ما سَرَّ مَنْ رأى يا فاس

شعر:د. خالد زغريت

ما سَرَّ مَنْ رأى يا فاس

عيناكِ برْتقالتانِ كالغُروبِ اصْفرَّتا..
ما سَرَّ مَنْ رأى
أمَّ العيونِ الصُّفْرِ..كلُّ نظْرةٍ ذئبٌ كجمْرٍ في بياضِ حلْمِنا جَرَى
كمْ ضحكوا يا فاسُ منكِ ..قالوا : أنتِ جَنَّةٌ بلا نساءٍ لا تُداسْ
يا فاسُ صارَ الفأسَ بالرّأسِ مابعدُ الدِّما كَرَى
يا حيفُ أُمَّةٌ ..وجودُها بشَعْرِ امرأةٍ يُقاسْ
وفاسُ سُوْقُ ماضينا نُظارِفُ النَّخَّاسَ فيهِ بأسْرارِ نُسْوَةٍ سدىً
ثَرْثَرْنَ زَيْغَ عيْنِهنَّ عنْ رِجالِهنَّ ذاكَ سُرُّ ما ترى
لا زَيْغ سَرَّ ما رأى
و فاسُ أختُ نَيْنَوى بنتُ الثرى
و صنْعا جَدَّةٌ
والبَعُلُ خَمْر الأنْدرينَ
جُبَّةُ الصوفي حماةَ لا تُسِرَّ ماترى
في فاسَ فَسِّرْ ما ترى
وحمصُ كالكأسِ .. الجمالُ كالزُّجاجِ لا يقاومُ الفأسَ
مصر نعاسُ النّيْلِ..
حين يصبحُ الرأسُ كما الذَّيْل دليلاً والثَّرى
كالثُّريَّا قدْ تصيرُ بالأقدامِ عشْواء تداسُ
فاسُ حرَّةً تكونُ إذْ عليها نُطْبُقُ الجفونَ
نحن عَلَّقْنا على الغصونِ قمصانَ نسوَةِ القُرى
حتّى نرى كيف يُنَشَّفُ الحَيَا
على حبْل الظُّنون والعُرَى مِنْ نفْسِنا
كنّا نُغنِّي و الجنونُ ما تعلَّمْنا سواهُ مِنْ جنونِ فاس
افترى يوماً علينا ساحرٌ نحن افترينا : أنَّ ما للأرضِ سهلاً وربا
و فاس ُ نصفُ كأسٍ فارغٍ مِنَ النَّساءِ سَرَّ مَنْ رأى
وفاسُ لو ترى شِجارُ النراجسِ الصفراءِ في العيونِ عطْرُها دمٌ جرى
كلُّ شارعٍ جديلةٌ كالشّمسِ مسَّها كرى
غفتْ على مخدَّة الأصيلِ أزْهى ذهباً منَ الفرسْ
وفاسُ عيْنُ امرأةٍ في عصمةِ الأميرِ
تستبي عفافَها ثريّات البلاطِ
من شفا جمالها يسْرقُها الحرَسْ
يا فاسُ أدارجُ الهوى مثل الرياحِ كالجبالِ ما لها ذرا
وفي العيونِ نرجسُ الفضيحة العذراءِ
عطرُهُ قميصُ امرأةٍ يَشفُّ عن فتون ِمَنْ به احترسْ
يا فاسُ لو تصدِّقينني السِّرُّ ليسَ أخرسَ
مهما عليه نامَ ماضٍ .. في المنامِ يأتِ حافياً
وإنّما علَّقَ في أقدامه جرَسْ
بأيّ آلاء الليالي تأْمنينَ نجمةً على خُطاك في السَّرى
كلُّ الليالي السّود فيها ضحكةٌ منّا
نظنُّها نجماً يقصُّ شَعْرَهُ ضوءاً لكي نُسْرجَه فرسْ
يا فاسُ لمْلمي على صدى أذانِ المغربِ
الدَّمَ الذي ذبْحاً حلالاً مِن معاصينا جرى
يا فاس و التَّرادفُ الحسّيُّ آيُهُ طلولٌ أو زوالٌ انبرى
في ظاهر الجبينِ شامةٌ عاجَ على بغدادها
وشامها ونيلها وحمص عاصيها وداسَ روحَها
ما ضرَّ واقفاً كالدّمع كانَ أو كالملحِ في الجراحِ إن جلسْ
للأسفِ ... للأسفِ .... للأسفِ
تكسَّرتْ كرامةُ الأوطانِ مثلَ عفّةِ النساءِ
نصفُ عيننا الصفراءِ كالخزفْ
للأسفِ ... للأسفِ
سوى ظلالِهمْ بغَيْرِ دمْعهم ما قاتلَ الحرسْ
و العرْبُ واحداً بعيراً هاجَ يرْغي
كالشيوخِ تحتمي بالسجْعِ كخشْبة المنْبرِ:
رفقاً بالقواريرِ فكلُّنا نساءٌ قدْ خُلِقْنا
للمرايا منْ زجاجٍ نحن للأسفْ
ما مِنْ زجاجٍ أو خزفْ
يوماً حمى شرفْ

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

819 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع