تسييس الحب!

                                          

كان الصحفي الأميركي (هال فوجان) قد فجّر مفاجأة في كتابه (في سرير الأعداء كوكو شانيل والحرب السرية)، بأن مصممة الأزياء الشهيرة (كوكو شانيل) كانت عميلة للألمان عام 1940 عندما كانت تبلغ من العمر 57 عاماً. وبحسب ما ورد في كتابه أكّد أن "شانيل" أقامت وقتها علاقة مع ضابط نازي يصغرها بثلاثة عشر عاماً، وأنها كانت تُفضّل التعامل مع النازيين، لكنها لم تحترف الجاسوسية كما كان يُشاع عنها.

سُئلت صاحبة دار الأزياء الفرنسية (كوكو شانيل) بنبرة استفزازية يغلب عليها الخبث، إنْ كانت قد تورطت بالفعل مع هذا الألماني! أجابت "إنّ امرأة في مثل سني لا يُتوقع منها أن تنظر إلى جواز سفر الرجل، إذا كانت لديها فرصة لأن تحبه".

هذه السيدة القوية الصارمة التي جاءت من بيئة معدمة فقيرة، ومن أب غير شرعي تخلى عنها منذ طفولتها، نجحت في بناء إمبراطورية (شانيل) التي لم تزل شامخة بين دور الأزياء العالمية حتى بعد رحيلها. لكن الذي كان يقترب من هذه المرأة ويعرفها عن قرب يرى بأنها في أعماقها ضعيفة جداً، تخاف الوحدة ووحشة الليل وتهرب منهما بالأقراص المنومة والمورفين.

تضحيات الحب لم تتوقف عند "كوكو شانيل" التي فضّلت الانحياز لحبيبها النازي، وتغلبت عاطفتها نحوه على وطنها فرنسا. وتسييس الحب ليس بجديد، فقد استغله العديد من النساء والرجال على مرّ العصور. الحب قانونه منفرد، يتعارض دوماً مع منطق العقل، ويدفع صاحبه إلى الضرب بكفيه عرض الحائط بكافة المحاذير إذا تعلق الأمر بالمعشوق.

العارضة والممثلة الإسرائيلية (أورلي وينرمان) كانت قد قادت حملة عبر موقعها وصفحتها على الفيسبوك، تطالب بمحاكمة سيف الإسلام خارج ليبيا حتى يملك الحرية ليدافع عن نفسه من الاتهامات التي ستوجه له، داعية أصدقاءه إلى مساندته في أن يتمّ محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية.

صديقة سيف الإسلام الإسرائيلية التي ارتبطت به عاطفياً، صرّحت في مقابلة تلفزيونية أن سيف الإسلام يعود له الفضل في إقناع والده بعدم امتلاك أسلحة الدمار الشامل، وأنه أجرى إصلاحات عديدة في ليبيا، وكان يسعى إلى تحديث المجتمع الليبي ليتماشى مع دول الغرب.

العهدة على الرواي كما يقولون، وصديقة القذافي معها كل الحق في أن يحظى سيف الإسلام بمحاكمة عادلة فهذا حق من حقوقه الإنسانية، لكن أيضاً أن من حق ليبيا أن تحاكم رموزها على أراضيها كونه حقاً دستورياً لها لا يجب تدخل أي طرف خارجي فيه.

معروف أن المرأة تحديداً عندما تعشق لا ترى إلا الخصال الجميلة في رجلها الذي تحبه، وتغض الطرف عن مساوئه مهما كانت سيئة في نظر من حوله. ولا أريد أن أكون ظالمة فأنعت الرجل بتحجّر القلب، فكم من رجال رموا بحمولتهم في حِجر من أحبوا دون أن يُفكروا في عواقب أفعالهم. إنه الحب هذا الكائن الخفي الذي يتسلل إلى مخادع الناس ويندسُّ تحت أغطيتهم ويخترق أدمغتهم بخفة حتى يستولي على جوارحهم ويصبحوا عبيداً مسيرين لأمره!

أصعب أنواع الحب ذلك الذي يجعل الإنسان يقف عند مفترقي طرق، إمّا نار تُشعل قلبه أو نار تحرق مبادئه ومعتقداته، وكلاهما من وجهة نظري صعب تمنع صاحبها من النوم مرتاحاً على سريره بسبب كوابيس مرعبة لا يعرف لها سبباً.

ترجيح كفة العقل على الدوام تجعل الحياة قاحلة مثل الصحراء الجرداء. وترجيح كفة القلب تحوّل حياة صاحبها إلى مهرجان صاخب ليس له اسم وعنوان. تحقيق التوازن بين العقل والقلب يجعلنا نرى الصورة أوضح وأبهى وهنا تكمن حلاوة الحياة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

817 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع