أحمد صبري
شتان مابين الأثنين كما يقولون، ونقصد زيارتي السيد طارق الهاشمي إلى بروكسل ونوري المالكي إلى واشنطن، فزيارة الأول أحدثت خرقا غير مسبوق لأسوار الاتحاد الأوربي بعد أن فتحت أوروبا أبوابها أمام شخصية عراقية مرموقة ، حاول المالكي أن ينال منها باتهامات باطلة ، لم تنطل على الاتحاد الأوربي، رد عليها باحطة الهاشمي بحفاوة وتقدير مثلما تمنح لرؤساء الدول.
أما زيارة الثاني الوشيكة لواشنطن فإنها أقرب إلى الاستدعاء منها إلى الدعوة ما سيضعف المالكي ويضعه في دائرة المساءلة عن إخفاقاته وفشله في إدارة أزمات العراق واستدارته وارتمائه في أحضان إيران
والمالكي يحاول استثمار زيارته المرتقبة إلى واشنطن وتلميحاته بان الإدارة الأمريكية مازالت تعتبره رجل العراق القوي وموضع ثقتها في محاولة لإضعاف وتخويف خصومه السياسيين ، غير أن الإدارة الأمريكية ردت على المالكي بتوجيه الدعوة إلى أسامة النجيفي ومسعود البرزاني في موقف يعكس القلق الأمريكي من سياسة المالكي واستئثاره بالسلطة وإبعاد شركاءه ، ومد يد العون والدعم لحلفائه في طهران ودمشق.
وعلى الرغم من أن زيارة السيد طارق الهاشمي إلى مقر الاتحاد الاوربي والمباحثات التي أجراها مع الشخصيات الأوربية النافذة أبرزت الدور القيادي الذي يضطلع به الهاشمي في طرح محنة العراق ومخاطر اندماجه بالمشروع الإيراني ، إلا أن توقيتها عشية استدعاء الإدارة الأمريكية للمالكي إضافة للنجيفي والبرزاني ، هي رسالة إلى المالكي مفادها أن العراق لن يبقى رهينة لرجل وحزب واحد ،أدخه في خانق يصعب الخروج منه
وعندما فتحت أوروبا ذراعيها لاحتضان طارق الهاشمي وإحاطته بكل معاني التقدير والحفاوة ، هو بمثابة اعتراف أوروبي بالمنصب الرسمي للهاشمي وتعاملها مع شخصية عراقية لها دور مؤثر في تقرير مصير العراق.
ويبقى الانفتاح الأوروبي وترحيبه بالهاشمي والرد الواضح على بطلان الاتهامات التي سوقتها محاكم المالكي ضد شخصية وطنية فضلا عن عدم اعترافها بقراراتها المسيسة.
وعندما تفتح أوروبا أبوابها للممثلين الحقيقيين للعراق فالأحرى بالأشقاء العرب أن يرتقوا إلى الموقف الأوروبي ويفتحوا ليس أبوابهم فقط أمام الهاشمي وإنما فتح أبواب الجامعة العربية لتصحيح مسار المواقف العربية التي أضرت بالعراق وهويته العربية أمام محاولات سلخه عن محيطه العربي ومخاطر ذلك على الأمن القومي برمته
فالموقف العربي ينبغي أن يرتقي ليس إلى مستوى الموقف الأوروبي وإنما ليتجاوزه إلى إعادة النظر بموقفها من التعامل مع حكومة المالكي بعد أن استدارت نحو إيران بشكل أعمى وساهمت في تهجير وقتل واعتقال الملايين من أبناء العراق.
فالعراق مهما جرى له من تدمير واحتلال وإخراجه من معادلة الصراع بالمنطقة، يبقى صمام الأمان للأمة ومشروعها في مواجهة المشروع الإيراني الهادف ابتلاع العراق ومن ثم التمدد إلى دول الجوار العربي
من هنا تكمن أهمية زيارة الهاشمي إلى مقر الاتحاد الأوروبي والنتائج التي حققتها على صعيد تنوير الرأي العام بحقائق ما يجري بالعراق.
فغزوة بروكسل كما وصفها مراقبون ومحللون، هي بداية النهاية لوضع حد لتغول المالكي في الحياة السياسية واستئثاره بالقرار السياسي.
792 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع