراحوا مسرعين. وفي الطريق قال ثيو،
ثيو : يبدو ان الرجل صادق بمشاعره. لقد كان حقاً ممتناً لك لانك انقذت حياة زوجته.
ريك : اجل لقد شعرت بذلك.
ثيو : ماذا فعلت للمرأة؟ كيف انقذتها؟ وهل هو اجراء روتيني معروفٌ طبياً ام انك اختلقته لنفسك؟
ريك : لا ابداً انه اجراء روتيني وعادي.
ثيو : اشرح لي العملية بالتفصيل لانني رأيتك تطعنها فخفت عليها واصبت بالهلع.
ريك : ما حصل هو كالآتي: عندما صدمت المركبة تلك المرأة المسكينة، وقع انهيار في الرئة يسمى نيوماثوراكس Pneumothorax وذلك يحصل عندما يتسرب الهواء من الرئة. بعدها يملأ الهواء الفراغ خارج الرئة بين الرئة والحجاب الحاجز. وهذا التراكم للهواء يضغط بدوره على الرئة من الخارج، فلا يسمح لها كي تتمدد وتنتفخ كما هي عادةً عند التنفس. وما فعلته هو تسريباً للضغط مثل ما يحصل عند صمام الامان بقدر الضغط. إذ يقوم الصمام بتنفيس الضغط الى خارج القدر. وانا سربت الهواء الضاغط على الرئة من خلال فتحة المشرط.
ثيو : لقد فعلت شيئاً عظيماً وانقذت حياة انسانة كنا نعتقد انها ماتت. هيا يا ريك دعنا ندخل الطائرة.
دخل الرجلان الطائرة الثانية التي ستأخذهما الى كاليفورنا. قرر الرجلان الاسترخاء والنوم في مقاعدهم. وبعد مرور ثلاث ساعات على الاقلاع بدأت الطائرة بالاهتزاز بشكل عنيف فظهر للركاب علامة ربط احزمة المقاعد ثم تحدث القبطان مع المسافرين بالمذياع وقال، "تمر الطائرة بمنطقة معبأة بالمطبات الهوائية لذلك نرجوا من حضراتكم ربط احزمة المقاعد ووضع الكراسي بالوضع العمودي.
ربط ثيو وريك احزمتهما وبقيا يترقبان الموقف. كانت الاهتزازات غير اعتيادية والطائرة تتأرجح يمين شمال. لكن الطائرة لم تتوقف عن الاهتزاز فسمعوا القبطان يطلب من الركاب ان ينحنوا الى الامام ويجمعوا أقدامهم سوية ثم يضعوا رؤوسهم بوضع الركوع. اخرج ثيو المفتاح من جيبه وفك وثاق ريك فعلق ريك قائلاً،
ريك : تريدني ان اذهب الى الحياة الاخرى وانا حر طليق اليس كذلك؟
ثيو : بالواقع، انها احدى بروتوكولات حالات الطوارئ لدينا كي نظمن نجاتك إذا وقع شيء ما يهدد سلامتك.
ريك : تضل بروتوكولاتكم انسانية طالما ان احداً لا يتلاعب بالقوانين.
ثيو : احني رأسك وكفاك ثرثرة.
انحنى الرجلان وبدأ ثيو يدمدم بصوت منخفض فسأله،
ريك : هل انت تصلي؟
ثيو : لم اكن أؤمن بوجود الله من قبل لكنني الآن اشعر ان كياناً معيناً قد يتمكن من انقاذي بمعجزة. انا افكر بأولادي لانني ما زلت لم اشبع من صحبتهما. الآن بدأت اعتقد بوجود خالق.
ريك : بالرغم من كل المصائب التي مرت بي وبالرغم من كل الظلم الذي تعرضت اليه، لكنني لم افقد ايماني بالله. انا سعيد لانك بدأت تشعر بقوى خارجية من الممكن ان تخلصك.
فجأة صارت الطائرة تتمايل ثم تدور وكأنها في دوامة حلزونية فعلم الركاب انهم باتوا قاب قوسين او ادنى من الموت. فجأة ارتطمت الطائرة بالارض فتناثر الركاب في جميع الاتجاهات وبدأت النيران تشتعل بجسم الطائرة والاشلاء تتطاير وهي مخضبة برائحة الوقود التي صارت تعبئ كل شيء حولها. لم يعلم احد اين اصبح رفيقه او حبيبه او قريبه. ك الناس وكل شيء تناثر في مشهد عشوائي مخيف. كان ريك فاقداً للوعي منكفئً على وجهه لا يعرف ماذا حل به. فجأة بدأ يستعيد وعيه فشعر بان شيئاً شديد البرودة يغلف وجهه. لم يعرف اين هو او ماذا وقع له. كأن ذاكرته قد مسحت تماماً وقد ضغط شخص على زر اعادة التشغيل بداخل دماغه. رفع رأسه قليلاً فتوقف عنده الشعور بالبرد. فتح عيناه ليرى كل شيء من حوله ابيض بابيض. يا ترى، اين انا؟ ماذا حل بي وماذا افعل هنا في هذه البركة المليئة بالوفر؟ ما هذه الرائحة النفاذة؟ اشعر وكأنني اجلس في حوض من النفط. رفع رأسه قليلاً وحاول ان يتبين وضعه فشاهد يداً مبتورة مغطاة بالدماء بالقرب من وجهه. جفل من مكانه وهب واقفاً ليرى منظراً مروعاً. وكأن قنبلة C4 قد رميت بوسط الزحام. الجثث متناثرة في كل مكان. كراسي مقلوبة رأس على عقب. سائل اصفر يصبغ الثلوج ربما كان عصير برتقال او ليمون. طفلة لا يزيد عمرها عن ثلاث سنوات مستلقية على ظهرها مفتوحة العينين وكأنها تنظر الى السماء. الموت في كل مكان. رفع رأسه ونظر بعيداً فرأى جثث الركاب متناثرة على مد البصر. كان البرد شديداً فاصابته قشعريرة. نظر حوله ليرى كيساً شفافاً يحتوي بداخله بطانية زرقاء. التقطه على عجالة واخرج منه البطانية ليلفها حول كتفه فشعر بدفئها. مشى بين الجثث والاشلاء بحثاً عن ناجين فلم يجد احداً منهم يتحرك. بقي يجول بين قطع الطائرة المحطمة والاشلاء المتناثرة حتى شاهد الشرطي ثيو منكفئاً على وجهه. اقترب منه واداره ليرى ان جبينه مغطىً بالدماء. وضع اصبعه على رقبته واستشعر منه نبظاً ضعيفاً. "يا الهي، يا الهي، انه ما زال حياً". ادار جسده ووضعه على ظهره وبدأ يحاول انعاشه لكن ثيو بقي بلا حراك. سحبه الى مكان مسطح افضل ووضعه فوق كارتونة كبيرة ثم جلب له بطانية غطاه بها. قام بتفحص جسده فوجد ان سبابته اليمنى قد بترت. التقط قطعة قماش من ملابس احدى الجثث وربط بها يد ثيو ثم تركه وصار يتفحص باقي الركاب فلم يجد احداً قد نجى من بينهم. رجع الى ثيو وغطاه ببطانية اخرى عثر عليها اثناء جولته. كانت البطانية الثانية متسخة وعليها بعض من بقايا الطعام لكن ذلك لا يهم الآن. المهم هو ان يرفع درجة حرارة الجسم لدى ثيو فينقذ حياته. تحسر كثيراً لانه لم يكن يملك محراراً الكترونياً او حتى زئبقياً كي يساعده على فحص صاحبه. مشي بين الانقاض فجذبت انتباهه بقعة حمراء صغيرة. اقترب ليتحقق منها واذا بها اصبع مخضب بالدماء. التقط الاصبع من الارض وتفحصه جيداً وإذا به سبابة. يا ترى هل هذه السبابة لصاحبي الشرطي ثيو؟ دعني ارى. اخذها ورجع بها الى ثيو. وضعها بالقرب من يده لكنها كانت اقصر من ان تكون له فرماها بعيداً. بقي يتجول بين الجثث والانقاض حتى شاهد من بعيد ما كان يشبه قمرة القيادة. ركض نحوها فتأكد انها بالضبط كما توقع قمرة قيادة لكنها كانت مقلوبة رأسٌ على عقب. دخل بداخلها ليجد الطيار ومساعده معلقين في الاعلى ورأسهما مسدل للاسفل مربوطين باحزمة الامان بكراسيهما. تلمّسَ نبظهم من خلال رقبتهما فوجدهما قد فارقا الحياة. نظر حوله في امل ان يجد شيئاً ينفعه او ربما جهاز ارسال يستطيع من خلاله طلب النجدة او نظام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لكن الاجهزة جميعها كانت معطلة. استدار وهم بالخروج من القمرة لكنه قبل ان يغادرها ارتطمت ساقه بمجموعة اوراق. التقطها وتفحصها وإذا بها خرائط جوية فعلم انها قد تنفعه في معرفة موقع وقوع الحادث. اخذها وعاد الى المكان الذي ترك فيه مرافقه ثيو وحاول معه من جديد لكن ثيو كان لا يزال فاقداً للوعي. بحث عن المزيد من البطانيات فوجد الكثير منها وقد صفت فوق بعضها البعض لانها كانت بداخل مخزن يستعمله المضيفون والمضيفات في تخزين لوازم الرحلة. اخذ مجموعة منها وارجعها الى مقره بالقرب من ثيو ثم صار يجمع الكراسي ويسحبها حتى جمع ما يقرب من 20 كرسياً فقام بصفها ثم بدأ يجمع بعض المساند والعواميد المعدنية ويغطيها بالبطانيات ليعمل منها خيمة بامكانها ان تقيهم من البرد قليلاً. وبعد ان انهكه العمل المضني جلس على احدى الكراسي وتأمل ما انجزه فابتسم وقال، "ساحاول ان اجعل من هذا المكان مقراً لي لانني وعلى ما يبدو الوحيد ممن نجى بالاضافة الى الضابط ثيو، والنجدة قد تتأخر لساعات او حتى ايام. من يدري؟ يجب ان اتدبر أمري كي اعثر على المصادر الاساسية المهمة للحياة كالطعام والماء ولكن قبل كل ذلك يجب ان اسحب ثيو الى داخل الخيمة حتى اتمكن من علاجه هناك. ولكن اين نحن يا ترى؟". بحث عن الخرائط التي جلبها من قمرة القيادة حتى عثر عليها تحت احدى البطانيات ففرشها على الارض وصار يحاول ان يتتبع مسار الطائرة. وبعد عناء طويل وجد مطار (دالاس/فورت وورث) الذي اقلعوا منه. وبالخريطة وجد الكثير من الرموز التي يستخدمها الملاحون في الخرائط لكنه كان يجهلها. بقي يبحث بالخريطة حتى وجد مطار كاليفورنيا الدولي. حاول رسم خط مستقيم في ذهنه فرأى سلسلة جبلية في الطريق اقرب الى جهة الوصول. فاستنتج من انهم على قمة احدى هذه الجبال التي سقطت فيها الطائرة. "بما ان خط مسار الطائرة معروف لذلك سوف لن يطول الوقت حتى يعثروا علينا. لكنني سوف أعمل بمقولة (اعمل وكأنك تعيش ابداً واعمل وكأنك تموت غدا). لذا، عليّ ان اهيء نفسي لاقامة طويلة الأمد بهذا الجحيم المتجمد".
الخيمة التي بناها ريك
كان ريك يشعر بجفاف في حلقه بسبب العطش لكنه لم يجد مصدراً للماء كي يشرب منه. وقتها خطرت له فكرة تذويب الثلوج من حوله وتحويلها الى ماء. قام بجمع كمية منه ووضعه بحاوية معدنية عثر عليها بين الحطام فادخلها معه الخيمة. راح يضع يده عليها كي يمنحها جزءاً من حرارة جسمه الا ان ذلك لم يجدي نفعاً لانها كانت شديدة البرودة واجبرته على سحب يده منها. لذا علم يقيناً ان عليه البحث عن طريقة اخرى اكثر نجاعة. خرج من الخيمة وصار يتجول بين جثث الركاب فوجد طفلة متوفاة لازالت ترتدي نظارة طبية تبدو ثخينة للغاية. اخذها من صاحبتها وبدأ يعرضها لاشعة الشمس ووضع يده تحت بؤرتها حتى صغر حجمها وتحولت الى نقطة ساطعة فشعر بحرقة تلسعه في جلده. هنا تيقن انه الآن يمتلك مصدراً للطاقة. تجول بالمكان حتى وجد الكثير من الكراسي التي تمزقت اقمشة اغلفتها فصار يجمع تلك الاغلفة القطنية ويسلط عليها عدسة النظارة حتى بدأ الدخان يخرج منها ثم شبت فيها النار فعلم انه قد حقق نجاحاً بمسعاه. احضر الحاوية المعدنية ووضعها فوق النار ليبدأ بإذابة الثلج بداخلها وبذلك تمكن من الحصول على الماء. شرب منه كثيراً حتى ارتوى ثم عاد الى ثيو وصار يبل شفتيه ويضع خرقة مبتلة يمسح بها وجهه، لكن ثيو لم يسترد وعيه. خرج من الخيمة وراح يجمع الكثير من قطع القماش التي صادفته ليرجعها الى الخيمة ويهيئ بها سريراً وثيراً لنفسه كي ينام عليه. وعندما فرغ من كل ذلك. استلقى فوقه وغط بنوم عميق لم يعهده من قبل. وفي اليوم التالي وبينما كان مغمض العينين ارتطم بوجهه شيء ثقيل فاصيب بالهلع. فتح عيناه ليرى احدى الدعامات التي تسند الخيمة قد سقطت فوق رأسه. انتصب من فراشه وثبتها ثانية بشكل افضل ثم بدأ يكتشف الكثير من الامور الجديدة التي واجهته فجأة والتي كانت غائبة عنه في السابق لكنه كان يمتلك الذكاء الكافي كي يعالجها. وفي مرة من المرات وبينما كان يبحث عن وقود للنار التي يوقدها وجد سكيناً مصنوعاً من السيراميك مدفوناً في الثلج. امسك بالسكين ولمس نصل السكين باصبعه فشعر بانه مشحوذٌ بشكل جيد وعلم يقيناً ان ذلك سينفعه في تقطيع اقمشة الكراسي التي سيستعملها كوقود مستقبلاً. ذهب الى احدى الكراسي بجانبه وقطع قطعة من قماشه مستعملاً السكين ثم عاد الى الخيمة وصار يجمع الاقمشة ويضعها فوق بعضها البعض. ولما اراد ان يوقد النار صدمته حقيقة ان الخيمة تحجب اشعة الشمس لذا عليه ان يحرق قطعة قماش في الخارج كي يدخلها الى داخل الخيمة فيما بعد. بقي صاحبنا لبضعة ايام يتعلم من الطبيعة ويكتشف الامور واسرارها وكيف عليه ان ينجو في صراع مرير مضني نحو البقاء لاجله ولاجل رفيقه الضابط ثيو. وفي اليوم الثالث وبينما هو منهمك في طبخ وجبة الطعام التي جمع لها بعض الاعشاب البرية التي عثر عليها في الجبل. سمع صوت انين منخفض. تلفت من حوله واستفسر فعلم ان الصوت يأتيه من الشرطي ثيو الذي صار يستعيد وعيه. هرع اليه وراح يطبطب على خده محاولاً انعاشه حتى فتح عيناه ونظر الى ريك فابتسم وقال،
ريك : حمداً لله، لقد استرديت وعيك يا ثيو. كيف تشعر؟
ثيو : اشعر بنحول عام وبالم شديد في صدري. اين نحن؟ ولماذا انا بهذه الحالة؟
ريك : لقد سقطت بنا الطائرة ونجينا من الحادث. لا أعلم اين نحن على وجه التحديد لكننا في مكان ما فوق قمة جبل.
ثيو : هل هناك ناجين آخرين غيرنا؟
ريك : كلا، الجميع ماتوا مع الاسف.
ثيو : اتعلم فوق اي جبل نحن؟
ريك : كلا ليس بالضبط. اغلب الظن انها سلسلة جبلية في الطريق ما بين دالاس وكالفورنا. وحسب الخريطة التي عثرت عليها فنحن اقرب الى جهة الوصول اي كالفورنيا. لقد رأيت سلسلة جبال تدعى شاستا. اعتقد اننا موجودون على احدى قممها.
ثيو : وماذا عن باقي الركاب؟
ريك : فحصت جميع الركاب الذين عثرت عليهم حول موقع الحادث فعلمت اننا نحن الوحيدون ممن نجى من الحادث. اي انا وانت فقط.
وضع ثيو يده على خصره ليتفقد قطعة السلاح التي كان يحملها فوجدها مفقودة فصرخ بقلق.
ثيو : اين سلاحي؟
ريك : لا تقلق يا ثيو لا تقلق. انه بمكان آمن. لقد احتفظت به بعيداً هناك لاننا قد نواجه اخطاراً مجهولة لا نعلمها.
ثيو : آتني بمسدسي فوراً لو سمحت.
ريك : ساحضره لك ولكن.
ثيو : ولكن ماذا؟ هيا اخبرني. ما الامر؟
ريك : انت لن تستطيع استعماله بعد اليوم.
ثيو : لماذا؟
ريك : لانك فقدت سبابتك اليمنى من اثر الحادث.
ثيو : هل انت جاد فيما تقول؟ يا الهي. ولماذا لم تقم انت بـ...
ريك : لم اقم باطلاق الرصاص عليك عندما كنت غائباً عن الوعي اليس كذلك؟
ثيو : اجل، هذا امر منطقي. لماذا لم تفعل ذلك؟
ريك : كنت سافعل ذلك لو كنت مجرماً كما يدعون. لقد اخبرتك مراراً وتكراراً انني بريء وان التهمة كانت ملفقة ضدي وقد رُبِطَتْ حول عنقي لكنك لن تتذكرها.
ثيو : لا، انا اتذكرها جيداً. على العموم اود ان اوجه لك شكري وامتناني لانك قمت بالعناية بي عندما كنت فاقداً للوعي. شكراً يا ريك.
ريك : على الرحب والسعة. هذا واجبي الانساني والاخلاقي والمهني يا ثيو. انا كنت سافعل الشيء عينه مع اي شخص آخر من المسافرين لو نجى معنا في الحادث. اولاً وأخيراً انا طبيب يا ثيو.
ثيو : الآن بدأت اعرف معدنك الطيب.
ريك : كفاك مديحاً يا ثيو. لقد اعددت لك وجبة دسمة.
ثيو : وجبة؟ ودسمة ابضاً؟ كيف فعلت ذلك؟
ريك : لا عليك. الطعام سوف يُمَكنُكَ من استعادة طاقتك. حاول ان تعدل من مجلسك وسوف اكمل طهي الوجبة.
ثيو : انا سعيد لانك تعتني بي.
بعد قليل احضر ريك الطعام موضوعاً بحاويات عثر عليها من الحطام وقام بتقديمها لثيو فامسك بالصينية وشكره ثم صار يأكل. وبعد ان انهى وجبته قال،
ثيو : هل لديك المزيد؟ فمذاقها لذيذ. من اين حصلت على المواد؟
ريك : لقد انهيت كل ما كان على رفوف الـ (سوبر ماركيت) من خضار.
قالها وصار الرجلان يضحكان. وفي هذه الاثناء سمعا صوتاً مرعباً خارج الخيمة. كان اشبه بصوت قهقاع دب قطبي. فقال ثيو،
ثيو : اسرع وناولني السلاح.
ريك : هل ستقدر على اطلاق النار بيدك اليسرى؟
ثيو : اجل بالتأكيد.
فجأة بدأ دب كبير بحجم سيارة يقطّع الخيمة المصنوعة من البطانيات واتجه نحوهم ليهاجمهم فوجه اليه ثيو مسدسه واطلق عليه رصاصة واحدة لكنها اخطأت هدفها. اطلق رصاصة ثانية فخدشت الدب خدشاً طفيفاً في ساقة فغضب الدب غضباً شديداً وهجم على ثيو ولطمه لطمة قوية اسقطت المسدس من يده على الارض بالقرب من قدم ريك. التقط ريك المسدس واطلق على الدب ثلاث رصاصات برأسه اردته قتيلاً فسقط جزءٌ من جسد الدب فوق ثيو. قام الرجلان بدفع جثة الدب بصعوبة حتى استلقى على ظهره. هنا نظر ثيو الى صاحبه وقال،
ثيو : انها المرة الثانية التي تنقذ بها حياتي. انا أشكرك.
ريك : لا تشكرني. من اين لي بزبون يتناول حسائي المقرف الذي اعمله ويتلذذ به غيرك.
ضحك الرجلان من جديد ثم قال ثيو،
ثيو : يبدو اننا سوف نستمتع بلحم الدب لوقت طويل قبل ان ينفذ مخزوننا من الطعام.
ريك : لا تنسى ان لديه فرو ثخين سوف يشكل افضل معطفين نرتديهما فوق اجسادنا.
وقف الرجلان فوق جثة الدب وصار ريك يقطعه ويزيل جلده بحذر كي يصل الى مخزون البروتين الذي بداخله بينما ذهب ثيو الى الخارج كي يحضر بعضاً من المواد التي سيستعملها رفيقه كوقود لطهي اللحم.
هل سيتمكن الرجلان من تحمل قساوة البرد ومخاطر هجمات الحيوانات من أجل البقاء على قيد الحياة؟ وهل سيرجعان الى كالفورنيا ليواجه الدكتور ريك تهمة القتل الغير متعمد؟ ام سيبقيان فوق سفح الجبل الا آخر يوم بحياتهما؟ تسائلات، تسائلات، ثم تسائلات واين الحل؟ الحل سيكون في الجزء الثاني من القصة.
791 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع