نموذج من نزاهة الأمس.. وفساد اليوم
في عام 1964 وحين كان الفريق طاهر يحيى (يرحمه الله) رئيساً للوزراء أصدر أمراً تحريرياً بصرف مبلغ (50) خمسون ديناراً عن قيمة نثرية لمكتب رئيس الوزراء لتدارك نفقات شراء القهوة والشاي لضيوف مكتب رئيس الوزراء، ولكن حين وصلت المعاملة الى الخزينة المركزية فقد رفضها احد موظفي التدقيق ويدعى (كريم عبدالله) وهو موظف من الدرجة السابعة (كاتب تدقيق حسابات) يحمل شهادة الدراسة المتوسطة، فرفض الموافقة على صرف المبلغ، وكتب على ظهر مذكرة مستند الصرف ((إنها دائرة حكومية وليست مقهى ومن اراد أن يضيّف الآخرين عليه أن يضَيّفهم من جيبه الخاص وليس من أموال الخزينة العامة التي هي مال الشعب))..
وبعد يومين أرسل رئيس الوزراء طاهر يحيى شخصياً (إعتذاراً) للموظف وطلب من وزير المالية منحه قِدَماَ لمدة ستة أشهر تقديراً لنزاهته وحرصه على المال العام، وتم تعميم الكتاب وصورة مطالعة الموظف على ظهر مذكرة مستند طلب الصرف على جميع دوائر الدولة في العراق.
أما نموذج اليوم في العهد الديمقراطي وفي ظل حكم الاحزاب المدعية للدين والتقوى والمذهب، فإن صاحب المعالي محافظ كربلاء عقيل الطريحي أصدر أمراً إلى الموظف (أحمد محمد علي) بإحالة أموال تابعة عائديتها قانوناً لوزارة المالية، إلى مجلس المحافظة فإمتنع الموظف المذكور عن تنفيذ الأمر لأنها مخالفة للقانون، فبدلاً من أن يوجه المحافظ الشكر والتقدير لهذا الموظف الحريص، قام المحافظ بتوجيه مفرزة من حماياته للإعتداء الجسدي على الموظف الأمين، ولم يكتف بذلك بل أصدر قراراً بنقله وكذلك زوجته الموظفة بالمحافظة تم نقلهما عقوبة بأمر المحافظ من مركز كربلاء إلى ناحية عين التمر (غرب مدينة كربلاء).
هكذا كان يتصرف الشرفاء الامناء..بالامس
وهكذا يتصرف اللصوص الفاسدون اليوم..
1008 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع