ميريل ستريب.. ملكة هوليود بدرجة ربة منزل

          

حصلت ميريل ستريب على أعلى وسام تقدير في الولايات المتحدة لمن أسهموا في الحياة العامة وفي مجال الحريات والثقافة.

الجزيرة/أسامة صفار:تقف ميريل ستريب أمام الكاميرا في إستوديوهات هوليود كما تقف في مطبخ بيتها، في كلتا الحالتين تستطيع من دون جهد يذكر التقاط أدواتها لصناعة "طبخة" يحبها الجمهور وصناع السينما على السواء.

ويحوي مطبخ ميريل الهوليودي كل الوصفات الفنية والسينمائية التي يمكن أن تحلم بها أي امرأة في العالم، فالبساطة التي تقدم بها دور الساحرة هي نفسها التي تقدم بها دور رئيسة الولايات المتحدة الأميركية في فيلم "لا تنظر للأعلى" (Don’t Look up) عام 2021، كما تقوم بدور رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر في فيلم "المرأة الحديدية" (Iron Woman) عام 2011، أو دور المتسلطة في "الشيطان يرتدي برادا" (The Devil Wears Prada).

وتعتقد زميلات جيلها -مثل شارون ستون- أن السر في هوليود، لكن ذلك القبول المدهش لميريل ستريب على الشاشة وفي المجتمع الأميركي يشير إلى معجزة إنسانية تتعلق بامرأة تمارس الحياة ببساطة وإخلاص وشغف، وتعيش بهدوء مع 4 أبناء وزوج، و8 جوائز غولدن غلوب من بين 25 ترشيحا، بالإضافة إلى 3 جوائز أوسكار.

ولدت مرتين
ولدت ميريل ستريب مرتين: أولاهما عام 1949 في نيوجيرسي وهي تلك الولادة التي يمر بها كل نسان، أما الثانية فقد جاءت في الـ29 من عمرها إذ ولدت بوصفها ممثلة وإنسانة من رحم الألم، حين رحل رفيقها الممثل جون كازالي بينما تتفتح أمامها زهور الحياة وآفاق المستقبل، فنالت نصيبها من الحزن والألم مبكرا.

التقت ميريل وجون عام 1976 وتزوجا، وفي حين كانت الممثلة الصغيرة تخوض تجارب البدايات كان كازالي يشق طريقه نحو وجود لافت في هوليود من خلال أفلام "الأب الروحي" (Godfather) الجزء الثاني عام 1974، و"صائد الغزلان" (Deer Hunter) عام 1976، لكن السرطان غزا جسده، فرحل عام 1978، مخلفا وراءه حزنا عميقا لممثلة شابة التقطتها الكاميرا وهي تنتحب على كتفه وترجوه أن يستيقظ في حين كان ميتا.

كانت ميريل الطفلة تلقت دروسا في الغناء وهي في الـ12 من عمرها، ثم أنهت دراستها الثانوية لتلتحق بالجامعة وتحصل على ماجستير في الفنون الجميلة، وتبدأ مسيرتها على خشبة المسرح، وتنتقل إلى السينما في أول أدوارها في فيلم "جوليا" عام 1977، ومن ثم فيلم "صائد الغزلان" مع جون كازالي.

استعادت الأرملة الصغيرة قوتها، وانطلقت لتقدم 94 فيلما خلال 42 عاما وتتحول خلال سنوات قليلة إلى نجمة في سماء هوليود، ومن ثم يتم تنصيبها ملكة للأداء وواحدة من أعظم من وقفن أمام الكاميرا عبر التاريخ وتحصل على 3 جوائز أوسكار من 21 ترشيحا، وهو رقم لم يصل إليه ممثل أو ممثلة.

كانت الممثلة الصغيرة قد بدأت لتوها في أدوار صغيرة على المسرح والتلفزيون والتقطتها السينما في فيلم "صائد الغزلان" في دور صغير إلى جوار جون كازالي، ورغم صغر حجم الدور تلقت عنه أول ترشيح لها لجائزة الأوسكار.

عقب وفاة كازالي، سافرت ميريل إلى كندا لقضاء بعض الوقت بعيدا عن ذكرياتها، لكنها عادت لتجد أنها طردت من شقتها، فاتصلت بشقيقها ليساعدها في نقل متعلقاتها إلى مكان آخر، فجاء مصطحبا معه صديقا يدعى دون جومير الذي سرعان ما أصبح رفيقا لرحلة الممثلة الواعدة من يومها حتى الآن.

حاول النحات والفنان التشكيلي دون جومير دفع ميريل إلى نسيان أحزانها، فشجعها على قبول أي دور يعرض عليها بعد عودتها من كندا، فقبلت دورها في فيلم "كرامر ضد كرامر" (Kramer VS Kramer) عام 1979 الذي تدور أحداثه حول معركة طلاق وحضانة أطفال مؤلمة بين زوجين.

https://www.youtube.com/watch?v=JlD2pBFMA-A

انطلقت ميريل ستريب في فضاء هوليود في الـ10 سنوات التالية، لتؤدي مجموعة من الأفلام التي صنعت خلالها تاريخها وتاريخ هوليوود معا، بينها "امرأة الملازم الفرنسي" (The French Lieutenant’s Woman) عام 1981، "سكون الليل" (Still of the Night) عام 1982، "اختيار صوفي" (Sophie’s Choice) عام 1982، "سيلكوود" (Silkwood) عام 1983، "الوقوع في الحب" (Falling in Love) عام 1984، "خارج أفريقيا" (Out of Africa) عام 1985، "وفرة" (Plenty) عام 1985، "حرقة معدة" (Heartburn) عام 1986، "عشب حديدي" (Ironweed) عام 1987، " صرخة في الظلام" (A Cry in the Dark) عام 1988.

حين بلغت أيقونة هوليود الـ40 من عمرها تلقت 3 سيناريوهات لـ3 أفلام رشحت فيها جميعا لدور "ساحرة"، فشعرت أنها إشارة سيئة إلى أنها أصبحت عجوزا شريرة تشبه الساحرات ورفضتها جميعا، ولكنها لم تستسلم إذ واصلت البحث، وحين تجاوزت الـ60 حصلت على الأوسكار الثالث في حياتها عام 2012 عن فيلم "المرأة الحديدية" وكانت قد حصلت على جائزة الأوسكار الثانية عام 1983 عن فيلم "اختيار صوفي".

اعترف الرئيس الأميركي باراك أوباما بحبه لميريل ستريب وقال "زوجها دون جومير يعرف وميشيل زوجتي تعرف ذلك"، وذلك في عام 2014 حين منحها -في حفل أقيم بالبيت الأبيض- وسام الحرية، وهي جائزة تمنح للمدنيين والعسكريين، وتعتبر أعلى وسام تقدير في الولايات المتحدة لمن أسهموا في الحياة العامة وفي مجال الحريات والثقافة وقد أسسها الرئيس الأميركي جون كينيدي عام 1963.

https://www.youtube.com/watch?v=MgJ5QGkP2nw

وفي حديثها -في حفل تسلم جائزة "سيسيل دي ميل" لإنجاز العمر- عام 2017 ظلت ميريل ستريب، التي تحولت إلى رمز أميركي لمدة 6 دقائق كاملة، تبدي امتعاضها ودهشتها واحتقارها لشخص يحتل أكثر المناصب احتراما في الولايات المتحدة (تقصد الرئيس الأميركي وقتها دونالد ترامب) حينما سخر من مراسل معاق، وعلّمت ستريب يومها ترامب أن منصبه يمكن أن يحوّل مثل هذا السلوك المتعجرف العنصري إلى طريقة حياة ويجعل البسطاء يفعلون الشيء نفسه، لكن رد فعل ترامب جاء صادما؛ إذ انتقدها ووصفها بأنها "إمعة هيلاري كلينتون".

من السهل لأي فتاة جميلة أن تنتمي لمهنة التمثيل، فالجمال مؤهل جيد للظهور أمام الكاميرا، لكنها تحتاج إلى الموهبة إذا أرادت أن تقدم دورا حقيقيا في العمل الفني، وسوف تحتاج إلى الموهبة والدراسة إذا أرادت أن تقوم بدور أمام البطل، أما إذا أرادت أن تصبح ملكة الشاشة وأيقونة هوليود فعليها أن تكون ميريل ستريب.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع