في ذكرى وفاته الـ٤٢.. هل كان عبد الحليم حافظ "دون جوان" عصره؟

   

في ذكرى وفاته الـ٤٢.. هل كان عبد الحليم حافظ "دون جوان" عصره؟

"الرفاق حائرون.. يفكرون.. يتساءلون في جنون: حبيبتي أنا.. من تكون؟".. هكذا كان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ يرد على ما كان يدور من شائعات حب وزواج عنه أثناء حياته، وهي شائعات ما زالت تتجدد وتطارده بلا هوادة في كل عام مع حلول موعد ذكرى رحيله.

ولعل من أشهر هذه الشائعات قصة زواج حليم المثيرة للجدل من النجمة الراحلة سعاد حسني التي كانت مادة ساخنة في الصحافة على مدار العقود الماضية، وأكدها عز الدين حسني شقيق الفنانة الراحلة، مشيرا إلى أن سعاد اتصلت به وأخبرته بأن هناك قصة حب تجمعها بحليم وأنهما سيتزوجان، وهو ما حدث بالفعل، واستمر الزواج بعقد عرفي لمدة ست سنوات. كما أكدت "جانجاه" شقيقة سعاد هذه الرواية، وقالت إن لديها أدلة قوية تؤكد حجتها، ونشرت وثيقة تثبت الزواج.

عصام عبد الحميد الطبيب الخاص لسعاد حسني أكد أيضا زواجها من حليم، وقال إنها أخبرته بأن سبب إخفاء الزواج جاء بناءً على رغبة حليم الذي خشي أن يخسر معجباته.

كما أكد هذا الزواج الإعلامي المصري مفيد فوزي في عدة حوارات تلفزيونية، وذهب إلى القول إن العندليب تزوجها سرا لمدة خمس سنوات وتوفي وهي ما زالت زوجته، مشيرا إلى أنه يحتفظ بمستندات وشريط سمعي هام لهذه الواقعة.

وقد نفى محمد شبانة ابن شقيق حليم صحة هذا الزواج نفيا قاطعا، وقال إن الوثيقة التي نشرت بهذا الشأن غير صحيحة.

كما أن صديق حليم المقرب الملحن الراحل كمال الطويل نفى في أكثر من حوار صحفي أي علاقات حب أو زواج لحليم، وقال إنها كانت سطحية لم تأخذ من قلبه وعقله شيئا. وأضاف أن "حليم كان إنسانا عنيدا وصلبا وكتوما وكان يملك كل صفات الزعامة، وما سمعته يوما يذكر اسم امرأة تربطه بها علاقة، وكان حريصا على إخفاء أسماء السيدات وإخفاء تفاصيل علاقته بهن.. كان همه الوحيد هو فنه".

وبين تأكيد هذا الزواج ونفيه ضاعت الحقيقة، لكن الثابت هو قصة الحب الكبيرة التي جمعت بين الراحليْن، والتي كتب العندليب عنها بخط يده "نعم أحببت سعاد حسني، والذي جمع بيننا هو الحنان، لأنها عاشت مثلي طفولة قاسية، وعلمتها كيف تختار حياتها، وعندما تمردت على صداقتي أحسست أنها نضجت.. وقد فكرت في الزواج منها، لكن مستقبلها الفني وقف حائلا بيني وبين الفكرة".

الحبيبة المجهولة
من الشائعات الأخرى التي ترددت، قصة غرام حليم والنجمة الجميلة زبيدة ثروت بعد نجاح فيلمهما "يوم من عمري"، وخفتت الشائعة بعدما عرف المقربون أنها كانت مجرد حيلة من حليم للترويج للفيلم أثناء عرضه، ولكن المفاجأة أن النجمة الكبيرة أعلنت صراحة قبل رحيلها أن العندليب الأسمر تقدم للزواج منها ولكن والدها رفضه لأنه يعمل بالفن، وهو ما استدعى رداً صارماً من نجل شقيق حليم الفنان محمد شبانة الذي اعتبر الأمر كله مجرد أكاذيب.

   

كما انتشرت شائعات حول تقدم عبد الحليم حافظ لطلب يد الفنانة آمال فريد بعد عرض أحد أفلامهما. ونفت آمال في لقاء أجري معها قبل وفاتها؛ زواجها من حليم، مؤكدة أنه لم يكن لها يوما حتى مجرد صداقات مع أحد من الممثلين في الوسط الفني، وأنها تتعامل مع الجميع باحترام، وأن كل ما قيل عن خطوبتها من حليم مجرد شائعة ودعاية أطلقتها الجهة الإنتاجية من أجل الترويج للفيلم.

كما يؤكد بعض المقرّبين من حليم أنّه وقع في غرام سيدة متزوجة، وهي قصة تناولتها الصحافة في ستينيات القرن الماضي. والسيدة من عائلة مصرية عريقة وميسورة جدا، كان اسمها عايدة أو ديدي.

وتشير معلومات إلى أن حليم كان يعمل على نشر شائعة ارتباطه بعايدة، من خلال أصدقائه من كبار الصحفيين مثل مصطفى أمين ومفيد فوزي ومنير عامر. وفي رواية أخرى فإن ديدي لم تقع في غرام حليم، لأنها كانت متزوجة وتحبّ زوجها الذي أنجبت منه ولدين.

لكن أغرب قصة حب لحليم كانت في المغرب، حيث ارتبط اسمه بفاطمة زوجة الجنرال المرعب آنذاك محمد أوفقير، وكان يلتقي بها أثناء زياراته المتكررة إلى هناك بدعوة من صديقه الملك الحسن الثاني، وكانت تجذبه بأنوثتها الطاغية وجمالها الساحر، وكانت تطارده وتغار عليه فخشي على نفسه من زوجها الجنرال المرعب فهرب منها عائدا إلى القاهرة، فلحقته إلى هناك وذهب لمقابلتها في فندق الهيلتون واحتفى بها وأخذها في جولات حول معالم القاهرة.

وعندما حاول تحديد علاقته بها قالت له إنها تريد الطلاق من زوجها ولا تفكر بأحد غيره، فأكد لها حليم أنه لا يستطيع الارتباط بها، وحاول أن يفهمها ظروفه فعرفت أنه لا يريد الزواج منها وعادت إلى المغرب.

موعود بالعذاب
ويظل السؤال قائما: هل حقا كان عبد الحليم "دون جوان" عصره وفارس أحلام زمانه كما تصوره هذه الشائعات، أم أن كل حكايات الحب والزواج التي رويت عنه مبالغ فيها ولا أساس لها من الصحة؟

صديق حليم ومحاميه الخاص الراحل مجدي العمروسي يؤكد أن "العندليب كان يصارح أي امرأة تنجذب إليه بحقيقة مرضه الذي يمنعه من الزواج، ولم يخدع أي إنسانة بعاطفة زائفة، وحتى لو شعر بالعاطفة نحو امرأة ما فكان يكتم أحاسيسه في نفسه.. ربما يجامل بكلمة، ولكنه لم يتماد إلى الوعود الكاذبة".

كما نفى العمروسي زواج حليم من سعاد حسني، ونقل عن العندليب قوله "إن المسألة مجرد صداقة لأنه يرتاح إلى بساطتها ومرحها، ولم تتطور إلى زواج غير معلن بسبب مرضه وظروفه الصحية التي تمنعه من الارتباط بزوجة".

وكان حليم قد ذهب إلى طبيبه المصري المعالج ياسين عبد الغفار واستشاره في الزواج، فاعترض الطبيب على ذلك وحذره، كما حذره الأطباء الإنجليز من قبل من الارتباط بأي امرأة لخطورة ذلك على حالته الصحية. وقد عرفت سعاد حسني بذلك ووضعت نهاية حاسمة لمعاناته ومخاوفه، وابتعدت عنه وتزوجت من المخرج علي بدر خان.

وبدأت قصة حليم مع المرض عندما أصيب في صغره بالبلهارسيا بسبب تردده على الترعة في قرية الحلوات بمدينة الزقازيق في محافظة الشرقية المصرية، ومع الوقت أصيب بتليف كبدي أثناء بطولته لفيلم "لحن الوفاء" عام 1955.

أجرى حليم 16 عملية جراحية، وقام بـ25 رحلة علاج إلى الخارج -بريطانيا وفرنسا وأميركا- منذ اكتشاف إصابته بالمرض وحتى رحيله يوم 30 مارس/آذار 1977 بمستشفى "كنغز كوليج" في لندن عن عمر لا يتجاوز 48 عاما، وكان يتعاطى حقنة الوريد يوميا لمدة عشر سنوات لمنع النزيف.

https://www.youtube.com/watch?v=jy-6pxp3OYA


ليس لها عنوان
وكانت أغاني حليم العاطفية تعبيرا عن عذاباته وخيباته ومحاولة منه للتخفيف من آلامه، وقد أكد هذه الحقيقة بنفسه عندما ختم حياته بقصيدة قارئة الفنجان للشاعر الراحل نزار قباني التي تقول بعض كلماتها:

وسترجع يوماً مهزوماً مكسور الوجدان..
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي ليس لها عنوان.

وبعيدا عن كل الشائعات وحكايات العشق والغرام، يظل عبد الحليم حافظ أسطورة فنية، ويظل على القمة رغم رحيله قبل 42 عاما، وهو واحد من أجمل الأصوات التي غنت للحب وأطربت وما زالت الملايين في مصر والعالم العربي.

المصدر : الجزيرة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

637 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع