سيف الدين الدوري
هؤلاء اسقطوا صدام
لم تكن قوات التحالف وحدها التي اسقطت صدام حسين باسلحتها الحديثة المتطورة من طائرات ودبابات وصواريخ، بل هناك قوى اخرى تحالفت لاسقاطه عراقية وعربية واجنبية، إستخدمت اسلحة فتاكة ، هي النفاق والدجل . لقد اسقطه افراد عائلته ،إخوته واولاده وأبناء عمومته وخاصة علي حسن المجيد الذي وصفته رغد صدام في حديثها للفضائية العربية بـ( البذرة الخبيثة) واسقطه اقاربه والكثيرون من هؤلاء الذين سيطروا على مرافق الدولة والحزب وشددوا من قبضتهم على الاجهزة الامنية ، فاتسع الكبت من خلالهم وتحولوا الى اشبه بالاباطرة والقياصرة من خلال القصور والقلاع التي كانوا يعيشون فيها، فأقاموا بروجا عاجية تزخر بالتحف النادرة الثمينة والسجاد العجمي وابوابها الضخمة ومفاتيحها المطلية بالذهب بعد ان احتكروا التجارة الداخلية والخارجية اضافة الى تعاطي الرشاوى والاتاوات فعاشوا حياة الترف والبذخ والاسراف.
أسقطه بعض اعضاء قيادة الحزب والدولة والحاشية المنتفعة الذين ظلوا يناصرونه ويتعصبون لمواقفه واجراءاته وافكاره بعد أن انزلهم منزلة فاخرة ووضعهم موضعاً خاصاً من العناية مقدما لهم مختلف انواع المغريات المادية والمعنوية . هؤلاء الذين قاموا بأخطر الادوار فقاوموا كل إتجاه يهدف الى حل مجلس قيادة الثورة واعادة الدستور والحريات البرلمانية الى البلاد ، بل أن بعضهم كان على استعداد لاستخدام العنف والقسوة والتسلط والارهاب واستخدام السلاح واغراق البلاد بالدم وهذا ما حصل في سبيل ابقاء السلطة في يد صدام حسين وبالتالي إستمرار بقائهم في مناصبهم الكبيرة والحفاظ على إمتيازاتهم الضخمة ومكاسبهم الوفيرة ، فاصبح هؤلاء دولة داخل الدولة ويملكون صلاحيات صدام حسين نفسه يعتقلون من يشاءون ويطلقون سراح من يشاءون لمجرد مزاجات شخصية.
هؤلاء المنافقون كانوا يخشون العودة الى الحياة الدستورية والحريات العامة والديمقراطية لأن ذلك سيؤدي الى إفتضاح أمرهم وإنكشاف سر ما ارتكبوه من جرائم مما سيؤدي بالتالي الى وقوعهم تحت طائلة القانون والعدالة وتقديمهم الى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل .
اسقطه اولئك الذين اوكلت اليهم مهمة مراقبة وملاحقة ومطاردة القوى السياسية المعارضة فاوغلوا في جرائمهم ومارسوا القسوة في التعذيب داخل السجون والمعتقلات وخارجها ومارسوا القتل والاعتداء على المواطنين وكرامتهم واموالهم واملاكهم.
اسقطه المثقفون والكتاب والصحفيون والشعراء العراقيون والعرب الذين صوروا الهزائم انتصارات والمصائب محاسن واخفوا الحقيقة عن الناس واصبحوا طبقة عازلة بينه وبين الشعب ، طبقة تحت القيادة وفوق الشعب بعد أن إمتلأت جيوبهم بالدولارات وبيوتهم بكل ما لذّ وطاب وجعلوا الاسود ابيضاً والابيض اسوداً ومن الشر خير ومن الخير شر والبطل خائنا والخائن بطلاً والشريف عميلاً والعميل شريفاً والباطل حقاً والحق باطلاً.
اسقطه أولئك الذين كانوا يتوافدون على بغداد وينامون في فنادقها اكثر مما ينامون مع نسائهم من سياسيين ومثقفين وكتاب وفنانين فحولوا المهرجانات الى مناسبة لمديح السلطان فحولوه الى صنم يعبد وخلعوا عليه الالقاب الشجاع والقائد والمنتصر والمقتدر وعبد الله المؤمن وصلاح الدين الايوبي ونبوخذ نصر الى آخر الالقاب والاوصاف حتى خدّروه فاسقطوه قبل ان تسقطه القوات الامريكية .
632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع