الكهرباء من اهلية الى اجنبية الى حكومية .. كيف أصبحت كهرباء بغداد شركة حكومية في الخمسينيات ؟
تعد خدمة الكهرباء من الخدمات الأساسية والمهمة التي كانت الحكومة العراقية عامة وأمانة العاصمة خاصة، تعمل على توفيرها للمواطنين، لما لها من أهمية كبرى تدخل في حياة هؤلاء المواطنين، ويرجع امتياز الكهرباء إلى سنة 1912 ، حينما منحت الحكومة (محمود جلبي الشابندر) امتيازاً لتوليد الكهرباء، ولكن اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914 حال من دون تنفيذ المشروع، وبعد تأسيس الحكومة العراقية عاد الامتياز إلى صاحبه.
وتجدر الإشارة أنه خلال عام 1928 أبرمت اتفاقية جديدة، وكانت مدة الاتفاقية خمس سنوات من تاريخ صدورها، وعند انتهاء مدة الامتياز تصبح جميع المؤسسات والماكنات ملكاً للحكومة، وخلال الثلاثينيات وتحديداً عام 1933 وعند حصول الأزمة الاقتصادية العالمية استاء البغداديون من ارتفاع أسعار كهرباء شركة التوليد وثقل الأجور على المواطنين.
حيث أقر مجلس النواب في جلسته المنعقدة في 27 تشرين الأول 1921 ما يلي : أن الامتياز الممنوح للشركة المساهمة العثمانية للترامواي والتنوير الكهربائي قانوني، يبلغ ذلك إلى صاحب الامتياز، ثم أن وزارة التجارة لها الحق في درس واقتراح وتعديل مواد الامتياز المذكورة بصورة توافق المصلحة العامة
وبعد عقد اتفاقية 1928 باع محمود الجلبي الشابندر امتيازه إلى شركة مانشتر البريطانية ( British Manchester Electric )، وبدورها أمانة العاصمة قامت بالتعاقد مع هذه الشركة، وعلى أثر ذلك أنيرت بغداد. وفي عام 1936 تم الاستغناء عن الفوانيس التي كانت تستخدمها أمانة العاصمة لإنارة بغداد وكان يؤدي العمل متعهد يعرف باللمبجي. وخلال عام 1943 أصدر وزير الداخلية (تحسين العسكري) آنذاك تعليمات رقم (15-ب)، لتعيين المبالغ التي يمكن للجان الماء والكهرباء صرفها، وذلك استناداً إلى قانون إدارة البلديات رقم (84) لسنة 1931 وتعديلاته، وقد أجازت هذه التعليمات. لأمين العاصمة صرف المبالغ التي لا تتجاوز الـ (40) دينار مع أعطاء المعلومات الإجمالية إلى لجنة الكهرباء، وبعد الصرف وعلى شرط وجود اعتماد في الميزانية. وذلك لحل مشاكل الكهرباء من خلال تجديد بعض الشبكات، علماً أن بعض المحطات تكون نفقاتها أكبر من وارداتها ومثال ذلك محطة كهرباء الاعظمية.
وكانت واردات مشروع كهرباء الاعظمية حتى نهاية شهر كانون الأول (16) دينار و998 فلساً والمصروفات كانت (1112 دينار).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أمانة العاصمة قد عهدت بأمر تجميل المناطق المهمة في الشوارع الرئيسة في العاصمة بالضياء الكهربائي في 20 مكاناً بالكهرباء. ولابد من الإشارة إلى أن شكاوي أهالي بغداد من تصرفات شركة التنوير وضعف خدماتها وسوء تصرفاتها وضخامة الأجور التي كانت تستوفيها، فقرر مجلس الوزراء في 25 أيلول 1948 توجيه كتاب إلى وزارة الداخلية بهدف إنهاء الامتياز. واستناداً إلى المادة (98) من الاتفاقية المعقودة بين الحكومة العراقية وشركة التنوير والقوة الكهربائية المحدودة، والتي نصت على انتقال ملكية المؤسسات والمكائن جميعها إلى الحكومة العراقية بعد عشرين سنة من عقد الاتفاقية التي بدأت منذ عام 1928، فقررت الحكومة تأليف لجنة وزارية خاصة لمفاوضة الشركة، وكذلك نصت مادة (99) من الاتفاقية على أنه (يحق للحكومة أن تبتاع المشروع متى شاءت بعد انقضاء (20) سنة من تاريخ الاقتطاع الرسمي لأي قسم منه ويكون حق الاختيار في الابتياع عند انقضاء كل خمس سنوات.
ويعد عام 1955 نقطة انطلاق لعملية تأميم (شركة القوة والتنوير الكهربائية)، وذلك بعد أن ألفت لجنة وزارية للتفاوض مع مديرها البلجيكي بشأن ما تبقى لها من مدة الامتياز لقاء مبلغ قدره (2.400.000) دينار. وتم تأليف مجلس إدارة جديد برئاسة المدير البلجيكي. ويعتبر تأميم الامتياز خطوة جريئة. ولابد من الإشارة إلى أنه خلال عام 1955 صدر مرسوم ملكي وبموافقة مجلس الوزراء أسست بموجبه (مصلحة كهرباء بغداد)، ويكون مركزها بغداد وترتبط بوزارة المواصلات والأشغال، كما أن المصلحة ذات شخصية حكيمة لها حق التملك والتصرف بالأموال المنقولة والعقارات، كما وتختص المصلحة حق توليد وتوزيع وبيع القوة الكهربائية ضمن حدود أمانة العاصمة، ومع مراعاة أحكام المرسوم ،تنتقل إلى المصلحة جميع حقوق شركة التنوير والقوة الكهربائية المحدودة لمدينة بغداد، وتحل المصلحة محل شركة التنوير والقوة الكهربائية المحدودة في مدينة بغداد، وكما حدد رأس مال المصلحة أربعة ملايين دينار. وتدار المصلحة من قبل المجلس إدارة مستقلة في شؤونها الإدارية والمالية على وفق أحكام هذا المرسوم ويتألف مجلس الإدارة من خمسة أعضاء يعينون في بغداد، من قبل مجلس الوزراء وإرادة ملكية بناء على ترشيح وزير المواصلات والأشغال لمدة أربع سنوات. وخلال العام نفسه 1955 صدر نظام (مصلحة كهرباء بغداد) وتضمن أن يكون عضو مجلس الإدارة حسن السلوك والسمعة وغير محكوم عليه بتهمة جنائية أو الإفلاس، ولا يكون له أية منفعة مباشرة أو غير مباشرة، يمنح عضو مجلس الإدارة مخصصات سنوية يفرضها مجلس الوزراء ولا يجوز بيع أي مال يعود للمصلحة أو مادة من المواد، يدير مجلس الإدارة شؤون المصلحة، المدير العام للمصلحة مسؤول عن تنفيذ قرارات مجلس الإدارة وتطبيق سياسته العامة وعن تأمين سير أعمال المصلحة.
وقد تنوعت الشكاوى حول الكهرباء في بغداد وكانت تنشر في الصحف المحلية العديد من الشكاوى التي تتناول عمل شركة التنوير والقوة الكهربائية المحدودة من حيث تنوير الشوارع ومد الأسلاك وإيصالها إلى مناطق وترك أخر من دون كهرباء، وعلى سبيل المثال على هذه الشكاوى مثل، شكوى من سكنة الاعظمية حيث يطلب السكان من أمانة العاصمة إدارة هذه المؤسسة. وجاء في شكوى أخرى من سكنة شارع أبي تمام تلفت أنظار أمانة العاصمة إلى ضرورة زيادة الإضاءة في هذا الشارع. وهناك شكوى أيضاً من سكان الاعظمية يشكون فيها أن الكهرباء معرضة للقطع في كل حين لأسباب غير وجيهة، ويطلبون من أمانة العاصمة العمل على إعادة الكهرباء إلى هؤلاء الناس وبأسرع وقت ومراعاتهم.
المدى /وهيب حسن العبودي
عن رسالة ( امانة العاصمة 1939 ــــ 1958)
763 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع