القتل الانفعالي والاستثمار السياسي

                                           

                                                          د.سعد العبيدي

قتلَ الدكتور الشمري، الصحفي والاستاذ الجامعي العراقي في الثلث الاخير من شهر آذار الحالي على قارعة طريق في العاصمة بغداد.

قتلٌ قيل بشأنه الكثير استنكارا وعتبا وتحذيرا وردود فعل مناسبة أو غير مناسبة لا تخلو جميعها من التسييس، تعبر في واقعها عن وضع  نفسي انفعالي لشارع بغدادي بل وعراقي لا يأمن فيه الماشي على نفسه ولا يطمئن على أهله حيث الاستهتار العابر أو المقصود لبعض المعنيين بالمحافظة على أمن المجتمع بسياراته وأشخاصة والعربات التي تجرها أحصنة وحمير.
وعموما فانه قتل أو حادثة قتل تثير أكثر من سؤال أو استغراب:
اذ ومن غير المعقول لضابط شاب في وحدة عسكرية رئاسية، يصل به الحد الى أن يتشاجر مع الناس وهم اصحاب الشارع وسالكيه!.
وليس من المعقول بضابط أيضا أن يفلت زمام السيطرة على مشاعره مهما كانت تعقيدات الموقف الذي هو فيه، ويقوم بدلا من احتواء الموقف بعقلنة يتطلبها التعامل الصحيح في مثل هكذا مواقف الى سحب سلاحه الشخصي واطلاق النار على المواجه له في موقف جدال وان كان حاد!.
من هذا يمكن وصفه بالقتل الذي ينم عن الاستهتار بارواح الناس. قتل ٌيؤشر قلة الوعي بالظروف التي يعيشها العراقيون عموما حيث القلق والانفعال في كل مكان يمرون به.
ويؤشر أيضا نقص التدريب في قضايا ضبط النفس والسيطرة على المزاج.
وقد يؤشر باحتمالات لا يجب غض الطرف عن امكانية وجودها تتعلق بالصحة النفسية غير السوية لهذا الضابط الشاب، اذ ومن غير المنطقي أن يسحب العسكري في ظروف السواء النفسي سلاحه ليوجهه الى رأس شخص تجادل معه في موقف عابر وان كان الجدال فيه تجني أو احتجاج.
ان الذي جرى في الغالب فعل أهوج لا علاقة له بالدين والمذهب ولا صلة له بالقومية والسياسة بأي حال من الاحوال، نتج عن قصور في المعرفة واختلال الادراك، واضطراب النفس التي دفعت متجمعة هذا الضابط الى ارتكاب جريمته هذه.
لقد تعددت الآراء حول هذا الفعل، ومع هذا فلابد من النظر اليه من زوايا الفقه القانوني كجريمة فردية يتحمل الضابط وزرها، وليس من المناسب جرها الى أتون التوتر والانتقام والتجريح القومي، خاصة وان الموقف الانفعالي العراقي بالوقت الحاضر لا يتحمل المزيد من التوتر والانفعال، فهناك على السطح احتقان طائفي وهناك بجانبه احتقان عشائري وآخر مناطقي، واذا ما وضع الى جنبهم احتقان آخر من النوع القومي العربي الكردي، عندها سيسهم الواضعون في جر البلاد الى حافات الهاوية.  
وأخيرا يمكن القول انها حادثة جرمية دوافعها انفعالية بحتة لابد من التعامل معها في هذا الاطار.
ولا بد من الارتكاز في موضوعها على المنحى العقلاني.
والاخذ بالاعتبار أن التصعيد والتفسير غير الصحيح وتبادل الاتهام مسائل يمكن أن تدخل العراقيين في أتون التوتر القاتل وقد تجرهم الى العيش حكما على وفق الشرائع السائدة في الغاب.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع