( الكويت بين الجغرافيا الملتهبة والتاريخ المؤجل من احتلال ١٩٩٠ الى إزمة خور عبدالله الحالية )

بقلم : اللواء الملاح الركن المتقاعد فيصل حمادي غضبان
١ أب ٢.٢٥

( الكويت بين الجغرافيا الملتهبة والتاريخ المؤجل من احتلال ١٩٩٠ الى إزمة خور عبدالله الحالية )

١. المقدمة : فجر الثاني من آب عام 1990 اجتاز الجيش العراقي حدود الكويت في عملية عسكرية سريعة أذهلت العالم ودوّت أصداؤها في كل العواصم من بغداد إلى واشنطن. كان الحدث عاصفاً لا فقط لأن دولة عربية احتلت أخرى بل لأن لحظة من التراكمات الصامتة تحوّلت فجأة إلى انفجار عندما دخل الجيش العراقي إلى الكويت فيما وصفته بغداد آنذاك بـ”تصحيح للواقع التاريخي”، بينما اعتبرته الكويت والعالم غزواً وعدواناً. بعد أكثر من ثلاثة عقود، لا تزال آثار تلك اللحظة تهز الذاكرة السياسية للمنطقة الكويت، التي رسمت حدودها بريطانيا على شكل وسادة ناعمة تفصل العراق عن السعودية، أصبحت نقطة احتكاك سياسي وجغرافي دائم، لا سيما بعد تفاقم الأزمات .البحر أصبح نقطة احتكاك سياسي وجغرافي دائم .أن احتلال الكويت بقدر ما هو خطأ سياسي واستراتيجي فادح، كان يعبر عن صرخة مكبوتة في وجه نظام إقليمي صُمم لخنق العراق، وتكريس التفوق الجغرافي والسياسي لدول صغيرة، محمية بالتحالفات الكبرى. ومع الاسف حتى يومنا هذا المشكلة لم تكن في الاجتياح فقط، بل في أن الرسالة الحقيقية لم تُقرأ والتي تقول أن الكبت الجغرافي والاقتصادي قد يولّد أفعالاً خطيرة، ما لم تعالج بحل عادل.الكويت في نظر العراقيين، لم تكن مجرد دولة مستقلة، بل حاجزاً صُنع بذكاء استعماري بين العراق والبحر. منذ أن وُلدت حدودها على يد البريطانيين، وهي تشكل ذلك “الزر التفجيري” القابل للضغط متى ما تعاظمت الاحتقانات في الجوار. لكنها ومعها الخليج، لم تستوعب أن أمنها لن يُصان بالقواعد الأجنبية، ولا بترسيم حدود على الورق بل بفهم منطق الجغرافيا، وإنصاف الظل العراقي المحاصر.اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود، تعود الأزمة من بوابة “خور عبدالله”، ويتجدد الخلاف حول البحر والحق والسيادة.لاحتواء الازمة الحاليه العقل يقول ما لم يُفهم بالأمس بالقوة، يُفترض أن يُفهم اليوم بالحكمة التي تنصح دائما بأن لا يمكن بناء استقرار دائم على ألم غير معترف به، ولا على جرح جغرافي مفتوح.الدرس الذي لم يُستوعب هو أن الخريطة تُعاقب من يتجاهل موازينها، وأن المظلومية المؤجلة قد لا تُدفن بل تعود، بأشكالٍ مختلفة.

٢. نبذة تاريخية وجغرافية : تقع الكويت في الطرف الشمالي الغربي من الخليج العربي، تحدها العراق شمالاً وغرباً، والسعودية جنوباً. وتملك سواحل بحرية تمتد على مساحات تفوق نسبياً مساحتها البرية، مما منحها أهمية استراتيجية أقتصادية عاليه بينما يقول.التاريخ السياسي كانت الكويت تحت الحماية البريطانية منذ عام 1899، واستقلت عام 1961، وهو ما رفضه العراق في حينه بأعتبارها جزءاً من ولاية البصرة.ولم تُرسم الحدود العراقية الكويتية إلا بعد تدخلات أممية عقب حرب الخليج الثانية،.

٣. الاسباب التي ادت الى احتلال الكويت عام ١٩٩٠:
أ. لاقتصاد والديون: بعد حرب العراق مع إيران، خرج العراق منهكاً اقتصادياً، وكان يتهم الكويت بتقويض سوق النفط عبر زيادة الإنتاج، إضافة إلى مطالبته بإعفاء ديون الحرب.
ب.الحدود والموانئ: اعتبر العراق أن الكويت تعرقل وصوله للبحر وتستغل بعض الحقول النفطية الحدودية مثل حقل الرميلة وسرقة نفطه بطريقة الحفر المائل..
ج .الرؤية الجيوسياسية: العراق رأى في الكويت “امتداداً طبيعياً”، وأن وجودها كدولة منفصلة يناقض هويته الإقليمية.
د.التحريض الغربي غير المباشر: يُروى أن تصريحات السفيرة الأمريكية أبريل غلاسبي فُهمت في بغداد على انها ضوء اخضر ضمني لاستعادة الكويت .

٤. التداعيات التي تلت الاحتلال:
أ.تحالف دولي بقيادة أمريكا ومشاركة جيوش عربيه أخرج العراق من الكويت في شباط 1991 لا رالت انعكاساته قائمة .
ب.فرض حصار شامل دمر العراق اقتصادياً واجتماعياً ولد ارهاصات نفسيه اتجاه الكويت والدول العربيه مما اهتزت امامه جذور العروبه ومع الاسف نفس الموقف العربي اتجاه غزة اليوم .
ج.ترسيخ وجود أمريكي دائم في الخليج والذي هو إصلاً موجود على سواحل دول الخليج المتمثل بالأسطول الخامس الامريكي ..
د.إنشاء قواعد أمريكية في الكويت وتحولها إلى نقطة ارتكاز استراتيجية تهدد أمن العراق بغض النظر عن السياسة القائمة حالياً.
ه.ترسيم الحدود البرية والبحرية علماً ان العراق لم يشترك بتلك اللجان التي تجاوزت على الارض العراقية التاريخيه وايضاً أضعفت الموقع البحري العراقي .

٥. الدروس المستنبطة:
أ. العاطفة الجغرافية والحقد الدفين لا تكفي لبناء استراتيجية ناجحة.
ب. الهيمنة المؤقتة لا تعني السيطرة المستدامة.
ج .المجتمع الدولي لا يتعامل مع المظلومية، بل مع موازين القوى.
د. التاريخ المؤجل قد يعود، لكن بأدوات مختلفة.
ه . غياب التفاهم العربي بحده الادنى ولا نقول غياب الوحدة العربية التي هي اصلاً قد ماتت جميع تلك الاسباب ساهمت في ترسيخ الكيانات الهشة وتوغل القوى الخارجية .

٦. الاستنتاجات:
أ. لا تزال الكويت نقطة توتر جيوسياسي بين العراق والخليج.
ب. ملف الحدود والموانئ لم يُغلق، بل تأجل.
ج . العراق لا يزال يعاني من ضعف بحري فرضته الترتيبات بعد عام 1991.
د. الكويت، رغم صغرها، تمارس تأثيراً يفوق وزنها
الجغرافي بفعل التحالفات والدسائس مسخرة المال والاكاذيب لتحقيق ذلك .

٧. التوقعات في ظل الوضع الحالي:
أ. اذا استمرت الكويت بمشاريعها البحرية المعطلة للنفَس العراقي (مثل ميناء مبارك)، فإن الاحتقان سيتصاعد.
ب.الوضع العربي المنقسم، والانشغال الدولي بالحرب الأوكرانية والإيرانية الإسرائيلية، يوفر بيئة فوضوية تسمح بتفجير الأزمات المؤجلة.
ج.العراق يعاني من هشاشة القرار السيادي وانقسام داخلي، مما يُبعد خيار الرد القوي في المدى القريب، لكنه لن يبعده عن المدى المتوسط ( لن يضيع حق وراءه مطالب ).

٨. عوامل قد تقيد الانفجار :
أ. الوجود الأمريكي في الخليج يشكل كابحاً لأي صدام مباشر.
ب.انشغال العراق بإعادة بناء الداخل والانقسامات الداخلية والولاءات الخارجية .
ج .النفط كمصلحة مشتركة يدفع الطرفين لتجميد التصعيد.
د.الخوف الخليجي من التصعيد الإقليمي مع إيران، ما
يجعل تهدئة العراق أولوية غير معلنه.

٩. الحلول والمقترحات:
أ. مراجعة اتفاقية خور عبدالله عبر لجان فنية لا سياسية، بإشراف دولي متوازن.
ب. استعادة العراق لقوته البحرية عبر شراكات استراتيجية بعيداً عن النفوذ الخليجي.
ج . إطلاق مشروع إقليمي لإعادة رسم خرائط الاستفادة من الخليج العربي بالتوازن لا بالهيمنة.علماً ان الشرق الاوسط القادم هو من يتكفل ذلك .
د.إشراك المجتمع المدني والنخب العراقيه في النقاش مع الحكومة حول الحدودوالثروات لتكوين رأي عام غير مخترق .

١٠. الخلاصة: قدرة العراق على حل أزمة خور عبدالله محدودة لكنها ممكنة… بشرط توفر إرادة سيادية، وحشد وطني موحد، ورؤية استراتيجية توازن بين الحق التاريخي والواقع السياسي.فالخضوع لا يُنهي الأزمة… والمكابرة لا تُنتج حلولاً الكويت ليست “زائدة دودية” كما قال بعض الغاضبين، بل نتيجة لمرحلة تاريخية ساد فيها المنطق البريطاني فوق الوجدان العربي. لكنها اليوم، وقد أصبحت أكثر تأثيراً من حجمها، مطالبة بعدم اللعب بالنار في منطقة وقودها المظالم القديمة. العراق لن يصمت للأبد، لكن العقل يسبق الغضب. وحدها الاتفاقات العادلة تنزع فتيل الانفجارات … إذا أُريد للأمة أن تبقى حيّة. والجورة أمنه لا مستفزه . تجربة ٢ آب ١٩٩٠ لم يكن غزواً فقط… بل إنذاراً صاخباً من عراق محاصر جغرافياً ومخنوق سيادياً واليوم، بعد أكثر من ثلاثين عاماً، يعود الإنذار بصمت . الدرس الذي لم تُدركه الكويت لا البحار تُحتكر، ولا الجغرافيا تُستفز دون عواقب.
١١. السؤال المهم الذي يطفوا على لسان الشعب العراقي: ما هي قدرة النظام العراقي الحالي على حل الأزمة مع الكويت في قضية خور عبدالله لصالح العراق .؟

الجواب : # :الجغرافيا لا تنسى، وإن صمت التاريخ..خور عبد الله عراقي مو شريف الباعة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

856 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع