بغــداد - خانـاتها وفـنادقها
أماكن الأيواء بأنماطها ارتبط تأريخيا بحركة المسافرين/الوافدين من مناطق إقامتهم الدائمة الى مناطق اخرى تبعد قليلا او كثيرا بحيث تتجاوز اليوم والليلة الواحدة، وأستلزم ذلك تشييد ابنية الايواء من خانات (مسافرخانة) ومنازل السكن/ نزل والفنادق بأصنافها القديمة والسياحية الحديثة والفخمة، وشهدت بغداد منذ نشأتها بناء الخانات الصغيرة والكبيرة مساحيا خصوصا في جانب الرصافة مقر السلطة ومركز التجارة والتركز السكاني، ولاحقا تعددت وظائف الخانات ما بين الاسكان وتبادل البضائع وغيرها، والـخان لغــة؛ لفظه أصلها مغــولي وتعـني حاكم المدينة أو الأمير ثم أطلقت كتسميه للبناء الذي يأوي المسافرين داخل المدن أو على طول مسارات المسالك/الطرق البرية القديمة ونشأت الخانات على أثر تنامي حركة النشاط التجاري بين مراكـــز الحضارة منذ القدم، وهي أماكن كانت تؤدي وظيفة البيع والشراء والمقايضة والبريد والترفيه والإيواء للتجار والعاملين فيها والقادمين إليها ببضائعهم وأموالهم ودوابهم وما يتصل بذلك من خدمات وكذلك للمسافرين لأي غرض وكان تشييدها دليلاً على قوة الدولة وثروتها، وفي القرون المتأخرة استمرت إقامة الخانات العديدة في بغـداد التي شهدت نشاطاً مع المدن الأخرى واعتمدت حركة تجارتها عـلى وسائل نــقل متعددة عبر نهر دجلة والقوافل، وقــد احتوى كل خان في داخلة عـلى منشآت عـديدة منها غرف نـوم المسافـرين ومخازن البضائع وأصطبلات حيوانات النقل كما تحتوي الحمامات، ويعود سبب التدهور الوظيفي والعــمـراني للخانات الى تنامى بناء الفنادق منذ مطلع القرن العشرين بمختلف مستوياتها تدريجيا والتي توفر الراحة العصرية للزوار والسياح والوافدين.[1]
بحلول القرن العشرين كانت خانات بغداد العاملة للمسافرين/مسافرخانة كل من؛ خان المدلل الذي شيد من قبل عائلة المدلل البغدادية العباسية النسب 1906 في الموقع الحالي عند يمين مدخل سوق هرج من جهة شارع الرشيد واستخدام لتجارة التبوغ والتمور ثم فندقا (الهلال) ومسرحا ودارا للعرض السينمائي.
واخيرا استملكته امانة العاصمة 1989 ليستخدم سوقا للموروثات القديمة/الانتيكات،
ومن اشهر من اقام فية الفنانين ام كلثوم ومحمد عبد الوهاب1932 وفائزة احمد 1956، وكان الى جواره مقهى ومسرح وملهى الهلال 1930، ومن خانات الاسكان والتجار؛ خان جغان الذي شيده جغالة زاده والي بغداد 1590 قرب المدرسة المستنصرية يمين جسر المأمون/ الشهداء، وخان المدرسة ذاتها والذي استمر لغاية 1930، وخان باب المعظم(قرب مدينة الطب حاليا)، وخان دله، وخان الخفافين في سوق البزازين. أما منازل السكن/ نزل ( بانسيون) فقد تزايد اسخدمها تدريجيا بعد 1930 على جانبي شارع الرشيد في الحيدرخانة ورأس القرية والسنك، ومن هذه النزل الاحرار والاندلس والبدور والرازي والزوراء والشمس والصباح، وكذلك نزل علاوي الحلة وباب الشيخ والكاظمية.[2]
الفنادق بدأت متواضعة الإنشاء الاول لها في مطلع القرن العشرين اذ تزايدت الحاجة الى تشييد الفنادق بدلا من الخانات لاسباب عديدة اهمها تطور حركة النقل عبر البواخر والقطارات ثم السيارات وبالتالي تزايد اعداد القادمين الى بغداد لمختلف الدوافع الاقتصادية والسياحية/الاثارية والسياسية، وبدأت الفنادق بأبنية عثمانية قديمة ذات طابق واحد الى طابقين مع وجود الحدائق في بعضها وتموضعت الفنادق منذ البداية ولازالت بمحاذات شاطيء نهر دجلة الشرقي في المنطقة المحصورة الان ما بين جسر باب المعظم شمالا وجسر الجادرية جنوبا انطلاق من كون شواطيء الانهار والبحار حول العالم تأريخيا هي الاماكن الافضل للأقامة الفندقية، ومرت فنادق بغداد بثلاثة مراحل تطورية تمثلت؛ بالقديمة/ 1911 والحديثة/1930 والسياحية الحديثة/1950 والفخمة/1980، وقد تميزت الفنادق القديمة بطابق واحد اما ارضي او علوي او طابقين مع واجهه ارضية لمحلات تجارية. في الجانب الغربي من بغداد/الكرخ شيدت فنادق متواضعة بطابق علوي واحد فوق الطابق الارضي بمحلاته التجارية وتميزت بفردية المرافق الصحية والاستحمام للجميع وعمادها غرف النوم المتراصة بعدة اسرة ومن اهمها؛ فنادق الكاظمية، وفنادق منطقة ساحة الشهداء(بورسعيد والاسكندرية وسامراء والريف) وفندق قصر المأمون/1970 عند تقاطع شارعي الشهداء/العلاوي، وفنادق الصالحية، وفنادق علاوي الحلة.
اما الفنادق الفخمة لاحقا فشملت المنصور ميليا والرشيد.
فنادق الرصافة/الجانب الشرقي تموضعت القديمة منها على جانبي شارع الرشيد البالغ طوله ما يقرب من 3 كم أبتداء من ساحة الميدان الى الباب الشرقي وتميزت بافتقارها لصالات الاستقبال والمطعم والكفتريا وفردية المرافق الصحية والاستحمام للجميع وعمادها غرف النوم المتراصة بعدة اسرة مع اطلاله على الشارع بشباك وشرفة احيانا وهي؛ فندق عثمان المطل على ساحة الميدان امام جامع الاحمدي بطابق علوي فقط واسخدم لفترة مركزا صحيا للنساء، اما فنادق محلة الحيدرخانة فتشمل؛ فندق الجواهري بطابق علوي يسار مدخل شارع حسان ابن ثابت من جهة شارع الرشيد، وفندق ماشاء الله المجاور له، وفندق كلاج 1920، اما (فندقي كراند هوتيل وأمبريال هوتيل/1925-1930) فمن الابنية العثمانية القديمة وبطابق علوي واحد ويقعان جوار المتحف البغدادي ومقابل عمارة الرصافي الحالية، وفي منطقة رأس القرية تموضعت عدة فنادق منها؛ العاصمة ومتربول عند شارع الرشيد، وأسترن و أورينت عند شارع المستنصر/النهر.
منطقة السنك ما بين جسر مود/الاحرار1941 وجسر الملك فيصل/الجمهورية 1957 شهدت تزايد اعداد الفنادق 1911-1960 نظرا لتواجد القنصليات الاوربية منذ القرن التاسع عشر لذلك سمي المكان بالحي الدبلوماسي وما تبع ذلك من الانتشار التدريجي لمراكز الشركات التجارية المختلفة خصوصا تجارة المكائن والسيارات والاثاث والساعات وبالتالي توافد التجار والسياح الاثريين والملاكين وشيوخ القبائل وطالبي الراحة والترفيه وغيرهم، وشملت فنادق السنك التي شيدت وأعيد تشييد وتسميت بعضها ما بين شارع الرشيد وشاطيء دجلة كل من؛ فندق جبهة النهر/ريفر فرونت هوتيل/1930 ضمن القصر الفخم لأسرة (الخاتون ساره اوهانيس ماركوس اسكندريان الارمنية البغدادية) بأطلالة مباشره على نهر دجلة وموضعه ملاصق لجسر مود/الاحرار جنوبا من جهة شارع الرشيد وقد اشغلت صالته الارضيه ملها ليليا/متروبول1940 وبعد الغاء الفندق استخدم البناء ناديا لنواب ضباط الجيش1960، اما فندق وقف قره علي1930 فيقع شمالي جامع سيد سلطان علي
واصبحت ارضه لاحقا بناية اسواق اورزدي باك، وشيد فندق كلاريدج من قبل اليهودي ساسون شيخ 1931 وموضعه جنوبي الجامع وقرب مبنى القنصلية الفرنسية/1800 ومبنى القنصلية الروسية/1801، ويقع فندق الزوراء(البلاد)1937 مباشرة على شارع الرشيد مقابل مقهى المربعة، ومقابله فندق الاهالي1935 حيث يقع فندق الموصل الى شماليه،
اما فندقا شمسيان والرافدين فيقعان جنوبي سينما الزوراء، وشيد فندق زيا من قبل البروفسور ميخائيل زيا1911 ويتألف من طابقين وحدائق باطلاله مباشرة على نهر دجلة وقد اعيد تجديدة سنة 1935 واصبح من املاك تاجر السيارات جورج زيا شفو وكان موقعة على ضفاف دجلة جوار دار نقيب بغداد، وشمالي مبنى القنصلية البريطانية1892 (وكان مبنى المقيمية البريطانية سابقا في شارع االمستنصر/النهر منذ 1798)، وسكن فندق زيا مفتي فلسطين محمد امين الحسيني 1939 وقد هدم لاحقا مع الابنية المجاورة وارضه الان موضع (منتدى المسرح)، وشيد فندق ريتز كارلتون1920 بطابق واحد قرب فندق زيا وهدم سنة 1949 بعد تشييد بناية المصرف الزراعي1949،
اما فندق (دجلة/ مود) فقد شيد سنة1917 على ضفاف دجلة وسمي بأسم الجنرال مود قائد الحملة البريطانية على العرق وموضعه جنوبي (مبنى القنصلية البريطانية والتي انتقلت لاحقا الى الكرخ /الكريمات1940) واستمر فندق مود شغالا بعد تجديده لعدة مرات لغاية 1967 حيث تحولت بنايته الى فندق السندباد ودائرة كمرك بغداد ثم متحفا لازياء الفلكلور الشعبي، واخيرا ازيل واصبحت ارضه ضمن ( مقتربات جسر السنك المشيد1985)، ويقع فندق سميراميس1945 جنوبي المصرف الزراعي (سوق بغداد للاوراق المالية حاليا) ومقابل مركز الاتصالات ويمتد مابين شارع الرشيد ودجلة ويتألف من طابق واحد مع حدائق امامية وخلفية كما خضع للتجديد،
ومن اشهر من اقام فية المطربة البنانية صباح 1950، وبحلول 1974 ضمت بناية الفندق الى متحف الأزياء، وملاصقا له جنوبا شيد سنة 1954 فندق السندباد بين شارع الرشيد ودجلة ويتألف من طابق واحد مع حديقه خلفية، والى جواره شيد فندق ابن خلدون1956 بطابق علوي واحد، وفندق الجنائن المعلقة1970 الذي كان مقابله موضع فندق العرق1967 والذي هدم1978 وشيدت على ارضه بناية السنك الطابقية لوقوف السيارات، والى يسار فندق العرق شيد1956 فندق الرصافة بطابق ثاني علوي فقط ضمن مجمع روكسي للفن والتصوير السينمائي والغي سنة 1975 وموضعه الحالي عند تقاطع شارع الرشيد مع شارع السنك باتجاه الخلاني. فندق تايكرس بالاس/قصر دجلة (الاول)، شيد1930 على ارض مجاوره للقنصلية البريطانية ما بين ضفاف دجلة وشارع الرشيد وموضعه حاليا ضمن مقتربات جسر السنك من الجهة الجنوبية، واحتوى حديقة خلفية مطلة على دجلة مع مدخل محاط بالزهور وزينت غرفه وصالة استقباله بالزخارف والتماثيل، ويعد اول فندق في العراق من الدرجة الاولى بمعايير ذلك الزمن وبأدارة السيد يوسف تومينا/ 1935(الذي يظهر مع ولديه وسط الصورة المشهورة للضيوف بصالة أستقبال الفندق) ومن اشهر مقيميه الفيلسوف الهندي طاغور1932 .
والروائية البريطانية اجاثا كرستي1946 حيث كتبت فيه رواية(جاءوا الى بغداد) المنشورة سنة1951، وتوقف عمل الفندق في اعقاب تشيد بديله وبنفس الاسم. فندق تايكرس بالاس/قصر دجلة (الثاني) شيد 1948 ملاصقا لموضع الفندق الاول بأطلالة مباشره على يمين شارع الرشيد باتجاه الباب الشرقي بتصميم المهندس المعماري احمد مختار ابراهيم، ويتألف اضافة للطابق الارضي/محلات تجارية من طابقين تتضمن 16 غرفه مطلة على الشارع ولها شرفة/بالكون نصف اسطواني، وسمي فندق ابن الهيثم1970 وتوقف العمل فيه لاحقا ليشغل حاليا بدائرة تعويضات بغداد.
فندق ريجنت بالاس/قصر الامير شيد 1954 مقابل فندق تايكرس بالاس (الثاني) تقريبا بأطلالة مباشره على يسار شارع الرشيد باتجاه الباب الشرقي بتصميم المعمار الدكتور محمد مكية لحساب مصلحة سكك حديد العراق، ويعد اول الفنادق الحديثة ببغداد والذي أعد لاقامة كبار ضيوف العراق، ويتألف اضافة للطابق الارضي/محلات تجارية من خمسة طوابق تتضمن اجنحه وغرف مكيفة اضافة الى صالات الاستقبال والطعام والكفتريا وتتصدر بنايته كابينة استقبال الضيوف مع ساعة جدارية خارجية كبيرة، واقام فيه1955 الدكتور موزي رئيس دولة سويسرا.
أما فندق الخيام 1955 فشيد من قبل مستثمر بحراني بطابقين جوار سينما الخيام في شارع الخيام النافذ من يسار شارع الرشيد في الباب الشرقي، وشيد فندق السفير/أمباسدور1956 من قبل مستثمر بحراني ايضا بأربعة طوابق وبأطلالة مباشرة على نهر دجلة عند ركن الشارع الواصل بين ابي نؤس وساحة النصر.[3]
شهدت السنوات1960-1980 تشييد عشرات الفنادق الحديثة والسياحية والفخمة ضمن بنايات مؤجرة او خاصة بكل فندق وبطوابق عديدة 2–18 طابقا وتراوحت نجوميتها مابين 3-5 نجوم وانتشرت على طول مسارات شوارع السعدون وابي نؤاس والكرادة والنضال والمسبح والجادرية ومنها؛ فندق ديوان ويقع يسار شارع السعدون/جنوبي ساحة النصر والمؤلف من ثلاثة طوابق وخالي من الحدائق وعائديته اوقاف الشيخ عبد القادر الكيلاني، وفندق قصر الخير/يمين شارع السعدون مقابل ساحة النصر، وفندق دجلة الخير بثلاثة طوابق في منطقة العلوية قرب ساحة الفردوس، وفندق قصر الاندلس (ابي نؤس/تقاطع الفردوس)، وفندق أوروك في منطقة العلوية/شارع النضال، وفندق القصر العباسي/ساحة كهرمانة، وفندق الخيام الحديث/الكرادة الشرقية/ساحة الواثق، وفندق قصر الحياة/الكرادة خارج، وفندق كورال بوتيك/الجادرية، وفنادق برج بغداد ودار السلام وقصر الشناشيل وركن كهرمانة، وفندق نورلاند/طريق المطار وغيرها.
تشمل الفنادق الفخمة كل من؛ فندق بغداد/السعدون/ابي نؤاس المشيد 1956-1958 وبستة طوابق تتضمن 160غرفة وجناح اضافة الى قاعات وصالات تتسع لأزيد من300 شخص، واقام فيه الفنانين عبد الحليم حافظ وفائزه احمد واسماعيل ياسين وفهد بلان/1964،
وفندق شيراتون/عشتار/كراند كرستال1982 عند شارع السعدون/ الفردوس بستة عشر طابقا تتضمن310 غرف مع خمسون جناحا رئاسيا، ومقابله وبذات المواصفات شيد فندق ميرديان/ فلسطين1982، وفندق بابل/ الزويه 1982 بخمسة نجوم على شكل زقوره/هرم ويحتوي 300 غرفة، وفندق المنصور/ميليا ويقع في الكرخ/ الصالحية1980 بخمسة نجوم خصص لاقامة رؤساء الدول، وفندق الرشيد ويقع في الكرخ/كرادة مريم1982 بخمسة نجوم مكون من 18 طابقا مخصص لكبار ضيوف الدولة ولعقد المؤتمرات الدولية، وهناك (الفندق الدولي) الفخم قيد التشييد في الجادرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[*] مجيد ملوك السامرائي، جغـرافي- كاتـب ومـؤلف وأستاذ جامعي # ويكيبيديا.
[1] مجيد ملوك السامرائي، الخـانات الأثـرية، مجلة الملوية، كلية الآثار، العدد 5-1، 2016.
[2] سعد عبيد جودة، الخدمات السياحية والترفيهية في مدينة بغداد، أط دكتوراه، جامعة بغداد،1991.
[3] محمد مكية، بغداد، دار الوراق، لندن،2005.
640 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع