بقلم : اللواء الملاح الركن المتقاعد فيصل حمادي غضبان
٢٨ أب ٢٠٢٥
الحرب النفسية والردع الاستباقي
( تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي للحوثيين بعبارة من يرفع يده علينا سنقطعها )
١. المقدمة : في خضمّ التصعيد الإقليمي وتبادل الرسائل بين العواصم المتقابلة على ضفاف النار، جاء تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي موجَّهًا إلى الحوثيين بلهجة حاسمة: “من يرفع يده علينا سنقطعها”. تصريح يعكس طبيعة اللحظة الراهنة حيث عندما تتكلم القوة فتصمت الأفواه، وتغدو المعادلات مرهونة بمن يملك زمام المبادرة.وإزاء ما يُتداول من أخبار عن استهداف أو اغتيال قيادات حوثية، فإن هذا المنشور أياً كان مدى صحت ما يقال يبقى تحليلًا يعبر عن رؤية كاتبه في إطار محاولة فهم المشهد العام، وما يحمله من إشارات استراتيجية إلى الحوثيين وإيران والمنطقة معًا. وكما يُقال: ( كذب المنجّمون وإن صدقوا )فإن الغاية من هذا الطرح ليست الجزم بالوقائع بل قراءة اتجاهات الحدث، بما ينسجم مع تعقيدات الوضع الإقليمي الراهن.. وتباً للصهيونيه الدمويه التي اوغلت في قتل غزه وتدميرها وتباً لمن يرى يرى بعينه ويبقى ساكننا ( من رأى منكم منكراً فاليغيره بيده فأن لم يستطع فبلسانه وان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان ) أين العرب من أضعف الايمان .
٢ . الدلالات استراتيجية: رسالة مباشرة للحوثيين
الغاية منها منع الحوثيين من التوسع في دائرة الاستهداف خارج البحر الأحمر نحو العمق الإسرائيلي.
كما ان إسرائيل تريد أن تُظهر أنها لن تتعامل معهم أعداء بعيدين بل جبهة عسكرية قائمة بذاتها تستحق الاستهداف المباشر.إن تم ذلك فعلاً يعني الانتقال من الرد التكتيكي باعتراض المسيرات والصواريخ إلى الرد الاستراتيجي باستهداف القيادات الرئيسية .
٣. الإشارة غير المباشرة لإيران: إسرائيل تعتبر الحوثيين ذراعاً إيرانياً، وبالتالي أي استهداف لهم هو رسالة ضغط على إيران تقول ( استمراركم في استخدام “الأذرع”، فإن الرد سيطول الرؤوس ). هذا التصعيد قد يمهد لفتح جبهة جديدة من “المعركة بين الحروب”، حيث ترد إسرائيل على إيران عبر وكلائها بدلاً من المواجهة المباشرة.
٤. قرار تسريع الحسم : إسرائيل لم تعد تكتفي بسياسة “الاحتواء”، بل تتجهه نحو سياسة الحسم السريع والردع الصارم.ولكن المعطيات تقول ان الحسم الكامل ضد الحوثيين صعب جدا لان الجغرافيا في صالحهم مع قدرتهم على المطاولة والاستنزاف البعيد المدى.
من المرجح أن تكون الاستراتيجية تعتمد ضربات نوعية محدودة ضد القيادة ، المنظومات الحيوية لإبقاء الحوثيين تحت “سقف الردع”.
٥. التداعيات المحتملة:
استمرار الاستهداف تدفع الحوثيين إلى توسيع بنك أهدافهم نحو مصالح إسرائيلية في البحر الاحمر أو حتى السفن المرتبطة بدول صديقة لها.إيران قد تستثمر هذا التوتر لتأكيد روايتها بأنها هي المستهدفة فعلياً، مما قد يفتح الباب لرد متدرج منها أو عبر وكلاء آخرين.خلاصة ذلك تثبت ان التصعيد قد يدخل في حرب رسائل متبادلة كل طرف يحاول إظهار أنه يملك اليد العليا دون الانزلاق لحرب شاملة.
٦. هل تكرر اسرائيل سيناريو لبنان مع القيادت الحوثية الإجابة تتخذ اتجاهيين هما :
أ.السيناريو اللبناني: إسرائيل اعتمدت على الاغتيالات النوعية ضد قيادات حزب الله، لتقليص قدراته القيادية.
لكن الحزب قد انتج قيادة بديله ولازال حياً ولن يموت حتى وان ضعف .كما ان الحال يشير إلى توازن ردع طويل الأمد بدلاً من القضاء عليه.
ب. السيناريو الحوثي الحالي : الحوثيون تنظيم عقائدي، هرمي، مرتبط بإيران، لديه قدرة على إنتاج قيادات بديلة أن اغتيال قياداتهم سيكون له تأثير رمزي كبير لكنه لن يشلّ الحركة التي تستفيد من الجغرافيا اليمنيه المختلفه عن الجغرافيه الإيرانية واللبنانية تمتاز ببعدها عن إسرائيل وصعبة الاختراق الاستخباراتي الا ماندر كما ان البعض من قادة الحوثيين غير معروفين إعلاميًا مما يقلل من القيمة الدعائية لاغتيالهم.مع ذلك ستستمر طبيعة الحرب المعتمده هي حرب استنزاف بحري وجوي .
٧. معركة الاغتيالات : إسرائيل قد تحاول تنفيذ عمليات نوعية محدودة ضد قادة الحوثيين (عبر طائرات مسيرة بعيدة المدى، أو عمليات استخبارية بالتعاون مع طرف ثالث).الهدف مع صعوبته لن يحقق إنهاءهم، بل محاولة ردعهم بنفس الوقت وتوجيه رسالة لايران بأن وكلاءها ليسوا بمنأى عن اسرائيل .ولهذا السيناريو مخاطر تقول أن اغتيال قيادات حوثية قد يولّد حافزًا مضاعفًا للهجمات ضد المصالح الإسرائيليه و يدفع إيران لتعزيز دعمها لهم بشكل أكبر.
٨. الصورة الأكثر واقعية: قد تعجز اسرائيل من تصفية القيادات الحوثيه العليا ولكنها تلجأ إلى اغتيالات محدودة ورمزية مثلاً ( قادة تسليح، خبراء صواريخ، أو شخصيات إعلامية بارزة) مع معرفتها وبشكل قاطع انها تعجز عن القيام بحملة اغتيالات شاملة مثلما فعلت في لبنان.
مع معرفتها أن النتيجة النهائية ستكون إدارة صراع طويل الامد وليس القضاء على الحركة.مع زسالة مبطنه للجميع تقول ان أي يد تُمتد ضدنا، لن تكون آمنة حتى داخل صنعاء أو صعدة”.
٩. البعد الاستخباراتي: ان صحت الاخبار يعني نجاح الموساد في تنفيذ اغتيالات دقيقة مما يدل على اختراق أمني عميق داخل الطبقة القيادية الحوثية إما عبر عملاء محليين، أو عبر تكنولوجيا تتبع واتصالات لها القدرة على تحديد مواقع القيادات المتحركة، وهو ما يُعد بالغ الصعوبة نظرًا لاعتماد الحوثيين على السرية، والتنقل المستمر، وتفادي التكنولوجيا الغربية.أما الاحتمال الاكثر واقعيه هو ( وجود تعاون استخباراتي إسرائيلي – أمريكي – إقليمي) لتبادل معلومات دقيقة عن تحركات تلك القيادات.
١٠ .التإثير المباشر : عمليات استهداف القيادات السياسية أو العسكرية يشكل صدمة مزدوجة وضربة للثقة الداخلية مع الشك في وجود اختراق أو خيانة داخل الصفوف يرافقها ضغط نفسي ..مما يتطلب إعادة هيكلة القيادة، وتعزيز إجراءات السرية، وربما تصفية داخلية ضد المشتبه بهم. وبالنتيجة مهما كان مستوى العمليات المضادة لن يؤدي لانهيار الحركة بل قد يولّد رد فعل انتقامي أكثر شراسة ضد أهداف إسرائيلية أو غربية في البحر الأحمر.
١١. ماهي الانعكاسات على إيران: ان اغتيال قيادات حوثية بارزة سيُقرأ في طهران انها رسالة مباشرة ذراعكم في اليمن لم يعد آمناً”.وهذا قد يدفع إيران إلى تعزيز الحماية (توفير خبراء أمنيين، أجهزة تشويش، تهريب تقنيات إخفاء متطورة).لكنه أيضًا يحرجها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، إذ يظهر أن حلفاءها مكشوفون أمام جهاز أمني خارجي.
١٢. الأثر الاستراتيجي على المنطقة: نجاح عمليات كهذه يعني أن إسرائيل وسّعت ساحة المعركة الاستخباراتية إلى اليمن بعد أن كانت متركزة في لبنان.هذا التحول يعكس مرحلة جديدة من الحرب الخفية التي لم تعد الضربات مقتصرة على اعتراض الطائرات والصواريخ، بل صارت موجهة إلى الرؤوس المدبّرة.مثل هذه العمليات ستُحدث تأثيرًا دعائيًا كبيرًا لصالح إسرائيل يدل إثبات أن “يدها طويلة” تصل حتى العمق اليمني.
١٣. الخلاصة : تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي ليس مجرد تصريح انفعالي، بل جزء من استراتيجية الردع المركّب الموجهة إلى الحوثيين كذراع، وإلى إيران كعقل مدبّر. الضربات ضد قادة حوثيين لن تغيّر ميزان القوى كلياً، لكنها تهدف إلى تسريع قرار الحسم في أي مواجهة قادمة ومنع “تعدد الجبهات” من التمدد أكثر، سيناريو لبنان قد يتكرر جزئيًا مع الحوثيين، لكن ليس بنفس الحجم ولا الأثر، لأن الحوثيين محصنون بجغرافيا اليمن وبنيه اجتماعية-قبلية تجعلهم أكثر قدرة على امتصاص الصدمات. اما الاغتيالات ستبقى تكتيك ردع ورمز سياسي أكثر من كونها استراتيجية حسم نهائي.ان صحّت الأخبار عن اغتيالات لقيادات حوثية سياسية أو عسكرية بارزة فهذا سيكون حدثًا استثنائيًا بكل المقاييس، لأنه سيعني أن الموساد أو شريك استخباراتي له قد نجح في اختراق بيئة معقدة وصعبة مثل بيئة الحوثيين.
فهذا لا يعني مجرد نجاح تكتيكي، بل نجاح استراتيجي للموساد في اختراق الدائرة الأمنية المغلقة مع الانتقال من مرحلة “الدفاع ورد الفعل” إلى “الهجوم الاستخباراتي” الذي يكشف العدو ويصيبه في قلبه. لكن في المقابل، هذا النجاح سيجلب معه ردود فعل انتقامية عنيفة من الحوثيين وربما إيران، لأنه يضرب في صميم هيبتهم الأمنية والتنظيمية.
966 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع