علي الكاش
من وحي قصة خراف بنورغ
قال تعالى في سورة البقرة 11ـ 12 (( وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون إِلَّا إِنَّهُم هم المفسدون وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ))
البداية
العنوان مستوحى من قصة الروائي الفرنسي المعروف (فرانسوا رابليه) وهي بعنوان (خراف بنورغ)، وتدور حول جدال جرى على سطح سفينة بين السيد بنورغ وتاجر اغنام ثمينة ابحر بها لبيعها في مكان آخر، وكان تاجر الأغنام الثري قد تهكم وسخر من ملابس بنورغ البالية، فقرر الأخير الانتقام منه، قام بنورغ بشراء خروف من التاجر بثمن باهض، وقاده الى طرف السفينة ورماه في البحر، وما ان رأت الأغنام هذا المنظر حتى ركضت سريعا والتحقت بالخروف وسقطت جميعها في البحر على الرغم من تشبث بعض الركاب بها لمنعها من رمي نفسها في البحر، لكن لا فائدة فقد لفظها اليم جميعا.
لو استعرنا الوصف فأن تاجر الأغنام، اشبه بالمرجع الأعلى، بنورغ يمثل الشعب العراقي، الخروف الأول الذي رماه بنورغ في البحر يمثل المذهب، والخراف هم الشيعة العوام الذين يُقادون الى الهلاك، والركاب هم الشيعة المعتدلون الذين يحاولون انقاذ المذهب من براثن الجهل والتخلف والاساطير التي يتقيأ بها المراجع، فتنطلي عليهم، بل يستمتعوا بها، ويسعفوها بالقول (اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد)، فعلا عندما يقترن الجهل بالغباء تتحول المصيبة الى كارثة.
تتحفنا المرجعية بفتاوى قصيرة كطلاسم لا اصل لها في القرآن والسنة، مرجعها روايات منسوبة لأئمة الشيعة تناقلها رواة الكوفة المعروفين بدجلهم وكذبهم وخذلانهم ائمتهم والانقلاب عليهم، لا احد منهم كان في المدينة او من تلاميذ جعفر الصادق، الطريف ان الرواة في المدينة لم ينقلوا عن الصادق وهم تعايشوا معه زمنا طويلا أي احاديث، في حين رواة الكوفة ومنهم من لم يرً المدينة نقل عن الصادق احاديثا لا تطمئن لها نفوس المسلمين، ولا تتوافق مع العقيدة، ولا ترضي الضمير، ولا تتماشى مع الخط الاسلامي المستقيم، ولا تتناغم مع معايير العقل والنقل، الاحاديث التي لا تحتكم إلى القرآن والسنة النبوية، تعمق هوة الجهل، اذا لم نقل السقوط تحت وطأة التخلف المعرفي، والترنح تحت ثقل وعبء اللاوعي، والخروج من دائرة التعقل الى المتاهة. ان التوسع في الاساطير والمعاجز، والزج بمفاهيم دينية خارج السياق يؤدي الى توليد حالة من الهوس المذهبي مستعصية على الفهم، وتؤثر سلبيا في مسيرة المجتمع المتحضر، فتجعله ينساق مع موكب الدجل والجهل، ويستسهل ارتكاب الذنوب، فتكون الجريمة والسرقة تحصيل حاصل.
تحاول المرجعيات الدينية ان تستأثر بأحداث الماضي وتعكسها على الحاضر، على اعتبار ان استقصاء الماضي يوفر لها الغطاء الديني لتحقيق الأهداف الدنيوية من نفوذ ومال وممتلكات خيالية، وسيطرة على القرار السياسي، مع ان دورها بدأ يخفت تدريجيا، وهي تحاول جاهدة ان تستغفل اتباعها عبر ممارسات عاشوراء والخطاب الطائفي التحريضي، وتوطيد مكانتها تحت يافطة حماية المذهب وترسيخ الحكم الشيعي، باعتبارها وريثة تراث الأئمة، والمرجع وكيل الإمام، مع ان هذه الممارسات الشاذة والمازوخية تصطدم بقوة بجدار العقيدة والقيم الوطنية، ولكن لكونها مرجعية اجنبية شعوبية فهي لا تقيم أي اعتبار للمصالح الوطنية، بل يمكن بكل جرأة ان نقول ان تعمل ضدها ولكن بخفية.
على قول الفضل بن الربيع:
كم فاسقٍ تحسبُهُ ناسكاً ... يستقبلُ الليلَ بأمرٍ عجيبْ
غطّى عليهِ الليلُ أثوابَهُ ... فباتَ في أُنسٍ وعيشٍ خَصيبْ
(المحب والمحبوب/140).
ان ممارسات المرجعيات الدينية وخطباء المنير الحسيني ما عادا يقنعان أي مواطن شريف بأن هناك حماية حقيقة للمذهب، ولن يتمكنا من الوصول الى أعماق النفوس ولا الى دخائل العقل الشيعي، فجذوة الدفاع عن المذهب اخذت تخفت وتتلاشى في خضم الفوضى الفكرية والممارسات الخاطئة التي لم تعد تعثر على قرائح مثقفة وملهمة تتقبل الطروحات غير الوطنية، وغير الشرعية التي تتعارض مع القيم الدينية والدنيوية وحقائقهما الأزلية التي لا يمكن تحريفها والاشتطاط عنها، بل مع المنطق والعقل، بل هي تتعارض مع القيم والمعايير المعروفة في أخلاقية المجتمع العراقي، الذي تتفاقم عليه الهموم والاحزان بسبب الإخفاق في تصحيح الأوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية، مما يولد نوع من الإحباط واليأس من الحاضر والمستقبل، وقد خاب الأمل في ان تنقشع غيوم الجهل والفقر والتخلف الحضاري، في ضوء السقوط النهائي المريع مع استمرار الهزيع الأخير من البؤس والظلم.
كانت الرشوة التي قدمها الساسة الشيعة الى المرجعية تتمثل بقانونين اقرهما النواب الشيعة في البرلمان الوضيع.
أولهما: ما يسمى بعيد الغدير، الذي لو قلبت القرآن والسنة النبوية صفحة صفحة وسطرا سطرا ما وجدا لهذه البدعة من وجود، هذا العيد الشيعي اول من اقره البويهيون، واعتبروه عطلة يحتفلون بها، مع غيرها من البدع التي لا أثر لها في الإسلام، ولكن عندما ترفع التقية يحلٌ البلاء، وتتحول الجرذان الرعديدة الى ذئاب مفترسة. هذه العيد المزعوم يلغي معتقد الشيعة في السقيفة، لأنه لو صح عيد الغدير، لما كان اجتماع السقيفة لتحديد خليفة رسول الله، على اعتبار ان المسلمين يعرفوه، كما ان اكثر من (100000) صحبوا الرسول المصطفى وتفرقوا عند غدير خم، لم يتحدث أي منهم على ولاية علي بن ابي طالب، حتى بني هاشم لم يتحدثوا عنه، بل علي نفسه لم يزعم ان النبي المصطفى ولاه على خلافة المسلمين.
ثانيهما: إقرار قانون الأحوال الشخصية وفق المذهب الجعفري.
لا اعرف اين فقه جعفر الصادق؟ لا يوجد كتاب لجعفر الصادق يوضح مذهبه، في الوقت ان من عاش معه في تلك الفترة من أئمة السنة لديهم مؤلفات كثيرة في الفقه وبقية العلوم، كل ما ورد عن الصادق روايات ما انزل بها الله من سلطان، وردت عن اهل الكوفة، وهم لم يلتقوا بالصادق، ولم يلتقِ بهم الصادق، بل نسبوا اليه بلا حياء كتاب (قرعة الصادق) و(جفر الصادق) وهي كتب روحانية لا يمكن ان تصدر منه، فهو اجل وانبل من ان يتحدث بهذا الهراء، لقد اساءوا للصادق إساءة كبيرة من خلال تلفيق الروايات، ولو اطلعت على علوم الصادق لوجدها مهازل لا يمكن ان تصدر عن انسان عاقل وليس فقيه، مثل عدم لبس النعال الأسود لأنه يورث الجذام ويبطل الشهوة الجنسية، وان محمد الباقر صنع فيل ونفذ فيه الحياة، وطار مع بعض صحبه فوق المدينة، وقد أوردت في كتابي اغتيال العقل الشيعي (المئات من هذه المهازل التي نسبت لهذا الامام الجليل وبقية الأئمة.
كان قانون الأحوال الشخصية العراقي من افضل القوانين في العالم، صاغة قانونيون لا يعرفوا الطائفية، وقد سن القانون قبل تولي البعث السلطة، ولم تكن هناك أي مشاكل تتعلق بالأحوال الشخصية عند الشعب العراقي، والشيعة انفسهم كانوا يقيمون عقود الزواج على طريقتهم، وبحضور سيد معمم شيعي، ولم تتدخل السلطات السابقة في اعرافهم.
الغريب ان النائبات الشيعة احتفلن بهذا العيد الذي يحيط من شأنهن، ويجعلهن في منزلة واطئة لا تتناسب مع منزلتهم العظيمة، لكنها الطائفية التي ترخي سدلها على عيون النائبات الوقحات فما عدن يبصرن، ويميزن بين الحق والباطل.
قال صالح بن جناح:
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
المهم مرجعية النجف ـ التي كانت هي ومرجعية الخامنئي وقفتا وراء هذين القانونين ـ قد عزفت عن الادلاء برأيها جهرا، لكنها لا يمكن ان تخفي فرحها بهذين الإنجازين الطائفيين. الحقيقة لا اعرف منجزا واحدا قدمته المرجعية للعراقيين منذ مباركة الأحتلال والتنسيق مع المندوب السامي الأمريكي بول بريمر مرورا بالتصويت على الدستور المسخ الملغوم وتزكية الانتخابات والقادة الشيعة من العملاء والفاسدين لغاية فتوى الجهاد الكفائي، خربت المرجعية سياسة وإدارة البلد، وأغلقت الباب بعدها امام من زكتهم واعتبرت قوائمهم قوائم اهل البيت، وافتت بطلاق من لا ينتخب القادة السياسيين الشيعة وهم بحق أبناء المرجعية ما زالوا يحكموا العراق. لقد أغلقت المرجعية الباب بعد خراب العراق، وليس البصرة فحسب.
اعجبني قول احدهم ساخرا من القانون الجعفري الجديد" المرأة المطلقة حسب القانون الجعفري الجديد يحق لها ان تأخذ محولة الموبايل فقط، وتغادر بيت الزوجية بلا رجعة".
الا تذكرنا فتوى المرجعية في الدورة الانتخابية الأولى والثانية بفتوى الخالصي في 5/10/1922 " قد حكمنا بحرمة الانتخابات. والمشارك فيها يعتبر معادي لله ورسوله وأئمة المسلمين، ولا يدفن في مقابر المسلمين". كما تضمنت فتوى الاصفهاني أمور غريبة " أي مسلم يشارك فيها تحرم عليه زوجته ويمنع من دخول الحمامات العامة وينبذه سائر المسلمين". نفس المأساة تكررت مع انتخابات العراق عام 2005 للمزيد راجع ( M.M AL Adhami/ The election for the Constituent Assembly in Iraq 1922 /1924 )؟
الخاتمة
هناك مئات الآلاف من المعممين يدعون انهم من أبناء الأئمة، مع اننا بحثنا في الأصول ووجدنا ان نعظم أبناء الأئمة كانوا يعانوا من العقم، وآخرهم محمد العسكري، اكاد اجزم انه لو تم فحص الحمض النووي للرسول المصطفى واخذت عينات من المراجع الدينية كالسيستاني والخامنئي والفياض والنجيفي(ان وافقوا وهذا من رابع المستحيلات)، لتبين كذب ادعاءاتهم وانه لا صلة لهم بقرابة النبي المصطفى. سيكون مصيرهم النار كما جاء في قول علي، فلماذا لا نضرم فيهم النار للتأكد من صحة نسبهم؟ او الزعم بأن الأسود لا تأكلهم كما ورد في الروايات الشيعية، فنعرضهم على اسود جائعة، ونتحقق من انسابهم الصحيحة، وكفى الله شر الدجالين.
صدق شاعر العراق معروف الرصافي بقوله:
لا يخدعنّك هتاف القوم بالوطن *** فالقوم في السرّ غير القوم في العلن
علي الكاش
820 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع