سهى بطرس قوجا
أتى المُتجسد ليخلص الإنسان من قوى الشر والخطيئة ومن الشهوات المُهلكة، أتىّ المسيح صغيرًا فقيرًا ليكبر على الأرض ويحمل خطيئة العالم الكبرى، أتى من أجل أن يكشف عظمة الخالق واهتمامه بخلاص الإنسان.
"بعدما ولد يسوع في بيت لحم ... جاء إلى أورشليم بعض المجوس القادمين من الشرق، يسألون:" أين هو المولود ملك اليهود؟ فقد رأينا نجمهُ طالعًا في الشرق، فجئنا لنسجد لهُ" ( متى 2 : 1- 2 ). أتوا يسألون ثم " مضوا في طريقهم، وإذا النجمُ، الذي سبق أن رأوهُ في الشرق، يتقدمهم حتى جاء وتوقف فوق المكان الذي كان الصبي فيه، فلما رأوا النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًا، ودخلوا البيت فوجدوا الصبي مع أمهُ مريم، فجثوا وسجدوا لهُ، ثم فتحوا كُنُوزهم وقدموا لهُ هدايا، ذهبًا وبخُورًا ومُرًّا" ( متى 2: 9 – 12 ).
نجمًا مُضيًا لمع في السماء يعلن عن ولادة طفل صغير في مذود، هذا الطفل دعيّ المخلص (نور العالم) الذي أنار العالم بقدومهِ وخلص البشرية من ظلامها " ... إن المسيح يسوع قد جاء إلى العالم ليخلص الخاطئين .." ( 1 ت: 1: 15)، لمع نجم ميلاد التجدد والمحبة والتسامح والغفران والسلام ليكون النور للبصر والدليل للطريق والرمز للفرح.
حياتنا في خضم صخب الحياة دائمًا تتطلب ولادة جديدة، تتطلب أنفصالا عن العالم للحظات لنسكن ذواتنا ونبحث عن الطفل الغافيّ في أعماقنا، والذي بيقظتهِ وصرختهِ يُعيدنا إلى حيث بدأنا أن نكون، نعم الحياة تتطلب أن ننفصل ولو قليلا عن الاهتمامات الدنيوية لنعيش لحظات روحية وإيمانية مع المسيح. المجوس لِما تجشموا عناء السفر الطويل والشاق، مُنقادين خلف نجمًا في مسيرتهم؟ لأنهم أدركوا أن الخلاص بالمسيح والحياة فيهِ، أبصروا هذا بقلبهم وسمعوا لصوت البُشرة دون إرغام أو فرض بل كانت رحلتهم بملء إرادتهم وبكامل إيمانهم، نعم نراهم قبل أن يقدموا كنوزهم وهداياهم قدموا أنفسهم وذواتهم.
يُحتفل كل عام بميلاد المسيح ولكن لا نريد أن يكون هذا الميلاد مُجرد مناسبة اجتماعية وأحتفال خالي من الروحية، لا نريدهُ كحدث تاريخي يُعاد إقامتهِ في يومهِ واعتباره مهرجان يتضمن برنامج لعدة احتفاليات بل أن يكون امتداد مُتواصل وكلمة حاضرة ومُمتدة إلى ما لا نهاية، نريد فيه أن نستحضر المسيح معنا ويكون دائمًا وأبدًا بيننا.
" المجْدُ للِّه في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالنَّاسِ المسرَّة" ( لو 2: 14)، ولد المسيح في مغارة صغيرة وبين الحيوانات ليكون فيما بعد راعيًا صالحًا لخرافهِ التي تتبعهُ بسماع صوتهِ ويفديها بعد حين بدمهِ الزكي، ولدّ المسيح ليكون ضياء تلك النجمة التي عكست نورها على جميع نجوم السماء، في ليلة ميلاد الطفل يسوع أضاءت الدنيا وعمتْ المحبة والسلام القلوب المُحبة المتواضعة، هي كانت ولادة خلاصية إذن بها تكون حياة جديدة يلبسها الإيمان.
869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع