في محاولة لدرء خطر نتائج الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 وماسيليه من تداعيات ضد النظام السوري كونه متهم برعاية الارهاب في المنطقة وقد تكون سوريا الصفحة اللاحقة في المشروع الامريكي فيما يسمى الشرق الاوسط الجديد.
قَدّم النظام السوري الكثير من التسهيلات واساليب الدعم والاسناد لتنظيم القاعدة في العراق من خلال السماح للمقاتلين الاسلاميين في التوجه الى العراق انطلاقا من سوريا , واحتظانهم لبعض قيادات تنظيم القاعدة في العراق ( دولة العراق الاسلامية) خصوصا القادة العراقيين .
بعد انطلاق الربيع العربي في تونس وليبيا ومصر وقبل مصرع اسامة بن لادن في ( مايس 2011) , ارسل بن لادن رسالة الى عطية الله اللليبي , المنظر الشرعي لتنظيم القاعدة العالمي وممثل اسامة بن لادن في ايران الذي قتل في منطقة القبائل الباكستانية ( 11 آب 2012) واصفا الثورات العربية بالحدث العظيم وانها (ثورة الامة ضد الطغات وان الامة لم تشهد تحركا بهذا الحجم منذ قرون).
ويوصي مسؤل العمليات في التنظيم ( بان لايدخلوا في مواجهات مع الاسلاميين) والذي يتوقع بانهم سيسيطروا على المشهد السياسي العربي.
لم يتخلف تنظيم القاعدة في العراق والمتمثل بدولة العراق الاسلامية عن هذا المسار بالرغم من العلاقات الخاصة التي تربط بعض قيادات التنظيم مع النظام السوري . حيث سارت دولة العراق الاسلامية على هذا النهج وتجلى ذلك عبرتصريح احد اعضاء مجلس شورى الدولة الذي يمثل اعلى سلطة في دولة العراق الاسلامية معبراعن موقفها من احداث الربيع العربي خصوصا في سوريا لما لها من علاقة مباشرة في الساحة العراقية .
حيث قال ابو عبيدة عبد الحكيم العراقي:
(ولا يسعُني في الختام إلا أن أشكر الجنود المجهولين على ثغر الإعلام الذين يسّروا لي هذا التّواصل مع إخوتي وأبنائي، وأسأل الله أن يختم بالصالحات أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعل خير أقوالنا وأعمالنا خواتيمها، وألاّ يجعلنا ممن يقولون ولا يفعلون..
وفي الوقت الذي كدتُ أنهي هذا الرّد سمعنا بوادرَ مبشّرة بتحرّك الشّعب المُسلم في بعض المُدن السّورية، نسأل الله أن يُنزل سكينته عليهم ويثبّتهم وينصُرهم على هذا النّظام النصيري البعثي المُجرم، الذي صعد على أكتاف المُسلمين باسم القوميّة العربيّة ومكّن لهذه الفرقة النّصيرية المُشركة من رقابهم..
فوالله ما ذاقه المسلمون على أيديهم في سوريا أضعافُ ما لاقاه إخوانهم في بلاد المُسلمين الأخرى، وهم أوْلى بالخروج من غيرهم وقد سارَ فيهم طاغوت دمشق سيرة فِرعَون –عليه لعائن الله- بل جاوزها، وهذا يوجِبُ على جميع المُسلمين نُصرة إخوانهم هناك كلٌّ بما يستطيع، خاصّة أنّنا نتوقّع أن يغضّ الإعلام سمعه وبصره عمّا سيجري عليهم من جرائم، فالعدوّ يعلم جيداً أنّ التّغيير في هذا البلد إن تحقّق ليُصابَنّ مشروع الرّافضة واليهود في سويداء القلب، نسأل الله أن يردّ كيد النّصيريّة ومن ناصرهم في نحورهم, ويجعل للمسلمين هناك مخرجاً يُعزّ فيه الإسلامُ وأهله ويُذلّ فيه الشّرك وحزبُه.. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين).
تركزت عمليات الدعم و الاسناد بين دولة العراق الاسلامية مع بعض عناصر التيار السلفي الجهادي في سوريا من خلال ارسال بعض المقاتلين من ذوي الخبرة وبعض الاستشهاديين .
يشير حميد الهايس(احد قادة صحوة الانبار) بتوجه 200 عنصر من دولة العراق الاسلامية الى سوريا جميعهم من محافظة الانبار , حيث يرى الباحث ان اسباب ذلك تعود الى:
1. مجاورة محافظة الانبار لسوريا مما يسهل التنقل .عوضا عن قدوم المتطوع من محافظة اخرى قد يعرضه لمخاطر اثناء التنقل.
2. التماثل العشائري بين محافظة الانبار وسوريا خصوصا في محافظة دير الزور والحسكة حيث يمكن تامين ملاذ امن له.
3. تركيز عمل دولة العراق الاسلامية في المحافظات السورية المجاورة للحدود العراقية حيث يستفاد من التهريب المتبادل لبعض انواع الاسلحة.
ان مشهد الربيع السوري يختلف عن المشاهد في مصر وتونس وقد يشابهه المشهد في ليبيا من حيث تنوع قوى المعارضة من قوى لبرالية الى قوى تمثل بعض من الجيش العربي السوري الى قوى ذات صبغة اسلامية معتدلة ثم قوى اسلامية تتشكل من نوعين الاخوان المسلمين و القوى السلفية سواء العلمية منها او الجهادية.
هذا التشكل اعطى فسحة كبيرة من المجال لدخول قوى متنوعة ومنها تنظيم القاعدة في هذا الصراع لاسيما ان هناك قوى معارضة تعزف على الوتر الطائفي استجابة لقيام النظام بالتعامل على اسسه حيث لوحظ اصطفاف ايران وحزب الله اللبناني وبعض السياسيين العراقيين مع النظام السوري وفق الرؤية الطائفية.
سيكتب التاريخ يوما ان القاعدة العراقية مرة من هنا وغادرة عائدة الى العراق بعد ان حققت الكثير من الانجازات على المستوى المادي والمستوى المعنوي.
الدكتور وليد الراوي
911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع